شفعةُ الجار

سعد عبدالله الجدعان



شفعةُ الجار





الشفعة فـي اللغة

الشفعة (بضم الشين وسكون الفاء): اسم مصدر بمعنى التملك (1).

تعريف الشفعة اصطلاحا

هي استحقاق الشريك في الأرض انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض (2).

مشروعية الشفعة

ثبتت مشروعيتها بالسنة الشريفة، فعن جابر بن عبدالله "رضي الله عنه" قال: «قضى النبي " صلى الله عليه وسلم" بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» (3).

وهذا الحديث أصل في ثبوت الشفعة.

وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم" : «الشفعة في كل شرك (4): في أرض أو ربع أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع، فإن أبى فشريكهُ أحق به حتى يؤذنه» (5).

الإجماع


أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط (6).

حكمة مشروعية الشفعة

الشفعة من محاسن الإسلام، شرعت لنفع الشريك ودفع الضرر عنه، فربما يشتري نصيب شريكه عدو له، أو ذو أخلاق سيئة، أو ممن لا يرغب في جواره، فيحدث بسبب ذلك التباغض والتقاطع، ويتأذى الجار، وتزيد الفرقة والخلاف، لهذا شرع الله الشفعة؛ دفعا للأذى والضرر (7).

حكم شفعة الجار

اختلف الفقهاء في ثبوت شفعة الجار الملاصق الشريك على قولين:

القول الأول

ذهب مذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم ثبوت الشفعة للجار ولا الشريك في حقوق المبيع (8)، واستدلوا بقول النبي " صلى الله عليه وسلم" : «الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» (9).

وقوله " صلى الله عليه وسلم" : «إذا قسمت الأرض وحدة فلا شفعة فيها» (10).

وجه الدلالة من هذين الحديثين: الشريك إذا قاسم ووقعت بينه وبين شريكه الحدود وصرفت الطرق، أصبح جارا فلا شفعة له.

القول الثاني

ذهب الحنفية إلى إثبات الشفعة للجار الملاصق والشريك في حق من حقوق المبيع، وسبب وجود الشفعة عندهم أحد شيئين:

- شركة في ملك المبيع.

- شركة في حقوقه؛ كالشرب والطريق.

واستدل هؤلاء بالحديثين الآتيين:

1- ما رواه أبو رافع "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم" : «الجار أحق» (11).

2- ما رواه سمرة بن جندب "رضي الله عنه" ، أن النبي " صلى الله عليه وسلم" قال: «جار الدار أحق بالدار» (12).



الهوامش

1- أن يكون الملك المباع مشاعا غير مقسوم.

2- أن يكون المباع أرضا.

3- أن يكون المبيع مما يمكن قسمته.

4- أن يكون شقصا بعوض منقلا بعوض (13).

1- المختار من صحاح اللغة، ص37.

2- المغني لابن قدامة، (5/459).

3- صحيح البخاري في الشفعة، 2257.

4- أي كل مشترك.

5- صحيح مسلم (3/1229).

6- الإجماع لابن المنذر، ص121، رقم الإجماع 512.

7- إعلام الموقعين 2/472.

8- حاشية الدسوقي 3/474، والشرح الصغير 2/228، ومغني المحتاج 2/297، حاشية البجيرمي 3/136، وفتح العزيز شرح الوجيز 11/392، والمغني 5/461، والمقنع 2/258.

9- صحيح البخاري في الشفعة، 2257.

10- أخرجه أبو داود 5315، ابن ماجه 2497، والنسائي 7/321.

11- رواه البخاري، رقم 2258، وأبو داود، رقم 3516.

12- رواه الترمذي، وهو حديث حسن صحيح.

13- اختيارات ابن قدامة الفقهية، ص 418.