باي شو يي مؤرخ الصين الكبير
عبدالقادر رالة

المؤرخ باي شو يي 1909-2000م من أعلام المؤرخين في الصين وشيوخهم، واعترف له عظماؤهم وكبار الباحثين بطول الباع، ودقة المعلومات، وصدق النظر، والبعد عن الشهرة والتعصب القومي، بالإضافة إلى وفرة مؤلفاته التي تدور حول موضوعيين رئيسيين، هما: تاريخ الصين، وتاريخ المسلمين في الصين.


«اسمه العربي جمال الدين، ولقبه دجاو لون، أما مسقط رأسه فهو مدينة كاي فنغ بمقاطعة خنان» (1) جنوب الصين. «وهو أحد أعلام التاريخ الصيني، وبالأخص تاريخ الإسلام وتاريخ قومية هوي» (2)، أكبر القوميات الصينية المسلمة العشر.
وبالإضافة إلى براعته في البحث التاريخي، كانت له اهتمامات بالفلسفة الصينية، وثقافة وتقاليد القوميات الصينية المتنوعة والثرية، وبالأديان والآداب العالمية.
تعلم اللغة العربية في المدارس الخاصة التابعة للمساجد، فتعمق فيها وأتقنها، وفي الوقت نفسه كان يطالع كتب الأدب الصيني الكلاسيكي (باللغة الصينية).
«درس باي شو يي أربع سنوات في مدرسة الإرسالية (التبشيرية) التي كان التعليم فيها أفضل كثيرا من نظام التعليم الصيني ونظام التعليم لقومية هوي في ذلك الوقت. درس باي شو يي اللغة الإنجليزية والعلوم الحديثة في المدرسة، فاستفاد من ذلك في بحوثه ودراساته في ما بعد. ولكنه لم يغير عقيدته، فقد ظل طول حياته مؤمنا بالإسلام وملتزما بتعاليمه» (3).
وبعد أن تخرج، مارس التدريس في أكبر الجامعات الصينية، في مقاطعة يوننان، ونانجينغ وبكين. وبالموازاة مع ذلك كان يكتب المقالات وينشر الدراسات حول التاريخ وفلسفته.
«وأشرف على مجلة «نجوم الفجر»، نصف الشهرية، حيث بدأ نشاطه الأكاديمي حتى صار أحد أكثر علماء عصره شهرة في دراسة قومية هوي» (4). وقد بدأ يهتم بتاريخ الإسلام في الصين منذ سنة 1938م، خصوصا قومية هوي، أكبر القوميات الإسلامية في الصين، والتي تعود أصولها إلى العرب الذين تزوجوا بالصينيات، بينما القوميات الأخرى الأقل عددا تعود إلى أصول تركية ومغولية.
«وفي عام 1943م نشرت له مقالة طويلة بعنوان «مختصر تاريخ الإسلام في الصين»، وتعتبر هذه المقالة من أهم الأبحاث التي تعتني بتاريخ قومية هوي أثناء فترة الجمهورية (1911-1949م)» (5).
«قام بكتابة وتحرير موسوعة «أهم الأحداث في التاريخ الصيني»، والتي صدرت في عام 1980م، وقد طبعت أكثر من ثلاثين مرة، فصدر منها أكثر من مليون نسخة، وترجمت إلى عدة لغات أجنبية، كالإنجليزية والفرنسية واليابانية والألمانية والإسبانية والكورية والرومانية» (6)، وبالإضافة إلى تلك الموسوعة الشهيرة فقد ألف العديد من الكتب التاريخية المهمة، مثل تاريخ المواصلات في الصين، ومختصر علم التاريخ.. وكذلك العديد من الكتب حول تاريخ الإسلام في الصين، تعتبر مراجع أساسية في هذا المجال، وأهمها وثائق تاريخ الإسلام في الصين، مختصر تاريخ الإسلام في الصين، ترجمة أعلام قومية هوي، الحياة الجديدة لقومية هوي، انتفاضات قومية هوي عبر التاريخ وغيرها.
«وفي 1999م قام بإصدار 22 جزءا من موسوعة تاريخ الصين العام. وتعد هذه الموسوعة العمل النموذجي لإنجازات وإسهامات باي شو يي في القرن المنصرم، وينظر إليها على أنها أعظم المشروعات العلمية في القرن الفائت، وهي من أكثر الأعمال التاريخية وأعلاها مستوى في القرن العشرين» (7).

الهوامش


(1) مين شان لين ورفيقه، موجز تاريخ وثقافة قومية هوي، ترجمة أحمد عاشور ورفاقه، دار الشعب، نينغشيا، الصين، ط2012م، ص226.

(2) المرجع نفسه، ص227.
(3) لي هواين، مئوية المؤرخ الصيني المسلم باي شو يي، الصين المصورة، يوليو 2009م، بكين، ص86.
(4) دينغ هونغ ورفيقه، المسلمون في الصين في القرن العشرين، ترجمة يه ليانغ ينغ، دار الشعب، نينغشيا، الصين، ط2013م.، ص26.
(5) موجز تاريخ وثقافة قومية هوي، ص227.
(6) المرجع نفسه، ص228.
(7) المرجع نفسه، ص228.