المبني الكنسي تعريفه وتاريخه ، وحقيقة أصله
د. حمود إبراهيم سلامة ([·])
ملخص البحث:
الكنيسة معربة من (كنيشتا)، وقيل: (كنوشتو)، وهما بمعنى مجمع، والمجمع هو: مكان الاجتماع، وتطلق اصطلاحا على معنيين: الأول: تطلق على كل من انتسب إلى النصرانية، والثاني: تطلق على مكان العبادة في الديانة النصرانية، والثاني هو المقصود من هذا البحث.
وتسمي الكنيسة بعدة أسماء، منها: عروس المسيح، جسد المسيح، رعية الله، بيت الله، بناء الله، بيت الصلاة، الهيكل، البيعة، وغيرها، ولها عندهم عدة رموز؛ كحواء، وسفينة نوح، أو فلك نوح، ومدن الملجأ، والحمامة الوحيدة، والجنة المغلقة، والكرمة، والشبكة الجامعة، وغيرها.
وقد اختلف النصارى في بداية الكنائس؛ فمنهم: من يرجعها إلى بداية الخليقة، ومنهم: من يرجعها إلى ما بعد ذلك، والحق: أن الكنيسة لم يبنها المسيح عليه السلام، ولا تلاميذه، وغاية ما كانوا يتعبدون فيه: إما خيمة، أو غرفة في منزل، ولم تخصص بما يخصص النصارى به الكنيسة في وقتنا الحاضر.
وقد تبئن في أخر البحث بطلان معتقد النصارى في الكنيسة جملة وتفصيلا؛ كتسميتها بالكنيسة دون ورود دليل على ذلك، كما أن المسيح لم يأمر ببنائها ولا تلاميذه، وإنما أسست بعد التحريف الذي طال المسيحية على يد بولس.
المقدمة:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن الله ابتعث رسله من أولهم إلى أخرهم بتوحيده وإفراده بالعبادة، واجتناب الشرك ووسائله وطرقه، ومن أولئك الرسل نبي الله عيسى عليه السلام، فقد كانت رسالته ناضحة بتوحيد الله، قال تعالى عنه: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) (المائدة: 17).
وقد استجاب لدعوته فئام من الناس وضل أخرون، ثم جاء من بعدهم خلف غيروا وبدلوا؛ حتى طال التحريف أصول الدين؛ فخزف كلام الله، وعبد مع الله غيره، وانتهى الأمر بهم إلى القول بالتثليث، والشرك الصريح؛ كما في دعواهم أن المسيح ابن الله، وأن الله ثالث ثلاثة، وأن الله افتدى خطيئة البشر بابنه من خلال الصلب، وتكفير الخطايا. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقد كان لبولس الحظ الأوفى في التحريف والتبديل، بل، وابتداع دين جديد يناقض دعوة المسيح الأولى ويعارضها، ويضيف عليها الكثير من الشركيات والفلسفيات المتأثرة بالوثنية.
ومن جملة ما ناله التحريف والتبديل؛ قول النصارى في الكنيسة ومعتقدهم تجاهها، وتفاصيل بنيانها.
ولما للكنيسة من أهمية بالغة عند النصارى، ولكونها منطلق التغيير. ليس التغيير الديني فحسب، بل حتى السياسي في بعض الأحيان. أتى هذا البحث مبنيا معناها، وشيئا من تاريخها، ومدى بطلان ذلك من صحته.
مشكلة البحث:
تمثل الكنيسة رمزا وشعارا ظاهرا للنصارى، ويعلق عليها النصارى كثيرا من شؤون حياتهم وعباداتهم، بل أصبحت مصدرا للتشريع والزيادة في الطقوس، كل كنيسة بحسبها، ثم تطور أمرها وصارت منطلقا لكثير من الأهداف غير الدينية كالأمور السياسية والاجتماعية، وتجاوزت ذلك -كما في بعض الكنائس العربية-فأصبحت تمثل دولة مصغرة داخل دولة رسمية لها سياستها واستقلاليتها.
ومع هذه الأهمية التي تحظى بها الكنيسة عند النصارى؛ تبرز مشكلة البحث في مدى حقيقة هذه الكنيسة ومؤسسها، والمراحل والتحولات التاريخية التي مزت بها زيادة ونقصانا.
أهمية الموضوع وأسباب الاختيار:
يمكن إجمال أهمية الموضوع وأسباب اختياره بالآتي:
1/ تعذ الكنيسة العقل المدبر للنصرانية، ومنها ومن الباباوات والقساوسة تصدر التشريعات والقوانين المنظمة لدينهم.
2/ من الأمور المهمة في مناقشة النصارى، مراجعة طقوسهم وتشريعاتهم ومدى صلة ذلك بالمسيح عليه السلام من عدمه، والكنيسة من أبرز طقوسهم وتشريعاتهم، بل هي مكان ممارسة شعائرهم.
3/ الوقوف على حقيقة دعوى النصارى: في قولهم بأن المسيح هو مؤسس الكنيسة، ومدة صحته من بطلانه.
4 / كثرة الدعوات وتواليها لبناء الكنائس في بلاد المسلمين.
5/ يثري هذا الموضوع مكتبة الأديان والحوار بينها، كما يتوقع أن يفيد منه كل مهتم بالنصرانية ومعتقداتها، إضافة إلى منصفي النصارى أنفسهم.
لذا كانت دراسة نشأة الكنيسة، وحقيقة تأسيسها كفيلة ببيان تلك الدعوات ومدى صحتها من عدمه.
أهداف البحث:
1-الوقوف على التعريفات العديدة التي وضعت للكنيسة ودلالاتها بالنسبة للنصارى.
2-التعرف على أهم الملامح التاريخية التي صاحبت تطور مفهوم المبنى الكنسي.
3-التعرف على أشكال وأنواع وأوجه التحريف الذي حدث لمفهوم المبنى الكنسي.
4-إظهار وكشف التحريف الذي طال المسيحية، وبيان أنه كان شاملا، ولم يقتصر على كتابهم المقدس.
أسئلة البحث:
1/ ما التعاريف التي وضعت للكنيسة على مر العصور، وما دلالتها لدى النصارى؟
2/ ما أهم الملامح التاريخية الخاصة بتطور مفهوم المبنى الكنسي؟
3/ ما أوجه التحريف التي طالت مفهوم المبنى الكنسي؟
منهج البحث:
اتبعت في هذا البحث المنهج الوصفي، وحرصت على أمور، منها:
1-الاعتماد في المعلومة على مصادر النصارى؛ ليكون ذلك أبلغ في نقاشهم وأجدى في محاورتهم.
2-التركيز على أهم التفاصيل وليس كلها؛ ليسهل الاطلاع، وتحصل الفائدة المرجوة.
3-التعريف بغريب الكلمات والطقوس النصرانية عن طريق الرجوع إلى معاجم النصارى أنفسهم.
4-الالتزام بإرجاع الأقوال إلى مصادرها الأصلية، حال توافرها.
5-انتهج الباحث الطريقة المختصرة في الإحالة، وذلك بذكر اسم الكتاب ثم الجزء والصفحة، وتم تأخير كامل التفاصيل إلى قائمة المراجع.
خطة البحث:
قسم الباحث بحثه إلى: مقدمة وثلاثة مباحث، ثم الخاتمة، كما يلي:
المبحث الأول: التعريف بالكنيسة.
المبحث الثاني: تاريخ المبنى الكنسي.
المبحث الثالث: مناقشة النصارى بشأن معتقدهم في المبنى الكنسي.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج.
المبحث الأول : التعريف بالكنيسة
أ-الكنيسة لغة:
الكنيسة في أصلها معربة، لذا لا نجد. بالرجوع للمعاجم اللغوية العربية. أي اشتقاق عربي لأصل هذه الكلمة، وإنما يبين معناها مباشرة.
قال ابن منظور: (جمعها كنائس، وهي معربة أصلها كنشت" ([1]).
وقال الفيروزأبادي: "والكنيسة: متعبد اليهود أو النصارى أو الكفار"([2]).
وقال الزبيدي: "والكنيسة، كسفينة: متعبد اليهود، والجمع الكنائس، وهي معربة، أصلها: كنشت، أو هي متعبد النصارى، كما هو قول الجوهري، وخطأه الصاغاني، فقال: فو سهو منة، إنما هي لليهود، والبيعة للنصارى" ([3]).
فهي تعريب للكلمة الأرامية (كنيشت أو كنيشتا)، وبعضهم يرجعها للكلمة السريانية (كنوشتو) ([4])، وكلتاهما بمعنى مجمع، والمجمع هو مكان الاجتماع، وأما كلمة (كنيسة) الواردة في العهد الجديد فهي مترجمة عن الكلمة اليونانية (إكليسيا)، وهي بمعنى يدعو أو يجمع.
جاء في معجم المصطلحات الكنسية: "أطلق هذا الاسم. كنيشت. على مكان العبادة عند اليهود في أواخر أيامهم في فلسطين أو خارجها، وتذكر المشنا (بيت هاكنيشت) أي مكان الاجتماع للدلالة على المجمع.. والكلمة اليونانية (إكليسيا) تعني عموما أي جماعة تدعى لغرض معين، ولذلك فقد ترجمت نفس الكلمة اليونانية في كتاب العهد الجديد إلى (محفل) أي اجتماع عام" ([5]).
ويقول القفص يوحنا سلامه عن (إكليسيا): "هي في وضعها الأصلي كلمة يونانية مشتقة من فعل (أكالو) أدعو، ومعناها في الأصل: اجتماع أناس كثيرين مدعوين لغرض واحد في مكان واحد، ثم أطلق هذا المعنى على الجماعة المجتمعة معا، خصوصا على جماعة الساسة الذين يجتمعون للنظر في القضايا المدنية "([6]).
ويقول الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس: "في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، هناك إشارة مكررة إلى إكليسيا كاجتماع" ([7]).
وفي اليونانية القديمة استخدمت (إكليسيا) للإشارة إلى الاجتماع البلدي لعموم المواطنين، ولم تكن في أصلها دالة على مكان العبادة أو أن لها رمزا دينيا ([8]).
مما سبق يمكن القول: بأن الكنيسة في أصل اشتقاقها لم تكن للدلالة على أي معنى ديني، بل كانت ذات مدلول وبعد اجتماعي أو سياسي.
ب -الكنيسة اصطلاحا:
تطلق (الكنيسة) في الاصطلاح على معنيين، ثم بعضهم يزيدها إلى أربع بحسب التفصيل والإجمال، كالاتي:
1-كل من انتسب إلى النصرانية، سواءا أكان من رجال الدين أم من عامة النصارى.
2-مكان العبادة وممارسة الطقوس والشعائر في الديانة النصرانية، وهو المكان الذي يلتقي فيه الرعاة مع الرعية، أو رجال الدين مع عامة النصارى.
يقول القمص يوحنا سلامه: "تدل. الكنيسة. بالمعنى الخاص على أمرين:
الأول: على جميع المؤمنين بالمسيح عموما في كل أقطار الأرض، وهي الكنيسة العمومية، أو على جماعة المسيحيين الموجودين في مدينة أو أبروشية تحت رعاية الأسقف، ككنيسة أورشليم.. أو على جماعة واحدة من المؤمنين.
الثاني: على مكان الاجتماع ذاته. أي المكان الذي يجتمع فيه المؤمنون مع أسقفهم لتأدية العبادة الإلهية..
ودلالتها على الأول بالمعنى الحقيقي، وعلى الثاني بالمعنى المجازي من باب تسمية المحل باسم الحال فيه"([9]).
ويقول مارتن لوثر: "تستعمل كلمة (كنيسة) أيضا بالمعاني الآتية:
1-كنيسة الله المنظورة.
2-طائفة دينية.
3-الكنيسة المحلية أو جماعة المصلين.
4-مكان العبادة" ([10]).
ويقول القس إبراهيم جبره: يراد بالكنيسة:
1-الشعب، أي جماعة المؤمنين.
2-الرعاة الذين يديرون شؤون الكنيسة.
3-الشعب والرعاة معا.
4-المكان المخصص للعبادة، حيث يجتمع المؤمنون ([11]).
وجاء في التقنين الكنسي: "الكنيسة كبناء، هي المكان المقدس، المدشن طقسيا، الذي تقام به الصلوات وتمارس الأسرار السبعة ([12])، وتقام به التذكارات حسب التقليد المقرر بأقوال الآباء والرسل والقديسين، وهو المكان الذي يحتضن بإذن الأسقف اجتماعات خدمة الكرازة والتربية الكنسية والعظات الإضافية موسمية أو احتفالية "([13]).
ويرى القس جيمس أنس أن الكنيسة في البداية كانت تطلق على جمع من المسيحيين يؤدون العبادة داخل مبنى واحد، ثم بعد زيادة العدد وانتشار المسيحية أصبحت تطلق على "ثلاثة معان:
1-الجماعة المحلية، وهم جماعة المؤمنين المجتمعين في مكان واحد للعبادة..
2-مجموعة كنائس في منطقة واحدة متجاورة..
3-جميع كنائس العالم، أو جميع المؤمنين الذين تجددوا بالروح القدس، واتخذوا المسيح ربا ومعلما ومخلصا وملكا في كل مكان ([14]).
ولا يجد القس هربرت لوكير حرجا في إعلان إستنكاره لما آل إليه فهم النصارى حول البنيان الكنسي، حيث يقول:" نقطة هامة، خاصة في هذه الأيام؛ حيث يتم التركيز على مبان معينة، دينية في طبيعتها، أقرب طريقة لفهم الفكرة الأخيرة عن الكنيسة كمبنى يقترحها الرسول بولس.. يجب أن نخرج من أدمغتنا أنه في القرن الأول كانت الكنيسة تتكون من طوب وأسمنت، ما كان يقصده الرسل بكلمة (كنيسة) لم يكن صرحا به منبر وهيكل ومقاعد، بل محفلا أو جماعة من المتجددين" ([15]).
كما جاء في قاموس الكتاب المقدس: "ولم تستعمل الكلمة بوضوح في العهد الجديد للدلالة على البناء الذي يجتمع فيه المسيحيون للعبادة "([16]) ([17]).
والمعنى الذي يهمنا في هذا البحث هو جانب الكنيسة المنظور، وهو البناء الكنسي الذي آل إليه النصارى، وما يتبعه من ملحقات ومكونات.
ج -أسماء الكنيسة:
يسمي النصارى كنيستهم بعدة أسماء، يزعمون أن لكل اسم مناسبة ودليلا، إما من كتابهم المقدس، أو من بعض طقوسهم، وسيرد في هذه الفقرة الأسماء التي يقلدونها كنيستهم، مع الدليل الذي يستدلون به عليها، على النحو الاتي:
1-عروس المسيح: يزعمون أن المسيح كان عريسا للكنيسة بالمعنى المجازي! يقول القفص يوحنا سلامه: فمن أسمائها عروس المسيح، لأن المسيح عريسها ([18]). ويستدلون على ذلك بما ورد في متى: "وفيما أبطأ العريس نعسن جميعهن ونمن، ففي نصف الليل صار صراخ هو ذا العريس مقبل فاخرجن للقائه" (متى 25: 5-6).
2-جسد المسيح: وذلك على اعتبار أن النصارى جميعا جسد المسيح، والمسيح هو الرأس لذلك الجسد! يقول القس بيشوي حلمي: هناك جسد واحد للمسيح وهو الكنيسة، والسيد المسيح هو رأس هذا الجسد، ونحن المؤمنين أعضاء في هذا الجسد ([19]). ودليلهم ما ورد في كتابهم المقدس:؛ وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفرادا" (رسالة كورنثوس الأولى 12: 27).
3-رعية الله: ويقولون: إن الله راعيها، ودليلهم: "ارعوا رعية الله التي بينكم.." (رسالة بطرس الأولى 5: 2-3).
4-بيت الله: ويزعمون أن الله يسكنها مع شعبه !! ودليلهم في ذلك: "وخاف وقال: ما أرهب هذا المكان، ما هذا إلا بيت الله، وهذا باب السماء" (التكوين 28: 17).
5-بناء الله: لأن الله. في زعمهم. هو بانيها! ودليلهم: "فإننا نحن عاملين مع الله وأنتم فلاحة الله بناء الله؛ (رسالة كورنثوس الأولى 3: 9).
6-بيت الصلاة: لأنها المكان الذي يتممون فيه صلواتهم، ودليلهم: "لما دخل الهيكل ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه، قائلا لهم: مكتوب أن بيتي بيت الصلاة، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص؛ (لوقا 19: 46).
7-الهيكل: لاحتوائها على الهيكل، ودليلهم: "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؛ (رسالة كورنثوس الأولى 3 :16).
8-البيعة: يقولون من (البيع) لأن المسيح. في زعمهم. ابتاع المؤمنين بدمه، وبعضهم يقول: إن الرب ابتاعها بدمه من عبودية الشيطان!
يقول القس إبراهيم جبره: "وتسمى الكنيسة (بيعة) إما من المبايعة؛ لأننا ننتخب أبناء الإيمان إلى درجات الكهنوت، وإما من البيع لأن الرب بدمه الكريم ابتاعنا من عبودية الشيطان"([20]).
ويقول ميلاد زكي:" وتسمى الكنيسة بالبيعة؛ لأن المسيح ابتاعها بدمه"([21]).
ويستدلون لذلك بما جاء في كتابهم المقدس: "والله اشتراكم ودفع الثمن، فلا تصيروا عبيدا للناس؛ (رسالة كورنثوس الأولى 7: 23).
9-حظيرة الخراف: يقولون: لأن المسيح كان هو الراعي الصالح لهم، جاء في التعليم الكاثوليكي: "نعتت بالعروس التي لا عيب فيها للحمل الذي لا عيب فيه، التي أحبها المسيح وأسلم ذاته لأجلها لكي يقدسها" ([22])، ويستدلون على ذلك بما ورد في يوحنا: "أنا هو الراعي الصالح؛ والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11).
10-حقل الله: ويزعمون أن المسيح يلقي ببذار كلمته فيها، ويستدلون على ذلك بقوله: "فإننا نحن عاملان مع الله، وأنتم فلاحة الله بناء الله؛ (رسالة كورنثوس الأولى 7: 23).
11-بيت الملائكة: ويزعمون أن الملائكة تسكن فيها، ويستدلون لذلك بما يقولونه في الذوكصولوجيه ([23]) في صلاة البكور:؛ السلام للكنيسة بيت الملائكة"([24]).
وعلى أية حال فهذه الأسماء قد تتوافق مع الدليل الذي سيق لها، وقد لا تتوافق ولا يكون هناك دلالة واضحة عليه، والعبرة بالحقائق وما دلت عليها لا بمجرد التسمية أو الادعاء.
د -رموز الكنيسة:
يعتقد النصارى بمبدأ الرمزية في دينهم؛ لذا نجدهم ينضون على أن بعض ما ورد في كتابهم المقدس كان رمزا للكنيسة، دونما دليل واضح، وقد فتحوا بذلك بابا للتقول لزيادة في الدين، ويمكن إجمال أبرز ما ورد في ذلك كما يلي:
1-سفينة نوح أو فلك نوح: يقول الأنبا تكلا: "سفينة نوح ترمز للكنيسة من حيث النجاة من الغرق والهلاك، الكنيسة كانت موجودة في سفينة نوح، والدلالة هي النجاة من الهلاك" ([25])، جاء في كتابهم المقدس: ".. إذ عصت قديما حين كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح، إذ كان الفلك يبني، الذي فيه خلص قليلون؛ (رسالة بطرس الأولى 3: 20- 21).
2-مدن الملجأ: حيث يلجأ إليها المذنب الذي يؤمن بها، ويستدلون لذلك بما ورد في سفر يشوع: "وكم الرب يشوع قائلا: كلم بني إسرائيل قائلا: اجعلوا لأنفسكم مدن الملجأ كما كلمتكم على يد موسى؛ (يشوع 20: 1-3).
3-الحمامة الوحيدة: يقول الأنبا تكلا: "باعتبار أن الكنيسة مميزة عن أي شيء في العالم هي حمامته الوحيدة الكاملة" ([26])، ويستلهمون استنباطهم من سفر نشيد الإنشاد:؛ يا حمامتي.. لأن صوتك ووجهك جميل؛ (سفر نشيد الإنشاد 2: 14).
4-الكرمة: يقول القس بيشوي حلمي: لأن الأب السماوي غرسها ([27]). ويستدلون على ذلك بقوله: " يا إله الجنود، ارجع واطلع من السماء وانظر وتعهد هذه الكرمة" (المزامير 80: 14).
5-الشبكة الجامعة: لأن الكنيسة. في زعمهم. فيها من كل الأنواع، كالشبكة التي تجمع كل نوع من أنواع السمك، ويستدلون على ذلك بما ورد في متى: "أيضا يشبه ملكوت السماوات شبكة مطروحة في البحر وجامعة من كل نوع" (متى 13: 47).
6- أورشليم السمائية: ويستندون في هذا بما ورد في سفر الرؤيا: "وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله، مهيأة كعروس مزينة لرجلها" (الرؤيا 21: 2).
7-الحقل: لأنها في زعمهم الحقل الذي يخفى فيه الكنز، يعتمدون في ذلك على مقولة: "قدم لهم مثلا أخر قائلا: يشبه ملكوت السماوات إنسانا زرع زرعا جيدا في حقله"(متى 24:13).
8-حواء: لأنها. في زعمهم. أم لكل حي، جاء في كتابهم المقدس: "دعا أدم اسم امرأته حواء، لأنها أئم كل حي" (التكوين 3: 20).
هذه جملة من الرموز التي يعتقدون دلالتها على الكنيسة في كتابهم المقدس وغيرها كثير، وفي ذكر ما سبق كفاية، ومن أراد التوسع فهي موجودة في مظانها ([28]).
وظاهر أنه لا علاقة بينة بين هذه الرموز وبين الكنيسة، وعلى طريقتهم هذه يصح تفسير كل شيء على أنه كنيسة، وليس ما ذكر فقط، وهذا يفتح باب التأويل المفضي للتحريف.
المبحث الثاني : تاريخ المبنى الكنسي
يضطرب النصارى كثيرا عند الحديث عن تاريخ الكنيسة وبنيانها؛ فمن النصارى: من يجعل الكنيسة قديمة منذ الأزل، يقول القس أثناسيوس المقاري: " ظلت الكنيسة في فكر الله منذ الأزل، ولما حان وقت استعلانها أراها الرب لموسى على الجبل بعدما صام موسى أربعين نهارا، وأربعين ليلة، وأوصاه أن يصنع كل شيء بحسب المثال الذي رأته عيناه، فتصميم الكنيسة إذا لم يكن من إنسان بل من الله" ([29]).
ومنهم: من يرى أن الكنيسة ابتدأت مع خلق الله للملائكة، يقول المتروبوليت ([30]) إيروثيوس فلاخوس: "يعلم الآباء القديسون أن بزوغ أول كنيسة كان مع خلق الملائكة، وهذا ممكن رؤيته في كتاباتهم.. الملائكة هم أعضاء في الكنيسة، لأنهم يمجدون الله" ([31]).
ومنهم: من يرى أنها نشأت لاحقا، وأن الرسل الاثني عشر تلاميذ المسيح هم من شيدوها، يقول ابن سباع: "فلما رأوا. الآباء الرسل. أن لا بد لهم من وجود مكان للاجتماع فيه، لسماع كلام الله..، فشرعوا في بنيان الكنائس في كل الأصقاع، لاجتماع المؤمنين فيها، واشتراكهم في الأسرار السبعة المقدس" ([32]).
ومنهم: من يرى أن نشأة الكنيسة مرت بثلاثة أطوار حتى نضجت، يقول القس بيشوي حلمي: " تعاقبت على الكنيسة ثلاثة أدوار رئيسة:
1-الدور الأول: من أدم وحتى موسى النبي:
كانت الكنيسة تساس خلاله بالناموس الطبيعي والتقاليد الشفوية الصادرة عن الإعلانات الإلهية المباشرة إلى الآباء الأولين..
2-الدور الثاني: من موسى النبي إلى يوم الخمسين:
وتدبرت الكنيسة خلاله بالناموس المكتوب المعطى من الله للشعب، وتم في هذه المرحلة صنع خيمة الاجتماع، وبناء هيكل سليمان.
3- الدور الثالث: من يوم الخمسين إلى نهاية العالم:
وهو عهد النعمة الذي نعيشه الآن" ([33]).
وواضح مما تقدم: الخلط بين الكنيسة كمبنى والكنيسة كمعنى، فهم يحاولون أن يجعلوا مبنى الكنيسة متقدما؛ تأكيدا على أنه لم يكن محدثا.
ويعتقد بعض النصارى أن الرهبان المتقدمين قبل زمن موسى عليه السلام كانوا يتعبدون لله في البرية، ولم تكن لهم كنائس كالتي انتهى إليها الحال في زماننا، ويبررون ذلك بالظروف المحيطة بهم في تلك الحقبة الزمنية.
يقول القمص يوحنا سلامه: "كان الآباء يعبدون الله في الجبال والأودية، وحيثما وجدوا وحلوا؛ ذلك لأن الظروف التي أحاطت بهم جعلتهم مطلقين؛ لعدم وجود شعوب تدين لله في أيامهم، وتضطرهم إلى تخصيص مكان للاجتماع وللعبادة معا" ([34]).
ويقول القس بيشوي حلمي: "في عصر الآباء البطاركة الأولين وحتى زمن موسى النبي كان الآباء يعبدون الله في الجبال والأودية وأينما حلوا، فلم تكن هناك أبنية مستقلة للعبادة "([35]).
وبعد إرسال موسى عليه السلام يذكرون بأنه صنع لهم مسكنا للعبادة، كان عبارة عن خيمة من قماش.
يقول القمص يوحنا سلامه: "لما جاء موسى بالإسرائيليين من مصر إلى أرض كنعان صنع المسكن بأمر الرب نفسه، وكان هذا المسكن غير مبني بالحجارة والأجر، بل خيمة" ([36]).
ويقول القس بيشوي حلمي: "في عصر موسى النبي وحتى الملك سليمان أقيمت خيمة الاجتماع حوالي سنة 1447 ق.م، وظلت هي مكان العبادة الوحيد لليهود مدة 480 سنة" ([37]).
ويشير بعض المؤرخين النصارى إلى أن تلك الخيمة كانت بسيطة، يقول القس أثناسيوس المقاري: "فهذه الخيمة البسيطة المقامة على عصي وأوتدة، والمسقفة بجلود تخس وشعر معزى وغنم..، قد حملت في ظاهرها وباطنها سر الكنيسة وخلاص العالم كله" ([38])، وقد بقوا على هذا الحال إلى زمن سليمان عليه السلام.
ويذكر بعض المؤرخين. كابن خلدون. أن نبي الله سليمان بنى المسجد الأقصى بعد إبراهيم -عليه السلام - على هيئة عظيمة، فنسب إليه هذا البناء.
قال ابن خلدون: "وأراد داوود عليه السلام بناء مسجده على الصخرة مكانها، فلم يتم له ذلك، وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلام" ([39]).
ويطلق اليهود والنصارى عليه (الهيكل)، كما يصر بعض النصارى على أنه كان كنيسة أو لبنة أساسية للكنيسة فيما بعد!
يقول القمص يوحنا سلامه: "بنى سليمان بيتا للرب، فكان أول كنيسة شيدت بالحجارة وخصصت وكرست لعبادة الله في العهد القديم، وتدشن وتقدس بحلول مجد الله فيه، وقد كان رمزا للمسيح، وقد أطلق على هذا البيت اسم الهيكل كما رأيت.
وكان بناء هذا البيت أو الهيكل أو الكنيسة بإلهام من الله" ([40]).
ويقول الراهب القس أثناسيوس المقاري: "كان الهيكل عظيما في بنائه، احتاج بناؤه إلى عشرة ألاف عامل متطوع، وألفي كاهن في ثيابهم المزركشة، ليضعوا حجارته بعد أن صقلها النحاتون، وكان أعجوبة زمانه" ([41]).
وقد ظل البناء قائما حتى سار إليه الملك بختنصر بن نبوزراذان فهدمه وأحرق القدس، وأباد بني إسرائيل ([42]).
يقول ابن كثير: "فعند ذلك بعث الله عليهم. بني إسرائيل. بختنصر فأقبل يسير بجنوده حتى نزل بساحتهم ثم حاصرهم، فكان كما قال تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا) (الإسراء: 5) فلما طال بهم الحصار نزلوا على حكمه، ففتحوا الأبواب وتخللوا الأزقة، وذلك قوله: (فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ)، وحكم فيهم حكم الجاهلية وبطش الجبارين، فقتل منهم الثلث، وسبى الثلث، وترك الزمنى والشيوخ والعجائز، ثم وطئهم بالخيل وهدم بيت المقدس.. ودخل بختنصر بجنوده بيت المقدس، ووطئ الشام كلها، وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم" ([43]).
بعد ذلك لا يذكر النصارى أي تشييد للكنائس، حتى عهد عيسى عليه السلام، ويذكرون أن أول مكان اجتمع فيه تلاميذ المسيح كان في العلية ([44]) من بيت أم مرقس بعد رفع المسيح عليه السلام، ولم يكن ثمة كنائس أو دور عبادة.
يقول الأنبا يوأنس: "وقد تأسست الكنيسة في يوم الخمسين في علية في منزل مريم أم يوحنا الملقب مرقس"([45]).
ويقول القس هربرت لوكير: "ففي حقيقة الأمر لم توجد الكنيسة كجسد واحد سوى بعد صعود المسيح، ولهذا فإن يوم الخمسين يوصف بحق بأنه يوم ميلاد الكنيسة.. لقد بدأت الكنيسة تاريخيا مع اجتماع التلاميذ معا في تلك العلية"([46]).
ويقول القس ناشد حنا: "إن الكنيسة لم يبدأ تأسيسها إلا في يوم الخمسين؛ حيث كان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون، أما قبل ذلك فأشار الرب إلى الكنيسة كشيء مستقبل" ([47]).
ويرجع عدم وجود الكنائس في ذلك الوقت للاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له، يقول ابن حزم: "وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط.. وإن كل من أمن به فإنهم كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه إلى الدعاء إلى ملته ولا يظهر دينه، وكل من ظفر به منهم قتل إما بالحجارة، كما قتل يعقوب بن يوسف النجار.. وإما طلب كما صلب باطرة وأندرياس.. أو قتلوا بالسيف.. أو بالسم كما قتل يوحنا ابن سيذاي، فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة ولا لهم مكان يأمنون فيه مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح عليه السلام" ([48]).
ويقول القمص يوحنا سلامه: "أول مكان اجتمع فيه الرسل هو العلية حيث حل عليهم الروح القدس فيها، وأحيانا في الهيكل؛ حيث حل عليهم الروح القدس فيها، ذلك لأن ظروف المسيحيين لم تكن أرحب من ظروف الإسرائيليين، لأن الضيقات المتنوعة المرة القاسية والعذابات الشديدة التي لاقوها حالت دون تشييد أماكن خصوصية للعبادة حتى يعين لها اسم تعرف به، فكانوا يجتمعون في بيوت بعضهم بعضا إذا أمنوا سطوة القساة الظالمين، ومطاردة المستبدين الجائرين"([49]).
إذن، ومن خلال هذا العرض الذي نقلته من كلام القساوسة أنفسهم يتبين أن الكنيسة كبنيان. في واقع الأمر. لم تكن موجودة في عهد المسيح، وأن ما يعتبرونه بداية لانطلاق الكنيسة إنما كان في العلية بعد رفع المسيح في اعتقادهم.
والعلية لم تكن أبدا كنيسة، ولا يوجد دليل يشهد لمن يقول: بأنها كانت كنيسة، لذا لجأ النصارى إلى تعزيز موقفهم بالقول: بأن المسيح عليه السلام هو من أمر ببنائها وإن لم يبنها بنفسه ولكن تلاميذه من بعده.
ويستدلون على ذلك بما ورد في متى من أن المسيح جاء إلى بطرس في المنام وقال له: " قم يا بطرس، وابن على هذه الصخرة كنيستي" (متى 16/18).
وجاء في معجم اللاهوت الكتابي: "فهم. تلاميذ المسيح. في الوقت نفسه، (أساسات) و(مؤسسين) للكنائس التي أنجبوها.. فكل شيء في ذلك البناء هو من صنع الله، وهو بأكمله قد شيد على يد القديسين، فذلك هو سر النعمة" ([50]).
والى جانب القول: بأن العلية كانت هي الكنيسة الأولى؛ لا نجد النصارى متفقين على تعيين أول كنيسة! فهناك من يرى أن كنيسة أورشليم كانت أول كنيسة شيدت، وما قبلها إنما كانت اجتماعات في أماكن عامة وليست كنيسة، يقول القس إبراهيم جبره: "ولم يتيسر بادئ الأمر بناء كنيسة، بل أول مكان اجتمع فيه الرسل هو العلية، وفيها حل الروح القدس عليهم، وكانوا يواظبون على الاجتماع فيها حتى تأسست الكنيسة الأولى، وهي كنيسة أورشليم" ([51]).
وهناك من يرى أن انطلاقة الكنائس وبداياتها إنما كانت في مصر لا أورشليم، يقول القس أثناسيوس المقاري: "مصر هي أولى بلدان العالم التي عرفت بناء الكنائس، إن لم تكن أولها على الإطلاق، ويؤكد المؤرخ ألفريد بتلر على هذه الحقيقة فيقول: بالنظر إلى أن مصر هي الأقرب إلى مهد الديانة المسيحية، وأن كنيستها قد أسسها القديس مرقس، فإنه من المحتمل بأن تكون الإسكندرية قد سبقت بقية بلدان العالم في بناء الكنائس، وذلك هو وضعها الطبيعي في الحضارة بوجه عام" ([52]).
وتذكر المصادر أن انطلاقة الكنائس الحقيقية كانت في القرن الثالث الميلادي، وأما انتشارها: فكان في القرن الرابع الميلادي بعد إقرار المجامع تعاليم بولس، وسماح الحكام لهم بالبناء.
يقول جون لوريمر: "شهد القرن الثالث تطورا في بناء الكنائس، وقبل ذلك كان المسيحيون يجتمعون سرا في البيوت، ولكن عندما بدأت السلطات تسمح لهم باقتناء بعض الممتلكات كالمقابر مثلا، بدؤوا بالتدريج يبنون كنائس بسيطة" ([53]).
ويقول القش أثناسيوس المقاري: "ومعروف أنه بدءا من القرن الرابع الميلادي، وبعد منشور ميلان سنة 313 م، وبعد أن صارت المسيحية ديانة معترفا بها في الإمبراطورية الرومانية؛ بدأ عصر بناء الكنائس والكاتدرائيات"([54]).
ويقول القس إبراهيم جبره: "ولما شعر المسيحيون بالأمن والحرية أخذوا يشيدون الكنائس" ([55]).
وعلى هذا فيمكن القول: أن الكنيسة في العصر الأول من زمن المسيح لم تكن موجودة كبنيان، وما يذكره النصارى في هذا الشأن يحمل على الجانب الآخر في تعريف الكنيسة المتمثل فيما يسمونه بالرعاة والرعية، وغاية الأمر أن يقال أن مكان العبادة كان عبارة عن خيمة أو غرفة إنما اتخذت بشكل مبسط لممارسة العبادة، ولم تكن بتفاصيل وتقاسيم مبنى الكنيسة الحالي، والله أعلم.
يتبع