تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: المرجئة المعاصرون وأشباههم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي المرجئة المعاصرون وأشباههم

    المرجئة المعاصرون وأشباههم
    ثَمَّ اختلافٌ كبير بين مقالات المرجئة القدامى للتعبير عن فكرة الإرجاء وبين مقالات مرجئة العصر الذين استحدثوا طرقاً جديدة في إثبات مقولاتهم والمجادلة عنها، وهذا الفرق يتجلى بمعرفة مدى درجة التصريح والوضوح بين المقالتين، فمقولات المرجئة المتقدمين على اختلاف أنواعهم تتسم بوضوح الفكرة وبعدها عن الالتواء، بل ومباينة هذه الأفكار لمعتقد السلف السليم الذي أجمعوا عليه وأصلوا له الأدلة والبراهين وجادلوا عنه بالحق؛ ليبطلوا باطل الإرجاء ومعتقد أهله، حتى أن أحدا من هؤلاء المرجئة القدامى لم يكن ليخلط مقولاته بمقولات السلف أو يَلْتبس عليه ذلك أو يُلبِّس ذلك على أتباعه!!، لم يكن هذا ليحدث قط بل كان الأمر يعرض بوضوح وجلاء، وأمانة علمية في النقل، كما كان يسرد الإمام أبو الحسن الأشعري1 وغيره آراء السلف بوضوح ثم ينشأ يذكر رأيه ومذهبه حتى وإن ناقض قول السلف في العديد من القضايا، ويترك الفرصة بعد ذلك للمدقق لينظر في الأدلة ويناقش المسائل المتصلة بعضها ببعض في نظام واحد، حتى يترجح له في النهاية بكل وضوحٍ فضل السلف وعمق علمهم واستدلالهم.

    أما مرجئة العصر فوضعهم مختلف تماماً، فلئن كان ديدن أهل البدع والأهواء في كل وقت هو التلبيس والتناقض، فلقد كان لمرجئة هذا الزمان من هذا التلبيس النصيب الأكبر والحظ الأوفر، حيث غلب على كلامهم الالتواء وعلى معتقدهم الخلط والإيهام، والبحث هنا وهناك عن دليل أو شبهة دليل ليؤيد مسألة من مسائلهم، حتى إذا جمعت هذه الأدلة على هذه المسائل لم تجدها تنتظم في نظام واحد، فالنظام الواحد تكون فيه الفروع مبنية على الأصول والجزئيات مندرجة من الكليات، فلا تنافر ولا تناقض، أما عند هؤلاء فإنها مسائل شتى وفق أصول مختلفة من هنا ومن هناك.

    وذلك يرجع لأنهم وافقوا في الظاهر كلام السلف ولكنهم صرفوا كلامهم أي كلام السلف- عن مرادهم، وأولوه على معنى يوافق مرادهم هم أي مراد المرجئة- من عدم إدخال العمل في الإيمان وعدم التكفير بالأعمال الظاهرة المكفرة وإنما مرد الأمر للتكذيب والجحود فقط، ولذا فإنك ترى أحدهم يقول بكلام أئمة أهل السنة ويوقر مقولاتهم مما يوهم بموافقته لهم وعدم الاختلاف معهم، ثم يعقب على كلامهم بتوضيح معانيه وفك رموزه بكلامه هو ويأتي بمعنى من عنده لا يوافق كلام السلف ولا أرادوه، ويزعم بعد ذلك أن هذا هو مذهب أهل السنة وطريقة أهل الحديث والأثر، ويرمي في الوقت نفسه من يُجري كلام السلف على ظاهره الذي أرادوه منه، ويرميهم بالغلو والتكفير ، وكثيرا ما تجد بعض شيوخهم يقوم بتدريس آحاد كتب المتقدمين من السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ثم يؤصل لمذهبه هو غير متقيد بالمتن الذي يقوم بشرحه ولا بصاحب المتن أو مراده فتجد المتن هو متن أحد علماء السلف الصالح والشرح شيء آخر بين تخصيص وتقييد، وتأويل وإيهام عن قصد أو عن غير قصد، وأحيانا يلتبس ذلك على المستمع فيظن أن هذا هو مذهب المصنِّف الأصلي ولا يدري أنه من كلام الشارح الملبِّس.

    ومما ساعد في رواج هذه التناقضات والتأويلات لدي العامة والأتباع في الآونة الأخيرة وأدى إلى استفحال أمرهم وانتشار أفكارهم في بقاع شتى، عواملُ التأييد الغربي الصليبي وأذنابهم من أنظمة الاستبداد هنا وهناك ممن دعموا وأيدوا نشوء هذه التيارات الفكرية وإزكاء خرافاتها، بغرض تمييع قضايا الدين وتذويب وصهر المؤمنين في بوتقة روح الأفكار الغربية، ففكر الإرجاء هو أكبر معين على غزو الأمة في سويداء عقيدتها، حيث يتركها كالثوب المهلهل لا يستر عورة فضلا عن أن يكون درعا واقيا لها من سهام أعدائها.[
    محمود محمد الزاهد]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    • حقيقة مذهب الإرجاء العصري والفرق بينه وبين مذهب أهل السنة والجماعة

    بالرغم من إظهار المرجئة المعاصرين لقول أهل السنة على مستوى التعريف النظري إلا أنهم لم يصلوا في أفضل حالهم لحال بعض مرجئة الفقهاء القدامى الذين اقتربوا من كلام أهل السنة، فجعلوا الأعمال لازماً من لوازمه، ، ومع كل هذا أنكر عليهم السلف على مستوى النظر والفهم وسموهم بالمرجئة لإخراجهم العمل عن مسمى الإيمان وإن كان الخلاف عندئذ يكون لفظياً، أما مرجئة الزمان فقد كانوا أكثر شططاً من ذلك حتى بلغ الكلام ببعضهم مبلغ الغلاة في الإرجاء، وذلك حين أخرجوا العمل من مسمى الإيمان وافترضوا أن الرجل يكون مسلما وإن لم يأت بأي عمل من أعمال الدين.
    فلم يجرؤ مرجئة العصر بإظهار مخالفة ما استقر عليهم أمر الناس من رجحان طريقة السلف وصحة مذهبهم الذي أجمعوا عليه وبطلان مذاهب مخالفيهم، لذا اعتمدوا هذه الطريقة فأظهروا قولهم في الإيمان وقالوا وأقروا بما أجمع عليه أهل السنة من أن الإيمان "قول وعمل يزيد وينقص"
    ثم عمدوا إلى هذه الأقوال فأظهروا لها معنى مخالف لظاهر كلام السلف مغاير لما قصدوه وموافق لمذهب الإرجاء

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة مركب من ثلاثة أركان وهي الاعتقاد والقول والعمل وأن الأعمال من الإيمان وركن فيه ، وهذا مما خالف فيه المرجئة أهل السنة . وكذلك الكفر عند أهل السنة يكون بالاعتقاد وبالقول وبالعمل وبالشك وبالترك ، وهذا أيضًا مما خالفت فيه المرجئة أهل السنة ؛ فخالفوهم في الإيمان والكفر ، فحقيقة الإيمان عند المرجئة هو التصديق بالقلب وزادت بعض فرق المرجئة الإقرار باللسان كشرط لاجراء أحكام الدنيا ، وليس الإقرار داخلاً في حقيقة الإيمان عند جمهور المرجئة ومن المعلوم أن المرجئة أقسام عدة وأنواع مختلفة وطوائف شتى ، وكل طائفة لها قول مختلف عن الأخرى ، وإن كانوا جميعًا يجمعهم خروج العمل من مسمى الإيمان ، ، فالمرجئة فرق شتى ذكر الأشعري في المقالات والملطي في الرد والتنبيه إنهم اثنتا عشرة فرقة ، منهم مرجئة خالصة ومنهم من يجمع مع الإرجاء بدع أخرى ويجمعهم إخراجهم العمل من مسمى الإيمان ، وتختلف فرق المرجئة في تعريفها للإيمان وحاصل أقوالها يرجع إلى ثلاثة أقوال : الأول: أن الإيمان مجرد المعرفة ، وبعضهم يقول المعرفة والتصديق مع دخول عمل القلب ، ومنهم من لا يدخله كجهم بن صف الثاني: أن الإيمان مجرد قول اللسان فقط وهو ما انفردت به الكرامية دون سائر الفرق وهو الإقرار والتصديق باللسان. الثالث: أن الإيمان هو تصديق القلب وقول اللسان وهو ما يسمى بإرجاء الفقهاء ، وهؤلاء جميعًا اتفقوا على خروج أعمال الجوارح من مسمى الإيمان مع تفاوت بينهم في التصديق والمعرفة والإقرار وقد انقسمت المرجئة إلى طوائف في شأن من قال أو فعل ما ورد النص بكفر فاعله: منهم من قال: كل من نص الشارع على كفره فهو كافر ظاهرًا وباطنًا ، ليس بالعمل المكفر ولكن لأن العمل المكفر أمارة على أنه مكذِّب بقلبه ، وهذا هو قول الأشاعرة والأحناف والفقهاء. ومنهم من قال: كل من نص الشارع على كفره وهو كافر في الظاهر ويجوز أن يكون مؤمنًا في الباطن ، وهذا قول الجهمية ومنهم من قال: أن من نص الشارع على كفره لا يحكم عليه بالكفر إلا أن يصرح بالجحد وهو الإنكار الظاهر باللسان أو الاستحلال القلبي ، ـ وهو قول مرجئة العصر ,فهم جهمية فى باب الكفر يقيدون الكفر الأكبر بالجحود والاستحلال والإعتقاد والقصد القلبى , وقال الأشاعرة ومرجئة الفقهاء هو كافر ظاهرًا وباطنًأ ولكن ليس بنفس القول أو الفعل المكفر بل لأنه أمارة على أنه مكذِّب بقلبه ، وقالت الجهمية هو كافر في الظاهر لورود النص بكفره ،ويجوز أن يكون مؤمنًا في الباطن إذا كان تصديقه مازال قائمًا ، غلاة المرجئة المعاصرة : قالوا لا يكفر هذا إلا أن يجحد أو يستحل ويصرح بذلك ، ومعلوم أن الجحود والاستحلال عمل قلبي ، فقالوا حتى لو كفر لا نحكم بكفره حتى نعرف قلبه أجحد أو لا ، ونحن لا نعرف ما في قلبه إذًا لا نستطيع أن نكفره مع إثباته الفعل المكفِّر والقول المكفِّر لأننا لا نعلم حقيقة ما في قلبه ، والخلاف مع خؤلاء حقيقي لأن الكفر قد يقع بالقول أو العمل أو الفعل أو الاعتقاد أو الشك ، وأحكام الدنيا تجري على الظاهر من إسلام وكفر ، فقد يقع الكفر بقول اللسان المكفر أو بعمل الجوارح أو باعتقاد القلب وشكه ، فيكون الكفر بالقول والعمل والاعتقاد لأن الإيمان مركب من القول وهو قولان : قول القلب وقول اللسان ، والعمل وهو عملان : عمل القلب وعمل الجوارح ، وبهذا يتضح فساد مذهب المرجئة وبطلانه وإسقاطهم واجبات القلب الإيمانية وهي العلم بما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم إجمالاً والتصديق به والانقياد له بالعمل ، وضد العلم الجهل ، وضد التصديق التكذيب وتقع بالقلب واللسان ، فليس التكذيب ضد العلم ولكنه ضد التصديق ، قال الإمام ابن القيم في المدارج وطبقات المكلفين,آخر كتاب طريق الهجرتين فمن لم يعلم شيئًا عن الرسول صل الله عليه وسلم وما جاء به فهو كافر كفر جهل، ومن علم ماجاء به الرسول صل الله عليه وسلم ولم يصدقه بقلبه ولا بلسانه فهو كافر كفر تكذيب, ومن علم ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم وصدقه بقلبه وكذبه بلسانه فهو كافر كفر جحود ، ومن علم ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم وكذبه بقلبه وصدقه بلسانه فهو كافر كفر نفاق ، ومن علم ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم وصدقه بقلبه ولسانه ولم ينقد له بالعمل فهو كافر كفر إعراض ، ومن هنا تعلم انحراف مرجئة العصر ، وإن كانت المرجئة المعاصرة هي امتداد للمرجئة القديمة إلا أن مرجئة العصر أتوا بقول لم يقله أحد غيرهم ، وهو من التلبيس والتدليس بمكان قالوا إن الإيمان اعتقاد وقول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وهذا بلا ريب هو تعريف الإيمان عند أهل السنة - كما سبق - لكن زيفهم وضلالهم وتلبيسهم يظهر عندما تقول لهم ، وما منزلة الأعمال من الإيمان؟ سيقولون إنها كمال فيه ، جاء بأعمال الجوارح عمل أو لم يعمل فهو مؤمن ، وتخلف أعمال الجوارح بالكلية مع قدرته يُنقِص إيمانه ولا ينقضه لأن الأعمال وإن كانت داخلة في مسمى الإيمان إلا أنها ليست منه ، ولذلك أن تارك عمل الجوارح بالكلية مع القدرة التامة والتمكن وعدم العجز مسلم مؤمن ، وهو تحت المشيئة مثل أصحاب الكبائر ، إن شاء الله غفر له ابتدءًا دون سابقة عذاب ، ودخل الجنة بالتصديق وقول اللسان مع عدم انقياده بالطاعة ووقوعه في كفر الإعراض ، والعجب كل العجب أنهم ينسبون هذا القول إلى السلف هل رأيتم قولاً أخبث من هذا؟ هل رأيتم هدمًا للدين وتمييعًا للإسلام في صورة السلف والسلفية أوضح من هذا المذهب الخبيث؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    الايمان بين اهل السنة واقوال الفرق المتقابلة-المرجئة والخوارج والمعتزلة الإيمان يجمع:
    - أولاً: الاعتقاد بالقلب، وهو الذي يسميه المرجئة -مرجئة الفقهاء- أو يسميه العامة التصديق.
    - ثانياً: قول اللسان.
    - ثالثاً: عمل الجوارح والأركان.
    - رابعاً: الزيادة.
    - خامساً: النقصان.
    هذه خمسة أشياء فيها اختلف المنتسبون إلى القبلة على أقوال:
    1- القول الأول:
    هو أنَّ الإيمان تصديقٌ فقط، وهذا هو قول جمهور الأشاعرة، وهو أيضاً قول أبي منصور الماتريدي والماتريدية بعامة.
    وهذا مبنيٌ منهم على أنَّ القول ينشأ عن التصديق، وعلى أنَّ العمل ينشأ عن التصديق، فَنَظَرُوا إلى أصله في اللغة بحَسَبِ ظنهم، وإلى ما يترتّب عليه فجعلوه التصديق فقط.
    واستدلوا له بعدة أدلة مما فيه أنّ الإيمان تصديق كقوله {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}[البقرة:285]، وهذه أمور غيبية والإيمان بها يعني التصديق بها، وغير ذلك من الأدلة التي فيها حَصْرْ الإيمان بالغيبيات، والإيمان بالغيبيات يُفْهَمْ على أنه التصديق.
    وهؤلاء يُسَمَّونَ المرجئة، وهم المشهورون بهذا الاسم.
    ومن المرجئة طائفة غالية جداً وهم الذين جعلوا الإيمان ليس التصديق بالقلب ولكن هو المعرفة بالقلب، وهو القول المنسوب إلى الجهمية وغلاة الصوفية كابن عربي ونحوِهِ ممن صَنَّفُوا في إيمان فرعون.
    2- القول الثاني:
    من قال إنَّ الإيمان قول باللسان فقط، وهؤلاء يُسَمَّونَ الكَرَّامِيَّة -بالتشديد-.
    الكَرَّامِيَّة يُنْسَبونَ إلى محمد بن كرّام، وهذا يقول: الإيمان هو الإقرار باللسان.
    لم؟
    قال لأنَّ الله - عز وجل - جَعَلَ المنافقين مخاطَبِينَ باسم الإيمان في آيات القرآن، فإذا نودي المؤمنون في القرآن فيدخُلُ في الخطاب أهل النّفاق، والمنافقون إنما أقرُّوا بلسانهم ولم يصدِّقُوا بقلوبهم فدخلوا في اسم الإيمان لهذا الأمر.

    3- القول الثالث:
    هو مذهب مرجئة الفقهاء الذين قالوا: إنَّ الإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، إقرارٌ باللسان وتصديق بالجنان، ويجعلونَ أنَّ الناس في التصديق -كما سيأتي- وفي أعمال القلوب أنهم واحد، فأعمال القلوب التي أصلها التصديق عندهم شيءٌ واحد، والعمل ليس من الإيمان عندهم يعني من حقيقة الإيمان وإن كان لا بد منه في تحقيق الإيمان، بخلاف أهل القولين السابقين يعني الماتريدية.
    والأشاعرة والكرامية فإنهم يقولون أنَّهُ لو وَافَى بلا عمل فإنه ناجٍ، لو لم يعمل قط فإنه ينجو.
    وأما مرجئة الفقهاء فيقولون لابُدَّ لَهُ مِنَ العمل فإذا ترك العمل فهو فاسقٌ، لكن [لا]يُدْخِلُونَهُ في مُسَمَّى الإيمان.
    وأظن شبهتهم نَصْ أبي حنيفة في هذه المسألة وهو بَنَاهُ على أنَّ الذين خُوطِبُوا بالإيمان هم المؤمنون والمنافقون، والمنافقون ليس لهم عمل، عَمَلُهُم باطل، وإنما أَقَرُّوا باللسان فقط، والمؤمنون مُصَدِّقُونَ مُقِرُّونْ، فَجَمَعَ لهم ما بين -يعني بين الطائفتين- ما بين الإقرار باللسان والتصديق بالجنان؛ يعني في الخطاب الظاهر، وأما الأعمال فالحساب عليها آخر.
    ومن أدلّتهم الأصل اللغوي الذي هو حَسَبْ ما قالوا أنَّ الإيمان هو التصديق، والإقرار أُخِذَ من زيادة في الشريعة لأنه لابد من قول لا إله إلا الله محمد رسول الله.

    4- القول الرابع:
    هو قول الخوارج والمعتزلة وهو أنَّ الإيمان: اعتقادْ بالجنان أو تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالجوارح.
    وهذا العمل عندهم بِكُلِّ مأمورٍ به، والانتهاء عن كلِّ منهيٍّ عنه.
    فما أُمرِ َبه وُجُوبًا فيدخل في مسمى الإيمان بِمُفْرَدِهِ، وما نُهِيَ عنه تحريماً فيدخل في مسمَّى الإيمان بمفرده.
    يعني أنَّ كلَّ واجبٍ يدخل في مسمى الإيمان على حِدَهْ، فيكون جزءاً وركناً في الإيمان، وكُلُّ محرمٍ في الانتهاء عنه يدخل في مسمى الإيمان بمفرده.
    وبناءً على ذلك قالوا: فإذا تَرَكَ واجباً فإنه يكفر، وإذا فعل محرماً من الكبائر فإنه يكفر؛ لأنَّ جزء الإيمان وركن الإيمان ذَهَبْ.
    فعندهم أنَّ هذا العمل جزء واحد، إذا فُقِدَ بعضه فُقِدَ جميعه.
    وبين الخوارج والمعتزلة خلاف فيمن استحق النار بالآخرة ماذا يسمى في الدنيا؟
    على القول المعروف عندهم:

    - وهو عند الخوارج في الدنيا عند يُسَمَّى كافر.
    - وعند المعتزلة هو في منزلة بين المنزلتين لا يقال مؤمن ولا يقال كافر.
    مع اتفاقهم على أنه في النار مخلدْ فيها لانتفاء الإيمان في حقه.
    5- القول الخامس:
    هو قول أهل الحديث والأثر وقول صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أنَّ الإيمان:
    اعتقاد -ومن الاعتقاد التصديق-، وقول باللسان وهو إعلان لا إله إلا الله محمد رسول الله، وعمل بالأركانـ وأنه يزيد وينقص.
    ويعنون بالعمل جنس العمل؛ يعني أنْ يكون عنده جنس طاعة وعمل لله - عز وجل -.

    فالعمل عندهم الذي هو ركن الإيمان ليس شيئاً واحداً إذا ذَهَبَ بعضه ذهَبَ جميعه أو إذا وُجِدَ بعضه وُجد جميعه؛ بل هذا العمل مُرَكَّبٌ من أشياء كثيرة، لابد من وجود جنس العمل.
    وهل هذا العمل الصلاة؟ أو هو أيُّ عملٍ من الأعمال الصالحة بامتثال الواجب طاعةً وترك المحرم طاعةً؟

    هذا ثَمَّ خلافٌ بين علماء الملة في المسألة المعروفة بتكفير تارك الصلاة تهاونا أو كسلاً.
    * الفرق ما بين مذهب أهل السنة والجماعة وما بين مذهب الخوارج والمعتزلة:
    - أنَّ أولئك جعلوا تَرْكَ أي عمل واجب أو فعل أي عمل محرّم فإنه ينتفي عنه اسم الإيمان.
    - وأهل السنة قالوا: العمل ركن وجزءٌ من الماهية؛ لكن هذا العمل أبعاض ويتفاوت وأجزاء، إذا فات بعضه أو ذهب جزء منه فإنه لا يذهب كله[ الا اذا اتى بفعل مكفرينقض اصل الايمان ].
    فيكون المراد من الاشتراط جنس العمل؛ يعني أن يُوجَدَ منه عملٌ صالح ظاهراً بأركانه وجوارحه، يدلُّ على أنَّ تصديقه الباطن وعمل القلب الباطن على أنه استسلم به ظاهراً.
    وهذا مُتَّصِلٌ بمسألة الإيمان والإسلام، فإنه لا يُتَصَوَّرْ وجود إسلام ظاهر بلا إيمان، كما أنه لا يُتَصَوَّرْ وجود إيمان باطن بلا نوع استسلام لله - عز وجل - بالانقياد له بنوع طاعةٍ ظاهراً.........
    فالإيمان الواجب يعني أقل قدر من الإيمان به يصبح المرء مسلمًا، هذا مشمول في قوله (أن تَشْهَدَ أَن لا إلَهَ إلاَّ الله)؛ لأن الشهادة معناها الاعتقاد والنطق والإخبار والإعلام، تشمل ثلاثة الأمور هذه، فالاعتقاد يرجع إليه أركان الإيمان الستة.
    فنخلص من هذا إلى أنّ الإسلام -وإن قال أهل العلم فيه: إن المراد به هنا الأعمال الظاهرة- فإنه لا يصح الإسلام إلا بقدر من الإيمان مصحح له ........لا يُتصور أن يوجد إسلام بلا إيمان، ولا أن يوجد إيمان بلا إسلام، فكل مسلم لا بد أن يكون معه من الإيمان قدرٌ هو الذي ذكرنا صحَّح به إسلامه، فلو لم يكن عنده ذلك القدر ما سُمي مسلماً أصلاً، فلا يُتصور مسلم بلا إيمان، فكل مسلم عنده قدر من الإيمان، وهذا القدْر هو القدْر المجزئ الذي ذكرت لك. وكل مؤمن عنده قدْر من الإسلام مصحِّح لإيمانه، فإنه لا يُقبل من أحد إيمان بلا إسلام، كما أنه لا يقبل من أحد إسلام بلا إيمان.
    فإذا قلنا: هذا مسلم، فمعناه أنّه وُجد إسلامه الظاهر مع أصل الإيمان الباطن، وهو القدْر المجزئ................مسألة الإيمان خاض فيها كثيرون في هذا العصر، كتبوا فيها كتابات سواء في الإيمان أو في التكفير، وهم لم يدركوا حقيقة مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.
    فمنهم من أدخل مذاهب المرجئة في مذهب أهل السنة وقَصَرْ الكفر على التكذيب والإيمان على التصديق وإما قولاً أو باللازم.."
    (شرح العقيدة الطحاوية )

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    [QUOTE=أبو البراء محمد علاوة;896110]رد شبهات المرجئة قديمًا، ومن وقع في الإرجاء حديثًا --------
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    3- قال فضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى: (ليس المقصود قول: (لا إله إلا الله) باللسان فقط من غير فهم لمعناها، لابد أن تتعلم ما معنى (لا إله إلا الله)، أما إذا قلت وأنت لا تعرف معناها، فإنك لا تعتقد ما دلت عليه، فكيف تعتقد شيئاً تجهله، فلابد أن تعرف معناها حتى تعتقده، تعتقد بقلبك ما يلفظ به بلسانك، فلازم أن تتعلم معنى (لا إله إلا الله). أما مجرد نطق اللسان من غير فهم لمعناها فهذا لا يفيد شيئاً. أيضاً لا يكفي الاعتقاد بالقلب ونطق اللسان، بل لابد من العمل بمقتضاها، وذلك بإخلاص العبادة لله، وترك عبادة من سواه سبحانه وتعالى، فـ (لا إله إلا الله) كلمة نطق وعلم وعمل، ليست كلمة لفظ فقط. أما المرجئة فهم يقولون: يكفي التلفظ بـ (لا إله إلا الله)، أو يكفي التلفظ بها مع اعتقاد معناها، والعمل ليس بلازم، من قالها ولو لم يعمل شيئاً من لوازمها من أهل الجنة، ولو لم يصل، ولم يزك، ولم يحج، ولم يصم، ولو فعل الفواحش والكبائر والزنا والسرقة وشرب الخمر، وفعل ما يريد من المعاصي، وترك الطاعات كلها؛ لأنه تكفيه (لا إله إلا الله) عندهم، هذا مذهب المرجئة، الذين يخرجون العمل من حقيقة الإيمان ويعتبرون العمل إذا جاء فبها ونعمت، وإن لم يجئ فإنها تكفي (لا إله إلا الله) عندهم، ويستدلون بأحاديث تفيد أن من قال: (لا إله إلا الله)، دخل الجنة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما اقتصر على هذه الأحاديث، فالرسول صلى الله عليه وسلم له أحاديث أخرى تقيد هذه الأحاديث، ولابد من أن تجمع بين كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بعضه إلى بعض لا أن تأخذ منه طرفا وتترك طرفا لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر بعضه بعضا، أما الذي يأخذ طرفاً ويترك، طرفاً فإنه من أهل الزيغ الذين يتبعون: مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ[آل عمران: 7]. الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من قال: ((لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله)) (26) . وهذا حديث صحيح، فلماذا غفلتم عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: ((فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)) (27) ، أما الذي يقول (لا إله إلا الله)، ولا يكفر بما يعبد من دون الله، ويدعو الأولياء والصالحين، فإن هذا لا تنفعه (لا إله إلا الله)؛ لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر بعضه بعضاً، ويقيد بعضه بعضاًفلا تأخذ بعضه وتترك بعضه، والله سبحانه وتعالى يقول: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ [آل عمران: 7] يأخذون الذي يصلح لهم، ويتركون الذي لا يصلح لهم، ويقولون: استدللنا بالقرآن. نقول:ما استدللتم بالقرآن، فالقرآن إذا قال كذا فقد قال كذا، فلماذا تأخذون بعضه وتتركون بعضاً؟ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا [آل عمران: 7]، المحكم والمتشابه، فيردون المتشابه إلى المحكم، ويفسرونه به ويقيدونه به، ويفضلونه، أما إنهم يأخذون المتشابه ويتركون المحكم فهذه طريقة أهل الزيغ. فالذين يأخذون بحديث أن من قال: ((لا إله إلا الله دخل الجنة))، ويقتصرون على هذا، ولا يوردون الأحاديث الواضحة التي فيها القيود، وفيها التفصيل،فهؤلاء أهل زيغ. فيجب على طالب العلم أن يعرف هذه القاعدة العظيمة؛لأنها هي جماع الدين وأساس الملة. ليس المقصود أنك تأخذ آية أو حديثاً وتترك غيره، بل المقصود أنك تأخذ القرآن كله، وتأخذ السنة كلها، وكذلك كلام أهل العلم. العالم إذا قال كلاماً لا تأخذه وحده حتى ترده إلى كلامه الكامل، وتتبع كلامه في مؤلفاته؛ لأنه يقيد بعضه بعضاً؛ لأنهم على سنن كتاب الله وسنة رسوله، فترد المطلق إلى المقيد من كلامهم، فطالب العلم يجب عليه أن يأخذ هذه القاعدة معه دائماً،ويحذر من طريقة أهل الزيغ الذين يأخذون الذي يصلح لهم من الكتاب، ومن السنة، ومن كلام أهل العلم،ويبترون النقول، ويتركون باقي الكلام، أو يتركون الكلام الثاني الذي يوضحه، ويأخذون الكلام المشتبه ويتركون الكلام البين، كثير من الذين يدعون العلم غفلوا عن هذا الشيء، إما عن قصد التضليل، وإما عن جهل، فيجب معرفة هذه الأمور، وأن تكون أصولاً وقواعد عند طالب العلم).
    بارك الله فيك اخى الفاضل أبو البراء محمد علاوة---موضوع رد شبهات المرجئة قديما ومن وقع فى الارجاء حديثا - موضوع مهم - و من افضل المواضيع التى كتبت فى هذا الباب فجزاك الله خيرا ونفع بك فى الدفاع عن اصول اهل السنة والجماعة ومعتقدهم ورد شبهات اهل الزيغ والضلال فى ابواب الايمان ---فاصدع بما قال الرسول ولا تخف ... من قلة الأنصار والأعوان
    فالله ناصر دينه وكتابه ... والله كاف عبده بأمان

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2015
    الدولة
    Libya
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    هذا تقرير على أن "الواجب" إذا صار واجبا فهو واجب.
    .
    فمتى قيل لك "ما مذهب أهل السنة في الإيمان" ؟ فلا يصح يكون جوابك تعريف الإيمان ؟ تعريف الإيمان هو "قول وعمل واعتقاد" في كل الملل والطوائف المسلمة والغير مسلمة اتفقوا على هذا التركيب لهذه الأصول الثلاثة "قول وعمل واعتقاد" حتى عند إبليس أخزاه الله.
    .
    فهنا صار الواجب واجب فهو واجب وليس محل نظر وماهية فقط.
    .
    لأن السؤال كان عن مذهب أهل السنة وليس تعريف الإيمان عند اهل السنة.
    .
    نريد مذهب اهل السنة في هذا الغيمان كيف هو وما سبله.
    .
    فلما يأتي من شخص يدعي السنة والعلم ويجادل ؟ كبشر المريسي -صاحب بدعة خلق القرآن بعد هذه الحادثة- مع الإمام مالك في قول المريسي "الرحمن على العرش استوى" ؟ قال المريسي "كيف استوى" !
    .
    فالواجب هنا يكون "الإيمان عند أهل السنة قول باللسان ، وعمل بالأركان الجوارح ، واعتقاد بالقلب والجنان ، يزيد وينقص ، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي" . وبهذا نخالف كل الفرق الضالة التي تخوض في مسمى الإيمان عند أهل السنة.
    خلافا للغلاة والشذوذ والعقلانيين والمتكلمين.
    وهو مذهب لا يشتمل على أركان الإيمان كما في حديث جبريل الطويل. فأركان الإيمان محل آخر يأتي الكلام فيه بعد اثبات الهوية كما يقال.
    .
    ولو اطكملت كلام ابن أبو العز الحنفي لوجدته ذكر هذا التضمين.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: المرجئة المعاصرون وأشباههم

    [quote=محمدعبداللطي ف;896246]
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    رد شبهات المرجئة قديمًا، ومن وقع في الإرجاء حديثًا --------بارك الله فيك اخى الفاضل أبو البراء محمد علاوة---موضوع رد شبهات المرجئة قديما ومن وقع فى الارجاء حديثا - موضوع مهم - و من افضل المواضيع التى كتبت فى هذا الباب فجزاك الله خيرا ونفع بك فى الدفاع عن اصول اهل السنة والجماعة ومعتقدهم ورد شبهات اهل الزيغ والضلال فى ابواب الايمان ---فاصدع بما قال الرسول ولا تخف ... من قلة الأنصار والأعوان
    فالله ناصر دينه وكتابه ... والله كاف عبده بأمان
    وفيك بارك الله، وأحسن إليك.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •