الانحراف
فيصل يوسف العلي



إذا تأملنا واقع الأمة اليوم، وما تمر به من المحن والابتلاء، نلاحظ أن هناك مفاهيم غائبة عن الكثير، فقد حرص الإسلام كل الحرص على استقرار حياة الناس، والحفاظ على أمنهم وأرواحهم. وهذا ما أوصى به النبي " صلى الله عليه وسلم" في خطبة الوداع من الإرشادات القويمة، والتعاليم الحكيمة، والنصائح العظيمة.. والكتاب العظيم الذي بين أيدينا قد بينها وفصلها. لذا، فإن الاعتناء بدراسة السيرة النبوية مهم للمسلمين ولغيرهم، لأنها التفسير الواقعي والتطبيق العملي لهذا الدين، وكيف استطاع النبي " صلى الله عليه وسلم" أن يحول العرب من أمة أكلتها الثارات والأحقاد إلى أمة وصفها الله بالخيرية، واستحقت الشهادة العالمية. هذا وإن أسباب الخلل الواقع عائدة لغياب هذه الحقائق، وإن الجهل بها أوقع في خلل كبير، من الاستعجال والتنازل والقنوط والعزلة، والانحراف عن المنهج وتأصيل العصبية والحزبية، والخلط بين انتصار الأشخاص وبين انتصار الأمة، وظهور الحق والحقيقة. فالإسلام الذي جاء به نبي الرحمة " صلى الله عليه وسلم" قد تولى تحديد المرتبة العظمى وإقامة المعالم، وإنارة السبل، ودعا الناس إلى الأخذ بها والانتفاع بثمراتها العاجلة والآجلة، رسم للناس الطريق القويم، والمنهاج المستقيم، الذي يكفل لهم السبق العظيم، فجاء بالشرائع والأحكام الكفيلة بأن تقيم مجتمعا إنسانيا فاضلا، إذا التزموا بتطبيقها، وترك المجال الواسع للاستزادة من النظم الحضارية. فالعدل نظام كل شيء، والإنصاف عَزَّ في هذه الأيام، وسيطر مكانه الخلاف، فصارت الحاجة ماسة إلى المنهج السليم، والقسطاس المستقيم، لنزن الأمور، ونبتعد عن الجور، وقد تتحول الاختلافات الفكرية والسياسية إلى عصبية، تسود فيها القيم السلبية، من التعصب والتنازع وسفك الدماء، فتلغي العقل، وتأمر بالكره والعداوة. إن قادة المجتمع والعلماء والعقلاء وصناع القرار هم من يوجه المجتمع للرقي والألفة والمؤاخاة ووحدة الكلمة، فلابد من دراسة علمية منهجية، توضح الرؤية، وتبين الطريق، وتتكاتف الجهود لكشف الأسباب والعودة إلى المجد.