هاجس الندم وحريق الفرص


مي عباس



البعض منا يحجم.. يخاف.. يتردد طويلا أن يفعل، أن يتغير، أن يخرج ما يدور في خياله إلى حيز الواقع.. خوفًا من الندم.
هاجس الندم يحبس الكثير من البشر في خانة اللافعل، حياتهم تمضي بقرارات الآخرين، أحلامهم تتحطم بسبب آراء الغير وتوجهاته.. خوفًا من الندم يتحول إلى مجرد رد فعل.
لو يعرف هؤلاء الخائفون أن أكثر الندم على الأرض وأكثره إيلامًا إنما يكون بسبب ما لم يفعله الإنسان، وليس بسبب ما فعله، لأدركوا حجم الخسارة المتتالية في حياتهم، والندم الذي ينتظرهم على الفرص الضائعة، على الكلمات التي كان يجب أن تقال ولم تقل خوفا، والقرارات التي كان يجب أخذها ولم تؤخذ خوفا.
دروس التجارب المؤلمة
الكثيرون لا يستفيدون من المعاني المتضمنة في تجارب حياتهم المؤلمة، وإنما يتخذون قرارًا بعدم تكرار التجربة تجنبًا للألم.. فإذا ما وثقوا بشخص ما فخان ثقتهم لم يتوقفوا ليقيموا تصرفاتهم ويعرفوا سبب الخطأ لتجنبه في المستقبل، وإنما يقررون ألا يثقوا بأحد أبدًا.. أن يعاملوا الناس جميعًا بالريبة، فيصطلون بنار الشك التي تنغص كل سعادة وتعرقل كل إنجاز.
التوكل على الله
التوكل على الله عبادة قلبية عظيمة، ودليل على الإيمان، وهي رفيق العمل، قال تعالى : {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِي نَ } آل عمران:159.
فالتوكل على الله هو وقود العاملين، يرفع عن أكتافهم المخاوف، ويحميهم من طول التردد، فالله تعالى مع الصادقين، يقيل العثرات، ويجبر النقص، ويصلح العمل، ويعين على الصالحات.
المتوكل على ربه لا يخاف الندم، فلئن صدق.. واستخار واستشار.. ثم عزم أمره وتوكل، فلا خوف عليه ولا حزن، وهو كالمجتهد إن أصاب له أجران، وإن أخطأ فله أجر.
ما هو الفشل؟
الخوف من الفشل يقعد الكثيرين عن العمل، فالفشل مرير، ويهدد احترام الإنسان لذاته، ولكن أليس القعود عن العمل تحطيم للذات أيضًا؟..
أليس مضي العمر بلا إنجازات.. وتجمد الأحلام خوفًا من التجريب، أليس أكثر إيلامًا من فشل تجربة، أو الإخفاق في محاولة؟
لفشل ليس هو التعثر، وليس هو الخطأ في محاولة أو محاولتين أو عشرة أو مئة.. فهذه الأخطاء دروس هامة توصلنا للنجاح، الفشل الحقيقي هو الاستسلام للفشل.
القرارات: السبيل إلى القوة
تحت هذا العنوان كتب رائد التنمية البشرية "أنتوني روبنز" في كتابه ( أيقظ قواك الخفية): قراراتنا وليست ظروف حياتنا هي ما يقرر مصيرنا أكثر من أي شيء آخر. إننا نعرف أنا وأنت أن هنالك من ولدوا وهم يتمتعون بامتيازات خاصة، امتيازات جينية أو بيئية أو عائلية أو امتيازات علاقات خاصة.غير أننا، أنا وأنت نلتقي أو نقرأ أو نسمع عن أشخاص فجروا بالرغم من كل شيء كل الحدود التي تفرضها عليهم ظروفهم باتخاذ قرارات جديدة حول ما سيفعلونه بحياتهم.
إذا قررت، فإننا نستطيع، أنا وأنت أن نجعل حياتنا أحد هذه الأمثلة، ولكن كيف؟ ببساطة، باتخاذ قرارات هذا اليوم حول الكيفية التي سنعيش بها في العقد المقبل وما بعده من حياتنا. فإذا لم تتخذ أي قرارات حول كيفية تسيير حياتك، فإنك ستكون قد اتخذت قرارًا بأن يوجهك محيطك بدلا من أن تتولى أنت تشكيل مصيرك.
لقد تغيرت كل حياتي في يوم واحد فقط، اليوم الذي قررت فيه لا ما أحب أن أكون عليه في حياتي أو ما أريد أن أكونه في المستقبل، بل حين قررت من وماذا ألتزم بأن أكونه في حياتي. وهذا فرق بسيط ولكنه حاسم.
ويؤكد في النهاية على القاعدة الأهم في تحقيق النجاح وهي: (اللحظات التي تتخذ فيها قراراتك هي تلك التي تقرر مصيرك).