الكتابة بين الهوى والاحتراف


وفاء الشلبي



إذا كنت تهوى الكتابة، وساقك قدرك أن تكتب- مع هواك- لتأكل خبزاً؛ فلا تطلب مع الخبز صنفاً آخر؛لأن هذا يكفل لك طعامك طيلة شهر!!
إذا كنت تهوى الكتابة الصادقة فعليك أن تكره اللحم والشهد وأن تنسى الفاكهة والحلوى وكل ما يسميه بعض الصادقين بالكماليات!!
إذا كنت تهوى الصدق فما عليك إلا أن تبغض كل أكاذيب الحياة المترفة.
أما إذا كنت تكتب لتعيش حياتك بطولها وعرضها، ولتملأ بطنك بكل ما لذّ وطاب، وجيبك بكل ما يُصرف ويُتداول، فتجنب الصدق، ولا تكتب ما يفيد أو ينفع!! اختر أيّ موضوع تافه، أو فكرة سخيفة، أو قصة مثيرة للغريزة، أو فاتحة للشهية !! اكتب بأي أسلوب مهترئ متهافت!! فلا يهم أسلوبك، ولا عتب على لغتك، ما دمت تكتب موضوعاً لا يمت إلى الحق بصلة، ولا إلى الصدق بقربى!!
أما إذا كنت – مثلـــي- تحب الخبز الجاف، فكن من هواة الكتابة ولا تحترفهـا!! لا تجعل كتابتك وسيلة لتحصيل رزقك، فقد تُضطر إلى الكذب!! أو إلى أن تنادي بما لا تؤمن!!.. فالكتابة الصادقة اليوم هواية المترفين، وحرفة المعوزين!!
وإذا كنت -مثلي- هاوياً.. عاشقاً.. تحب الصدق في كل عالمك وتكره السخف والحماقة والضلالة.. فأبشر بكل خير... لأنك ستجد مع خبزك الجاف لذة العافية، ومع بطنك الخاوية هناءة القناعة، ومع شقاء السعي راحة القلب والضمير..
هناك مع كلمتك الصادقة شجرة طيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء..
فلنهتف بإصرار: "يا كُتّابَ الصدق!! اتحدوا...".