من درر البشير الإبراهيمي-رحمه الله-

عباد الله لو كانت كلمة الحكمة توازن بالذهب، أو تقدر بالمال و النشب، لكانت كلمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه هي تلك الكلمة. و فوقها قدرًا و قيمة تلك الحكمة التي ثقفتها الفكرة العالية. و محضتها الخبرة الراقية. و هي قوله رضى الله عنه " قيمة كل إنسان ما يحسنه".
بيَّن لنا رضى الله عنه و هو مصدر البيان، و ينبوع التبيان، أن الأعمار هي الأعمال، و بالإحسان فيها تتفاوت قيمة الرجال، و أن ذلك لا يرجع إلى وزن بميزان، و لا كيل بقفزان، و إنما هو عقل مفكّر، و لسان متذكّر، و من لا عمل له، فلا عمر له، و من لا أثر له في الدين يمتثل به أمر ربه، و لا أثر له في الدنيا تزدان به صحيفة كسبه، فوجوده عدم، و عقباه ندم و حياته مسلوبة الاعتبار، و إن شارك الأحياء في الصفة و المميزات.


فاحرصوا رحمكم الله، على أن تكون لحياتكم قيمة، و اربأوا عن أن تكون في كفة النحس و الهضيمة، و اسعوا في الوصول بها إلى القيم الغالية، و الحصول منها على الحصص العالية.

و إن الأعمال التي تجمل الحياة و تُغليها، و تقف بها في مستوى الإجلال و تحييها لا تعدو نوعين: وظائف العبادات التي هي سور الوحدانية، و العنوان الصادق على الإخلاص في العبودية، و هي أخف النوعين محملا و أقربهما تحصيلا و عملا، لأن الله لم يكلفكم من عبادته إلا باليسير، و شغل بها القليل من أوقاتكم و ترك لكم الكثير..

و النوع الثاني: السعي فيما تقوم به هذه الحياة الدنيا من الأعمال و تتوقف عليه عمارتها، و هذا يرجع إلى الدين بإخلاص النية، و تمحيض القصد للجري على حكمة الله و تأييد سننه الكونية..
جعلني الله و إياكم من الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و كشف عن قلوبنا-لإدراك الحقائق- حجاب الغفلة و السِّنة، و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل..