(المنهج التربوي في السيرة النبوية في نقاط)
(فضلا أخي ، اقرأه بتمهل)
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى (وبعد) :
فإن السيرة النبوية معين لا ينضب على مر الزمان ، ولقد امتازت السيرة النبوية بشموليتها الزمان والمكان ، ومناسبتها كل الأشخاص والجماعات والمؤسسات على اختلاف طبائعهم ونفسياتهم ومتطلباتهم ولغاتهم وألوانهم وعاداتهم الموروثة ؛ وذلك لأنها وحي من رب العالمين سبحانه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) ، وللاستفادة بالمنهج النبوي في التربية لابد من معرفة أمور سبعة :
1 – الهدف من التربية على المنهج النبوي :
إن الهدف من التربية الإسلامية النبوية أن يحقق الناس توحيد الله تعالى ، ويبلغوا دينه ويجاهدوا في سبيل ذلك بالدعوة والقتال في سبيل الله تعالى ؛ حتى يكون الدين كله لله تعالى قال تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، وقال : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ، وقال : (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) ، وقال : (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله).
وأما الهدف المبلغ لذلك الهدف الأعظم ، فهو بناء أشخاص بهذا وعلى هذا المنهح ، وبناء لحمة وجماعة مؤمنة ، وإقامة مجتمعات الإيمان.
2 – الحافز لإيثاره :
فمع تعدد المناهج لابد من حافز يجعل المختار يؤثر منهج ربه تعالى الذي جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم على ما سواه ، وذلك الحافز أبدا لم يكن هو الدنيا ، ولم يربط النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بها ، بل في القرآن : (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) ، ومع ذلك فقد بشر الله تعالى المؤمنين أصحاب ذلك المنهج بالعلو في الدنيا بإيمانهم ، وخبر هلاك عدوهم ، قال تعالى : (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا...) ، والنصوص في القرآن والسنة كثيرة في ذلك ؛ لذلك لم يعرض النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام على أصحابه إلا على أنه قضية مصيرية ، فحفزهم إلى ذلك الاختيار ترغيبا في الجنة وترهيبا من النار.
3 – كيف حفز النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك المنهج :
قد يقول قائل إن إيثار ذلك المنهج عند الموازنة بين المكافأة المعروضة عند الأخذ به وبين المكافآت المعروضة عند الأخذ بغيره قد يجعل كفة المناهج الأخرى أرجح ؛ لسببين :
أولا : أن تلك المكافأة مؤجلة ، وليست يقينية ؛ لأنها غيبية ، حتى ما يتعلق بالدنيا من استخلاف وعلو فمستبعد مع كثرة الباطل وانتفاشه ، أما المكافآت الأخرى فعاجلة وقريبة ويقينية.
ثانيا : أن المقابل لجني تلك المكافأة والحصول عليها سواء ما يتعلق منها بالدنيا أو الآخرة ، مقابل صعب ؛ إذ المباع النفس والأموال.
والجواب عن الأولى في اليقين بالله تعالى ، واليقين بعظمته وقدرته ، واليقين بصدق خبره بنصر المؤمنين وإهلاك الكافرين من قبل ، ومن بعد.
والجواب عن الثاني في الصبر والمجاهدة.
قال تعالى : (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون).
لكن من رحمة الله تعالى الخالق سبحانه أنه جعل لكل إنسان ما يستطيع أن يدرك به الغيب ، ويؤثر منهج الإيمان على ما سواه ، وهي أمور ثلاثة :
الأول : الفطرة.
الثاني : العقل.
الثالث : الوجدان.
وقد عمل القرآن العظيم وعمل النبي صلى الله عليه وسلم من الوهلة الأولى وعلى مر مراحل الدعوة والتربية على هذه الثلاثة بما لا يخفى.
4 – الخطوات لأخذ ذلك المنهج :
وعلى هذه الثلاثة السابقة أيضا تحددت الخطوات أو الركائز التي يقوم عليها هذا المنهج ، بمعنى الطريق لأخذه ، وهي :
• (العلم) القراءة والسماع والتدبر والفهم.
• (التفكر) النظر والتأمل.
والأول للكتاب المقروء وهو القرآن والسنة ، والسيرة تبينه واقعا عمليا ،
والثاني للكون وآياته ، ولآلاء الله تعالى فيه ، ولوقائعه وأيامه الشاملة لإهلاك الكافرين ، ونصر المؤمنين.
5 – محتوى المنهج :
وهذا بناء على ما تقدم أيضا دائر بين الوعي العلمي ، والوعي العملي الذي هو مقتضاه.
ويمكن أيضا أن نقول هو عبارة عن أساس وبناء ، أما الأساس فالإيمان ، وأما البناء فالتشريعات والأحكام.
6 – على من يُطبق المنهج :
يشمل المنهج الطفل والرجل والمرأة ، والفرد والجماعة ، والمجتمع صغر(كالأسرة) أو كبر(كالوطن والأمة) ، ويشمل العلاقات المختلفة في المجتمعاتا وبين الأفراد.
7 – وسائل وأساليب التطبيق :
وهي طريقة تطبيق المنهج على أفراده ، ولكل قيمة ووسيلة وأسلوب ما يناسبه ، ومنها ما هو ثابت ومنها ما هو متغير ، وهذه بعضها :
*الارتباط بالوحي قرآنا وسنة.
*الارتباط بالآخرة.
*المسجد ومجالس العلم والذكر و.....
*فهم سنن الله تعالى في الخلق.
*التدرج والمرحلية.
*القصص والسيروالأمثال.
*التخلية والتحلية.
*عرض القدوات والأسوات.
*التزكية بالعبادة والذكر وتحقيق المراقبة.
*الرحمة والعفو والغلظة والشدة.
*الهجر والإعراض.
*المدح والثناء والشكر.
*التحفيز والترغيب.
*الزجر والترهيب.
*الهزل والجد.
*التكرار والإعادة.
*الحوار.
*الوعظ.
*الضرب.
*التكافل ومنه المواساة.
*المشاركة ومنها التشاور.
*العصف الذهني والأسئلة والاختبارات.
*الاستمالة.
*الإقناع.

*التقريب واستعمال المشاكلات اللفظية.
*الحدث والموقف.
*العادة.
*التكليف وتحميل المسؤولية.
*التربية البدنية.
*التربية الروحية والإرادية.
*التربية العقلية.
*التربية السلوكية والأخلاقية.
*الزهد.
*الإيجابية والسلبية.
*المعاهدة والمتابعة والاهتمام والتفقد.
*الابتسامة والهدية.
*الصبر والثبات.
*الأخذ بالأسباب.
*التضحية والفداء والإيثار.
*الاجتماع والصحبة.
*الانتماء والولاء.
*العلو بالإيمان.
هذا عرض مختصر لمن أراد الاستفادة بالسيرة النبوية كمنهج تربية ، وأسأل الله القبول.