المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف
"الطالع" هو النجم الطالع في السماء ، وكان الناس في الجاهلية يظنون تأثير هذه النجوم في الحوادث التي تحدث في الأرض ، فكانوا ينسبون الحوادث إلى النجوم ، وقد توارث الناس عنهم هذه العقيدة الفاسدة ، فصاروا يقولون مثل هذه الكلمات ، وكثير من الناس يقولها وهو لا يدري معناها .
قال الشيخ صالح ال الشيخ فى كفاية المستزيد - التنجيم الذي هو اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها، وأن الحوادث الأرضية منفعلة ناتجة عن النجوم وعن إرادات النجوم، وهذا تأليه للنجوم، وهو الذي كان يصنعه الصابئة ويجعلون لكل نجم وكوكب صورة وتمثالا وتَحِلُّ فيها أرواح الشياطين فتأمر أولئك بعبادة تلك الأصنام والأوثان، وهذا بالإجماع كفر أكبر وشرك كشرك قوم إبراهيم.
النوع الثاني من التنجيم: هو ما يسمى علم التأثير، وهو الاستدلال بحركة النجوم والتقائها وافتراقها وطلوعها وغروبها الاستدلال بذلك على ما سيحصل في الأرض، فيجعلون حركة النجوم دالة على ما سيقع مستقبلا في الأرض، والذي يفعل هذه الأشياء ويحسنها يقال له المنجم، وهو من أنواع الكهَّان؛ لأن فيه أنه يخبر بالأمور المغيّبة عن طريق الاستدلال بحركة الأفلاك وتحرك النجوم، وهذا النوع محرم وكبيرة من الكبائر، وهو نوع من أنواع الكهانة، وهي كفر بالله جل و علا؛ لأن النجوم ما خلقت لذلك، وهؤلاء تأتيهم الشياطين فتوحي إليهم بما يريدون وبما سيحصل في المستقبل ويجعلون حركة النجوم دليلا على ذلك.
وقد أُبطل قول المنجمين في أشياء كثيرة من الواقع، ونحو ذلك كما في فتح عمّورية في قصيدة أبي تمام المشهورة:
السيف أصدق إنباءً من الكتب وغيرها
النوع الثالث مما يدخل في اسم التنجيم: ما يسمى بعلم التسيير؛ علم التسيير وهو أن يعلم النجوم وحركات النجوم لأجل أن يعلم القبلة والأوقات وما يصلح من الأوقات للزرع وما لا يصلح، والاستدلال بذلك على وقت هبوب الرياح، وعلى الوقت الذي أجرى فيه سنته أنه يحصل فيه من المطر كذا ونحو ذلك، فهذا يسمى علم التسيير، فهذا رخّص فيه بعض العلماء، وسبب الترخيص فيه أنه يجعل النجوم وحركتها أو التقاءها أو افتراقها أو طلوعها أو غروبها يجعل ذلك وقتا وزمنا لا يجعله سببا، فيجعل هذه النجوم علامة على زمن يصلح فيه كذا وكذا، والله جل وعلا جعل النجوم علامات كما قال..وعلامات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ?[النحل:16]، فهي علامة على أشياء يحصل طلوع النجم الفلاني يحصل أنه بطلوع النجم الفلاني يدخل وقت الشتاء، ليس بسبب طلوعه لكن حين طلع استدللنا بطلوعه على دخول الوقت، وإلا فهو ليس بسبب لحصول البرد وليس بسبب لحصول الحر وليس بسبب للمطر وليس بسبب لمناسبة غرس النخل أو زرع المزروعات ونحو ذلك؛ ولكنه وقتٌ، فإذا كان كذلك فلا بأس به قولا أو تعلُّما لأنه يجعل النجوم وظهورها وغروبها يجعلها أزمنة وذلك مأذون به.
(قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خَلقَ اللهُ هذه النجوم لثلاثٍ: جعلها زينةً للسماء) كما قال تعالى وزينا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا?[فصلت:12]، قال (ورجوماً للشياطين) والآيات على ذلك كثيرة، قال(وعلامات يهتدى بها) حيث قال جل وعلا?أَمَّن يَّهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ?[النمل:63]، وقال جل وعلا وعلامات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) ونحو ذلك من الآيات، فهي علامات يهتدى بها، يهتدى بها على أي شيء؟ أو يهتدى بها إلى أي شيء؟ يهتدى بها إلى الجهات جهة القبلة, جهة الشمال, جهة الغرب, جهة الشرق، يهتدى بها أيضا على الاتجاهات حيث تُعرف أن البلد الفلانية في اتجاه النجم الفلاني، فإذا أراد السائر ليلا في البحر يتجه نحو اتجاه هذا النجم فيعلم أنه متجه إلى تلك البلدة ونحو ذلك مما أجرى الله سنته به.
قال(فمن تأولَ فيها غير ذلكَ أخطأ وأضاعَ نصيبهُ وتكلف ما لا علم لهُ به) وهذا صحيح؛ لأن النجوم خلق من خلق الله ولا نفهم سرها إلا بما أخبر الله جل وعلا به, فما أخبرنا به أخذناه، وما لم يخبر به فلا يجوز أن نكلف فيه ذلك، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام "إذا ذُكر القدر فامسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فامسكوا"، والمراد هنا بذكر النجوم يعني في غير ما جاء به الدليل، إذا ذكر القدر في غير ما جاءت به الأدلة فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي في غير ما جاء به من فضلهم وحسن صحابتهم وسابقتهم ونحو ذلك من الدليل فأمسكوا، وكذلك إذا ذكرت النجوم وما فيها بغير ما جاء به الدليل فأمسكوا؛ لأن ذلك ذريعة لأمور محرمة.
قال (وكره قتادة تعلم منازل القمر. ولم يرخص ابن عيينة فيه. ذكره حرب عنهما. ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق.) الله جل وعلا جعل القمر منازل كما قال ?وَالقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرْجُونِ القَدِيمِ?[يس:39]، له ثمان وعشرين منزلا ينزل في كل يوم منزلة منها, تعلم هذه المنازل هل هو جائز أم لا؟
منعه بعض السلف كراهة.
ورخص فيه طائفة من أهل العلم وهو الصحيح؛ لأنه جل وعلا امتن على عباده بذلك قال ?[هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُورًا وقَدَّرَهُ] (1) مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ?[يونس:5] وظاهر الآية أن حصول المنّة به في تعلمه وذلك دليل الجواز.
قال (وعن أبي موسى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر") ووجه الاستدلال من هذا الحديث قوله (ومصدق بالسحر) وقد مر معنا أن التنجيم نوع من أنواع السحر كما قال عليه الصلاة والسلام "مَنِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ النّجُومِ، فقد اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السّحْرِ زَادَ مَا زَادَ" وإذا صدق بالنجوم فإنه مصدق بالسحر، والمصدق بالسحر لا يدخل الجنة، قال هنا (ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر) وإدمان الخمر من الكبائر، قال (وقاطع الرحم) وهي من الكبائر، (ومصدق بالسحر) وهو أيضا من الكبائر.
مما يدخل في هذا العصر بوضوح مع غفلة الناس عنه: ما يكثر في المجلات مما يسمونه البروج، يضَعُون صفحة أو أقل منها في الجرائد يجعلون عليها رسم بروج السنة: برج الأسد والعقرب والثور إلى آخره، ويجعلون أمام كل برج ما سيحصل فيه، فإذا كان المرء أو المرأة مولودا في ذلك البرج يقول سيحصل لك في هذا الشهر كذا وكذا وكذا، وهذا هو التنجيم الذي هو التأثير الاستدلال بالنجوم والبروج على التأثير في الأرض وعلى ما سيحصل في الأرض، وهو نوع من الكهانة، ووجوده في المجلات والجرائد على ذلك النحو وجود للكهان فيها، فهذا يجب إنكاره إنكارا للشركيات ولادعاء معرفة الغيب وللسحر وللتنجيم؛ لأن التنجيم من السحر كما ذكرنا، يجب إنكاره على كل صعيد، ويجب أيضا على كل مسلم أن لا يُدخله بيته، وأن لا يقرأه ولا يطلع عليه؛ لأنه وإن رأى تلك البروج وما فيها، ولو أن يعرف ذلك معرفة فإنه يدخل في النهي من جهة أنه أتى إلى الكاهن غير منكر له.
فإذا أتى إلى هذه البروج وهو يعرف البرج الذي وُلد فيه؛ ولكن يقول سأطلع ماذا قالوا عني أو ماذا قالوا سيحصل لمن ولد في هذا البرج، فإنه يكون كمن أتى كاهنا فسأله فإنه لا تقبل له صلاة أربعين ليلة.
وإذا أتى وقرأ وهو يعلم برجه الذي وُلد فيه أو يعلم البرج الذي يناسبه وقرأ ما فيه، فهذا سؤال فإذا صدقه به فقد كفر بما أنزل على محمد.
وهذا يدلك على غربة التوحيد بين أهله، وغربة حقيقة هذا الكتاب كتاب التوحيد حتى عند أهل الفطرة وأهل هذه الدعوة، فإنه يجب إنكار ذلك على كل صعيد، وأن لا يؤثِّم المرء نفسه ولا من في بيته بإدخال شيء من الجرائد التي فيها ذلك في البيوت؛ لأن هذا معناه إدخال للكهنة إلى البيوت، وهذا والعياذ بالله من الكبائر، فواجب إنكار ذلك وتمزيقه والسعي فيه بكل سبيل حتى يُدحض أولئك؛ لأن علم التنجيم أهل البروج أولئك هم من الكهنة، والتنجيم له معاهد معمورة في لبنان وفي غيرها، يتعلم فيها الناس حركة النجوم وما سيحصل بحسابات معروفة وجداول معينة، ويخبرون بأنه ما كان من في البرج الفلاني فإنه سيحصل كذا وكذا عن طريق تعلمٍ وهمي يغرهم به رؤوسهم وكهانهم.
فالواجب على طلبة العلم أن يسعوا في تبصير الناس في ذلك بالكلمات وبعد الصلوات وفي خطب الجمع؛ لأن هذا مما كثر البلاء به وأهل الإنكار فيه قليل، والتنبيه عليه ضعيف والله المستعان. نعم.