تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الموازنة العلمية بين كتابي: " التاريخ الكبير" للإمام البخاري " و " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي الموازنة العلمية بين كتابي: " التاريخ الكبير" للإمام البخاري " و " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي

    الموازنة العلمية بين كتابي: " التاريخ الكبير" للإمام البخاري "


    و " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي




    د. فاطمة الزهراء عواطيى (*)




    ملخص البحث:

    يهدف هذا البحث إلى إجراء موازنة علمية، موضوعية، مختصرة، وفق منهج علمي مقارن، بين كتابين عظيمين في مجالهما هما: كتاب "التاريخ الكبير" للإمام البخاري ، وكتاب "الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرازي " للوقوف على أهم ما يتميز به كل واحد من الكتابين ، ومعرفة ماذا أضاف المتأخر منهما على المتقدم ، وأيضا للوقوف على مدى صحة ما شاع بين الباحثين من أن ابن أبي حاتم قام بالمهمة التي قعد عنها البخاري، وهي ذكر الجرح والتعديل في كل راو ذكره في كتابه " الجرح والتعديل"، وبالتالي فقد أغنى كتابه عن الرجوع إلى كتاب البخاري " التاريخ الكبير" في هذا المجال، (أعني ذكر أقوال الجرح والتعديل في الرواة)، فكل من كان من الرواة مسكوتا عليه عند ابن أبي حاتم هو بالضرورة مسكوت عليه عند البخاري.

    وقد ساعد على ترسيخ هذا الاعتقاد بعض النصوص المنقولة عن بعض العلماء المتقدمين والمتأخرين كما سيأتي في البحث.
    وبعد الدراسة خلص البحث إلى بعض النتائج المتعلقة بهذا الموضوع، ومن بينها: أن ابن أبي حاتم قفد واتبع البخاري في تأليف كتاب الجرح والتعديل "لكنه زاد عليه في عدد التراجم، حيث أضاف ستا وخمسين وأربعة ألاف ترجمة -4056- على عدد تراجم التاريخ الكبير، وأيضا أكثر من نقل أقوال الأئمة في الجرح والتعديل، بخلاف البخاري. لكن الميزة التي أراد ابن أبي حاتم أن يحققها في كتابه: وهي ذكر الجرح والتعديل في كل راو أورده فيه لم تتحقق؛ وجاءت بعض تراجم الكتاب من دون ذكر الجرح والتعديل فيها؛ ولأن ابن أبي حاتم تفادى نقل كلام البخاري في الرواة، ولم يجعله من مصادره في الجرح والتعديل، رغم أنه لم يعثر على ذلك عند غيره، أصبحت هناك تراجم متكلم فيها عند البخاري ومسكوت عليها عند ابن أبي حاتم؛ وهي دليل على إمامة البخاري وتفوقه على أقرانه وشيوخه؛ لتفرده بأحكام جرح وتعديل وعلمه بأحوال رواة لم يعلم بحالهم غيره.
    خطة البحث

    المقدمة

    المبحث الأول: التعريف بكتاب " التاريخ الكبير" وغرض البخاري من تأليفه ومنهجه فيه، وكتاب " الجرح والتعديل " وغرض ابن أبي حاتم من تأليفه ومنهجه فيه، وبيان أهمية الكتابين.
    المطلب الأول: التعريف بكتاب "التاريخ الكبير" والغرض من تأليفه ومنهجه، وبيان أهميته.
    المطلب الثاني: التعريف بكتاب "الجرح والتعديل " والغرض من تأليفه ومنهجه، وبيان أهميته.
    المبحث الثاني: هل كل من سكت عنه ابن أبي حاتم سكت عنه البخاري؟
    المبحث الثالث: اعتراضات ابن أبي حاتم والخطيب البغدادي على البخاري ومناقشتها.
    الخاتمة ونتائج البحث.

    المقدمة:

    بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد:
    فقد تعددت كتب الرجال وتنوعت، فمنها : ما كان خاصا بذكر طبقاتهم، أو أنسابهم، أو وفياتهم ، أو درجاتهم في مراتب الجرح والتعديل؛ وهذه الأخيرة قد تنوعت هي بدورها، فمنها : ما هو خاص بالثقات من الرواة فقط، ومنها : ما هو خاص بالضعفاء والمتروكين، ومنها : ما جمع بين كل ذلك في مؤلف واحد.
    ومن الكتب العمدة في هذا الفن، كتاب "التاريخ الكبير" للإمام البخاري، وكتاب " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي.
    هناك من اتهم ابن أبي حاتم بأنه أتى على كتاب البخاري "التاريخ الكبير" فنسبه لنفسه؛ فهو يتبعه في الترتيب والتبويب، ويطابقه في إيراد كثير من التراجم فلا يقول فيها أكثر مما قاله البخاري؛ يذكر أن أبا أحمد الحاكم الكبير ([1]) ورد بلاد الري فسمعهم يقرؤون على ابن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل فقال: " قلت لابن عبدويه الوراق ، هذه ضحكة؛ أراكم تقرؤون كتاب التاريخ للبخاري على شيخكم وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم. فقال: يا أبا أحمد، إن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما تاريخ البخاري قالا: هذا علم لا يستغنى عنه، ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا. فأقعدا عبد الرحمن يسألهما عن رجل بعد رجل وزادا فيه ونقصا" ([2])
    وهناك من يرى أن ابن أبي حاتم، وإن كان قد ألف كتابه اعتمادا على كتاب التاريخ الكبير للبخاري، غير أنه قام بعمل عظيم مئين كتابه عن كتاب البخاري تمثل في ذكر الجرح والتعديل في تراجم كتابه، وهو الأمر الذي أهمله البخاري في تاريخه. ومن هؤلاء: ابن رجب الحنبلي حين قال يصف كتاب التاريخ الكبير: " وهو كتاب جليل لم يسبق إلى مثله رحمه الله ورضي عنه، وهو جامع لذلك كله. ثم لما وقف عليه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان رحمهما الله صنفا على منواله كتابين: أحدهما كتاب الجرح والتعديل، وفي كتابهما من ذلك شيء كثير لم يذكره البخاري، والثاني كتاب العلل أفردا فيه الكلام في العلل" ([3])
    وإذا نظرنا إلى الدراسات الأكاديمية في مجال الرواة المسكوت عليهم؛ نجدها جميعها أو معظمها قد اتجهت نحو كتاب ابن أبي حاتم، فتناولته بسلسلة بحوث رسائل ماجستير أو دكتوراه في الرواة المسكوت عنهم فيه، بينما لا نكاد نقف على دراسة واحدة في الرواة المسكوت عنهم في التاريخ الكبير؛ وكل ما وجدناه بعض المقالات العلمية في اختلاف العلماء في حكم المسكوت عنهم في التاريخ الكبير بين التوثيق والتضعيف.
    مع أن الواقع العلمي يظهر لنا تراجم كثيرة مسكوتا عليها عند ابن أبي حاتم قد تكلم فيها البخاري في التاريخ الكبير؛ وهذا يعني أنه ليس كل من سكت عليه ابن أبي حاتم قد سكت عليه البخاري؛ وبالتالي فالرواة المسكوت عليهم عند ابن أبي حاتم هم غيرهم عند البخاري، أو أن جزءا كبيرا منهم ليس كذلك، ولا يغني الرجوع إلى كتاب الجرح والتعديل وعدم العثور على كلام النقاد في ترجمة ما عن الرجوع إلى كتاب التاريخ الكبير فقد نجد كلاما فيها.
    وإنني في هذه الدراسة، أسعى إلى عقد موازنة علمية بين الكتابين؛ لأبين كيف استفاد ابن أبي حاتم في تأليف كتابه "الجرح والتعديل" من كتاب البخاري "التاريخ الكبير"، وماذا كان غرض كل مؤلف منهما من تأليف كتابه، وهل تحقق له غرضه؛ ولأبرز منهج الكتابين وجوانب تميز كل واحد منهما، ولأبين بالأمثلة أن ابن أبي حاتم سكت على كثير ممن تكلم فيهم البخاري.
    وسيتم تحرير كل هذه المسائل في المباحث الآتية من البحث.

    المبحث الأول: التعريف بكتاب " التاريخ الكبير" وغرض البخاري من تأليفه

    ومنهجه فيه، وكتاب " الجرح والتعديل" وغرض ابن أبي حاتم من تأليفه
    ومنهجه فيه، وبيان أهمية الكتابين.
    المطلب الأول: التعريف بكتاب "التاريخ الكبير" والغرض من تأليفه ومنهجه، وبيان أهميته.

    التعريف بكتاب "التاريخ الكبير"

    يعد كتاب البخاري " التاريخ الكبير" موسوعة شاملة، تزخر بفوائد غزيرة، ومادة علمية غنية في الرجال والحديث. سماه هو بنفسه "التاريخ الكبير" وأشاد به أكثر من إشادته بأي كتاب سواه ألفه، فقد ورد عنه أنه قال: " حججت، ورجع أخي بأمي، وتخلفت في طلب الحديث. فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى، وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة، وقل اسم في التاريخ، إلا وله قصة، إلا أنني كرهت تطويل الكتاب" ([4]).
    وصرح البخاري نفسه بصعوبة تناول تاريخه وإدراك أغواره فقال: " لو نشر بعض أستاذي هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت التاريخ ولا عرفوه. صنفته ثلاث مرات". ([5]).
    تصحيح الخطأ الشائع في عدد تراجم "التاريخ الكبير":

    جدير بالذكر أن خطأ كبيرا وقع في عدد تراجم التاريخ الكبير ما زال يتناقل بين العلماء والباحثين، دون التنبيه عليه وتصحيحه، وهو أن عدد تراجم كتاب " التاريخ الكبير" أربعون ألف ترجمة، وأول من وقفت على قوله هذا الإمام الذهبي رحمه الله نقلا عن أبي بكر الحازمي، حيث قال عند كلامه عن مؤلفات البخاري في الرجال:" ... تاريخ البخاري يشمل على نحو من أربعين ألفا وزيادة. وكتابه في الضعفاء دون السبع مائة نفس، ومن خرج لهم فى صحيحه دون الألفين . قال ذلك أبو بكر الحازمى فصحيحه مختصر جدا." ([6])
    وكذلك قال صاحب الرسالة المستطرفة: "تاريخ البخاري الكبير جمع فيه أسامى من روي عنه الحديث من زمن الصحابة إلى زمنه، فبلغ عددهم قريبا من أربعين ألفا بين رجل وامرأة وضعيف وثقة. لكن جمع الحاكم من ظهر جرحه من جملة الأربعين ألفا، فلم يزيدوا على مائة وعشرين رجلا" ([7])
    ومن المعاصرين: الأستاذ الدكتور فاروق حمادة، حيث قال في كتابه " تطور دراسات السنة النبوية نهضتها المعاصرة وآفاقها مدخل لدراسات السنة النبوية" ([8]) :" كتاب التاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري (المتوفي 256 هـ) الذي حاول أن يستوعب فيه الرواة للحديث من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أيامه، وقد بناه على الاختصار، وذكر فيه نحوا من ثلاثين ألف ترجمة." ثم نقل فاروق حمادة عن مقدمة الأصول 1/ 172 نص الحاكم النيسابوري:" . .. صنف كتابا في التاريخ جمع أسامي من روي عنهم الحديث من زمن الصحابة إلى زمن خمسين (يعني زمن ما قبيل وفاة البخاري فقد توفي سنة 256 ه، فبلغ عددهم قريبا من أربعين ألف رجل وامرأة."
    وعدد الأربعين ألف ترجمة مبالغ فيه؛ إذ هو تقريبا ثلاثة أضعاف العدد الحقيقي لتراجم الكتاب. فقد عددتها جميعا ولم أقف على أكثر من اثنين وثمانين وتسعمائة وثلاث عشرة ألف ترجمة -13982- أي ما يقارب أربع عشرة ألفا. (هذا إذا أدخلنا مع تراجم التاريخ الكبير تراجم كتاب "الكنى" الذى اعتبره بعضهم منفصلا عن التاريخ وألحق به - فقط - فى الطبع وعدد تراجمه ثلاث وتسعون وتسعمائة كنية.) فعدد الأربعين ألفا وهم وخطأ تناقلته الكتب عبر الأجيال، ولم أجد من حقق فيه أو نبه إليه وأشار. والأكيد: أن أول من ضبط هذا العدد - حتى وإن لم يكن ضبطا دقيقا وإنما تقريبيا فقط - لم يرفعه إلى هذا الحد البعيد جدا عن الواقع، ولذا يترجح لدي أن أول من فعل ذلك إنما قال : إن في الكتاب حوالى أربع عشرة ألف ترجمة، لكن العبارة صحفت إلى أربعين ألف، ثم تداولتها الكتب و المراجع دون تحقيق فيها أو تصحيح لها.
    غرض البخاري من تأليف كتاب "التاريخ الكبير"

    اختار البخاري اسم "التاريخ الكبير " لكتابه ، وضمنه عددا ضخما من تراجم رواة امتد زمنهم من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصره، ويبدو أن هدف البخاري منه هو: ذكر كل من روى ولو حرفا واحدا. فعندما نبحث عن تراجمه في كتب الرجال الأخرى نجد أن كثيرا منها لا توجد في كتب الذين سبقوه، وإن وجدت في كتب المتأخرين فيكتفى بنقل عبارة البخاري فيها دون تغيير أو إضافة، وعلى هذا يكون التاريخ الكبير المصدر الأول والوحيد لهذه التراجم.
    إذا، فغرض البخاري كان استيعاب رواة الآثار على اختلاف مراتبهم، وطبقاتهم، وإكثارهم وإقلالهم، من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمنه في مؤلف واحد، وقد تحقق له ذلك.
    منهج البخاري في كتاب "التاريخ الكبير"

    أوجز الإمام البخاري رحمه الله إيجازا شديدا في شرح منهج كتابه التاريخ فقال: " هذه الأسامي وضعت على أ، ب ، ت ، ث ، وإنما بدئ بمحمد من بين حروف أ، ب ، ت ، ث لحال النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن اسمه محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا فرغ من المحمدين ابتدئ في الألف ثم الباء ثم التاء ثم التاء ثم ينتهي بها إلى أخر حروف أ، ب ، ت، وهي ي . والميم تجيئك موضعها، ثم هؤلاء المحمدون على أ، ب، ت، ث على أسماء آبائهم " لأنها قد كثرت إلا نحو من عشرة أسماء فإنها ليست على أ، ب ، ت ، ث لأنهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم." ([9])
    وكان رحمه الله قبل ذكر هذا الكلام و البدء فى سرد تراجم كتابه على النحو الذى بينه، قد ترجم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله فاتحة كتابه مفردا إياه عن باقي التراجم.
    واعتنى الإمام البخاري بذكر الاختلافات الواردة في اسم الراوي، أو كنيته، أو نسبه، فحكم في بعض التراجم بالجمع بين اسمين فأكثر وجعلها لرجل واحد عرف بعدة أسماء كقوله: محمد بن أبي جحيفة، وهو محمد بن سفيان، وهو محمد أبو عبد الله. وفي بعض التراجم فرق الاسم الواحد وجعله لرواة مختلفين ، كقوله مثلا : الصنابحى، وهو غير صاحب النبي (صلى الله عليه وسلم) وذاك كذلك الصنابحي . فهذا سمع من أبى بكر عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) وذاك لقي النبي وسمع منه.
    وفى تراجم أخرى اكتفى بإيراد الاختلافات الواردة في اسم صاحب الترجمة دون ترجيح.
    وقد يذكر الجرح أو التعديل في بعض التراجم، وقد لا يفعل ، وقد يورد حديثا أو أكثر في الترجمة وقد لا يفعل.

    أهمية كتاب "التاريخ الكبير

    صرح الأئمة بعد البخاري بإفادتهم من تاريخه وإعجابهم به، حيث يقول وراقه محمد بن أبي حاتم: "سمعت أبا سهل محمود الشافعي يقول: سمعت أكثر من ثلاثين عالما من علماء مصر يقولون: حاجتنا من الدنيا النظر في تاريخ محمد بن إسماعيل" ([10])
    وحكى ابن حجر عن الحافظ أبى العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ([11]) :"لو أن رجلا كتب ثلاثين ألف حديث لما استغنى عن تاريخ محمد بن إسماعيل" ([12])
    وأعجب شيخه الإمام الجهبذ ابن راهويه بتاريخه وانبهر به؛ فأخذه ودخل على الأمير عبد الله بن طاهر وقال له: "أيها الأمير! ألا أريك سحرا؟!" ([13])
    وأشاد به تلميذه أبو عيسى الترمذي فقال: "لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل" ([14])
    وعقب ابن رجب على قول الترمذي هذا فقال: "...مع أنه رأى أبا زرعة وعبد الله ابن عبد الرحمن الدارمي وذاكرهما. ولكن أكثر علمه مستفاد من البخاري . وكلامه كالصريح في تفضيل البخاري في هذا العلم على أبي زرعة والدارمي وغيرهما" ([15])
    فأهمية "التاريخ الكبير" وقيمته العلمية هي فيما امتاز به من ميزات كبيرة أهلته لتصدر كل ما كان قبله وبعده من المؤلفات في هذا العلم الشريف. وتتمثل هذه المميزات أساسا في:
    أنه أول مصنف حاول جمع جميع نقلة الآثار ورواة الأخبار على اختلاف أمصارهم وطبقاتهم ومراتبهم من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن البخاري.
    أنه أول مصنف رتبت مادته العلمية ترتيبا مبتكرا بحسب ترتيب حروف المعجم؛ فكان بذلك عملا في غاية الدقة والمنهجية العلمية.
    أنه احتوى على جميع أقسام علوم الحديث: علم الرجال وكل ما يتعلق به من الجرح والتعديل والوفيات والأنساب .. .وعلم العلل.
    فأهمية الكتاب ومكانته العلمية لا تخفى على كل طالب علم، أو مشتغل بالسنة النبوية الشريفة.
    المطلب الثاني: التعريف بكتاب "الجرح والتعديل " والغرض من تأليفه ومنهجه، وبيان أهميته.

    التعريف بكتاب "الجرح والتعديل"

    كتاب الجرح والتعديل جمع فيه مؤلفه علم أبيه أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ( ت 277 هـ) ، وعلم أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي (ت 264 هـ)
    وحاول - بدوره - استيعاب الرواة من لدن الصحابة إلى أيامه في نهاية القرن الثالث الهجري، فجمع نحو 18038 ترجمة، رتبها على حروف المعجم . ويتميز كتاب الجرح والتعديل عن التاريخ الكبير بزيادة في عدد تراجمه إذ بلغت 18038 ترجمة ، في حين بلغ عدد تراجم التاريخ 13982؛ وذلك لتأخر وفاة ابن أبي حاتم عن وفاة البخاري. وأيضا بذكره أحكاما كثيرة في الجرح والتعديل.
    وقد صرح أكثر من واحد من الأئمة أن كتاب الجرح والتعديل مستنبط من تاريخ البخاري ([16])، ولهذا جاء الكتابان متشابهين كثيرا وأحيانا متطابقين في مادتهما وطريقة ترتيبها، إلا في جزئيات يسيرة، كأن يطلق ابن أبي حاتم في أخر كل باب على الذين يحملون الاسم الذى هو بصدد ذكره في ذلك الباب، ولكنهم لا يعرفون بآبائهم ولا ينسبون عنوان : " باب تسمية إبراهيم الذين لا ينسبون " مثلا وهؤلاء يذكرهم البخاري تحت قوله :"ومن أفناء الناس" .ويختم ابن أبي حاتم كل حرف بـــــ " باب للأفراد"، وهم الذين لا يوجد في الرواة من يسمى بذاك الاسم إلا واحد، وهؤلاء يذكرهم البخاري في نهاية كل حرف تحت عنوان :"باب الواحد".
    غرض ابن أبي حاتم من تأليف كتاب "الجرح والتعديل"

    اختار ابن أبي حاتم لكتابه اسم " الجرح والتعديل" وصرح بأن المراد منه غرضان اثنان: أولهما : الاستيعاب ، وثانيهما ذكر الجرح أو التعديل في كل راو ذكره في كتابه. قال رحمه الله:

    " قد ذكرنا أسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل؛ كتبناها ليشمل الكتاب على كل من زوي عنه العلم؛ رجاء وجود الجرح والتعديل فيهم فنحن ملحقوها بهم إن شاء الله تعالى" ([17])
    أما الاستيعاب: فقد تحقق له، لكن ذكر الجرح والتعديل في كل راو ذكره في كتابه لم يتحقق، وجاءت تراجم كثيرة خالية من ذكر الجرح والتعديل فيها؛ لأنه لم يعثر على ذلك.

    منهج ابن أبي حاتم في كتاب " الجرح والتعديل"

    قال ابن أبي حاتم في توضيح منهجه في كتابه :" وقصدنا بحكايتنا الجرح والتعديل في كتابنا هذا إلى العارفين به، العالمين له، متأخرا بعد متقدم إلى أن انتهت بنا الحكاية إلى أبي وأبي زرعة رحمهما الله، ولم نحك عن قوم قد تكلموا في ذلك لقلة معرفتهم به، ونسبنا كل حكاية إلى حاكيها والجواب إلى صاحبه، ونظرنا في اختلاف أقوال الأئمة في المسؤولين عنهم فحذفنا تناقض قول كل واحد منهم، وألحقنا بكل مسؤول عنه ما لاق به وأشبهه من جوابهم. على أنا قد ذكرنا أسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل، كتبناها ليشتمل الكتاب على كل من روي عنه العلم؛ رجاء وجود الجرح والتعديل فيهم فنحن ملحقوها بهم من بعد إن شاء الله تعالى. وخرجنا الأسامي كلها على حروف المعجم وتأليفها، وخرجنا ما كثر منها في الحرف الواحد على المعجم أيضا في أسماء آبائهم " ليسهل على الطالب إصابة ما يريد منها، ويتجه لموضع الحاجة إليها إن شاء الله تعالى" ([18])
    فوضح لنا كلامه رحمه الله أن:

    غرضه من الكتاب هو ذكر كل من روي عنه العلم من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمانه، فهو يهدف لاستيعاب كل رواة الحديث لهذه الفترة.
    بيان حال كل راو ذكره في كتابه وذلك بإيراد كلام النقاد فيه من جرح أو تعديل، وهي مهمته الأساسية في هذا الكتاب.
    مصادره التي يأخذ منها الجرح والتعديل منتقاة، فهو لا يقبل كلام أي متكلم في الراوي، وإنما يعتمد في ذلك على الأئمة العارفين بذلك حسب قوله، وجعل على رأس هؤلاء أباه وأبا زرعة الرازيين.
    إذا وجد اختلافا أو تناقضا في أقوال الأئمة في راو من الرواة فإنه يعمد إلى الترجيح واختيار ما يراه الأنسب والأقرب إلى الصواب في الحكم على الراوي.
    وعند النظر في تراجم كتاب ابن أبي حاتم لا نجده نقل في أي ترجمة أحكام البخاري في الجرح والتعديل رغم وقوفه عليها، ورغم عدم عثوره لكلام الأئمة فيها سوى كلام البخاري " فكأنه رحمه الله لا يدرج البخاري ضمن مصادره في الجرح والتعديل.


    أهمية كتاب "الجرح والتعديل.

    لا شك أن لكتاب الجرح والتعديل مكانته بوصفه مصدرا مهما في باب التراجم والجرح والتعديل ، وقد زاد عدد تراجمه على عدد تراجم التاريخ الكبير بـــــــ 4056 ترجمة، وهو وإن كان قد اعتمد على كتاب التاريخ الكبير، إلا أنه تميز عنه بأن حشد لنا كثيرا من أقوال العلماء في الجرح والتعديل لم يذكرها البخاري . غير أن كتاب " الجرح والتعديل " قلل من ذكر الروايات خلال التراجم، وخلا من ذكر علل الحديث، وذلك بسبب أن ابن أبي حاتم أفرد لذلك كتابا آخر هو كتاب العلل.

    المبحث الثاني: هل هل كل من سكت عليه ابن أبي حاتم سكت عليه البخاري؟

    كما سبق بيانه؛ فقد ألف ابن أبي حاتم كتاب "الجرح والتعديل " انطلاقا من كتاب "التاريخ الكبير" وقصد به تحقيق أمر هام أهمله البخاري في تاريخه ألا وهو ذكر الجرح والتعديل في كل راو أودعه كتابه.
    قال عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في مقدمة " التقدمة لمعرفة كتاب الجرح والتعديل":
    " ... تاريخ البخاري خال في الغالب من التصريح بالحكم على الرواة بالتعديل أو الجرح . أحس الإمامان الجليلان أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي وأبو زرعة عبيدات بن عبد الكريم الرازي وهما من أقران البخاري ونظرائه في العلم والمعرفة والإمامة أحسا بهذا النقص فأحبا تكميله" ([19])
    فجعل الهدف من تأليف كتاب الجرح والتعديل هو جبر النقص الذي في التاريخ الكبير ألا وهو ذكر أقوال الجرح والتعديل التي غابت عن تراجم كثيرة في التاريخ الكبير.
    وقال أحمد محمد نور سيف: " لقد ألف البخاري كتابه وسماه التاريخ ([20]) مع أنه يضم مادة كبيرة في تراجم الرواة وعلل الحديث ، إلا أنه في مقياس الجرح والتعديل لم يبلغ الغاية التي تنشد في الكتب المؤلفة لهذا الغرض؛ فقد وقف البخاري رحمه الله بكتابه في منتصف الشوط، وجاء ابن أبي حاتم فسار بالكتاب إلى نهايته؛ وذلك لأنه حشد له من أقوال النقاد في الجرح والتعديل ما تمم به فائدته، وهذا العمل في الحقيقة يمثل نقلة عظيمة بمادة الكتاب...." ([21])
    يفهم من كلام الدكتور أحمد محمد نور سيف أن كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ما هو إلا كتاب التاريخ الكبير للبخاري ، مضافا إليه كلام العلماء جرحا وتعديلا.
    وعليه يفترض :

    أن التراجم المسكوت عليها عند البخاري قد ذكر ابن أبي حاتم فيها الجرح أو التعديل، وكذلك من باب أولى المتكلم فيها عند البخاري.
    وأن التراجم المسكوت عليها عند ابن أبي حاتم هي بالضرورة مسكوت عليها عند البخاري.
    وأنه لا توجد ترجمة متكلم فيها عند البخاري مسكوت عليها عند ابن أبي حاتم.
    وتوجد تراجم كثيرة متكلم فيها عند ابن أبي حاتم، ومسكوت عليها عند البخاري.
    وبناء على هذه الافتراضات التي صارت حقيقة مسلما بها عند أكثرهم، اتجهت دراسات الباحثين حول "الرواة المسكوت عليهم " كلها إلى كتاب الجرح والتعديل، ظنا من أصحابها أن المسكوت عليهم عند ابن أبي حاتم هم من باب أولى مسكوت عليهم عند البخاري " لأن ابن أبي حاتم تولى مهمة بيان كلام الأئمة في كل من سكت عليه البخاري في تاريخه.
    لكن الدراسة المقارنة بين الكتابين أوقفتني على عشرين ترجمة على الأقل من التراجم التي جرحها البخاري بنفسه أو عدلها ولم ينقل فيها ابن أبي حاتم جرحا أو تعديلا. فهي متكلم فيها عند البخاري ومسكوت عليها عند ابن أبي حاتم . ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
    قال البخاري :"علي بن علقمة الأنماري الأنصاري، عن علي رضي الله عنه، روى عنه سالم بن أبي الجعد. في الكوفين . في حديثه نظر"(ت 2429 (2/ 289)
    - قال ابن أبي حاتم :"علي بن علقمة الأنماري، كوفي، روى عن علي وعبد الله بن مسعود، روى عنه سالم بن أبي الجعد . سمعت أبي يقول ذلك. "(ت 1084 (6 / 197)).
    قال البخاري: "عمران بن سريع: كنا مع حذيفة في مسجد الكوفة فأنشأ يحدث عن الأحزاب. وروى عنه علقمة بن مرثد. في حديثه نظر".(ت 2821 (3/ 413)).
    - قال ابن أبي حاتم: "عمران بن سريع ، قال : كنا مع حذيفة فى مسجد الكوفة فأنشأ يحدث عن الأحزاب. روى عنه علقمة بن مرثد. سمعت أبي يقول ذلك" (ت 1659 (6/299)).
    قال البخاري: "عقبة بن يريم، عن أبي ثعلبة. روى عنه عروة بن رويم الشامي. في صحة خبره نظر" (ت 2906 (6/ 436))
    - قال ابن أبي حاتم: "عقبة بن يريم، روى عن أبي ثعلبة الخشني، روى عنه عروة ابن رويم، الشامي، الفلسطيني. سمعت أبي يقول ذلك" (ت 1773 (6/318).
    قال البخاري: "عباد بن أبي موسى، عن سلم بن زياد، عن ميمونة رضي الله عنها. روى عنه يحيى بن سليم الطائفي. إسناد مجهول " (ت 1636(6/ 42)).
    - قال ابن أبي حاتم: "عباد بن أبي موسى، روى عن سلم بن زياد، عن ميمونة. روى عنه يحيى بن سليم . سمعت أبي يقول ذلك . (ت 444 (6/87)).
    قال البخاري: "برذعة بن عبد الرحمن، عن أبي الخليل، عن سلمان، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : سميت -يعني الحسن والحسين - باسم ابني هارون. قاله لنا مالك بن إسماعيل عن عمرو بن حريث عن برذعة . إسناده مجهول " (ت 2001 (2/147)).
    - قال ابن أبي حاتم: "روى عن أبي الخليل عن سلمان. روى عنه عمرو بن حريث الكوفي . سمعت أبي يقول ذلك." (ت 1745 (2/439)).
    قال البخاري: "أرقم بن أبي أرقم، حدثني عمرو بن علي، حدثنا أبو قتيبة، حدثنا حميد الخياط، عن أرقم ابن أبي أرقم : سئل ابن عباس: رأى محمد ربه ؟، قال: نعم مرتين. هو شيخ مجهول، لا يعرف إلا بهذا" (ت 1639 (2/47 )).
    قال ابن أبي حاتم : " أرقم بن أبي أرقم ، روى عن ابن عباس ، روى عنه حميد بن مهران الخياط . سمعت أبي يقول ذلك" (ت 1162 (2/ 310)).
    قال البخاري : "عمر بن ذي مر الهمداني ، يعد في الكوفيين ، سمع عليا رضي الله عنه . روى عنه أبو إسحاق الهمداني وحده. لا يعرف " (ت 2548 (6/ 329)).
    - قال ابن أبي حاتم : "عمر ذي مر الهمداني ، كوفي ، سمع عليا رضي الله عنه، روي عنه أبو إسحاق الهمداني وحده. سمعت أبي يقول ذلك" (ت 1283 (6/ 232)).
    قال البخاري: "علي بن غالب الفهري القرشي ..... عن واهب . روى عنه يحيي بن أيوب. لا أراه إلا صدوقا." (ت 2439 (6/ 292)) .
    - قال ابن أبي حاتم: "علي بن غالب الفهري، روى عن واهب، روى عنه يحيى بن أيوب، سمعت أبي يقول ذلك."(ت 1098 (6/ 200)).
    قال البخاري: "مغيرة بن حبيب ختن مالك بن دينار. عن مسعر وسالم بن عبد الله. روى عنه حماد بن زيد، وبشر بن الفضل، وجعفر بن سليمان، وكان صدوقا عدلا.،، (ت 1394 (7/325)).
    - قال ابن أبي حاتم: "مغيرة بن حبيب أبو صالح الأزدي . ختن مالك بن دينار. روى عن سالم بن عبد الله ، وشهر بن أبي حوشب، ومالك بن دينار. روى عنه هشام الدستوائي، وحماد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وصالح المري، وبشر بن المفضل. سمعت أبي يقول ذلك."(ت 991 (8/ 220)).
    قال البخاري: "حكيم بن عمار الحنفي وكان رضا. سمع ابن خالته، وكان صديقا لأبي هريرة. سمع منه عكرمة بن عمار." (ت 60 (3/ 15)).
    - قال ابن أبي حاتم: "حكيم بن عمار، الحنفي ، اليمامي. روى عن ...روى عنه عكرمة بن عمار . سمعت أبي يقول ذلك ." (ت 899 (3 / 206)).
    وغير هذه التراجم كثير ([22]) مما ذكر فيها البخاري جرحا أو تعديلا وسكت عليها ابن أبي حاتم.
    والملفت للانتباه في هذه التراجم: أن كلام البخاري فيها صادر من عنده، وليس يرويه عن أحد من الأئمة.
    والسؤال الذي يرد في هذا الموضع: ماذا يعني سكوت ابن أبي حاتم عمن تكلم فيه البخاري، وهو الذي تولى مهمة الكلام فيمن سكت عليه البخاري؟!.
    إن سكوت ابن أبي حاتم على هؤلاء الرواة: هو لعدم عثوره على كلام للأئمة فيهم؛ لأنه لو وجد ذلك لذكره كما بين في منهجه في مقدمة كتابه، وقد كان بإمكانه ذكر كلام البخاري، وهو لا محالة قد وقف عليه، وعدم ذكره له أو الإشارة إليه أوهم الباحثين أن البخاري كغيره من النقاد لم يتكلم في هؤلاء الرواة ، في حين أن هذه التراجم التي سقتها تفيد أن البخاري لم يباشر الجرح بنفسه وحسب، بل انفرد بفعل ذلك دون جميع الأئمة. فهذه التراجم مثال قوي على علم الإمام البخاري ومنهجه الفريد في ذكر الجرح والتعديل، إذ نجده فعل ذلك خاصة فيمن لم يشتهر بين الناس ولم يعرف حاله عندهم ، ولأنه هو خبرهم وعرف حالهم؛ بين أمرهم للناس، بإطلاقه فيهم عبارات الجرح والتعديل. فهو لم يهتم كثيرا بإعادة ما قاله الأئمة في راو وأجمعوا عليه فيه، وإنما اهتم خاصة بمن لم يتلق العناية الكافية من قبل النقاد ولم يظهر لهم حاله فبينه لهم.
    وفي كل الأحوال نقول: ليس كل من هو مسكوت عليه عند ابن أبي حاتم هو بالضرورة مسكوت عليه عند البخاري ، بل إن ابن أبي حاتم سكت عن رواة تكلم فيهم البخاري.
    يتبع



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: الموازنة العلمية بين كتابي: " التاريخ الكبير" للإمام البخاري " و " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي

    الموازنة العلمية بين كتابي: " التاريخ الكبير" للإمام البخاري "


    و " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي




    د. فاطمة الزهراء عواطيى (*)


    المبحث الثالث: اعتراضات ابن أبي حاتم والخطيب البغدادي على البخاري ومناقشتها.

    رغم إعجاب الأئمة بتاريخ البخاري وإشادتهم به وثنائهم عليه، فإنه لم يسلم من انتقادات واعتراضات تمثلت أساسا في:
    اعتراض ابن أبي حاتم الرازي في كتاب سماه: " بيان خطأ البخاري في تاريخه " وقد طبع في مجلد صغير.
    واعتراض الخطيب البغدادي في كتاب سماه: "موضح أوهام الجمع والتفريق" وقد طبع في مجلدين متوسطين.
    وكلا الكتابين بتحقيق العلامة "عبد الرحمن بن يحيي المعلمي " الذي عقب عليهما تعقيبات نفيسة جدا.
    وموضوع الكتابين - كما يدل عليه عنوانهما - هو : بيان ما وقع للإمام البخاري من أخطاء وأوهام في الجمع بين راويين فأكثر وجعلهم رجلا واحدا، أو تفريق واحد وجعله أكثر من راو؛ بناء على تعدد الأسماء فيه.
    أما كتاب ابن أبي حاتم فجاء في أوله: "قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : قال أبو زرعة رضي الله عنهم: حمل إلي الفضل بن العباس المعروف بالصائغ ([23]) كتاب التاريخ ذكر أنه كتبه من كتاب محمد بن إسماعيل البخاري فوجدت فيه :..." ([24]) ، وبدأ يسرد التراجم التي رأى فيها خطأ، مع إيراد ما رآه صوابا في كل واحدة منها. قال المعلمي: "والشواهد تقضي أن أبا زرعة استقرأ تلك النسخة من أولها إلى آخرها، ونبه على ما رآه خطأ أو شبهه، مع بيان الصواب عنده، وترك بياضا في مواضع ، ثم تلاه أبو حاتم فوافقه تارة وخالفه أخرى ، واستدرك مواضع". ([25])
    وقد وقف الخطيب على كتاب ابن أبي حاتم الرازي فقال : "ونظرت فيه فوجدت كثيرا منها لا تلزمه -يعني البخاري -، وقد حكى عنه في ذلك الكتاب أشياء هي مدونة في تاريخه على الصواب بخلاف الحكاية عنه ([26])." فكان هذا اعتراضا من الخطيب البغدادي على اعتراض أبي زرعة وأبي حاتم الرازيين على البخاري.
    وبعد مقدمة طويلة ، شرع الخطيب البغدادي في ذكر أوهام البخاري أو ما بدا له كذلك.
    وكان مدخله إليها عبارة : "فمن أوهام البخاري في الجمع و التفريق أنه : قال في تاريخه الكبير الذى يرويه عنه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال النيسابوري في باب المحمدين، وهو الباب الذي افتتح به الكتاب:... ([27])
    فالخطيب اعتمد على نسخة التاريخ الكبير التي يرويها محمد بن سليمان بن فارس، في حين اعتمد أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان على النسخة التي يرويها الفضل بن العباس الصائغ. وقد جعل الشيخ عبد الرحمن المعلمي هذا الاختلاف في النسخ سبب وجود اعتراضات على البخاري لا محل لوجودها في الواقع لو أنهم اعتمدوا النسخة الأخيرة المصححة لكتاب التاريخ التي هي من رواية محمد بن سهل الكردي. واستند الشيخ المعلمي في هذا إلى ما جاء عن البخاري واشتهر: "لو نشر بعض أستاذي هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت التاريخ. صنفته ثلاث مرات." ([28]) وقوله كذلك: "صنفت جميع كتبي ثلاث مرات ([29])." قال المعلمي: "يعنى والله أعلم أنه يصنف الكتاب ويخرجه للناس، ثم يأخذ يزيد في نسخته ويصلح، ثم يخرجه مرة ثانية، ثم يعود يزيد ويصلح حتى يخرجه الثالثة. وهذا ثابت للتاريخ كما يأتي. ([30])
    فما جاء عند ابن أبي حاتم من اعتراضات أبيه وأبي زرعة على البخاري قد كان بالنظر إلى النسخة الأولى التي أخرجها البخاري لكتابه، ولهذا لما وقف الخطيب البغدادي على اعتراضاتهما اعترض عليهما، لأنه في نسخته من التاريخ وهى النسخة الثانية وجد أن بعض ما ذكره الرازيان على أنه خطأ وصوباه، هو في نسخته (الثانية) من التاريخ الكبير على ما صوباه. وكذلك لما قابل الشيخ المعلمي ما اعترض به الخطيب على البخاري وجد أن كثيرا منه لا يلزم البخاري، وهو في نسخته (الثالثة) من التاريخ الكبير على ما صوبه.
    فكانت النسخة الثالثة والأخيرة للتاريخ قد نفت جل اعتراضات الأئمة على الإمام البخاري، وما ثبت من اعتراضهم عليه إلا شيء يسير؛ رد المعلمي أكثره لعدم لزومه، كأن يذكر الإمام البخاري رجلا عرف باسمين في موضعين مختلفين لاقتضاء ترتيب كتابه على الحروف ذلك، فيتعقبه الخطيب بأنه وهم وتفريق بين راو واحد وجعله راويين، مع أن سوق البخاري لهذه الترجمة في الموضعين المختلفين واضح في أنها لم تلتبس عليه ولا يقول فيها بالتفريق.
    ومنها كذلك: أنه يذكر اسمين مختلفين فيقول في الثاني: أراه هو الأول. أي أنه يتهيأ له أنه هو الزاوي الأول، ولكنه لا يجزم به. فيقول الخطيب: إنه وهم فيه وجمع بين الترجمتين.
    قال عبد الرحمن المعلمي معقبا على عمل الخطيب البغدادي في توهيم الإمام البخاري وتخطئته : "إنه لم ينصف البخاري؛ فقد ذكر له نحو ثمانين قضية سماها أوهاما، وهذا العدد وإن لم يكن شيئا بالنسبة إلى بضعة عشر ألف ترجمة جمعها البخاري من الأسانيد" فالواقع أنه لا يلزم البخاري من ذلك إلا اليسير ." ([31])
    وقال أيضا: " ...لو تحرى البخاري أن لا يقع له خطأ البتة لترك علمه في صدره، على أن كثيرا من القضايا التي ذكر الخطيب أن البخاري وهم فيها إنما جاء الوهم فيها من نسخة الخطيب، أو من غفلته عن اصطلاح البخاري أو إشارته." ([32])
    فاعتذر المعلمي للإمام البخاري في وقوع بعض الأوهام له بأن عدد تراجم تاريخه كبير، وأن هذه الأخطاء والأوهام ليست من قبيل أوهام الرواة الناشئة عن الغفلة و النسيان، " فغالب الخطأ الذى تتجه نسبته إلى البخاري نفسه أو إلى أبي زرعة إنما هو من الخطأ الاجتهادي الذى يوقع فيه اشتباه الحال وخفاء الدليل." ([33])
    الخاتمة


    في ختام هذه الموازنة العلمية بين كتاب التاريخ الكبير" للبخاري وكتاب "الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرازي، نخلص إلى النتائج التالية:
    أما فيما يتعلق بكتاب التاريخ الكبير:
    فهو أول مصنف صنف لغرض استيعاب جميع نقلة الآثار ورواة الأخبار على اختلاف طبقاتهم ومراتبهم وأمصارهم من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن البخاري ، وهو غرض لم يسبق إليه بالتصنيف.
    ألفه البخاري من حاصل علمه وفهمه ومعرفته ، ورتب مادته العلمية ترتيبا مبتكرا بحسب ترتيب حروف المعجم، وهو عمل لم يسبق إليه ، فكان عملا في غاية الدقة والمنهجية العلمية ومثل نقطة تحول كبيرة في التصنيف في علم الرجال.
    كلام البخاري في رواة لم يتكلم فيهم أحد غيره -ولا حتى ابن أبي حاتم الذي تولى مهمة ذكر الجرح والتعديل في كل من سكت عليه البخاري؛ وسكوته معناه: أنه لم يعثر على كلام للأئمة في أولئك الرواة؛ لأنه لو وجد ذلك لحكاه كما بينه في منهجه- يعني أن الإمام البخاري ينفرد عن شيوخه وأقرانه بالكلام في الرواة جرحا وتعديلا.
    كل الاعتراضات التي كانت على التاريخ الكبير إنما كانت بالاعتماد على نسختيه الأولى والثانية، وانتفت جلها في النسخة الثالثة المعتمدة منه.
    جمع البخاري فيه بين علم الرجال وعلم العلل بإيراده الأحاديث خلال التراجم، وهذا يساعد على فهم العلاقة الدقيقة والوطيدة بين الجرح والتعديل والتعليل والتصحيح.
    أما كتاب الجرح والتعديل:

    فألفه صاحبه اعتمادا على كتاب التاريخ الكبير، وتبعه في الغرض والترتيب، لكنه زاد 4056 ترجمة عما في التاريخ الكبير، وحشد لنا أقولا كثيرة في الجرح والتعديل لا توجد في كتاب البخاري.
    الميزة التي أراد ابن أبي حاتم أن يضيفها، وهي ذكر الجرح والتعديل في كل راو أورده في كتابه؛ لم تتحقق في جميع الرواة ، حيث جاءت بعض تراجم الكتاب دون ذكر الجرح و التعديل فيها.
    تفادى ابن أبي حاتم نقل كلام البخاري في الرواة، ولم يعثر على ذلك عند غيره، فجاءت كثير من التراجم فيها أحكام جرح أو تعديل عند البخاري ، ومسكوت عليها عند ابن أبي حاتم . وهي دليل على إمامة البخاري وتفوقه على أقرانه وشيوخه، لتفرده بأحكام جرح وتعديل وعلم بأحوال رواة لم يعلم بحالهم غيره.
    فضل ابن أبي حاتم أن يفرد كتابا للرجال وهو الجرح والتعديل وأخر للأحاديث وهو كتاب العلل، بينما جمع البخاري ذلك في مؤلف واحد، وكان هذا أبرز لعلاقة علوم الحديث المختلفة بعضها ببعض، خاصة علاقة التصحيح والتعليل بالجرح والتعديل.
    لا شك أن ابن أبي حاتم قام بعمل عظيم بتتبعه لأقوال المتقدمين في الجرح والتعديل، وذكرها في تراجم كتابه - التي استطاع أن يعثر فيها على ذلك-، وهو بهذا قدم خدمة عظيمة لعلم الجرح والتعديل.
    في الأخير، إن الأئمة المتقدمين قاموا بجهود جبارة في خدمة السنة النبوية ، وعلى الرغم من تنوع طرائقهم ووسائلهم ومناهجهم ، فإن الرابط بينهم كان هو حفظ السنة النبوية الشريفة من كل دخيل عليها، ولإدراكهم التام لعظمة الدور الذي يقومون به" فقد أبدعوا في أدائه " فأسفر ذلك الإبداع عن إنتاج ضخم ومتنوع من المؤلفات والمناهج" تتحد كلها مع بعضها لتشكل إرث هذه الأمة العظيم الذي لا نستغني عن أي جزء منه؛ لأنه كل متكامل مع بعضه البعض.
    وإن موازنة علمية مثل هذه بين سفرين عظيمين ، لإمامين جليلين ، لا تنقص من أهمية أي واحد من الكتابين ، وإنما تبرز نقاط الاختلاف والتفاضل والتكامل بينهما، وتدعو للاستفادة القصوى من كليهما.
    فنسأل الله أن ينفعنا بهما وبعلم علمائنا الأجلاء، وأن يوفقنا للعمل الصالح، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    المصادر والمراجع

    الخطيب البغدادي ،(أبو بكر) أحمد بن على بن ثابت:

    موضح أوهام الجمع والتفريق. ط 2 . تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي. بيروت: دار الفكر، 1411 هـ- 1991 م .
    ابن رجب الحنبلي، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد:
    شرح علل الترمذي .ط 2 . تحقيق: صبحى السامرائي. عالم الكتب، 1405 هـ- 1985 م .
    الذهبي، (أبو عبد الله ) شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان:
    تذكرة الحفاظ .د. ط .بيروت : دار إحياء التراث العربي ، د.ت.
    سير أعلام النبلاء .ط 2 . تحقيق : شعيب الأرنؤوط .بيروت : مؤسسة الرسالة، 1404 هـ- 1984 م .
    ابن حجر العسقلاني، (أبو الفضل ) شهاب الدين أحمد بن علي:
    تقريب التهذيب .ط 2 . تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف .د. م ، د .ت.
    تهذيب التهذيب .ط 1 .بيروت : دار الفكر، 1404 هـ- 1984 م .
    هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري. د .ط .بيروت : دار المعرفة ، د .ت.
    ابن أبي حاتم الرازي ، (أبو محمد) عبد الرحمن:
    بيان خطأ البخاري في تاريخه .ط 2 . تحقيق: عبد الرحمن بن يحيي المعلمي. بيروت: دار الفكر ، 1411هـ- 1991 م .
    تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل .ط . تحقيق عبد الرحمن بن يحيي المعلمي. بيروت: دار الكتب العلمية، 1371 هـ- 1952 م .
    الجرح والتعديل. ط 1 / تحقيق: عبد الرحمن بن يحيي المعلمي .بيروت: دار الكتب العلمية ، 1371 هـ- 1952م .
    البخاري (أبو عبد الله ) محمد بن إسماعيل:
    التاريخ الكبير .ط . تحقيق: عبد الرحمن بن يحيي المعلمي اليماني .بيروت : دار الفكر، 1411 هـ- 1991 م.
    فاروق حمادة
    تطور دراسات السنة النبوية نهضتها المعاصرة وآفاقها مدخل لدراسات السنة النبوية . ط 1 .الإمارات العربية المتحدة :جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم 1430 ه- 2009 م .
    الكتاني، محمد بن جعفر:
    الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة .د .ط .القاهرة : مكتبة الكليات الأزهرية ، د.ت.
    يحي بن معين:
    التاريخ. ط 1. تحقيق: أحمد محم د نور سيف. مكة المكرمة: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، 1399 هـ- 1979 م .

    (*) أستاذ مساعد بقسم أصول الدين - كلية الشريعة و الدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة - دولة الإمارات العربية المتحدة

    [1] هو محدث خراسان الإمام الحافظ الجهبذ محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي، الحاكم الكبير (ت 378 هـ) وله تصانيف كثيرة . (تذكرة الحفاظ (3 / 976-979)).

    [2] (أبو عبد الله) شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. تذكرة الحفاظ. د .ط .بيروت : دار إحياء التراث العربي، د.ت . (3/175).

    [3] زين الدين عبد الرحمن بن أحمد ابن أبي رجب الحنبلي، شرح علل الترمذي ط 1، تحقيق صبحي السامرائي، عالم الكتب، 1405 هـ- 1985 م ، ص 45 .

    [4] (أبو عبد الله ) شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي . سير أعلام النبلاء. ط 2. تحقيق: شعيب الأرنؤوط. بيروت: مؤسسة الرسالة 1404 هـ- 1984 م .(12/ 400).

    [5] المصدر نفسه.

    [6] سير أعلام النبلاء (12/ 470) .

    [7] محمد بن جعفر الكتاني. الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة. د. ط .القاهرة : مكتبة الكليات الأزهرية ، د .ت . ص 96.

    [8] ط 1 .الإمارات العربية المتحدة :جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم. 1430 هـ- 2009 م .ص 59

    [9] محمد بن إسماعيل البخاري .التاريخ الكبير . ط 2 . تحقيق عبد الرحمن بن يحيي المعلمي . بيروت: دار الفكر . 1411 هـ- 1991 م . (1/11) .

    [10] الذهبي، سير الأعلام، (12/ 426 ) .

    [11] هو حافظ العصر و المحدث البحر أبو العباس احمد بن محمد بن سعيد الكوفي . كان أبوه نحويا صالحا يلقب بعقدة . (ت 332 هـ). (تذكرة الحفاظ (3 / 839- 842)، سير أعلام النبلاء (15/ 340).

    [12] (أبو الفضل ) شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري .د .ط .بيروت : دار المعرفة ، د .ت .ص 485 .

    [13] سير الأعلام (12/ 403) .

    [14] ابن رجب ، شرح علل الترمذي ، ص 45 .

    [15] المصدر نفسه ، ص 46 .

    [16] كما سبق الإشارة إليه في ص 5- 6 من هذا البحث.

    [17] الجرح و التعديل (2/38) .

    [18] (أبو محمد)عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي .الجرح والتعديل .ط 1. تحقيق :عبد الرحمن بن يحيى المعلمي. بيروت: دار الكتب العلمية. 1371 هـ- 1952 م .(2 / 38).

    [19] (أبو محمد)عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي .تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل .ط 1 .تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي .بيروت: دار الكتب العلمية. 1371 هـ- 1952 م .ص: ط.

    [20] تسمية المحدثين كتبهم بالتاريخ لم تكن مستنكرة، وقد سمى كثير منهم كتبهم في الرجال بالتاريخ، كتاريخ يحيى بن معين برواية عباس الدوري، وتاريخ عثمان الدارمي عن ابن معين، وتاريخ البخاري الكبير والصغير والأوسط. أما قوله عن التاريخ الكبير: " ... إلا انه في مقياس الجرح والتعديل لم يبلغ الغاية التي تنشد في الكتب المؤلفة لهذا الغرض " فإن ذكر الجرح والتعديل لم يكن غرضا للإمام البخاري من تأليف تاريخه ، وإنما كان غرضه هو الاستيعاب للرواة على مختلف مراتبهم منذ عصر الصحابة إلى عصره، وقد تحقق له ذلك.

    [21] يحيى بن معين. التاريخ. ط 1. تحقيق: احمد محمد نور سيف. مكة المكرمة: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي . 1399 هـ- 1979 م. المقدمة، ص 10.

    [22] انظر مثلا عند البخاري : ت 685 (5/213)، ت 730( 5 /223)، ت 1403 (5 /431)، ت 2018 (6/ 158)، ت 2468 (6/ 301). ت 2398 (6/278) ، ت 2780 (2/ 365)، ت 2534 (6/ 325)، ت 2083 (4/ 279)
    ويقابلها عند ابن ابي حاتم : ت 853 (5 /183)، ت . 91 (5 /196)، ت 1723 (5 /368)، ت 594 (6/112)، ت 1141 (6/208). ت 1032 (6/188) ت 768 (3/187 ( ، ت 1266 (228/6)، ت 1757 (4 / 401)

    [23] هو الحافظ الناقد أبو بكر الفضل بن العباس الرازي ،الصائغ ،احد الأئمة ، (ت 270 هـ) .( تذكرة الحفاظ (2/ 600) ، سير الأعلام ( 12 /630)

    [24] عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، بيان خطا البخاري في تاريخه، ط 2، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، بيروت: دار الفكر، 1411 هـ- 1991 م ، ص 2.

    [25] المصدر نفسه ، ص :ب .

    [26] (أبو بكر) احمد بن على بن ثابت الخطيب البغدادي .موضح أوهام الجمع والتفريق .ط 2 .تحقيق : عبد الرحمن بن يحيى المعلمي. بيروت: دار الفكر، 1411 هـ-1991 م. (1/ 8).

    [27] المصدر السابق ، (1/ 9)

    [28] سير الأعلام، (12/403)

    [29] المصدر نفسه.

    [30] الموضح، ص 110


    [31] المصدر السابق ، ص 9 .

    [32] المصدر نفسه ، ص 8.

    [33] بيان خطا البخاري في تاريخه ، ص : و .


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •