بحث في تسمية عمر بالفاروق وأول من أطلقها عليه


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على من تبع هداه وبعد:
فهذا بحث لطيف في أصل تسمية الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتلقيبه بالفاروق. وقد اشتهر عنه ذلك وتناقله أهل الاسلام عامة وأهل السنة منهم خاصة .
وسبب هذا البحث أني وجدت كلاماً لبعض المستشرقين الفرنسيين ذكر فيه أن لقب الفاروق هو كلمة من أصل آرامي (وهي اللغة التي كان يتكلم بها اليهود في سوريا وفلسطين في ذلك العهد) تعني المخلص لا أقل . وبوروق أو بوروقو في التوراة المكتوبة باللغة السريانية تعني المنقذ أو المحرر أو المخلص الفادي.( ) وأن اليهود هم أول من لقبوه بهذا. فاستغربت هذا لمعرفتي السابقة أن الفاروق فرَّق الله به بين الحق والباطل, وذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مكة. فذهبت إلى السلسلة الصحيحة والسلسلة الضعيفة للامام الألباني للبحث عن الأحاديث التي في مخيلتي عن هذا الأمر والتأكد من صحتها وثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن للأسف وجدت الامام الألباني يضعفها ولا يصحح منها شيئاً (انظر السلسلة الضعيفة 7/63 – 64) فعزمت على القيام بإفراد هذه المسألة ببحث مستقل أحقق فيها أصل تسمية أمير المؤمنين عمر بالفاروق والله المستعان .

قال الامام أبو جعفر ابن جرير الطبري:
وكان يقال له الفاروق. وقد اختلف السلف فيمن سماه بذلك فقال بعضهم سماه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ بِهَذَا الاسْمِ أَهْلُ الْكِتَابِ . ه تاريخ الطبري (4/195)
وقد احتج من ذهب إلى تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالفاروق بمجموعة من الأحاديث المروية في ذلك وهي بين موضوع مكذوب أو منكر وواهي شديد الضعف وبيانه كالآتي:
1-عَنْ أَبِي عَمْرٍو ذَكْوَانَ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَنْ سَمَّى عمر الفاروق؟ قالت: النبي صلى الله عليه وسلم . (الطبقات الكبرى لابن سعد 3/205) وتاريخ المدينة لابن شبة (2/662) وتاريخ الطبري (4/195) باسناد ضعيف جداً فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متهم بالكذب .
2-عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ الْهِلَالِيِّ قال: وافقنا مِن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذات يوم طيب نفس ومزاحا فقلنا : يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك ... قلنا: حدثنا عن عمر بن الخطاب قال: ذلك امرؤ سماه الله عز وجل الفاروق فرق بين الحق والباطل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم أعز الإسلام بعمر... الحديث . الشريعة للآجري (5/2333) حديث منكر فهو من رواية هلال بن العلاء عن أبيه قال النسائي: عَلَاء بن هِلَال روى عَنهُ ابنه هِلَال غير حَدِيث مُنكر فَلَا أَدْرِي منه أَتَى أَو من ابنه. (الضعفاء والمتروكين ص78) قلت: الراجح أن النكارة من العلاء نفسه فإن ابنه هلال وثقوه أما العلاء فضعفوه وقال أبو حاتم: منكر الحديث (الجرح والتعديل 6/361) و (تهذيب الكمال 22/545) .
3-عَن ابن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ أَوْ قَالَ وَرَقَةٌ إِلا مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عُمَرُ الْفَارُوقُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ . المعجم للطبراني (11/76) وفضائل الصحابة لأحمد (1/423) وهو موضوع مكذوب كما قاله ابن حبان في المجروحين (2/116) وابن الجوزي في الموضوعات (1/337) والسيوطي في اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (1/293) وأورد له طرقاً من صناعة الوضاعين والكذابين وزيفها كلها ولا حول ولا قوة إلا بالله .
4- قَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ): نَزَلَت فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُقَالُ لَهُ بشر كان بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِيٍّ خُصُومَةٌ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ نَنْطَلِقُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَقَالَ الْمُنَافِقُ بَلْ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ الطَّاغُوتَ فَأَبَى الْيَهُودِيُّ أَنْ يُخَاصِمَهُ إِلَّا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى الْمُنَافِقُ ذَلِكَ أَتَى مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِيِّ فَلَمَّا خَرَجَا مِن عِنْدِهِ لَزِمَهُ الْمُنَافِقُ وَقَالَ انْطَلَقَ بِنَا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَيَا عُمَرَ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ اخْتَصَمْتُ أَنَا وَهَذَا إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَضَى لِي عَلَيْهِ فَلَمْ يَرْضَ بِقَضَائِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مخاصم إِلَيْكَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْمُنَافِقِ أَكَذَلِكَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَهُمَا رُوَيْدَكُمَا حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكُمَا فَدَخَلَ عُمَرُ الْبَيْتَ وَأَخَذَ السَّيْفَ وَاشْتَمَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ فَضَرَبَ بِهِ الْمُنَافِقَ حَتَّى بَرُدَ وَقَالَ هَكَذَا أَقْضِي بَيْنَ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَضَاءِ رَسُولِهِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فسمي الفاروق . تفسير البغوي (1/655) وهو موضوع مكذوب قال الشيخان سليم الهلالي ومحمد موسى نصر: سنده تالف واه بمرة الكلبي وشيخه كذابان. (الاستيعاب في بيان الأسباب 1/424)
5-عن ابن عباس قال: سألت عمر رضي الله تعالى عنه: لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام ثم شرح الله صدري للإسلام فقلت: الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى فما في الأرض نسمة أحب إلي من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت أختي: هو في دار الأرقم بن الأرقم عند الصفا فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت فضربت الباب فاستجمع القوم فقال لهم حمزة: ما لكم ؟ قالوا: عمر قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابه ثم نثره نثرة فما تمالك أن وقع على ركبته فقال: ما أنت بمنته يا عمر ؟ قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال: فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد قال: فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال: بلى والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم قال: فقلت: ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن فأخرجناه في صفين حمزة في أحدهما وأنا في الآخر له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد قال: فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق وفرق الله بين الحق والباطل . حلية الأولياء (1/40) وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك الحديث. ومحمد بن أبان الجعفي وهو ضعيف فالحديث واهٍ ضعيف جداً وانظر الضعيفة للألباني (7/64)
6-عن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ وَهُوَ الْفَارُوقُ فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ . الطبقات الكبرى (3/205) وتاريخ المدينة لابن شبة (2/662) وتاريخ الطبري (4/195) وفيه عبد الرحمن بن حسن ضعيف, وأيوب بن موسى ثقة لكنه من أتباع التابعين فهو معضل . السلسلة الضعيفة (7/63)
7- عن أبي فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري أن عمر بن الخطاب كان يدعى الفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل وأعلن بالإسلام والناس يخفونه وكان المسلمون يوم أسلم عمر تسعة وثلاثين رجلا وامرأة بمكة فكملهم عمر أربعين رجلا وأمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومي . تاريخ دمشق (44/51) وهو موضوع مكذوب فيه أحمد بن مروان الدينوري المالكي صاحب المجالسة وصرح الدارقطني في غرائب مالك بأنه يضع الحديث. لسان الميزان (1/672)

هذه هي الأحاديث والآثار الواردة في تسمية النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالفاروق, وقد رأيت بطلان نسبتها إلى النبي وصحبه الكرام. وعليه فهذه الدعوى لا تصح ولا تثبت وليس عليها دليل قائم والله أعلم .
وأما أدلة المذهب الثاني فبيانه كالآتي:
1-قال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر من ذلك شيئا ولم يبلغنا أن ابن عمر قال ذلك إلا لعمر كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه قال: وقد بلغنا أن عبد الله بن عمر كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم أيد دينك بعمر بن الخطاب . ه تاريخ المدينة لابن شبة (2/662) والطبقات الكبرى (3/205) وتاريخ الطبري (4/195) باسناد صحيح إلى ابن شهاب الزهري .

وقول الامام الزهري: (وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم) يعني بالمسلمين الصحابة وكبار التابعين بلا شك فإنهم شيوخه, وقد صح الاسناد إليه في هذا الخبر الصريح في اعتماد المسلمين ورضاهم لقولهم هذا .
2- وما نقله عن أهل الكتاب يشهد له ويؤيده ما روي عن عبد الله بن عمرو قال: وجدت في بعض الكتب يوم غزونا اليرموك أبو بكر الصديق أصبتم اسمه عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه عثمان ذو النورين أوتي كفلين من الرحمة لأنه يقتل أصبتم اسمه قال: ثم يكون والي الأرض المقدسة وابنه قال عقبة: قلت لابن العاص: سمهما كما سميت هؤلاء قال: معاوية وابنه. فضائل الصحابة لأحمد (1/103) والسنة لابن أبي عاصم (2/548) باسناد صحيح وصححه الألباني في ظلال الجنة
3-وقد روى الطبري في التاريخ قصة صلاة عمر في بيت المقدس قال: عن رجاء بن حيوة (قلت: وهو إمام من أهل فلسطين) عمن شهد ... وذكر القصة وفيها: قال كعب الأحبار: يا أمير المؤمنين إنه قد تنبأ على ما صنعت اليوم نبي منذ خمسمائة سنة فقال: وكيف؟ فقال: إن الروم أغاروا على بني إسرائيل فأديلوا عليهم فدفنوه ثم أديلوا فلم يفرغوا له حتى أغارت عليهم فارس فبغوا على بني إسرائيل ثم أديلت الروم عليهم إلى أن وليت فبعث اللَّه نبيا على الكناسة فقال: أبشري أورشلم! عليك الفاروق ينقيك مما فيك وبعث إلى القسطنطينية نبي فقام على تلها فقال: يا قسطنطينية ما فعل أهلك ببيتي! أخربوه وشبهوك كعرشي وتأولوا علي فقد قضيت عليك أن أجعلك جلحاء يوما ما لا يأوي إليك أحد ولا يستظل فيك علي أيدي بني القاذر سبأ وودان فما أمسوا حتى ما بقي منه شيء.
وعن ربيعة الشامي بمثله وزاد: أتاك الفاروق في جندي المطيع ويدركون لأهلك بثأرك في الروم وقال في قسطنطينية: أدعك جلحاء بارزة للشمس لا يأوي إليك أحد ولا تظلينه . ه (تاريخ الطبري3/611)
4-وقد روى سيف بن عمر عن شيوخه عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: لما دخل عمر الشام تلقاه رجل من يهود دمشق، فقال: السلام عليك يا فاروق أنت صاحب إيلياء لا والله لا ترجع حتى يفتح اللَّه إيلياء . تاريخ الطبري (3/608) والمنتظم لابن الجوزي (4/193) والبداية والنهاية لابن كثير (7/59)
وهذه الآثار المذكورة في نسبة هذا اللقب لليهود بعضها صحيح لذاته كما رأيت, وبعضها يصلح في الشواهد للتقوية والتأكيد على المطلوب وهي في جملتها أصح وأقوى بلا شك من تلك الأحاديث الواهية والمنكرة والتي تنسب هذا اللقب للنبي صلى الله عليه وسلم .
وقول الزهري وهو من أوعية العلم وأئمة التابعين: (وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم) تصريح بأن المسلمين اعتمدوا قول اليهود هنا ودرجوا عليه من غير حرج أو تعنت كما هو الحال الآن .
وما ذكره هذا المستشرق الفرنسي من أن الفاروق هي كلمة من أصل آرامي بمعنى المخلص وأن بوروق أو بوروقو في التوراة المكتوبة باللغة السريانية تعني ذلك قد أثبته أئمة الاسلام وتناقلوه في كتبهم .
قال الامام ابن تيمية في ذكر أوجه تفسير معنى البارقليط المذكور في إنجيل النصارى: وَمَن قَالَ مَعنَاهُ المُخَلِّصُ فَيَحتَجُّونَ بِأَنَّهَا كَلِمَةٌ سُريَانِيَّةٌ وَمَعنَاهَا المُخَلِّصُ وَقَالُوا هُوَ مُشتَقٌّ مِن قَوْلِنَا "رَاوَفَ" وَيُقَالُ بِالسُّرْيَانِي َّةِ "فَارُوقٌ" فَجُعِلَ "فَارَقَ". قَالُوا: وَمَعنَى "لِيطَ" كَلِمَةٌ تُزَادُ وَالتَّقدِيرُ كَمَا يُقَالُ فِي العَرَبِيَّةِ رَجُلٌ هُوَ، وَحَجَرٌ هُوَ، وَبَدْرٌ هُوَ، وَذَكَرٌ هُوَ. قَالُوا: وَكَذَلِكَ يُزَادُ فِي السُّرْيَانِيَّ ةِ "لِيطُ". ه الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح (5/288) وبنحوه قال ابن القيم في (هداية الحيارى ص326) ومحمد بن ناصر الدين الدمشقي في كتابه (جامع الآثار في مولد النبي المختار ص906)

فالراجح الذي دلت عليه الآثار عن الصحابة والتابعين أن اليهود هم من أطلقوا على أمير المؤمنين عمر لقب الفاروق وكان ذلك في كتبهم, وأخذه المسلمون واستحسنوه من غير حرج .
وكثير من الباحثين المعاصرين يرفض الاعتراف بأي علاقة دينية بين المسلمين واليهود بسبب الحرب والعداء الذي بيننا وبينهم في هذا الزمان مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ . (رواه البخاري 4/170)
ومن تمعن في قراءة التاريخ علم أن اليهود كانوا من المناصرين للفتوحات الاسلامية والمستبشرين بها. وهذه أمر يعترفون به هم أنفسهم في كتبهم ولا ينكرونه.كما جاء في رسالة أكاديمية أورشليم إلى طوائف الشتات في مصر: كانت إرادة الله قد أخذتنا برحمتها حتى قبل قيام عهد المملكة الاسماعيلية وذلك يوم فتحوا الأرض المقدسة وانتزعوها من أيدي إيدوم (الروم البيزنطيين). وعندما جاء العرب إلى أورشليم كان معهم رجال من بني إسرائيل وهم الذين كشفوا لهم عن موقع الهيكل . (تأسيس الاسلام - دي بريمار ص177)
وفي تاريخ هيراكليوس للمطران الأرمني سيبيوس وهو من أبناء القرن (السابع الميلادي – الأول الهجري) وهو من المعاصرين للفتوحات الاسلامية في عهد الخلفاء الراشدين, وقد ذكر تعاون اليهود مع العرب في فتوحاتهم وفرحهم بالعرب واعتبارهم حلفاء لهم ضد الفرس والروم الذين اضطهدوهم وأذاقوهم سوء العذاب . ( انظر الفتوحات العربية في روايات المغلوبين ص184 وما بعدها )
فلا غرابة أن يفرح اليهود آنذاك بفتح المسلمين لبيت المقدس وتلقيب أميرهم بالفاروق أي المنقذ والمخلص فقد أنقذهم وخلصهم من ويلات ودمار كانوا فيها غارقين . والحمد لله رب العالمين
كتبه: احمد فوزي وجيه
لا يجوز النقل او الاقتباس الا بذكر المصدر