الطلاق ليس طريقاً للسعادة


سحر الأمير


ما إن يواجه الزوجان بعض المشكلات اليسيرة حتى يظن أحدهما أو كلاهما أنَّه أصبح زوجاً تعيساً، وأنَّ عليه أن يبحث عن السعادة مع شريك آخر!! لهؤلاء الأزواج تقول الدراسات والأبحاث: تريثوا فالسعادة التي تبحثون عنها ما زالت بين أيديكم، لكن من يسمع ومن يتعظ ؟!
ففي المجتمع الخليجي مثلاً تشير الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة الطلاق إلى 30% بالسعودية، وفي الكويت تصل هذه النسبة إلى 29%، وفي البحرين 34%، وفي قطر 38%، وفي الإمارات 37% !!
أمَّا في الغرب فترتفع معدلات الطلاق عاماً بعد عام، ففي فرنسا بلغت نسبة الطلاق 32%، وفي انجلترا زادت هذه النسبة إلى 42%، أمَّا في أمريكا فقد وصلت إلى 55% !!
من ناحية أخرى تتزايد معدلات الطلاق في اليابان منذ عام 1991م حسب إحصاءات وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية التي ذكرت أنَّ أغلبية حالات الطلاق في اليابان تتم بموافقة الزوجين اللذين يقدمان الأوراق اللازمة إلى المكاتب الحكومية المحلية لتسجيل الانفصال، ونادراً ما ترفع قضايا الطلاق إلى المحاكم.
هذا التزايد المضطرد لمعدلات الطلاق في مجتمعات العالم كافة؛ دفع علماء الاجتماع إلى البحث عن السر الكامن وراء ذلك، فاكتشفوا أنَّ البحث عن السعادة، وعدم الصبر على الأذى هو السبب، فراحوا يبحثون ليعرفوا ما إذا كان الزواج الثاني ـ بعد الطلاق ـ يحقق هذه السعادة ؟! وكانت نتائج أبحاثهم تمثل صدمة للأزواج المتسرعين في الطلاق والباحثين عن السعادة في الزواج الثاني.. فقد اتجه باحثون من جامعة شيكاغو نحو إبداء النصح للأزواج الذين لا يشعرون بالسعادة بالتمسك برباط الزوجية وعدم اللجوء إلى الطلاق.
وقال الباحثون: إنَّ الأزواج الذين يتمسكون برباط الزوجية رغم عدم إحساسهم بالسعادة ينتهي بهم الحال بعد خمس سنوات على الأكثر إلى تحقيق النجاح والسعادة في حياتهم الزوجية والأسرية.
وكشفت مقابلات أجريت مرتين مع (5253) من المتزوجين، الأولى بعد الزواج مباشرة والثانية بعد مرور خمس سنوات على الزواج، أنَّ هؤلاء الذين عثروا على السعادة اكتشفوا أنَّ مصادر المشاكل الزوجية مثل المال والاكتئاب وغيرها تخفَّ حدتها بمرور الوقت.
وذكر آخرون أنَّهم شعروا بتحسن بعد الحصول على المساعدة لفترة طويلة أحياناً من الأقارب أو من أصحاب المشورة، وعثر آخرون بأنفسهم على طريق السعادة رغم زيجاتهم العادية.
وقالت "ليندا وايت" أستاذة علم الاجتماع بجامعة شيكاغو، التي أعدت التقرير الذي قدم في مؤتمر بواشنطن: إنَّ نتائج هذه الدراسة توضح أنَّ الحديث عن فوائد الطلاق مبالغ فيه.
وفي هولندا أكد بحث أجراه مكتب الإحصاء أنَّ الزواج الثاني للمطلقين في هولندا أقلّ نجاحاً وسعادة بالنسبة لهم عن الزواج الأول، فالزواج الثاني لا يقدم لهم حلاً سعيداً للحياة، بل يسير إلى الفشل بصورة مضاعفة عن الزواج الأول ، وقد ينتهي أيضاً بالطلاق نتيجة لحدوث مقارنات زوجية بين الحياة في الزواج الأول والثاني، ولرغبة كل طرف لعب دور المدافع عن نفسه ليجنبها الوقوع في الضغوط التي تعرض لها في زواجه الأول، لتحقيق مكاسب نفسية وحياتية على حساب شريكه وكأنَّه نوع من الانتقام الخفي لفشل الزواج الأول، ومحاولة تعويض للمكاسب التي لم يحققها فيها.
وفي السنوات الأولى للزواج الثاني تسير الحياة بين الزوجين بصورة صعبة وكأنَّ لكل منهما "تروس حديدية" يحاول توليفها مع تروس الآخر عسى تحدث الديناميكية فتسير عجلة الحياة. وفي السنوات الخمس الأولى تحف المشكلات بالزواج الثاني بنسبة ثلاثة أضعاف ما يحدث في الزواج الأول. ومع استمرار الحياة الزوجية الثانية تتضح الفجوة والشق الخلافي الكبير بين الزوجين.

وأكد البحث أنَّ قرار الطلاق لا يعني بالضرورة التخلص من حياة تعيسة للحصول على حياة أكثر سعادة، فالتعاسة تمثل نصيباً كبيراً في الحياة الزوجية الثانية، وقد يكون من الأوفق السعي لحل عطب الزواج الأول بدلاً من معايشة الفشل مرتين.