قصة وفاته صلى الله عليه وسلم من بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
في منهاج السنة (8/83-84):
(ولهذا لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت بالمسلمين أعظم نازلة نزلت بهم، حتى أوهنت العقول، وطيشت الألباب، واضطربوا اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة القعر، فهذا ينكر موته، وهذا قد أقعد، وهذا قد دهش فلا يعرف من يمر عليه ومن يسلم عليه، وهؤلاء يضجون بالبكاء، وقد وقعوا في نسخة القيامة، وكأنها قيامة صغرى مأخوذة من القيامة الكبرى، وأكثر البوادي قد ارتدوا عن الدين، وذلت كماته، فقام الصديق - رضي الله عنه - بقلب ثابت، وفؤاد شجاع، فلم يجزع، ولم ينكل، قد جمع له بين الصبر واليقين، فأخبرهم بموت النبي ^ وأن الله اختار له ما عنده، وقال لهم: " من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} [سورة آل عمران: 144]، فكأن الناس لم يسمعوا هذه الآية حتى تلاها الصديق، فلا تجد أحدا إلا وهو يتلوها، ثم خطبهم فثبتهم وشجعهم.
قال أنس: " خطبنا أبو بكر - رضي الله عنه - وكنا كالثعالب، فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود ".
وأخذ في تجهيز أسامة، مع إشارتهم عليه، وأخذ في قتال المرتدين، مع إشارتهم عليه بالتمهل والتربص، وأخذ يقاتل حتى مانعي الزكاة، فهو مع الصحابة يعلمهم إذا جهلوا، ويقويهم إذا ضعفوا، ويحثهم إذا فتروا، فقوى الله به علمهم ودينهم وقوتهم).


وفي منهاج السنة: (6 /323 -324):
(لا ريب أن عمر خفي عليه موته أولا، ثم أقر به من الغد، واعترف بأنه كان مخطئا في إنكار موته، فارتفع الخلاف. وليس لفظ الحديث كما ذكره الشهرستاني. ولكن في الصحيحين عن ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر، فأبى أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: " أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ". قال الله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه} الآية [سورة آل عمران: 144] قال: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله قد أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها الناس كلهم، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها. فأخبرني ابن المسيب أن عمر قال: " والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن رسول الله ^ قد مات).


وفي كتاب الرد على الأخنائي (ص:147 ):
(وفي الصحيحين عن النبي ^ أنه قال في مرض موته (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما فعلوا، قالت عائشة: (ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدًا). وهم دفنوه في حجرة عائشة خلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء لئلا يصلي أحد عند قبره ويتخذه مسجدًا فيتخذ قبره وثنًا).


وفي كتاب الرد على الأخنائي (ص:160 ):
(ففي الصحيح أنه قال ^ قبل أن يموت بخمس: ((إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)).
وفي الصحاح من غير وجه أنه قال ^ في مرض موته: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد - يحذر ما فعلوا) قالت عائشة: (ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدًا).
فمقابر الأنبياء والصالحين لا يجوز اتخاذها مساجد بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم واتفاق أئمة المسلمين على ذلك").

وفي قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص: 252):
(ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُتخذ قبره مسجدا، وأن يتخد عيداً، وقال في مرض موته: "لعنة الله على اليهود والنصاري، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحذر ما صنعوا. أخرجاه في الصحيحين.
وقال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". رواه مالك في موطئه.
وقال: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله". متفق عليه).


وفي قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص: 279):
(وفي الصحيحين أنه قال في مرض موته: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا. قالت عائشة: "ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً".
وفي صحيح مسلم عن جندب أن النبي ^ قال قبل أن يموت بخمس: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك").


وفي كتاب الجواب الباهر (ص:182):
(وفِي صحِيحِ مسلِمٍ أنه قال قبل أن يموت بِخمسِ: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَّا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ؛ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»( ). وفِي صحِيحِ مسلِمٍ أيضًا أنه قال: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا»( )، فنهى ^ عن اتِخاذِ القبورِ مساجِد وعن الصلاةِ إليها، ولعن اليهود والنصارى لِكونِهِم اتخذوا قبور أنبِيائِهِم مساجِد).


وفي كتاب الرد على الأخنائي (ص: 186):
("النبي ^ لما مات صلى عليه المسلمون أفذاذًا وهو أفضل من كل من صلى عليه").


وفي كتاب الاستغاثة (ص:191):
("وكما رُوي أنه سُمع يوم موت النبي ^ قائلاً يقول: "إن في الله عزاءً من كل هالك وعوضاً من كل مصيبة، وخلفاً من كل ما فات، فبالله فثقوا وإياه فارجوا، فإن المصاب من حُرم الثواب".)


وفي منهاج السنة (8 /452-455):
(هذا هو المعلوم لكل من استقرأ أحوالهم في محيا رسول الله ^ وبعد وفاته حتى أنه لما مات وموته كان أعظم المصائب التي تزلزل بها الإيمان، حتى ارتد أكثر الأعراب، واضطرب لها عمر الذي كان أقواهم إيمانا وأعظمهم يقينا كان مع هذا تثبيت الله تعالى للصديق بالقول الثابت أكمل وأتم من غيره، وكان في يقينه وطمأنينته وعلمه وغير ذلك أكمل من عمر وغيره فقال الصديق رضي الله عنه: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت.
ثم قرأ: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا} الآية [سورة آل عمران: 144].
وفي البخاري عن عائشة أن النبي ^ مات وأبو بكر بالسنح فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله، قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذلك، وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن وجه رسول الله ^ فقبله، وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا.
ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت، وقال: {إنك ميت وإنهم ميتون} [سورة الزمر: 30]، وقال: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} [سورة آل عمران: 144] قال: فنشج الناس يبكون ".
وفي صحيح البخاري عن أنس أنه سمع خطبة عمر الأخيرة حين جلس على المنبر، وذلك الغد من يوم توفي رسول الله عليه وسلم فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله ^ حتى يدبرنا، يريد بذلك أن يكون آخرهم، فإن يك محمد قد مات، فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به، وبه هدى الله محمدا، وإن أبا بكر صاحب رسول الله ^ ثاني اثنين، وإنه أولى المسلمين بأمورهم فقوموا فبايعوه، وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت بيعة العامة على المنبر.
وفي طريق آخر في البخاري: أما بعد فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الذي هدى به رسوله فخذوا به تهتدوا، وإنما هدى الله به رسوله صلى الله عليه وسلم " ذكره البخاري في كتاب " الاعتصام بالسنة ".
وروى البخاري أيضا عن عائشة في هذه القصة قالت: " ما كان من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس، وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك، ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق " الذي عليهم.
وأيضا فقصة يوم بدر في العريش ويوم الحديبية في طمأنينته وسكينته معروفة، برز بذلك على سائر الصحابة فكيف ينسب إلى الجزع؟ !.
وأيضا فقيامه بقتال المرتدين ومانعي الزكاة، وتثبيت المؤمنين مع تجهيز أسامة، مما يبين أنه أعظم الناس طمأنينة ويقينا، وقد روي أنه قيل له قد نزل بك ما لو نزل بالجبال لهاضها، وبالبحار لغاضها، وما نراك ضعفت فقال: ما دخل قلبي رعب بعد ليلة الغار، فإن النبي ^ لما رأى حزني -أو كما قال- قال: لا عليك يا أبا بكر، فإن الله قد تكفل لهذا الأمر بالتمام).


وفي درء تعارض العقل والنقل (1/ 47):
(وفي الصحيح «عن أبي ذر رضي الله عنه قال: توفي رسول الله ^ وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علماً»).


وفي درء تعارض العقل والنقل (8/406):
(وفي الصحيح «عن أبي ذر رضي الله عنه قال: توفي رسول الله ^ وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علماً»).


وفي درء تعارض العقل والنقل (10/ 305):
(وقال أبو ذر: لقد توفي رسول الله ^، وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما". ومثل هذا كثير).

نقلًا عن شيخنا عاطف الفاروقي.
https://www.facebook.com/%D8%A7%D9%8...6356707161835/