أصول أهل السنة والجماعة

د• سعيد بن مسفر القحطاني



تميز أهل السنَّة والجماعة بأصولهم الثابتة التي تعتمد على ما يلي:
1- مصدر العقيدة لديهم هو كتاب الله عزَّ وجلَّ وما صح وثبت من سنَّة رسول الله [ وما أجمع عليه السلف الصالح, فكل ما ورد في القرآن الكريم وصح وثبت من سنَّة الرسول [، فهو شرع للمسلمين يجب قبوله وإن كان آحاداً· والمرجع في فهم الكتاب والسنَّة هو النصوص التي تبينها، وفهم السلف الصالح ومن سار على منهجهم من أئمة الهدى·
2- لقد أتم الله النعمة على هذه الأمة بإكمال دينها وفي آخر ما نزّل من القرآن في حجة الوداع: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (المائدة: 3)· فليس لأحد كائناً من كان وتحت أي ستار أو مبرر أن يحدث شيئاً في دين الله أو يضيف إليه ما ليس منه زاعماً أنه منه، ومن فعل هذا فعمله مردود عليه وهو بدعة وضلالة·
3- يجب التسليم لله ولرسوله [ ظاهراً وباطناً، فلا يعارض شيئا من الكتاب الكريم ولا السنّة النبوية الصحيحة بقياس أو ذوق أو كشف أو منام أو قول شيخ أو إمام·
4- العقل الصريح موافق للنقل الصحيح ولا تعارض بينهما البتة، وعند توهم التعارض يقدم النقل على العقل؛ لاحتمال خطأ العقل لأن ذلك من طبائع البشر، مع ضرورة الالتزام بالألفاظ والمصطلحات الشرعية في العقيدة وتجنب الألفاظ البدعية لأن دلالات الألفاظ واسعة·
5- العصمة ثابتة لرسول الله [ فيما أمره الله بتبليغه للناس، وكذلك الأمة معصومة من الاجتماع على ضلالة في مجموعها، أما في أفرادها فلا عصمة لأحد، بل كل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي [ فيما يبلغه للناس من دين الله·
6- المرجع عند الاختلاف يكون للكتاب والسنّة مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة وسؤال الله له المغفرة، واعتماد الحوار والمجادلة بالحسنى بحثاً عن الحق، والحذر من المراء والانتصار للنفس والخوض فيما ورد النهي عن الخوض فيه، والالتزام بمنهج الوحي في الرد فلا ترد البدعة ببدعة ولا يقابل الغلو بالتفريط·
7- الأصل في أسماء الله وصفاته إثبات ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله [ من غير تكييف ولا تمثيل، ونفي ما نفاه الله تعالى عن نفسه أو نفاه عنه رسوله [ من غير تحريف ولا تعطيل، بل نؤمن بأنه سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى: 11)، مع الإيمان بمعاني ألفاظ النصوص وما دلت عليه وعدم تكييفها أو تعطيلها عن معناها·
8- الإيمان بالملائكة الكرام إجمالاً وأما على التفصيل فبما صح به الدليل من أسمائهم وصفاتهم وأعمالهم·
9- الإيمان بالكتب المنزلة وأن القرآن الكريم ناسخ لها وأن ما قبله من الكتب السماوية طرأ عليها التبديل والتحريف·
10- الإيمان بالأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وأنهم أفضل ممن سواهم من البشر·
11- الإيمان باليوم الآخر وما يتقدمه من العلاقات والأشراط وما يكون فيه من الأحداث والأهوال وما يؤول إليه من النعم في الجنة لأهل الإيمان جعلنا الله منهم ومن العذاب في النار لأهل الكفر والنفاق عافانا الله منهم·
12- الإيمان بأن القدر خيره وشره من الله تعالى، وأن الله علم ما يكون قبل أن يكون، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون إلا ما يشاء، وأنه على كل شيء قدير، فهو خالق كل شيء وفعّال لما يريد·
13- الإيمان بشفاعة النبي [ وشفاعة الأنبياء والملائكة والصالحين وغيرهم يوم القيامة لمن رضي الله عنهم وأذن في الشفاعة لهم· على التفصيل الذي وردت به الأدلة·
14- رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة حق ومن أنكرها أو أوّلها فهو زائغ ضال· نسأل الله أن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم في الآخرة·
15- كرامات الأولياء حق وليس كل أمر خارق للعادة كرامة، بل قد يكون استدراجاً أو من تأثير الشياطين، والضابط في ذلك موافقة الكتاب والسنَّة أو عدمها·
16- لا يجوز صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عزَّ وجلَّ فهو وحده المستحق للعبادة؛ فلا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فقد أشرك·
17- من أصول العبادة أن الله يُعبَد بالحب والخوف والرجاء جميعاً؛ فمن عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ·
18- يجب التسليم والرضا والقبول والطاعة المطلقة لله عزَّ وجلَّ ولرسوله [ في جميع الأحكام واعتقاد أن التحاكم إلى الطاغوت وتشريع ما لم يأذن به الله واتباع غير شريعة الإسلام أو تبديل شيء منها كفر·
19- لا يعلم الغيب إلا الله وحده، وقد يطلع الله بعض رسله على شيء من الغيب، وتصديق الكهنة والعرافين والمنجمين كفر والذهاب إليهم كبيرة·
20- التكفير من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنّة؛ فلا يجوز تكفير مسلم بقول أو عمل إلا بعد تحقق الشروط وانتفاء الموانع لدى الحاكم الشرعي، ولا يلزم من إطلاق الكفر على قول أو فعل ثبوت موجبه في حق المعين؛ لأن التكفير من أخطر الأحكام فيجب التثبت والحذر من تكفير المسلم·
21- الهداية والضلال بيد الله فمن هداه الله فبفضله ومن أضله فبعدله، ولا يجوز القطع لمعين من أهل القبلة بالجنة أو النار إلا من ثبت النص في حقه·
22- الإمامة تثبت بإجماع الأمة أو بيعة ذوي الحل والعقد منهم، ومن تغلب واجتمع عليه الناس وجبت طاعته في المعروف وحرم الخروج عليه، ومن خرج على الجماعة وجب نصحه ودعوته ومحاورته بالتي هي أحسن، فإن رجع وتاب وإلا عُوقب بما يستحقه شرعاً، ولا يجوز التفرق في الدين ولا زرع الفتنة بين المسلمين·
23- الصحابة كلهم عدول وهم أفضل هذه الأمة، ومحبتهم دين وإيمان وبغضهم كفر ونفاق، مع الكف عمّا شجر بينهم وأفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عن الجميع·
24- يجب محبة آل بيت النبي [ وتوليهم وتعظيم قدر أزواجه أمهات المؤمنين·
25- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم شعائر الإسلام وأسباب حفظ حرماته، وهما واجبان بحسب الطاقة وبالضوابط الشرعية مع اعتبار المصلحة في ذلك، والأصل في المسلم السلامة حتى يظهر خلاف ذلك، ولا يجوز تتبع عورات المسلمين، أو امتحان عامتهم في الأمور الدقيقة والمعاني العميقة، وإنما يحملون على الجمل الثابتة بالكتاب والسنَّة والإجماع·