تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: "هدايات الكتاب العزيز"

  1. افتراضي "هدايات الكتاب العزيز"

    "هدايات الكتاب العزيز"

    "الهداية القرآنية هي: ثمرة فهم المعنى".

    كتبه/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +996500906424

    {وَلَقَد جِئتُمونا فُرَادَى كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكتُم ما خَوَّلناكُم وَراءَ ظُهورِكُم وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُمُ الَّذينَ زَعَمتُم أَنَّهُم فيكُم شُرَكاءُ لَقَد تَقَطَّعَ بَينَكُم وَضَلَّ عَنكُم ما كُنتُم تَزعُمونَ} [الأنعام: 94]:

    ١- تفيد: التأكيد على الإيمان باليوم الآخر، والبعث بعد الموت؛ لقوله: {وَلَقَد جِئتُمونا}، فأكَّد بثلاث مؤكدات: الأول: لام القسم في "لقد"؛ يعني: والله لقد. الثاني: "قد" الدالة التحقيق. الثالث: حديثه عن المستقبل بصيغة الماضي؛ لقوله: {جِئتُمونا}؛ فعبر عنه بالماضي لأنه واقع لا محالة.

    ٢- تفيد: أن الإنسان يبعث يوم القيامة فريدا وحيدا لا شيء معه؛ لقوله: {فُرَادَى}، وتصديقه: ﴿وَكُلُّهُم آتيهِ يَومَ القِيامَةِ فَردًا﴾ [مريم: 95]؛ لا ناصر له ولا مال.

    ٤- فيها: إشارة إلى هول المحشر وشدته؛ لقوله: {كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ} عراةً غرلا؛ فلو كان يشغلهم ذلك، لسترهم ربهم؛ لأن الله حيي كريم، يحب الستر والتستر؛ فدل على أن الأمر شديد؛ وفي الحديث: "الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض". رواه مسلم.

    ٥- فيها: تذكير بفقر الإنسان، وأن ما يملكه طارئ ودخيل عليه؛ لقوله: {كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ}: بلا مال؛ فالأصل أنه معدوم؛ وتصديقة: ﴿ذَرني وَمَن خَلَقتُ وَحيدًا﴾ [المدثر: 11]: يعني: اتركني - أيها الرسول - ومن خلقته وحيدًا في بطن أمه دون مال أو ولد.

    ٦- فيها: أن المال يفنى، ولا يبقى منه إلا ما ابتغي به وجه الله؛ لقوله: {وَتَرَكتُم مَا خَوَّلناكُم}؛ تركتموه كليا وليس معكم منه شيء؛ وفي الحديث: "وهل لك، يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت". رواه مسلم.

    ٧- فيها: تعظيم الله؛ لقوله: {خَوَّلناكُم}، والجمع للتعظيم، والنون للعظمة.

    ٨- فيها: أن المال مال الله، وأنه - سبحانه - المعطي على الحقيقة؛ لقوله: {خَوَّلناكُم}، أي أعطيناكم. وعليه: فليس لعبد أن يحسد أخاه بحال.

    ٩- تفيد: تعييرا للمشركين القائلين: ﴿نَحنُ أَكثَرُ أَموالًا وَأَولادًا وَما نَحنُ بِمُعَذَّبينَ﴾ [سبأ: 35].
    قال الطبري في قوله تعالى: {وَتَرَكتُم ما خَوَّلناكُم وَراءَ ظُهورِكُم}: وهذا تعيير من الله جل ثناؤه لهؤلاء المشركين بمباهاتهم التي كانوا يتباهون بها في الدنيا بأموالهم.

    ١٠- فيها: أن الله يرى ويبصر، لقوله: {وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُم}، وتصديقه: ﴿أَلَم يَعلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرى﴾ [العلق: 14].

    ١١- تفيد: الكف عن الشرك وتعظيم غير الله، واتخاذ الوسائط والأولياء والشفعاء من دون الله؛ قال ابن عطية في المحرر: وقوله تعالى: {وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُمُ} الآية، توقيف على الخطأ في عبادة الأصنام وتعظيمها.

    ١٢- فيها: توبيخ وتقريع لمن أشرك مع الله، بأن هذا الشريك سيتبرأ من تابعه ويتخلى عنه يوم القيامة؛ لقوله: {وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُمُ الَّذينَ زَعَمتُم أَنَّهُم فيكُم شُرَكاء}؛ وتصديقه: ﴿إِذ تَبَرَّأَ الَّذينَ اتُّبِعوا مِنَ الَّذينَ اتَّبَعوا وَرَأَوُا العَذابَ وَتَقَطَّعَت بِهِمُ الأَسبابُ﴾ [البقرة: 166].

    ١٣- تفيد: أن الله لا يتخلى عن عبده الموحد يوم القيامة؛ كما تخلت هذه المعبودات عن أتباعهم؛ لقوله: {لَقَد تَقَطَّعَ بَينَكُم}: بسبب الشرك.
    فعلى العبد أن يحسن الظن بربه؛ قال الله: ﴿وَكانَ يَومًا عَلَى الكافِرينَ عَسيرًا﴾ [الفرقان: 26]، ولم يقل على المؤمنين.

    ١٤- تفيد: أن الله لا يغيب عن عباده؛ لقوله: {وَضَلَّ عَنكُم}: أي غاب عنكم؛ ومفهومه: أن الله لا يغيب عن أحد؛ قال الله: ﴿وَهُوَ مَعَكُم أَينَ ما كُنتُم وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [الحديد: 4].

    ١٥- تفيد: أن دين الكفار زعم وافتراض لا حقيقة له؛ لقوله: {زَعَمتُم}، و {تَزعُمونَ}؛ فلا تجد كافرا إلا ويزعم ويكذب ويفترض في دينه.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم آل حمودة مشاهدة المشاركة

    ١٠- فيها: أن الله يرى ويبصر، لقوله: {وَما نَرى مَعَكُم شُفَعاءَكُم}، وتصديقه: ﴿أَلَم يَعلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرى﴾ [العلق: 14].

    قال تعالى:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    *"هدايات الكتاب العزيز"*

    "الهداية القرآنية هي: ثمرة فهم المعنى".

    كتبه/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +996500906424

    {إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الحَبِّ وَالنَّوى يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَمُخرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنّى تُؤفَكونَ} [الأنعام: 95]:

    ١- فيها: جواز ذكر اسم "الله" مجردا؛ فليس واجبا أن يقال: "الله عز وجل"، أو "الله تعالى"، لقوله: {إِنَّ اللَّه}، ولقوله: {ذلِكُمُ اللَّهُ}.

    ٢- فيها: تعريض بمعبودات المشركين، وأنها عاجزة حتى عن شق نواة أو حبة؛ أفاده الحصر في قوله {إِنَّ اللَّه} يعني: إن الله وحده.
    قال مكي في الهداية: معنى الآية: أنها تنبيه لهؤلاء المشركين على قدرة الله، وأن ما يعبدون لا يقدر على ذلك.
    وقال القرطبي: عد من عجائب صنعه ما يعجز عن أدنى شي منه آلهتهم.

    ٣- فيها: تعريض بعقول المشركين، وأنهم لا يعقلون؛ حيث عبدوا ما يعجز عن شق نواة؛ ولذا قال عنهم: ﴿أَم تَحسَبُ أَنَّ أَكثَرَهُم يَسمَعونَ أَو يَعقِلونَ إِن هُم إِلّا كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلُّ سَبيلًا﴾ [الفرقان: 44].

    ٤- تفيد: أهمية الحب والنوى والحاجة إليهما؛ لأنه نص على ذكرهما، فقال: {فالِقُ الحَبِّ وَالنَّوى}، وقال في سورة أخرى، وهو يَمْتَنُّ على عباده: ﴿وَالأَرضَ وَضَعَها لِلأَنامِ۝فيها فاكِهَةٌ وَالنَّخلُ ذاتُ الأَكمامِ۝وَالح َبُّ ذُو العَصفِ وَالرَّيحانُ﴾ [الرحمن: 10-12]، فوضع في الأرض الحب لمنافعه الكثيرة والحاجة إليه.
    والحب: كالحنطة والشعير والبر والذرة والأرز.
    والنوى: كل ثمرة فيها نوى مثل التمر والخوخ والمشمش.

    ٥- فيها: إشارة إلى منته - سبحانه - على الإنسان، حيث أوجده من عدم؛ لقوله: {يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ}، ومن ذلك أنه يخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة؛ وتصديقه: ﴿كَيفَ تَكفُرونَ بِاللَّهِ وَكُنتُم أَمواتًا فَأَحياكُم﴾ [البقرة: 28]. وقال الله: ﴿هَل أَتى عَلَى الإِنسانِ حينٌ مِنَ الدَّهرِ لَم يَكُن شَيئًا مَذكورًا﴾ [الإنسان: 1].

    ٦- فيها: بيان لتمام قدرة الله، وأنه قادر على أن: {يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَمُخرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَي}؛ فذكر الضددين المتنافيين لتمام قدرته وحسن تدبيره.

    ٧- فيها: مناسبة لما قبلها، لقوله - قبلها -: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، فإن قيل: وكيف يرجعون إليه فرادى، قيل: إن الله {يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ}، فالذي قدر على إخراج البدن من النطفة، قادر على إخراجه من التراب للبعث والحساب.

    ٨- فيها: إشارة إلى البعث بعد الموت؛ لأن الذي قدر على شق الحب والنوى فأخرج منهما الثمار، قادر على أن يشق عَجْب الذنب ويخرج منه إنسانا كاملا، كما كان أو مرة ﴿كَما بَدَأنا أَوَّلَ خَلقٍ نُعيدُهُ وَعدًا عَلَينا إِنّا كُنّا فاعِلينَ﴾ [الأنبياء: 104]؛ لأن الناس يقومون من قبورهم وينبتون، كما "ينبت البقل"، وتصديقه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ، لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى، إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه مسلم (4935).

    وعليه: ففيها: رد على منكري البعث.
    قال الزجاج في معاني القرآن: احتج الله جل ثناؤه عليهم بما يشاهدون من خلقه لأنهم أنكروا البعث فأعلمهم أنه الذي خلق هذه الأشياء وأنه قادر على بعثهم.

    ٩- تفيد: أن من خلق وحده بلا شريك، أحق أن يعبد وحده بلا شريك؛ لقوله: {ذلِكُمُ اللَّه}: أي فاعل ذلك كله من شق الحب والنوى، هو الله وحده؛ فأفردوه وخُصُّوه بالعبادة.
    قال الطبري في قوله: {ذلِكُمُ اللَّه}: فاعل ذلك كله الله جل جلاله.

    ١٠- تفيد: حرمة الانصراف والإعراض عن الحق بعد ظهوره ووضوحه؛ لقوله: {فَأَنّى تُؤفَكون}، أي فكيف تنصرفون عن الحق إلى غيره.
    قال الواحدي في الوجيز: فمن أين تنصرفون عن الحق بعد البيان.

  4. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    "هدايات الكتاب العزيز"

    الهداية القرآنية هي: "ثمرة فهم المعنى".

    كتبه/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +996500906424

    {فالِقُ الإِصباحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَنًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ حُسبانًا ذلِكَ تَقديرُ العَزيزِ العَليمِ} [الأنعام: 96]

    ١- فيها: مناسبة لما قبلها؛ لأنه قال - قبلها -: {إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الحَبِّ وَالنَّوى}، ثم قال - بعدها -: {فالِقُ الإِصباح}؛ لِيُعْلِمَ أن الكل في قدرته سواء؛ فقدرته على شق الحبة ليخرج منها الزرع، كقدرته على شق ضوء الصباح من ظلمة الليل ليخرج منه الضياء الذي يعم الأرض، ويستنير له الأفق.

    ٢- فيها إشارة إلى: شرف وقت الإصباح؛ لقوله: {فالِقُ الإِصباح} ولأنه وقت صلاة الفجر، ووقت مشهود؛ وتصديقه: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}: يعني: تحضره وتشهده ملائكة الليل والنهار.

    ٣- تفيد: أهمية وحاجة العباد إلى الضياء والظلمة معا؛ وتصديقه: ﴿قُل أَرَأَيتُم إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيكُمُ اللَّيلَ سَرمَدًا إِلى يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللَّهِ يَأتيكُم بِضِياءٍ أَفَلا تَسمَعونَ۝قُل أَرَأَيتُم إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيكُمُ النَّهارَ سَرمَدًا إِلى يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللَّهِ يَأتيكُم بِلَيلٍ تَسكُنونَ فيهِ أَفَلا تُبصِرونَ﴾ [القصص: 71-72].
    ولما فيهما من المصالح الدينية والدنيوية.

    ٤- تفيد: أن الأصل في الصباح، أنه للسعي وطلب الرزق.
    وأن الأصل في الليل، السكون وراحة الأبدان؛ وتصديقه: ﴿وَجَعَلنَا اللَّيلَ لِباسًا۝وَجَعَل نَا النَّهارَ مَعاشًا﴾ [النبأ: 10-11].
    فمن خالف هذا، فاته الكثير من مصالحه، الدينية والدنيوية.

    ٥- فيها: تصديق لقوله: ﴿صُنعَ اللَّهِ الَّذي أَتقَنَ كُلَّ شَيءٍ}؛ حيث جعل {الشَّمسَ وَالقَمَرَ حُسبانًا}، أي بحساب مقدر؛ فلا يتجاوزا ما قدر لهما؛ وتصديقه: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ}.
    قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: {وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا} أَي جَعلهمَا يجريان بِحِسَاب مَعْلُوم عِنْده.
    قال ابن كثير أي بحساب مقنن مقدر، لا يتغير ولا يضطرب.

    ٦- فيها إشارة إلى: فوائد جعل الشمس والقمر حسبانا؛ لتعرف الأزمنة والأوقات، فتنضبط بذلك أوقات العبادات، وآجال المعاملات، ويعرف بها مدة ما مضى من الأوقات التي لولا وجود الشمس والقمر، وتناوبهما واختلافهما - لما عرف ذلك عامة الناس، واشتركوا في علمه، بل كان لا يعرفه إلا أفراد من الناس، بعد الاجتهاد، وبذلك يفوت من المصالح الضرورية ما يفوت.
    أفاده السعدي في تفسيره.

    ٧- فيها: تعريض بمعبودات المشركين، وأنها عاجزة عن الخلق والتقدير؛ لقوله: {ذلِكَ} يعني: المشار إليه {تَقديرُ العَزيزِ العَليم} وحده.
    قال الطبري: لا تقديرُ الأصنام والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تفقه شيئًا ولا تعقله، ولا تضر ولا تنفع.

    ٨- فيها: اسما الله "العزيز والعليم"؛ وكل اسم يتضمن صفة له سبحانه؛ فهو العليم بعلم، والعزيز بعزة.

    ٩- تفيد: بيان كمال قدرة الله وهيمنته على أعظم المخلوقات كالشمس والقمر؛ لقوله: {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ}؛ الذي لا يمانع، فهما مسخران مذللان بأمره؛ كما قال: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} فمهما علا الشيء وعظم فهو ذليل منقاد لله جلا وعلا.
    قال السعدي في تفسيره: الذي من عزته انقادت له هذه المخلوقات العظيمة، فجرت مذللة مسخرة بأمره، بحيث لا تتعدى ما حده الله لها، ولا تتقدم عنه ولا تتأخر.

    ١٠- فيها: بيان سعة علم الله، وأنه لا يخفى عليه شيء من أمر مخلوقاته. كما أنه العليم بكنه الأشياء، فيعلم كيف يفنيها كما أنشأها؛ لقوله: {الْعَلِيمِ}؛ فعيل للمبالغة؛ ونظيره: ﴿إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ﴾ [البقرة: 32]، قال القرطبي: (العليم)*فعيل*للم بالغة والتكثير في المعلومات في خلق الله تعالى.

  5. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    هدايات الكتاب العزيز

    الهداية القرآنية هي: ثمرة فهم المعنى.

    كتبه/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +996500906424

    ﴿وَهُوَ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ النُّجومَ لِتَهتَدوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ قَد فَصَّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ﴾ [الأنعام: 97]:

    ١- فيها: تعريض بمعبودات المشركين، وأنها عاجزة أن تجعل شيئا ينتفع به الناس، أفاده الحصر في قوله: {وهو}: يعني: وهو وحده {الذي جعل لكم النجوم}.

    ٢- تفيد: أن النجوم مسخرة منقادة لأمر ربها؛ لقوله: {جَعَلَ لَكُمُ النُّجوم}، فالذي سخرها لنا هو الله وحده؛ وعليه: ففيها تعريض بعباد النجوم؛ قال الله: ﴿وَمِن آياتِهِ اللَّيلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمسُ وَالقَمَرُ لا تَسجُدوا لِلشَّمسِ وَلا لِلقَمَرِ وَاسجُدوا لِلَّهِ الَّذي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُم إِيّاهُ تَعبُدونَ﴾ [فصلت: 37].

    ٣- فيها: مناسبة لما قبلها، وفيها نظم بديع؛ فإنه - تعالى ذكره - أخبر قبلها أنه {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا}، ثم أخبر ونبَّه بعدها أنه جعل ما يهتدي به الناس في الليل وهي {النُّجومَ}؛ وكأنه يقول: لا تقلقوا وإن دخل الليل، فقد جعلت لكم ما تهتدون به في ظلمات الليل؛ لأننا نعلم أن منكم أخرين يضربون في الأرض بالليل يبتغون من فضل الله.

    ٤- فيها: تودد من الله لعباده بنعمه وإحسانه إليهم؛ لقوله: {جَعَلَ لَكُمُ}، ولو شاء لقال: "جعل النجوم"، ولكنه قال" {جَعَلَ لَكُمُ النُّجومَ}.
    فعلى العبد أن يحسن الظن بربه الكريم، ويعظم الرغبة فيه {فَإِنَّ رَبّي غَنِيٌّ كَريمٌ}.

    ٥- فيها: ذكر بعض فوائد النجوم؛ وهي: الاهتداء {بِها في ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ}. وللنجوم فوائد اخرى ذكرها الله في كتابه.

    ٦- تفيد: أن الله لا يجعل شيئا ولا ويخلقه، إلا لحكمة؛ لقوله: {جَعَلَ لَكُمُ النُّجومَ لِتَهتَدوا}؛ فاللام تعليلية؛ أي جعلتها لكم لأجل أن تهتدوا بها في الظلمات.

    ٧- تفيد: "قاعدة سد الذرائع".
    وجه ذلك: أنه - تعالى -: قيد الانتفاع بالنجوم، فقال: {لِتَهتَدوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ}، فاللام تعليلية؛ أي جعلتها لكم لأجل أن تهتدوا بها في الظلمات، وليس لتدعوا بها علم الغيب؛ ولذا: {لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر}: قال في فتح المجيد: أي لتعرفوا بها جهة قصدكم، وليس المراد أنه يهتدى بها في علم الغيب، كما يعتقده المنجمون.

    ٨- تفيد: أهمية التقديم والتأخير في الخطاب؛ فيقدم ما يحتاج إليه، وما يشاهد ويخالط على غيره؛ لأنه قدم البر على البحر؛ في قوله: {ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحر}؛ ونظيره: {ويعلم ما في البر والبحر}: قال الخطيب في السراج المنير: قدّم البر لأنّ الإنسان أكثر ملابسة له بما فيه من القرى والمدن والمفاوز والجبال والحيوان والنبات والمعادن وغير ذلك، وأخر البحر لأنّ إحاطة العقل بأحواله أقل.

    ٩- استدل بها: على الاجتهاد في تحري القبلة عند الصلاة، لمن لم ير القبلة، وكان عالما بالنجوم؛ كما قال: {وبالنجم هم يهتدون} يعني بالنجوم؛ أفرد وأراد الجمع.

    ١٠- تفيد: أهمية تبيين العلم وتوضيحه، وتيسيره على الناس؛ كي لا يلتبس عليهم؛ لقوله: {قَدْ فَصَّلنَا الآيات}: يعني بيناها بيانا واضحا، لا لبس فيه ولا عناء في إدراكها.
    فعلى العبد ألا يتكلف في تعليمه للناس، ويأتي بما لا يفهم {إلا بشق الأنفس}.

    ١١- فيها: تعظيم الله؛ لقوله: {فَصَّلنَا}، فالنون لعظمة، والجمع للتعظيم.

    ١٢- تفيد: أن من لم ينتفع بآيات الله، ويستدل بها على الله، فهو الجاهل الحقيقي؛ لقوله: {قَد فَصَّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ}، لا لقوم يجهلون بالله؛ كما قال: ﴿وَتِلكَ الأَمثالُ نَضرِبُها لِلنّاسِ وَما يَعقِلُها إِلَّا العالِمونَ﴾ [العنكبوت: 43].

    ١٣- تفيد: ذم الجهل بالله.

    ١٤- تفيد: أن آيات الله ظاهرة بينة واضحة جليلة؛ تدل على الله المعبود بحق؛ لقوله: {قد فصلنا الآيات}؛ فلا يجحد بها بعد ذلك إلا ظالم مكابر؛ كما قال: ﴿وَما يَجحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظّالِمونَ﴾ [العنكبوت: 49].
    قال القرطبي في قوله: {قد فصلنا الآيات}: قد فصلنا الآيات أي بيناها مفصلة لتكون أبلغ في الاعتبار.

    ١٥- فيها: بيان لشرف العلم وأهمية تعلمه وتعليمه؛ لقوله: {لِقَومٍ يَعلَمونَ}.

  6. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    *بعض هدايات الآية رقم: (١٢)،من سورة الأنفال:*

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي، +966509006424*

    ﴿إِذ يوحي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنوا سَأُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعبَ فَاضرِبوا فَوقَ الأَعناقِ وَاضرِبوا مِنهُم كُلَّ بَنانٍ﴾ [الأنفال: ١٢]:

    ١- تفيد: أن الرعب جند من جند الله، يسلطه على من شاء؛ لقوله: {سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب}. وكما قال: {وما يعلم جنود ربك إلا هو}. وفي الحديث: "نصرت بالرعب". متفق عليه.

    ٢- تفيد قول النبي: "وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري" رواه البخاري.

    ٣- تفيد: أن من كان الله معه، فثيثبت غيره؛ لقوله: {أني معكم فثبتوا الذين آمنوا}، فمفهومه: أن من خذله الله، فلن يعين غيره على شيء.

    ٤- تفيد: هوان الكفار على الله.

    ٥- تشير إلى: وجوب الحث على الثبات عند القتال، لا التخذيل - كما هو دأب المنافقين؛ لقوله: {فثبتوا الذين آمنوا}.

    ٦- فيها: أن الله، يوحي لملائكته بما يشاء؛ وكما قال: ﴿يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرّوحِ مِن أَمرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ أَن أَنذِروا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنا فَاتَّقونِ﴾ [النحل: ٢].

    ٧- تفيد: أن الإسلام، يعلم أتباعه ويحثهم على فنون القتال في الجهاد في سبيل الله؛ لقوله: {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان}؛ وهذا ما يفني، ويشل ويعطل المقاتل.

    8- تفيد: أن الإسلام، حرب على أعدائه.

    ٩- تفيد: أهمية "البنان" لدى الإنسان؛ قال الله: ﴿بَلى قادِرينَ عَلى أَن نُسَوِّيَ بَنانَهُ﴾ [القيامة: ٤]، فتكون كخف بعير مصمتة لا ينتفع بها. وقد حكى القرطبي: أنها سميت بنانا لأن بها صلاح الأحوال التي بها يستقر الإنسان.

    ١٠- تفيد: أن الملائكة لا تُرى، وأن النبي لا يعلم الغيب إلا ما أوحي إليه. ولذا أخبر الله نبيه وأصحابه أنه أوحى إليها بتثبيت المؤمنين عند قتالهم.

    ١١- فيها: تشريف للمؤمنين عامة، ولمن شهد بدرا خاصة؛ وحيث أن الله أمر ملائكته أن تقاتل معهم.

    ١٢- يفهم منها: أن الشياطين تخذل وتجبن، أثناء القتال؛ بخلاف ملائكة الرحمن.

    ١٣- تفيد: أنه لا حرمة للكافر المحارب - اللهم إلا إن وقع في الأسر؛ فيحرم عليك ما حرمه الإسلام تجاه.

    ١٤- تفيد: أن الملائكة لا تصرف لها، إلا بأمر الله؛ {إذ يوحي ربك إلى الملائكة}.

    ١٥- تفيد: إباحة ضرب وجه الكافر أثناء القتال - بما يكون فيه قتله وهلاكه؛ لقوله: {فاضربوا فوق الأعناق}، فيدخل فيه الوجه قطعا؛ ما رواه مسلم في صحيحه 58 - (1763)، من حديث ابن عباس قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ ، فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ».

    ١٦- تفيد: أن الكفر بالله، سبب الرعب والفزع وعدم الأمن؛ فالكافر ينتظر له كل الشرور قال الله: {ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون}. وقال: {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله}.

    ١٧- تفيد: أن المعية، لا يلزم - بحال - أن تكون معية ذات؛ إذ لو كانت هذه المعية معية ذات، لكفى وجوده سبحانه ولما احتيج إلى ذكر الملائكة أصلا. فإذا استقر هذا، علم ضلال من يقول أن الله بذاته في كل مكان - سبحانه وتعالى. وهذه نكتة دقيقة، وفي غاية الأهمية.

    ١٨- فيها: تشريف للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث خصهم بالخطاب في قوله: {إذ يوحي ربك}.

    ١٩- تفيد: حاجة المؤمنين لتثبيت الله لهم.
    .......

    https://chat.whatsapp.com/Kw7r1HqFTi49htCA0sLf2p

  7. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    *هدايات الكتاب العزيز:*

    *يكتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    تنبيه: الكتابة تكون في الهداية، التي هي: ثمرة فهم المعنى للآية؛ دون التفسير الذي هو: لإيضاح المعنى.

    - ننتقل إلى بعض هدايات الآية رقم (٢٣)، من سورة التوبة:
    ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذوا آباءَكُم وَإِخوانَكُم أَولِياءَ إِنِ استَحَبُّوا الكُفرَ عَلَى الإيمانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ﴾ [التوبة: ٢٣]:

    - أولا: المعنى الإجمالي للآية، من كتاب: المختصر في التفسير - تأليف مجموعة علماء:
    "يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا ما جاء به رسوله، لا تصيِّروا آباءكم وإخوانكم في النسب وغيرهم من قرابتكم أصفياء توالونهم بإفشاء أسرار المؤمنين إليهم، والتشاور معهم؛ إن آثروا الكفر على الإيمان بالله وحده، ومن يصيِّرهم أولياء مع بقائهم على الكفر ويظهر لهم المودة فقد عصى الله، وظلم نفسه بإيرادها موارد الهلاك بسبب المعصية".

    ١- فيها: أن الإيمان يحث على العمل (فعل الأمر وترك النهي)؛ ولأن العمل يصدق الإيمان أو يكذبه.

    ٢- تفيد: أن المسلم البعيد، خير من الكافر القريب.

    ٣- فيها: البراءة من الكفار وعدم موالاتهم.

    ٤- تفيد: وجوب موالاة المؤمنين وحدهم.

    ٥- تفيد: أن موالاة الكافرين، ظلم بين؛ لقوله: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ}.

    ٦- تفيد: أن المؤمن، لا يخشى في دين الله أحدا؛ ولو كان أقرب الأقربين - لا سيما فيما يتعلق بالعقيدة.

    ٧- تفيد: عظم حق الأب والأخ - بناء على الأصل؛ لأنه خصهما بالذكر.

    ٨- فيها: أن حب الكفر، كفر بالله العظيم.

    ٩- تفيد: أن القرب الحقيقي، هو قرب الدين لا قرب النسب. وأنه لا ينفع مع الكفر قرابة ولا نسب؛ كما أنه لا يحتاج إليه مع الإيمان.

    ١٠- تفيد: أن الظلم، يكون في باب المعتقد - بل هو أشنعه وأعظمه؛ كما قال: {إن الشرك لظلم عظيم}.

    ١١- فيها: قوة العقيدة الإسلامية؛ فالبراءة من المشركين والنهي عن موالاتهم، مما يختص به الإسلام ويميزه عن غيره.

    ١٢- فيها: دقة التعبير وبلاغته؛ لأنه نهى عن ذلك في حق الآباء والإخوة، فغيرهم من باب أولى وأحرى. قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وجَعَلَ التَّحْذِيرَ مِن أُولَئِكَ بِخُصُوصِ، كَوْنِهِمْ آباءً وإخْوانًا تَنْبِيهًا عَلى أقْصى الجَدارَةِ بِالوَلايَةِ لِيُعْلَمَ بِفَحْوى الخِطابِ أنَّ مَن دُونَهم أوْلى بِحُكْمِ النَّهْيِ.

    ١٣- تفيد، وبضميمة ما بعدها: أن موالاة المؤمنين، محبة لله ولروسوله - صلى الله عليه وسلم؛ كما قال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}.

    ١٤- فيها: أن الكفار، ليسوا أهلا لولاية المؤمنين. وعليه: ففيها إشارة إلى: كرامة المؤمنين على ربهم وهوان الكافرين؛ قال الله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَوَلَّوا قَومًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِم قَد يَئِسوا مِنَ الآخِرَةِ كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِن أَصحابِ القُبورِ﴾ [الممتحنة: ١٣].

    ١٥- فيها، وبضميمة ما قبلها: أن الله أبان من يجب مولاته ومن لا؛ بينا شافيا كافيا، قد انقطعت به الحجة؛ فلذا كان من الظلم موالاة الكافرين. ولأنهم لا يستوون مع من سبق ذكرهم من أهل الإيمان والهجرة والجهاد، والمبشرين برحمة الله ورضوانه وجناته. وعليه: ففيها مناسبة لما قبلها.

    ١٦- تفيد: قاعدة "بقاء ما كان على ما كان"؛ لقوله: {ومن يتولهم منكم}، ولم يكتف بقوله: {ومن يتولهم} مع أن الخطاب للمؤمنين؛ للدلالة على أن الأصل بقاء الإيمان، وأنه لا يزول إلا بناقض. وفيه دليل على أن الكافرين بعضهم أولياء بعض، وأن ولايتهم لبعض لا ينبني عليه شيء.

    ١٧- فيها، وبضميمة ما سبق: إشارة إلى: الثبات على دين الله، والتحذير من الوقوع في الارتداد عن الدين، وأن هناك نواقض وأمور تخرج العبد من رحمة الله ورضوانه وتحرم عليه الجنة. والشواهد مستفيضة.

    ١٨- تفيد: أن للعبد كسبا وإرادة واختارا؛ لقوله: {إن استحبوا}، والسين للمبالغة والتأكيد؛ ولذا لم يقل: {إن أحبوا}. للتأكيد على حبهم وسعيهم الحثيث في الكفر وإيثاره على الإيمان. وهذا من دقة التعبير. ولأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى. ونظيرها: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}. وعليه: ففيها رد على الجبرية.

    ١٩- فيها: فائدة التذكير بالإيمان بالله واليوم الآخر، عند الأمر والنهي؛ لقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا ...}؛فناداهم بوصف الإيمان قبل الأمر (٢).

    ٢٠- فيها، وبضميمة ما بعدها: أن الموالاة هي أصل المحبة. وبيان العلاقة الوثيقة بين الولاء والمحبة والجهاد؛ لقوله بعدها: ﴿قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ﴾ [التوبة: ٢٤].
    ويتفرع عليه أمور:
    منها: عدم صرف هذه المحبة لغير الله؛ لأن أصل الحب والبغض يكون في الله.
    ومنها: موالاة المؤمنين، محبة لله تعالى.
    ومنها: حب الله للمؤمنين؛ حيث جعل محبتهم وموالاتهم من محبته - سبحانه.
    ومنها: وجوب بغض الكفار في الله. ولأنهم أعداء؛ قال الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء}.
    ومنها: موالاة الكافرين، فسق أكبر يوجب العذاب؛ لقوله بعدها: {فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ}.
    ...........................

    (١): روى مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- مرفوعا: «إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، *وبها يتراحمون*، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة».

    (٢): قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾: إشْعارٌ بِأنَّ ما سَيُلْقى إلَيْهِمْ مِنَ الوَصايا هو مِن مُقْتَضَياتِ الإيمانِ وشِعارِهِ.

    قلت (عبدالرحيم): وتصديقه: ﴿وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ [الأنفال: ٤١]، والشاهد قوله: {إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ}.
    وفي الأحاديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره."، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه". وكلها أحاديث رواها البخاري.

  8. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    *هدايات الكتاب العزيز:*

    *يكتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    *تنبيه:* الكتابة تكون في الهداية، التي هي: ثمرة فهم المعنى للآية؛ دون التفسير الذي هو: لإيضاح المعنى.

    - ننتقل إلى بعض هدايات الآية رقم (٢٥)، من سورة التوبة:
    ﴿لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّهُ في مَواطِنَ كَثيرَةٍ وَيَومَ حُنَينٍ إِذ أَعجَبَتكُم كَثرَتُكُم فَلَم تُغنِ عَنكُم شَيئًا وَضاقَت عَلَيكُمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت ثُمَّ وَلَّيتُم مُدبِرينَ﴾ [التوبة: ٢٥]:

    *- أولا: المعنى الإجمالي للآية:*

    من كتاب: المختصر في التفسير - تأليف مجموعة علماء:
    "لقد نصركم الله - أيها المؤمنون- على عدوكم من المشركين في غزوات كثيرة على قلة عددكم وضعف عدتكم حين توكلتم على الله وأخذتم بالأسباب، ولم تُعْجَبوا بكثرتكم، فلم تكن الكثرة سبب نصركم عليهم، ونصركم يوم حنين حين أعجبتكم كثرتكم، فقلتم: لن نُغْلَب اليوم من قِلَّة، فلم تنفعكم كثرتكم التي أعجبتكم شيئًا، فتغلّب عليكم عدوكم، وضاقت عليكم الأرض على سعتها، ثم وليتم عن أعدائكم فارين منهزمين".

    *- ثانيا: الهدايات المستنبطة من الآية:*

    ١- فيها: أن النصر من الله، وأنه ينصر من يشاء؛ لقوله: {لقد نصركم الله}. وكما قال: {وما النصر إلا من عند الله}، وقال: {ينصر من يشاء}.

    ٢- فيها: الجمع بين تفضله - سبحانه - بالنصر (نصركم)، وبكثرته (في مواطن كثيرة) (١)؛ ففيه: دليل على عناية الله وحبه للصحابة - رضي الله عنهم أجمعين (٢).

    ٣- تفيد: أخذ العبرة مما مضى، والاستفادة من الأخطاء؛ قال الله: {لقد كان في قصصهم عبرة}.

    ٤- تفيد: أن الشرع لا يمنع أو يثرب في كثرة العدد والعتاد، وإنما ينهى عن الإعجاب بذلك (٣).

    ٥- فيها: تسمية مكان المعركة، بال/ "موطن" (٤).

    ٦- تشير إلى: أهمية أعمال القلوب وأثرها في العمل؛ لأن العجب عمل قلبي.

    ٧- تفيد: أن من اعتمد على الله أقبل، ومن اعتمد على نفسه وأعجب بها أحجم وأدبر. وهذا عام في الحروب وغيرها.

    ٨- تفيد: أن من اغتر بالأسباب دون التوكل على ربه، خذله الله؛ لقوله: {أعجبتكم}؛ فحصلت الهزيمة في بادئ الأمر بسبب الإعجاب.

    ٩- تفيد: أن الكثرة والأسباب لا تغني عن أمر الله وما قضاه شيئا؛ لأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

    ١٠- تفيد: أن المعصية تغير الحال.
    وعليه: تفيد: أهمية الاستمرار والثبات على الاستقامة، وأن التحول عنها سبب في تغير الحال (٥).

    ١١- فيها: بيان كثرة غزوات الرسول وسرايا الصحابة وجهادهم - رضي الله عنهم أجمعين؛ لقوله: {في موطن كثيرة}.

    ١٢- فيها: مناسبة دقيقة لما قبلها؛ من وجوه:
    منها: البشارة بنصرهم إن هم أطاعوا وامتثلوا الأوامر الواردة في التي قبلها.
    ومنها: أن الولاء والبراء سبب في النصر على الأعداء.
    ومنها: التسلية لقلب المهاجر والتارك والمفارق لكل ما ذكر في التي قبلها. وتذكيره بعناية ربه به ما لم يعص.

    ١٣- فيها: تعظيم لهذا الحدث (غزوة حنين)؛ دل عليه افتتاحها بلام القسم وقد الدالة على التحقيق؛ لقوله: {لقد}؛ كأنه يقول: "والله قد". ولما في هذا الحدث من فوائد وعظات. وعليه: ينبغي تناول هذه الغزوة وما يتعلق بها، واستخراج ما فيها من فوائد إيمانية عالية.

    ١٤- تفيد: أن العجب، سبب في الهزيمة. ولأنه ليس من شأن المتواضعين لله؛ قال الله: ﴿تِلكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُها لِلَّذينَ لا يُريدونَ عُلُوًّا فِي الأَرضِ وَلا فَسادًا وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ﴾ [القصص: ٨٣].
    وهنا نكتة مهمة: إذا كان مجرد العجب، أوقع الصحابة - رضي الله عنهم - في الهزيمة وتسبب في تولية الدبر {وليتم مدبرين}، فما الظن بمن دونهم من سائر الأمة، ومن المخالفات العظام التي لم يسمع بها من قبل؟!. "فإنا لله وإنا إليه راجعون".

    ١٥- تفيد: أهمية راحة البال، وأن العامل النفسي مهم، وتأثيره على الشعور بالضيق والسعة بيّن؛ فإن من الناس من يعيش في سعة، ولكنها تضيق عليه لذعر أو غم أو حزن؛ لقوله: {وضاقت عليكم بما رحبت}، يريد: على سعتها ورحبها.
    وفي هذا إشارة إلى شؤم المخالفة وعدم الاستئناس بالله والاعتماد عليه.

    ١٦- تفيد: أن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يعجبوا قبل هذه الغزوة بكثرة عدد ولا عتاد.
    وفيه فوائد:
    - منها: أن الزلل وارد من أي أحد مهما علا قدره وارتفع شأنه ف/ "لكل جواد كبوة".
    - ومنها: أن الحكم للغالب؛ فإن منهج الرجل - مثلا - يحسب بغالب ما يصدر منه؛ أما ما يقع منه نادرا فهو على القاعدة الواردة في قوله تعالى: {فأما من ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون}.
    - ومنها: أن الله يدرك عباده المؤمنين ببركة ما كان منهم من قبل من فضائل ومحاسن وطاعات؛ وتصديقه: {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}، بدليل ما بعدها (بعد الآية التي نحن بصددها): ﴿ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَعَلَى المُؤمِنينَ وَأَنزَلَ جُنودًا لَم تَرَوها وَعَذَّبَ الَّذينَ كَفَروا وَذلِكَ جَزاءُ الكافِرينَ﴾ [التوبة: ٢٦].
    - ومنها: وجل القلب من الوقوع في الزلل؛ وهذا يحمل على الاستعانة بالله واللجوء إليه؛ وتصديقه: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، فأصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
    .......................

    (١): قال الطبري في تفسيره: يخبرهم تبارك وتعالى أن النصر بيده ومن عنده، وأنه ليس بكثرة العدد وشدة البطش, وأنه ينصر القليلَ على الكثير إذا شاء، ويخلِّي الكثيرَ والقليلَ، فَيهْزِم الكثيرُ.

    (٢): فيها: فضل الله على أصحاب رسوله - رضي الله عنهم -؛ حيث نصرهم في {مواطن كثيرة}.
    على ذكره ابن كثير في تفسيره: "يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله وأن ذلك من عنده تعالى، وبتأييده وتقديره ..."

    (٣): ولأن التكثير، مما أمر به وحث عليه؛ كما قال الله: {تعالوا قاتلوا أو ادفعوا}، أي: كثروا إن لم تقاتلوا؛ ليرهب العدو كثرتكم. ومثله: في أن كثرة العلم مطلوبة، ولكن مع عدم العجب.

    (٤): قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: والموطن: المشهد من مشاهد الحرب. قال تعالى: (لقد نَصَرَكُم الله في مَواطِنَ كثيرة) وقال طرفة: على موطن يخشى الفتى عندَه الرَدَى * متى تعترك فيه الفوارس ترعد.
    وقال ابن عاشور: ومَواطِنَ: جَمْعُ مَوْطِن، والمَوْطِنُ أصْلُهُ مَكانُ التَّوَطُّنِ، أيِ الإقامَةِ. ويُطْلَقُ عَلى مَقامِ الحَرْبِ ومَوْقِفِها، أيْ نَصْرِكم في مَواقِعِ حُرُوبٍ كَثِيرَةٍ.

    (٥): وتصديقه: {وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا}؛ لقوله {لقد نصركم الله في موطن كثيرة} لما استقمتم على التوكل وسلامة القلب من العجب. {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} فتحولتم بهذا العجب عن الاستقامة المنشودة، حصل ما حصل لكم حتى {وليتم} وليس هذا فحسب بل وليتم {مدبرين}، يريد: هربتم.

  9. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    هدايات الكتاب العزيز:


    يكتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: +966509006424


    تنبيه: الكتابة تكون في الهداية، التي هي: ثمرة فهم المعنى للآية؛ دون التفسير الذي هو: لإيضاح المعنى.


    - ننتقل إلى بعض هدايات الآية رقم (٣٠)، من سورة التوبة:
    ﴿وَقالَتِ اليَهودُ عُزَيرٌ ابنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارَى المَسيحُ ابنُ اللَّهِ ذلِكَ قَولُهُم بِأَفواهِهِم يُضاهِئونَ قَولَ الَّذينَ كَفَروا مِن قَبلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنّى يُؤفَكونَ﴾ [التوبة: ٣٠]


    أولا: المعنى الإجمالي للآية:
    من كتاب: المختصر في التفسير - تأليف مجموعة علماء:
    "إن كلًّا من اليهود والنصارى مشركون، فاليهود أشركوا بالله لما ادعوا أن عُزيرًا ابنُ الله، والنصارى أشركوا به لما ادعوا أن المسيح عيسى ابنُ الله، ذلك القول الذي افتروه قالوه بأفواههم دون إقامة برهان عليه، وهم يشابهون في هذا القول قول المشركين من قبلهم الذين قالوا: إن الملائكة بناتُ الله، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، أهلكهم الله، كيف يُصْرَفون عن الحق البيِّن إلى الباطل؟!"


    ثانيا: الهدايات المستنبطة من الآية:


    ١- تفيد: أن اليهود والنصارى، ملعونون؛ لقوله: {قاتلهم الله}، أي: لعنهم الله. ومنه قوله تعالى: {قُتل الخراصون}، أي: لعن الكذابون.


    ٢- تفيد: وجوب بغض اليهود والنصارى، والبراءة منهم.


    ٣- فيها: أن اليهود والنصارى، كفار مشركون.


    ٤- تفيد: أن من شك في كفر اليهود والنصارى، فهو كافر.


    ٥- فيها الدعاء على اليهود والنصارى؛ لقوله: {قاتلهم الله}؛ وقد ور كثيرا الدعاء عليهم.


    ٦- فيها: أن الكفر يكون باللسان؛ لقوله: {وقالت اليهود}، وقوله: {يضاهئون قول الذين كفروا}.


    ٧- تفيد: أن اليهود والنصارى، بعضهم أولياء بعض؛ لأنهم اجتمعوا على الشرك والكفر وادعاء الولد لله - سبحانه.


    ٨- تفيد: أن الكفر ونسبة الولد إلى الله، قديم؛ لقوله: {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل}.


    ٩- فيها: أن عزيرا وعيسى عباد لله؛ قال الله: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله}.

    ١٠- تفيد: أن نسبة الولد إلى الله، أشنع الكذب والباطل والكفر؛ لقوله: {قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنّى يُؤفَكونَ}.


    ١١- تفيد: أن الله منزه عن الولد، وأنه - سبحانه - واحد أحد لم يلد؛ قال الله: ﴿قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ۝اللَّهُ الصَّمَدُ۝لَم يَلِد وَلَم يولَد۝وَلَم يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١-٤].


    تفيد: أن الله منزه عن الصاحبة (الزوجة)؛ لأن الولد ينتج عن الصاحبة - تعالى الله؛ ولذا قال تعالى: ﴿وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحمنُ وَلَدًا۝لَقَد جِئتُم شَيئًا إِدًّا﴾ [مريم: ٨٨-٨٩]، أي: عظيما منكرا؛ لأنكم تعلمون كيف يحصل الولد!.


    ١٢- تفيد: أن كلما ازداد المرء علما، واستكبر عن الانقياد للحق، كلما شدد عليه في العقوبة؛ لقوله: {قاتلهم الله أنى يؤفكون}، أي: من أين ينصرفون عن الحق، وهو ظاهر لهم؟، يريد: ليس لهم عذر فيما قالوه.
    قال البقاعي في النظم: ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ: مِن قَبْلِ أنْ يَحْدُثَ مِنهم هَذا القَوْلُ، وهَذا دَلِيلٌ عَلى أنَّ العَرَبَ غَيَّرُوا دِينَ إسْماعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ..."


    ١٣- تشير إلى: ثمرة من ثمرات الجزية؛ فإنهم إن أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فكروا في الدخول إلى الإسلام؛ أكرم لهم من هذه الذلة. ولذا شدد واشترط في أن يعطوها {عن يد وهم صاغرون}؛ وليس مجرد إعطاء وتسليم، وليس فيها توكيل. وهذا من محاسن الإسلام.


    ١٤- تفيد: أن الجزية لا تضرب على النساء والعبيد والصبيان ويقاس عليهم المجانين؛ لقوله: {عن يد وهم صاغرون}. وهذا لا يندرج على هؤلاء.
    ولقوله: {قاتلوا}، والأصل عدم مقاتلة هؤلاء المذكورين. وفي الحديث المتفق عليه: "فأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل النساء والصبيان".
    وفي لفظ لمسلم: "فنهى عن قتل النساء والصبيان". وهذا من محاسن الإسلام.
    قال البغوي في تفسيره: وفيه دليل على أنها لا تجب على الصبيان وكذلك لا تجب على النسوان. انتهى

  10. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    هدايات الكتاب العزيز:


    يكتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: +966509006424


    تنبيه: الكتابة تكون في الهداية، التي هي: ثمرة فهم المعنى للآية؛ دون التفسير الذي هو: لإيضاح المعنى.


    - ننتقل إلى بعض هدايات الآية رقم (٣١)، من سورة التوبة:


    ﴿اتَّخَذوا أَحبارَهُم وَرُهبانَهُم أَربابًا مِن دونِ اللَّهِ وَالمَسيحَ ابنَ مَريَمَ وَما أُمِروا إِلّا لِيَعبُدوا إِلهًا واحِدًا لا إِلهَ إِلّا هُوَ سُبحانَهُ عَمّا يُشرِكونَ﴾ [التوبة: ٣١]:


    أولا: المعنى الإجمالي للآية:
    من كتاب: المختصر في التفسير - تأليف مجموعة علماء:


    "جعل اليهود علماءهم، والنصارى عُبَّادهم؛ أربابًا من دون الله، يحلون لهم ما حرمه الله عليهم، ويحرمون عليهم ما أحله الله لهم، وجعل النصارى المسيح عيسى بن مريم إلهًا مع الله، وما أمر الله علماء اليهود وعُبَّاد النصارى وما أمر عزيرًا وعيسى بن مريم إلا أن يعبدوه وحده، ولا يشركوا به شيئًا، فهو سبحانه إله واحد، لا معبود بحق سواه، تنزه سبحانه، وتقدس أن يكون له شريك كما يقول هؤلاء المشركون وغيرهم"


    ثانيا: الهدايات المستنبطة من الآية:


    ١- فيها: كفر الأحبار والرهبان؛ لأنهم شرعوا من دون الله.


    ٢- فيها: كفر اليهود والنصارى الذين اتخذوهم أربابا من دون الله.


    ٣- فيها: أن النصارى اتخذوا المسيح ربا من دون الله.


    ٤- تفيد: أن اليهود والنصارى، أشركوا في الربوبية والألوهية.


    ٥- فيها: أن التحريم والتحليل من خصائص الرب - جل وعلا.

    ٦- تفيد: كفر المُشَرّع من دون الله.


    ٧- تفيد: أن الشرك يكون في الربوبية، كما يكون في الألوهية.


    ٨- تفيد: أن من أطاع أحدا في تحليل الحرام أو تحريم الحلال، فقد اتخذه ربا من دون الله.


    ٩- تفيد، وبضميمة ما قبلها: أن المعصية تجر أختها؛ لأنهم لما كفروا بالله وقالوا إن عزيرا والمسيح أبناءً لله - في الآية التي قبلها -، أدى بهم الحال إلى أن {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}.


    ١٠- تفيد: أن الله لم يأمر إلا بعبادته وحده؛ لقوله: {وَما أُمِروا إِلّا لِيَعبُدوا إِلهًا واحِدًا}. وكما قال: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.


    ١١- تشير إلى: عدم الهوادة في قتال هؤلاء المذكرين. ففيها: مناسبة وتصديق لقوله: ﴿قاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَلا بِاليَومِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسولُهُ وَلا يَدينونَ دينَ الحَقِّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صاغِرونَ﴾ [التوبة: ٢٩].


    ١٢- تفيد: أن الحكم للغالب؛ لأن الآية تحدثت عن الأحبار والرهبان، باعتبار الغالب؛ وتصديقه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّ كَثيرًا مِنَ الأَحبارِ وَالرُّهبانِ لَيَأكُلونَ أَموالَ النّاسِ بِالباطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللَّهِ فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ﴾ [التوبة: ٣٤].


    ١٣- تشير إلى: خطر علماء السوء، لقوله: {اتخذوا أحبارهم}، أي: علماءهم.


    ١٤- تشير إلى: ضرر وحطر الرؤساء الجهال، أي: العُبَّاد الجُهَّال؛ لقوله: {ورهبانهم}، أي: وعبادهم. وتصديقه الحديث المتفق عليه: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا، ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"


    ١٤- يفهم منها: فضل العلماء الربانيين؛ الذين يعلمون الناس التوحيد والخير والهدى.


    ١٥- تشير إلى: أن وظيفة العلماء، تعبيد الناس لله رب العالمين؛ لا تعبيد الناس لهم أو لغيرهم؛ قال الله: ﴿ما كانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤتِيَهُ اللَّهُ الكِتابَ وَالحُكمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقولَ لِلنّاسِ كونوا عِبادًا لي مِن دونِ اللَّهِ وَلكِن كونوا رَبّانِيّينَ بِما كُنتُم تُعَلِّمونَ الكِتابَ وَبِما كُنتُم تَدرُسونَ﴾ [آل عمران: ٧٩].


    ١٦- تشير إلى: الجمع بين العلم والعمل معا؛ لقوله: {أحبارهم ورهبانهم}، أي: العلماء والعباد؛ فيعاب على العالم الذي لم يعمل بعلمه، وعلى الجاهل الذي يعمل بلا علم؛ ولذا قيل: "من علم ولم يعمل فقد شابه اليهود، ومن عمل من غير علم فقد شابه النصارى".


    ١٧- يفهم منها: أن صاحب الهوى، يتمسك بالآراء الضالة ويدافع عن قائلها ويتعصب له؛ لقوله: {اتخذوا}، ولم يقل "اتبعوا" - مثلا -؛ فليس مجرد اتباع وقفو.


    ١٨- تفيد: أن من أطاع أحدا في التحريم والتحليل من دون الله، فهو ملعون؛ لقوله قبلها: {قاتلهم الله أنى يؤفكون}، ثم قال بعدها: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}. وقاتلهم: لعنهم. ومنه قوله تعالى: {قتل الخراصون}، أي: لعن الكذابون.

  11. افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    *هدايات الكتاب العزيز:*

    *يكتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    ننتقل إلى الآية رقم: (٣٢)، من سورة "التوبة":

    ﴿يُريدونَ أَن يُطفِئوا نورَ اللَّهِ بِأَفواهِهِم وَيَأبَى اللَّهُ إِلّا أَن يُتِمَّ نورَهُ وَلَو كَرِهَ الكافِرونَ﴾ [التوبة: ٣٢]:

    أولا: المعنى الإجمالي للآية، من كتاب: التفسير الميسر:

    "يريد الكفار بتكذيبهم أن يبطلوا دين الإسلام، ويبطلوا حجج الله وبراهينه على توحيده الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ويأبى الله إلا أن يتمَّ دينه ويظهره، ويعلي كلمته، ولو كره ذلك الجاحدون".

    ثانيا: بعض الهدايات المستنبطة من الآية:

    ١- تفيد، وبضميمة ما قبلها: أن من صور السعي لاطفاء نور الله، تحليل ما حرم وتحريم ما أحل؛ من ذلك: منع التعدد وتجريم من يفعله.
    وعليه: تفيد: أن اليهود والنصارى رأس في ذلك، وأن من فعل ذلك فهو لهم تبع.

    ٢- فيها: وصف الدين وما شرعه الله، ب/ "النور"؛ فمن بلغه الإسلام وتجرد وسلم قلبه من الكبر، آمن لما فيه من النور البين الساطع؛ فإذا صادف قلبا حيا أناره؛ وإلا كان كما قال الله: {إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
    وعليه: فهو حجة على من بلغه لقوة هذا النور وظهوره وعدم خفائه.

    ٣- تفيد، وبضميمة ما قبلها: أن تبيين الله للحلال والحرام الحق، نور للناس يمشون به في دنياهم؛ فمن لم يتقيد به عاش في الظلمات. وقول الله: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}.

    ٤- تفيد: أن الله غالب على أمره؛ فمهما بلغ طغيانهم ومحاربتهم لدينه، فهم في قبضته وسلطانه؛ قال الله: {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

    ٥- تفيد: أن للعبد إرادة واختيارا؛ فإن شاء آمن وأحب ما جاء به الله، وإن شاء كفر وكره ما أنزل الله؛ لقوله: {ولو كره الكافرون}. وعليه: ففيها رد على الجبرية. وقول الله: ﴿وَأَمّا ثَمودُ فَهَدَيناهُم فَاستَحَبُّوا العَمى عَلَى الهُدى فَأَخَذَتهُم صاعِقَةُ العَذابِ الهونِ بِما كانوا يَكسِبونَ﴾ [فصلت: ١٧].

    ٦- يفهم منها: خطورة الإعلام في الترويج إلى تحليل ما حرم الله ورسوله؛ لأنه خص "الفاه" بالذكر دون غيره (بأفواههم)؛ لما له من عظيم الأثر. وفيه: فوائد: أن الإنسان يتأثر بما يسمع، فلا يصغي لهؤلاء حتى لا يفتن بهم. ومنها: إتخاذ هذه الوسائل لتبيين الحرام والحلال للناس على مراد الله.

    ٧- فيها: تهوين وتحقير لأمر هؤلاء وبيان عجزهم؛ فهم مع هذا الاستمرار والإصرار ومكر الليل والنهار (١)، ما استطاعوا ولن يستطيعوا إطفاء هذا النور.

    ٨- فيها: حث للمؤمنين على قتال هؤلاء المشار إليهم؛ فبعدما ذكر للمؤمنين شركهم واتخاذهم الأرباب من دون الله، ذكر أنهم لم يقتصروا على الكفر فحسب، بل نبه أنهم يدعون إليه ويريدون إطفاء نوره - سبحانه. وعليه: ففيها: مناسبة لما قبلها.

    ٩- تفيد: أن الله قد تولى حفظ دينه ونصرته؛ لقوله: {متم نوره}، فأضافه إلى نفسه - سبحانه.
    وفيه: فوائد:
    منها: أن الله غنى عن غيره؛ فمع أنه يأمر بقتالهم في قوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم} إلى قوله: من الذين أتوا الكتاب}، إلا أنه مستغني عن غيره ولا يحتاج لأحد لينصر دينه؛ ولكن كما قال: {وَلَو يَشاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنهُم وَلكِن لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ}.
    ومنها: حث للمؤمن على نصرة دين الله؛ فإن الله سينصر دينه بك أو بغيرك.

    ١٠- فيها: أن من أحل الحرام وحرم الحلال، فهو كافر محارب لله؛ لقوله: {ولو كره الكافرون}. وعليه: ففيها: مناسبة لما سبقها.

    ١١- فيها: إرغام للكافرين؛ لقوله: {ولو كره الكافرون}.
    ................

    (١): قال الله: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، وقوله: {بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا}.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: "هدايات الكتاب العزيز"

    جزاكم الله خيرا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •