للزوجين: أهلك لا تهلك



الزواج علاقة مصاهرة تصهر الناس في بوتقة واحدة من الحب والتفاهم والرحمة، لكن كثيراً ما يحدث عكس ذلك، فما يلبث زوجان بعد زواجهما إلا قليلاً فتسقط الأقنعة وتظهر المعادن، ويجد كلا الزوجين من صاحبه ما يكره، فيشعر بالندم ويحدث نفسه بأن صاحبه لم يكن يستحق أن يضحي من أجله، وتعظم المشاكل بين الزوجين حتى تطفو على السطح فيضطر الأهل للتدخل. وما أكثر القصص المأساوية والروايات عن أثر التدخّل السلبي للأهل في الحياة الزوجية، حيث يؤلب أهل كل طرف على شريكه مما قد يؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية في كثير من الأحيان.
وتتجلى أهم الأسباب المؤدِّية لتدخل الأهل ـ كما يرى أساتذة علم الاجتماع ـ فيما يلي:
* أنّ أمّهات الأزواج أو الزوجات قد يفعلن هذا بدافع حبّ التملك حيث يرين الزوج أو الزوجة وقد اختطف ثمرة جهدهن.
* عدم نضج بعض الأمّهات، فبدلاً من أن يكنّ مرشدات لبناتهن أو أبنائهن، نراهن يشجعن بناتهن على تنغيص حياة أزواجهن.
* في أحيان كثيرة تخطئ الزوجة (حديثة الزواج) عندما تحكي لأمّها فتضخّم الأمّ الأمر، وتحوِّله إلى موضوع يصعب حلّه، مما يؤدي إلى نتائج عكسية، لذلك ينبغي أن تُحاط العلاقة الزوجية بسياج متين من الكتمان والسرية رغبة في دوامها واستمرارها وهذا يتوقف على شخصية الزوجين.
* بعض الآباء والأمهات لا يدربون أبناءهم على حلِّ مشاكلهم منذ الصغر، وبالتالي يلجؤون إلى الآباء في حل مشاكلهم بعد الزواج.
للأهل نقول: يجب ألاّ يقفوا حجر عثرة في طريق زواج أبنائهم أو بناتهم إن اختاروا من يعرف بالصلاح، ولا يحاولون إرغامهم بالزواج بمن يريدون من الأقارب أو غيرهم، فالأصل في الزواج هو الاختيار من قبل الزوج أو الزوجة والرضا والقبول بالشخص المتقدم.
فإن رأى الأهل في الفتاة التي وقع عليها اختيار ابنهم عدم الأهلية فعليهم إبداء النصيحة له وإطلاعه على عيوب من اختارها حتى يكون على بصيرة من أمره ، فإن لم ينتصح وأصر على رأيه، فلا يحرموه حقاً من حقوقه أو يعتزلوه، بل عليهم أن يقفوا بجانبه إن احتاجهم، فيكونون أول من يقدم له يد العون؛ عسى الله أن يصلح زوجته.
وللزوجة نقول: قد تجدين بعض السلوكيات التي لا تعجبك من حماتك فاعتبريها مثل والدتك، وارحمي فيها الكبر، واصبري على أخلاقها وصفاتها وغيرتها أحيانا ونقدها لك أحياناً أخرى، ولا تجعلي ذلك سبباً للمشكلات، فبصبرك وحسن خلقك وإحسانك إليها - حتى وإن أساءت إليك - تكسبين ودها.. اسهري على راحتها حين مرضها.. ساعديها في أعمال المنزل والمطبخ.. نظفي لها حجرتها.. قدمي لها هدية.. قبلي يديها ورأسها عندما ترينها ، اسأليها إن كان لها ثمة حاجة تشترينها لها..
كوني حسنة الظن بها، ودعي عنك الأقوال التي توصف بها الحموات، فكثير منهن طيبات القلب على عكس ما يتردد على الألسن، واعلمي أن سوء الظن من أعظم أسباب المشكلات، فهو يجعلك تأوّلين الأحداث بطريقة خاطئة، بل و تسمعين أشياء غير صحيحة، فالإنسان غالباً يسمع ما يفكر فيه، فقد تقول لك كلمة عادية ومع توفر سوء الظن عندك ربما تسمعيها خطأ ويحدث الخلاف، وتذكري قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم... }.
وإذا كان زوجك لا يبر والديه فلا تفرحي لذلك، بل يجب عليك أن تنصحيه ببرهما، فرضا الوالدين من رضا الله عز وجل، ولا تسعين لإفساد العلاقة بين زوجك ووالديه، أو بينه وبين أمه، واحذري غضب الله سبحانه وتعالى، فإن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وعقوبتها لا تؤخر للآخرة فحسب، بل تعجل في الدنيا أيضاً.
وهذه بعض النصائح والإرشادات للتعامل مع أهل زوجك، يجملها لك الأستاذ "يوسف أبوالحجاج" كي تتجنبي أية عاصفة يمكن أن تهب من تجاههم:
* عليك أن تتصرّفي بحكمة مع أهل زوجك واحذري أن تقومي بنقل أيّ خبر من أخبار أسرتك إليهم، سواء بحسن نيّة أو بمجرّد كلام عادي.
* كوني حذرة فلا يستدرجك أحد في الكلام لتحكي عن أسرتك وما حدث لكم في الماضي، أو أية معلومة عن أحوال أسرتك المالية أو علاقة أسرتك بالآخرين أو بالجيران، أو أي شيء عن مشاكل أسرتك مع الآخرين.
* احرصي على عدم التفاخر بأسرتك وأصولها أمام أسرة زوجك؛ لأنّهم يعتبرون هذا التفاخر المقصود به احتقارهم، أو معايرتهم بأسرتك العريقة التي لا يرقون لمستواها.
* احرصي على الاعتدال في الحديث عن أهلك حتى ولو كانت تلك هي الحقيقة، وتحاشي التقرّب لشخص، أو فريق ضد شخص أو فريق من أسرة الزوج، ولكن كوني حيادية.
* كوني حذرة كل الحذر من المواقف الاستغلالية، فلا تطلبي منهم شيئاً مهما كانت الظروف إلا في أضيق نطاق، وأيضاً لا تسمحي لهم باستغلالك أو تحميلك فوق ما تطيقين.
* احرصي على القيام بواجباتك الإنسانية تجاههم مثل زيارة المريض، ومشاركتهم في مناسباتهم السارّة، ومواساتهم في أحزانهم.
* كوني هادئة تماماً معهم وعاقلة، ولا تندفعي في الغضب إذا تعرّضت للاستفزاز، لأنّ الغضب يولّد الخطأ، وقد يكون الاستفزاز مصيدة لك لارتكاب الخطأ.
* وأخيراً ، كوني مرحةً معهم، ولكن لا تتبادلي مع أيّ منهم النكات أو التهكمات، وحافظي دائماً معهم على شخصيتك المحترمة المتزنة.
بالرغم من أن الزوج قد يصبح الضحية للمشكلات التي تقع بين أمه وزوجته فكثيراً ما يعجز عن حلها ويعيش في نكد مستمر، إلا أنه أحياناً يكون سبباً لتلك المشكلات، أو مرسخا لها دون أن يشعر، وذلك حين يهين زوجته أو يوبخها أمام أمه أو أحد من أهله، فتشعر عندها الزوجة بالمذلة، أو حين يحدث أمه بطريقة غير مناسبة، فيشجع زوجته على فعل ذلك، أو حين يترك المشكلات دون حل، ويميع الأمر فتتراكم وتزداد الأمور تعقيداً.
إن الزوج الناجح هو الذي يحسن معاملة أمه، وفي ذات الوقت يقدر زوجته ويحترمها خصوصا أمام أهله، وهو الذي يوجد حلولاً شافية لما يقع من مشكلات بعلاج أسبابها الأصلية.
منقول