التدمير التليفزيوني ما زال مستمرا


أمال رتيب


ما زال ناقوس الخطر يدق، فهل من مجيب؟ هذه قراءة في أحدث إنذار، وقد أعذر من أنذر، كما تقول العرب .
رصد الدكتور "رضا النجار" ـ مدير المركز الأفريقي لتدريب الصحافيين بتونس ـ أن الأقطار العربية تستورد 43% من البرامج التي تبثها، 70% منها مستوردة من الأقطار الغربية، و40% منها برامج تمثيلية، و25% أفلام سينمائية، و14% برامج للأطفال.
وتؤكد دراسة لليونسكو أن معظم البرامج السمعية والبصرية التي تستهلك في العالم مصدرها الولايات الأمريكية، تستهدف نشر مظاهر الحياة الأمريكية بمختلف أشكالها المادية والمعنوية.
وغني عن البيان الآثار المدمرة لهذه البرامج والأفلام والمسلسلات، يقول" "ستيفن بانا" ـ عالم النفس والطبي بجامعة كولومبيا ـ: "إذا كان السجن هو جامعة الجريمة فإن التلفاز هو المدرسة الإعدادية لانحراف الأحداث". ويقول البروفسور "هربرت زيلج" ـ أستاذ علم النفس في جامعة بامرج ـ: "هناك خطر لتلويث البيئة نفسياً؛ لأننا مازلنا ندع أنفسنا وأطفالنا فريسة لفئة من الاستغلاليين تلحق بنا أضراراً نفسية بالغة بما تنتجه من أفلام العنف والإثارة".
ويدلل العلماء على آرائهم بأمثلة، منها:أنه في مدينة "بوسطن" الأمريكية رسب ولد عمره 9 سنوات في معظم المواد الدراسية، وعندما استوضح والده عن ذلك قال: إنه أخذ الفكرة من برنامج تلفزيوني.
وطفل فرنسي عمره خمس سنوات أطلق الرصاص على جار له عمره سبع سنوات، وأصابه إصابة خطيرة، بعد أن رفض الأخير أن يعطيه قطعة من اللبان! وقد ذكر للشرطة أنه تعلم كيف يستعمل بندقية والده عن طريق مشاهدة الأفلام في التلفاز.
أجريت دراسة على عينة تعدادها 381 من الشباب اللبناني من طلاب وطالبات الثانوية، والمتوسطة، والتكميلية، والجامعة، لمعرفة سلبيات مشاهد التلفاز عليهم، فكانت من أهم النتائج ما يلي:
· 72/% منهم، أكدوا أن التلفاز يضر أكثر مما ينفع.
· 64% منهم، قالوا: إنه يؤدي إلى ضعف البصر.
· 64% منهم، قالوا: إنه يشغل عن القراءة.
· 63% من العينة قالوا: إن التلفاز يشغل التلاميذ عن الاستذكار.
· 47% منهم، قالوا: إن مشاهدة التلفاز تؤدي إلى شيوع النصب.
· 46% منهم، قالوا: إنه يؤدي إلى السلبية.
كما أجريت دراسة في الكويت بعنوان: "الشباب وبرامج التلفزيون" تبين من نتائجها أن التلفاز يسبب مشكلات في محيط الأسرة، منها حسبما أقرها أفراد العينة:
· إصرار الأبناء على السهر، وما في ذلك من آثار صحية، ومتاعب أسرية واضحة.
· الانصرف عن الصلاة والمذاكرة.
· تقليد الأطفال للعنف والعدوانية.
· نشوب الخلافات بين أفراد العائلة بسبب النزاع على القنوات والبرامج المفضلة.
ومن ناحية أخرى أصدرت جامعة الإمارات العربية بحثا عن "دور التلفزيون في تعزيز المفاهيم الإسلامية" تناول عدداً من البرامج الموجهة للأطفال باللغة العربية – إما عربية أو مدبلجة - تحوي قصصاً تاريخية أو خيالية، أو قصص المغامرات. وأكدت نتائجه أن هذه البرامج لا تخدم الطفل من الناحية التربوية الإسلامية، بل تحمل في ثناياها الهدم الحقيقي للقيم الإسلامية. وأوصى البحث بوقف استيراد برامج الأطفال الأجنبية، وإنتاج برامج إسلامية عربية، يشارك في تخطيطها وتنفيذها المختصون في اللغة العربية، وعلم النفس، والإعلام.
تذكر "طيبة اليحيى" مؤلفة كتاب "بصمات على ولدي" عدداً من الآثار السلبية للتلفاز على الأسرة، وعلى أنماط الحياة، حيث أصبح الناس يسهرون لمشاهدة التلفاز، وينظمون وجباتهم الغذائية معه، ويتجمعون حوله في صمت، وبلا أي تفاعل، بل مجرد أجساد متقاربة فقط.
وذهبت تلك الساعات التي كانت تقضيها الأسرة في تبادل الأفكار، والخبرات، والآراء. كما عطل التلفاز لدى الناس الكثير من الهوايات المثمرة، كالقراءة، والكتابة، والرياضة وغيرها.
أما الأطفال، فقد حد من نشاطهم الحركي، وقلل من ساعات اللعب التي كانوا يقضونها، وزعزع ثقتهم في الآباء والمربين من خلال ما يشاهدونه من الكذب، والخداع الصادر من الكبار في المواقف التمثيلية، ونمّى فيهم روح المشاغبة.
ومن آثار التلفاز على القيم الإسلامية، كما تقول طيبة اليحيى: نزع الحياء من البيوت بما يصدره من أفلام عن الحياة الزوجية، وتشويه البناء الإسلامي للأسرة، حيث إنه يصور الطلاق بأنه كلمة لا مسؤولة تقذف جزافاً، ويروّج ـ مباشرة أو ضمناً- ضد كثرة النسل، ويعمد إلى تشويه التاريخ الإسلامي بالكثير من التزوير والمغالطة.
§ علمي طفلك تقدير قيمة الوقت، فلا يتاح لهم قتل الساعات الطوال أمام الشاشة، واحرصي أن تكوني لهم قدوة في ذلك.
§ عوّدي أطفالك منذ الصغر النوم المبكر، وهذا يستدعي إغلاق التلفاز في ساعة معينة، مهما كانت البرامج التي تقدم فيه، ويفضل عدم وضع التلفاز في غرفة النوم حتى يمكن التحكم في وقت المشاهدة.
§ علمي أطفالك منذ صغرهم الحلال، والحرام، والخير، والشر؛ حتى يستطيعوا أن يميزوا ما يعرض عليهم، ويزنوه بميزان شرع الله.
§ لا تتركي أبناءك وحدهم أمام التلفاز.
§ وفري لأبنائك بدائل لمشاهدة التلفاز، كالقراءة المفيدة، وتوفير القصص والكتب الجيدة، وممارسة الرياضة، وغيرها من الأنشطة الأخرى.
§ اصطحبي أطفالك بين حين وآخر في زيارات للتعرف على أحوال المحتاجين، ومساعدتهم في قضاء حاجاتهم؛ لأن هذا ينمي لديهم حب الخير، والرحمة، والعطف،والمبادر ات، الإيجابية.

§ ربي أطفالك على أن يختموا يومهم بكلام طيب، كأن تعرضي على مسامعهم شريطاً يحوي القرآن المرتل، وذكريهم بأدعية النوم والاستيقاظ.