تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 84

الموضوع: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

  1. #61

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    ووثقه ابن حبان فقال في " ثقاته " (4/ 65):
    " بلال أبو علقمة يروي عن عائشة، روى عنه علقمة بن أبي علقمة ".
    قلت: فهو مجهول العدالة؛ إذ لم يوثقه سوى بن حبان وهو متساهل في التعديل، حيث يوثق المجاهيل.

    ولكن الظاهر أنه تحريف من النساخ، والصحيح عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها.
    للقرائن الآتية:

    أولها: أن السند الأول رواته ثقات وصدوقين، وهم أثبت في تحديد الرواة.
    ثانيا: تتبعت رواية علقمة بن أبي علقمة عن أبيه فوجدت حديث عائشة، قال عليه الصلاة والسلام :
    " صلي في الحجر " الحديث.
    وتبين أنه خطأ من النساخ ؛ أو من بعض الرواة الضعفاء، إذ أغلب الروايات الصحيحة ذكرت علقمة بن أبي علقمة عن أمه، وقد صحح الشيخ الألباني رحمه الله هذا الحديث بهذا السند الأخير في الكتب الآتية :
    " صحيح أبي داود" (6/ 268) و " صحيح الجامع الصغير "(2/ 707) وفي " الإرواء" (4/ 306).

    قال المباركفوري في " التحفة " (3/ 524):
    " قوله (عن علقمة بن أبي علقمة عن أبيه عن عائشة ) كذا في نسخ الترمذي وفي رواية أبي داود عن علقمة عن أمه عن عائشة ، وفي رواية النسائي عن أمه عن أبيه عن عائشة بزيادة عن أبيه عن أمه ".

    قلت : (أبو آدم ) فهو خطأ بين لأن أغلب الرواة الثقات هكذا ضبطوه:
    علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها.
    (ص 12) .

  2. #62

    افتراضي رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    كما في الترمذي (2/ 217) وأبي داود (2/ 214) والنسائي (5/ 295) وأحمد (41/ 163) و " صحيح بن خزيمة " (2/ 1413).
    ولم أرى من قال عن أبيه سوى الأزرقي في " أخبار مكة " (1/ 312).

    فالحاصل أنه خطأ من بعض الرواة الضغفاء أو النساخ ، والصحيح ما عليه أغلب الرواة الثقات.

    وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها : " أن قوما كانوا يلعبون في دارها بالنرد فأرسلت إليهم لتخرجنها أو لأخرجن أهل البيت التي هي عندهم ".
    ثنا ابن أبي الدنيا، ثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدار وردي، حدثنا علقمة بن أبي علقمة عن أبيه، عنها به.
    رواه قوام السنة في " الترغيب والترهيب " (3/ 256).
    وهو خطأ والصواب عن أمه كما في " صحيح الأدب المفرد " (ص 489/ 966/ 1274) وقال الشيخ الألباني عقبه : " حسن الإسناد موقوف ".

    ثالثا: أن رواية علقمة عن أبيه لم تذكر إلا من طريق سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة عن أبيه إلا في حديث عائشة : " كان يساق بها " كما قال ابن معين.

    قلت: ولم أقف على الحديث ولم أجده بهذا اللفظ في دواوين السنة المعتبرة.
    ومقتضى كلامه أن ما عداه لم يصححه النقاد من ذلك الطريق كما سبق بيانه.
    (ص 13)

  3. #63

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    رابعا : أغلب الأحاديث الصحيحة عن علقمة بن أبي علقمة عن عائشة رضي الله عنها كانت بواسطة أمه لا أبيه.
    ومنها الأحاديث السابقة، ويضاف إليها حديث : " الكرسف ".
    رواه مالك (1/ 59/ 79) .
    وحديث : " الخميصة لها أعلام ".
    رواه مالك (1/ 97/ 67) وعنه أحمد (6/ 177) .
    وحديث : "بعثت إلى أهل البقيع أصلي عليهم "
    أخرجه أحمد (6/ 92) ومالك (1/ 242 / 55) والنسائي (1/ 287) .

    وعليه فالراجح في هذا السند - الذي نقوم بتخريجه الآن - أن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها.

    ومن قال عن أبيه فهو خطأ يؤكده كل ما سبق بيانه.
    والله أعلم.
    وأما عبد العزيز بن محمد فهو الدراوردي، أبو محمد الجهني.
    اختلف فيه أهل العلم؛ وانظر - مشكورا - تفصيل أقوالهم في " تهذيب التهذيب " (6/ 303) لابن حجر، ففيه تفصيل وجمع مهم جدا.
    ولابأس من نقل خلاصة كلام الذهبي رحمه الله عنه فقال في " السير " (8/ 368) عقب نقله لكلام أهل الجرح والتعديل فيه :
    " قلت : وبكل حال فحديثه وحديث ابن أبي حازم لا ينحط عن مرتبة الحسن ".
    ولذلك فأرجح الأقوال في حقه ما قاله ابن حجر في " التقريب " (ص 615):
    " صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر ".

    قلت: ( أبو آدم ) وعليه فهذا السند يصلح للاعتبار ويقوي السند الأول.
    (ص 14)

  4. #64

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    وللحديث لفظ أخر عن عائشة، أنها قالت: لبست درعا جديدا، فجعلت أي أنظر إليه، فقال: أبو بكر:
    " أما تعلمين أن الله قد يراك ".
    أخرجه ابن المبارك في " الزهد" (1/ 134) قال أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، أنه بلغه عن عائشة به.

    وهذا سند ضعيف فيه علتان:
    الأولى : ضعف عبد الرحمن بن أسلم، وهو العدوي المدني مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
    قال عنه ابن حجر في " التقريب " (ص 578): " ضعيف".


    والعلة الثانية : الإنقطاع بينه وبين عائشة رضي الله عنها، فهو من الطبقة الثامنة.

    وروي بلفظ وزيادة واهية عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت:
    " لبست مرة درعا لي جديدا، فجعلت أنظر إليه وأعجبت به فقال أبو بكر:
    " ما تنظرين ؟ إن الله ليس بناظر إليك ".
    قالت : " ومم ذاك ؟ قال : " أما علمت أن العبد إذا دخله العجب
    (ص15)

  5. #65

    افتراضي رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    بزينة الدنيا مقته ربه عز وجل حتى يفارق تلك الزينة " قالت:
    " فنزعته فتصدقت به ".
    فقال أبو بكر : " عسى ذلك أن يكفر عنك ".

    أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/ 37) من طريق أحمد بن السندي، حدثنا الحسن بن علوية، حدثنا إسماعيل بن عيسى، حدثنا إسحاق بن بشر، حدثنا ابن السمعان، عن محمد بن زيد، عن عروة بن الزبير، عنها به.

    وهذا سند واه جدا؛ فيه كذابان وتفصيل أمرهما كالآتي:

    الأول: إسحاق بن بشر؛ وهو أبو حذيفة البخاري، قال عنه الذهبي في " الميزان" (1/ 184):
    " تركوه، وكذبه على علي بن المديني.
    وقال ابن حبان: لا يحل حديثه إلا على جهة التعجب.
    وقال الدارقطني: كذاب متروك.
    قلت: يروي العظام عن ابن إسحاق وابن جريج والثوري." انتهى.

    وقال ابن حجر في " اللسان " (2/ 44):
    " وقال أبو بكر بن أبي شيبة: كذاب.
    وقال النقاش: يضع الحديث.
    وقال ابن الجوزي في الموضوعات: أجمعوا على أنه كذاب...".
    (ص 16)

  6. #66

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    والراوي الثاني:، ابن السمعان؛ وهو عبد الله بن زياد بن سليمان أبو عبد الرحمن المدني،
    مولى أم سلمة رضي الله عنها.
    فهو كذاب.
    قال الذهبي في "التاريخ "(9/ 456):
    سئل عنه مالك فقال : كذاب.
    وقال أحمد بن حنبل: متروك الحديث.
    وقال البخاري: سكتوا عنه.
    وقال ابن معين: يكذب.
    وقال أبو حاتم: ابن السمعان ضعيف الحديث سبيله الترك..."انتهى.

    ولهذا قال ابن حجر في " التقريب " (ص 507):
    " متروك، اتهمه بالكذب أبو داود وغيره ".

    وأما محمد بن زيد فلم أعرفه، وباقي رجاله لا مطعن فيهم.

    وأما الزيادة في المتن على الأحاديث السابقة فلا تصح.

    شواهد الحديث
    وللحديث شواهد منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما بألفاظ متقاربة :
    (ص 17)

  7. #67

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    اللفظ الأول : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " من جر ثوبه ( وفي رواية:1 إنالذي يجر ثوبه ) مخيلة ( وفي رواية:2 ثيابه من مخلية ) ( وفي رواية: 3 من الخيلاء) (وفي رواية: 4 إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة ) ( وفي رواية : 5 ثوبا من ثيابه من المخيلة ) لم
    ( وفي رواية: 6 لا ) ينظر الله [ تعالى ] إليه يوم القيامة .( وفي رواية:7 لا ينظر إليه يوم القيامة )
    ( وفي رواية : 8 لم يذكر يوم القيامة ).

    أخرجه مالك في " الموطأ " (2/ 58) ، والنسائي في " الكبرى" (8/439) ( ر9636) ، وابن أبي شيبة في " المصنف" (5/ 156)، وعنه ابن ماجه (2/ 1181) في أحد سنديه، ورواه البخاري (8/ 142)ومسلم (3/ 1652) ( ب 2085) ( 43 ، 44 ، 45) من كتاب اللباس، وأحمد (4/ ر 4489، 5014، 5038 و5050 ) والترمذي ( 4/ 223 ) وابن حبان (12/ 260 ) وغيرهم.
    وأبي يعلى ( ص 1418 ر 5517 ) كلهم من طرق متعددة عن ابن عمر رضي الله عنهما به.

    والرواية الأولى لابن ماجه وأحمد ، والثانية لابن حبان وحده، والثالثة لمسلم وابن أبي شيبة، والرابعة لمسلم كذلك وأحمد، والخامسة للإمام أحمد وحده، والسادسة لابن ماجه ومالك وابن أبي شيبة ، والزيادة والسابعة لأحمد وحده.
    (ص 18)






  8. #68

    افتراضي رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    جزاك الله خيرًا وبارك الله فيك وأحسنت.

  9. #69

    افتراضي رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    لا زال هناك تتمة إن شاء الله.

  10. #70

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    وجزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ، أخي الكريم.

  11. #71

    افتراضي رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    وأسانيدهم صحيحة، رجالهم عدول ثقات.

    وللحديث زيادة صحيحة لحوار النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه؛
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جر [ من 1 ] [ ال 2 ] خيلاء لم ( وفي رواية : ( لا 1) بدل ( لم ) ينظر الله إليه يوم القيامة " .
    فقال أبو بكر : [ يا رسول3 الله ] إن أحد شقي ثوبي ( وفي رواية :2 إزاري ) ( وفي رواية :3 جانبي إزاري ) يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنك لست تصنع ذلك خيلاء . ( وفي رواية :4 لست ممن يصنعه خيلاء )


    (ص19)

  12. #72

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    ( وفي رواية :5 لست ممن يفعله خيلاء ).

    رواه البخاري ( 5/ 6) (7/ 141 ) ، وأبو داود (4/ 56 )، والنسائي في " الكبرى ) (8/ 440 ) (ر 9638 ) كلهم من طرق عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عنه به.

    والزيادة الأولى والثانية للنسائي، والثالثة للبخاري، والرواية الأولى للنسائي والثانية لهما معا، والثالثة لأبي داود وحده ، والرابعة للبخاري وحده، والخامسة لأبي داود وحده.

    وأسانيدهم صحيحة رجالهم عدول ثقات.

    والتحريم يعم الرجال والنساء على حد السواء، ولكن النساء رخص لهن في أن يرخين ذيولهن شبرا أو ذراعا لا يزدن عليه دون خيلاء.
    قال عليه الصلاة والسلام :
    " من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن ؟ قال : " يرخين شبرا " قالت : إذا تنكشف أقدامهن ، قال : " فيرخينه ( وفي رواية : ترخينه ) ذراعا لا تزدن عليه " .

    رواه النسائي (8/ 209) والترمذي ( 4/ 223 ) من حديث عبد الرزاق ، قال

    (ص 20)

  13. #73

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    قال: حدثنا معمر ، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به مرفوعا.
    وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

    قلت: وهو كما قال.
    وانظر تفصيل هذه المسألة بتخريج موسع للشيخ الألباني في " الثمر المستطاب " (1/ 319 ) ففيه فوائد جمة.

    وراه النسائي في " الكبرى " (8/ 444 ) أخبرنا عمرو بن علي قال : ثنا عاصم بن هلال البصري، قال: أنا أيوب ، عن نافع، عن ابن عمر به.

    وسنده ضعيف فيه عاصم بن هلال؛ وهو البارقي أبو النضر ، قال عنه ابن حجر في " التقريب " (ص 474 ):
    " فيه لين " .
    قلت: وباقي رجاله ثقات.

    اللفظ الثاني : عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا:
    قال عليه الصلاة والسلام :
    " لا ينظر الله إلى من جر ثوبه ( وفي رواية: 1 إزاره ) [ من 1 ] [ ال 2 ] خيلاء ".
    ( وفي رواية : 2 إلى الذي يجر إزاره ).

    أخرجه أحمد (4/ 307 ) ومسلم (3/ 1651 )، وأبي يعلى (ص 434) ( ر 5586 ) ، والبخاري (7/ 141 ) وأبي عوانة (5/ 246 ). كلهم من طرق متعددة عن ابن عمر رضي الله عنهما به.

    والرواية الأولى والثانية لأحمد، والزيادة الأولى والثانية لأبي يعلى وحده .
    وأسانيدهم صحيحة.

    (ص21 ).

  14. #74

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    الشاهد الثاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " من جر إزاره من الخيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة ".
    قال : فلقيت بن عمر بالبلاط، فذكرت له حديث أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: وأشار إلى أذنيه : " سمعته أذناي ووعاه قلبي ".

    الحديث رواه ابن ماجه ( 4/ 581) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ،
    عن عطية ، عنه به .

    وسنده ضعيف فيه علتان:
    الأولى: ضعف عطية وهو بن سعيد العوفي ؛ قال عنه ابن حجر في " التقريب " ( ص 680) :
    " صدوق يخطئ كثيرا، وكان شيعيا مدلسا ".

    قلت : وأغلب العلماء على ضعفه، وانظر " تهذيب الكمال " ( 20/ 145 ) للمزي ،
    و " تهذيب التهذيب " ( 7/ 224 ) لابن حجر ، و " السير " ( 5/ 325 ) ، و" المغني " ( 2/ 436 ) ،
    و " الكاشف " ( 2/ 27 ).
    كلهم للذهبي رحمه الله.

    العلة الثانية : التدليس ؛ فقد جعله ابن حجر في المرتبة الرابعة من المدلسين في كتابه الماتع :
    " تعريف أهل التقديس " ( ص130 ) وهم من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل .

    وقد عنعنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
    ويصحح لما سبق من متابعاته وشواهده.

    (ص 22 )

  15. #75

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    قلت : فالحديث حسن إن شاء الله تعالى بمجموع متابعاته وشواهده، وله حكم الرفع في كون من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله عز وجل إليه.

    ب - من فقه الحديث

    قال النووي في " المنهاج " ( 14/ 60 ) :
    " قال العلماء الخيلاء بالمد والمخيلة والبطر والكبر والزهو والتبختر كلها معنى واحد ، وهو حرام يقال خال الرجل خالا واختال اختيالا، إذا تكبر وهو رجل خال أي : متكبر وصاحب خال أي : صاحب كبر ، ومعنى لا ينظر الله إليه أي : لا يرحمه ، ولا ينظر إليه نظر رحمة " انتهى.

    والحديث قد يفهم منه فهوم مختلفة ، وشبهات يستحسن التنبيه عليها، وتوجيهها توجيها صحيحا عبر النقط الآتية:
    فأقول وبالله التوفيق؛


    النقطة الأولى : أن عائشة رضي الله عنها ، وإن كان ظاهر فعلها يفهم منه وقوعها في المخيلة ، إلا أن هذا محال في حقها للأسباب الآتية :

    السبب الأول : أنها لا يمكن أن تتعمد مخالفة نهي النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي أولى الناس بامتثال أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه واسلم واجتناب نواهيه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.

    قال ابن تيمية رحمه الله في " رفع الملام " (ص 8) : " وليعلم أنه ليس لأحد

    (ص 23)


  16. #76

    افتراضي رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    من الائمة - المقبولين عند الأمة قبولا عاما - يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته دقيق ولا جليل .
    فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم .
    وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

    السبب الثاني : أن أبو بكر رضي الله عنه قدم العذر لها في مخالفة ظاهرها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
    " أما تعلمين " فهي إشارة واضحة أنها لا تعلم بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم على العجب بالثوب وجره مخيلة يعتبر من الكبائر ، ولو علمت ذلك ما وقعت في هذه المخالفة .

    السبب الثالث: أنها لو قصدت جر ثوبها خيلاء مع العلم بالمخالفة ، لأبدت ما يكفر هذا الذنب، وهذا فعل الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان ، كالرجل الذي لم يأخذ الخاتم الذي ألقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يده ؛ بعدما رأى أنه من ذهب، والصحابي الذي تصدق بالحلة من حرير الذي أهدي إليه بعدما علم تحريم لبس الرجال للحرير، والرجل الذي أعتق الجارية التي صكها بعدما علم أنه أخطأ في حقها وأنها مؤمنة ، فقال له رسول الله صلى اله عليه وسلم : " أعتقها فإنها مؤمنة " ، وأشباه هذه الأفعال الصادرة من هؤلاء الثلة المباركة الربانية ، ولو كانت تعلم لتصدقت بالثوب أو أحدثت حسنات ماحية ، ولكنها لم تعلم بالنهي ولم تبرز علمها بالنهي ، بل روت الحديث لتحذر الأمة من هذا الفعل ، فهي معذورة بالمخالفة .

    (ص24)



  17. #77

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    ولا يقول قائل أن غياب علمها بالمخالفة محال، والحال أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا خطأ بين ، لأن كبار الصحابة رضي الله عنهم بجلالة قدرهم ، ومع ذلك يخفى عليهم بعض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    قال ابن تيمية في " رفع الملام " ( ص 9 ):
    " فإن الإحاطة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد من الأمة ... وإنما يتفاضل العلماء من الصحابة ومن بعدهم ، بكثرة العلم ، أو جودته .
    وأما إحاطة واحد بجميع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يمكن إدعاؤه قط .
    واعتبر ذلك بالخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - الذين هم أعلم الأمة بأمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ، وأحواله ، وخصوصا الصديق - رضي الله عنه - الذي لم يكن ، يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم حضرا ولا سفرا ، بل كان يكون معه في غالب الأوقات ، حتى إنه يسمر عنده بالليل في أمور المسلمين .
    وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فإن رسول الله عليه وسلم كثيرا ما كان يقول : " دخلت أنا وأبو بكر وعمر " و " خرجت أنا وأبو بكر وعمر " .

    (ص 25)

  18. #78

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    ثم إنه - مع ذلك - لما سئل أبو بكر - رضي الله عنه - عن ميراث الجدة ؟ قال :
    " مالك في كتاب الله من شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام من شيء، ولكن حتى أسأل الناس " فقام المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة - رضي الله عنهما - فشهدا " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس " وقد بلغ هذه السنة عمران بن حصين رضي الله عنه - أيضا ...
    وكذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لم يكن يعلم سنة الإستئذان ، حتى أخبره بها أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - واستشهد بالأنصار ، وعمر - رضي الله عنه - أعلم ممن حدثه بهذه السنة " .

    النقطة الثانية : أن لحوق الوعيد بالمخالف لا يتم إلا بعد وجود السبب وتوفر الشروط وانتفاء الموانع ، وهذا أمر لا يمكن التأكد منه إلا بعد المحاورة ، وإقامة الحجة والتأكد من انتفاء الموانع، وهذا في الأمور التي يمكن الإطلاع عليها بالوحي من السماء.
    كالخبر عن الرجلين الذين يعذبان في قبريهما ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنهما لعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " .
    رواه البخاري ( 1 / 53 ) ، ومسلم ( 1/ 240 ) وغيرهما .

    ( ص 26 )

  19. #79

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فليس في وسعه سوى الحكم بالظاهر ، فيحكم هل هذا القول أو الفعل المخالف للوحي، في هل يستحق صاحبه العقوبة في الدنيا أم لا ؟
    بالنظر إلى وجود السبب، وتوفر الشروط وانتفاء الموانع، وأما العقوبات الغيبية فنؤمن بها إجمالا لا على وجه التعيين لمن تلبس ظاهره بها، ولا سبيل لإدراكها إلا بالوحي المصدق
    .

    ولذلك فخبر الصحابي عن أمر لا يدرك بالإجتهاد ، ولا سبيل إليه إلا بالوحي من الغيبيات الماضية أو المستقبلية ، فله حكم الرفع؛ إذا صح السند إليه وسلم من المعارضة الراجحة لمثله أو أقوى منه من الأدلة الشرعية الصحيحة .

    وقد ذكر ابن الصلاح صور الحديث الموقوف الذي له حكم المرفوع.
    ومنها :
    " المسالة الثالة : أن يقول الصحابي الذي لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب قولا لا يقال بالرأي ، وكذلك لا مجال للإجتهاد فيه، وليس له تعلق ببيان لغة ، او شرح كلمة غريبة، وذلك كالإخبار عن الأمور الماضية ، كبدء الوحي وأخبار الأنبياء ، أو الآتية كالملاحم والفتن وأحوال القيامة ، أو الأخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص ، كقوله من فعل كذا فله أجر كذا ، أو يفعل ما لا مجال للإجتهاد فيه ، فكل هذا له حكم المرفوع " .

    انظر غير مأمور " الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية " ( ص68) للعلامة عبد الله بن الجبرين رحمه الله.

    وحاصل مراد أبي بكر رضي الله عنه بيان عقوبة من جر ثوبه خيلاء، وحكمه على عائشة رضي الله عنها ، إنما بناه على التصديق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في النهي عن جر الثوب خيلاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

    لكن هل علم علما يقينيا أن الله لا ينظر إليها في هذه الواقعة ؟
    هذا مما لم يجزم به ، بل قدم العذر لها فقال :
    " أما تعلمين " .

    (ص 27 )

  20. #80

    Lightbulb رد: حديث : يَا عَائِشَةُ، " أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَيْكِ الآنَ ".

    فتقدير كلامه رضي الله عنه :
    " أما تعلمين أن الله لا ينظر إليك الآن إن كنت عالمة بالمخالفة ووقعت فيها عن عمد ؟ !.

    وإلا فإننا نجزم يقينا أن لا أحد يستطيع إدراك الغيب المطلق بالإجتهاد ، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا بإعلام الله عز وجل لهم بذلك، فكيف بمن هو دونهم في العلم والإيمان والإصطفاء، مع أن الكل داخل في دائرة الفضل، لكنهم يتفاضلون فيها.
    فتأمل أيها القارئ الكريم هذه المسألة فإنها نافعة جدا.

    ولكن يجب التصديق بمقتضاه ، إذا كان ظاهر الأمر يستلزم لحوق الوعيد أو الوعد بمن قام به سببه وتوفرت به شروطه وانتفت موانع إطلاق الحكم عليه.


    فائدة مهمة جدا : كمن توفي يوم الجمعة أو ليلة الجمعة ؛ فهذا ظاهر يسلتزم منه التصديق بمقتضاه من الوعد وهو الأمن من فتنة القبر على الإجمال، وعلى سبيل الظن وحسنه بمن حصل له ذلك من المعينين، مع ربطه بمشيئة الله تعالى دون جزم.
    فنقول لمن حاله كذلك : أرجوا أن يكون هذا المسلم ممن يأمن من فتنة القبر لأنه توفي يوم الجمعة، إن شاء الله.

    مع وجوب الإيمان بالإجمال لكل من كان هذا حاله أن يأمن من فتنة القبر على وجه الإطلاق.
    هذا مقتضى الجمع بين النصوص الشرعية .
    فتأمل رحمك الله هذه المسألة فإنها مهمة جدا في فهم النصوص الشرعية، وحسن تنزيلها على أرض الواقع في وسطية واعتدال، دون غلو أو تقصير.
    والله أعلم.

    وأما الدليل على ذلك فقول الرسول عليه الصلاة والسلام :
    " ما من مسلم يموت يوم الجمعة ، أو ليلة الجمعة ، إلا وقاه الله فتنة القبر "

    أخرجه الإمام أحمد (6582 - 6646 )، وقال الشيخ الألباني في " أحكام الجنائز " ( ص 35 ) :
    " فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح .

    وهذا بشكل عام ومطلق ، لا على وجه التعيين لشخص بعينه؛ لأن هناك فرق كبير بين الوعد والوعيد العام وبين لحوقه بالمعين ونسبته إليه.

    قال ابن تيمية رحمه الله في " رفع الملام " ( ص 42 ) :
    " وذلك أن حقيقة الوعيد ، بيان أن هذا العمل سبب في هذا العذاب ، فيستفاذ من ذلك : تحريم الفعل وقبحه.
    أما إن كل شخص قد قام به ذلك السبب، يجب وقوع ذلك المسبب به ، فهذا باطل قطعا ، لتوقف ذلك السبب على وجود الشرط ، وزوال جميع الموانع ".

    ( ص 28 )


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •