اللباقة وموسيقى الكلام



هدى محمد نبيه



الواقع أن الكلام مع الناس فن قلما يتمكن الكثيرون منه، فتختلف طريقة الكلام مع الناس وتختلف وتتنوع الأحاديث التي تثار معهم، فالأحاديث التي تثيرها مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ..ومع العالم تختلف عن الجاهل ..ومع الزوجة تختلف عن الأخت..وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعى ذلك فحديثه مع الشاب يختلف عن حديثه مع الشيخ أو المرأة أو الطفل...

كيف تكون لبقا في الحوار مع الآخرين؟

قد يكون حسن النقاش والمحاورة موهبة وفن عند البعض
ولكن بالإمكان اكتسابه من خلال احتكاكك مع الأقلام المتحاورة فمرة تلو الأخرى ..ستقارع عمالقة الحوار وتصبح من مجيدين هذا الفن، و هناك مجموعة من الطرق يمكن التدرب عليها لاكتساب اللباقة في الحوار هذه الطرق تتمثل في الآتي:


*لا تبق صامتاً من دون كلام في لقائك مع الناس وإنما شاركهم الحديث.

* اجعل همك دائماً أن تروى للآخرين ما يلذ لهم مما سمعت أو قرأت، ولا تهمل المجاملات العابرة ، ولست أقصد النفاق، إنما المديح المخلص الصادق.

*كلما كان صوتك هادئاً رقيقاً كنت قريباً من القلوب وكان حديثك خفيفاً على الأسماع، ومهما احتدت المناقشة فعليك ألا ترفع من صوتك لأن الصوت العالي لا يفرض رأياً ولا يقنع أحداً،
اجعل صوتك معتدلاً في درجته.


*لا تتكلم عن نفسك طوال الوقت "ما يضايقك وما يبهجك"، "من فضلك" "بعد إذنك" "لو سمحت" "إذا أمكن" وما إلى ذلك
كلمات استئذانيه يجب أن تبدأ بها حديثك إذا أردت الحصول على أي شيء أو أردت مقاطعة شخص ما لأمر هام، لالالا... لازمة غير محببة لدى بعض الناس عند اعتراضهم على رأي يختلف مع رأيهم،
لا واحدة تكفي عند الاضطرار لاستخدامها.


*رائع أن تستشهد خلال مناقشاتك بآيات من القرءان الكريم أو من سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.

*لا تقدم النصيحة لأحد إلا إذا طلب منك ذلك ولا تتحمس لأي شيء من نفسك.

*احذر العبث بمفاتيحك واحذري العبث باكسسوارك أو حقيبة يدك أثناء الكلام، لأنه يصرف انتباه الآخرين السامعين لك ويفقدك شيئاً من الاحترام.

* من أهم مقتضيات اللباقة أن تعرف جيداً كيف تتجنب إيذاء مشاعر الآخرين والابتعاد عن كل ما يبعث على إثارة الحزن أو الضيق أو القلق في نفوسهم، فإذا ما وقعت دون قصد في موقف حرج فإن عليك أن تتصرف بطريقة لبقة وتحول اتجاه الحديث إلى ناحية أكثر بهجة وإشراقاً أو أقل إثارة جدل أو قلق

* استمع أكثر مما تتكلم، وابتسم أكثر مما تتجهم، واضحك مع الآخرين أكثر مما تضحك منهم، وتوخ دائماً ألا تخرج عن حدود اللباقة والأدب العام.

*من العلامات الفارقة بين الشخص الناضج والغير ناضج هو " قبول الحق " تعلم أن تحترم الجميع حتى من يخالفك الرأي فلا تهمش تواجده وتذكر دائماً " اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضيه ".

*قيل " من جهلنا نخطئ ومن خطئنا نتعلم " لذلك احرص أن تتعلم من أخطاءك وأخطاء الآخرين ولا تنظر لأخطاء الآخرين بعين الناقد الحاقد فمن الممكن والطبيعي أن تخطأ ذات يوم .

ولكن ما هي خصائص الكلام الذي يتمتع بالموسيقية؟

1 – تمشى الكلام مع النبرة الوجدانية والحالة الانفعاليه الداخلية والتي نريد إيصالها للآخرين.

2 – أن يتنوع شكل الحوار من حيث صياغة العبارات، فصيغة الأمر مثلا تكون المقاطع فيها قصيرة وحادة وعاليه.

3 – يجب أن تكون الكلمات التي نتفوه بها واضحة متميزة، كما يجب أن تكون العبارات متماسكة وغير مفككة.

كيف نجعل كلامنا يتمتع بالموسيقى الجيدة؟

وأقدم لك بعض من التدريبات والتي يتسنى لك عن طريقها أن تتمكن من موسيقى الكلام وهى كما يلي:

* اقرأ بصورة مستمرة قراءة جهرية، وخاصة قراءة الكتب الأدبية أو القصصية التي يمكن أن تستهويك، واقرأ بابطأ سرعة ممكنة وذلك حتى تمرن جهاز النطق لديك على القراءة السليمة، وعندما تجد جمله فيها موسيقى جماليه كررها عدة مرات وتذوقها جيدا.

*لا تحصر كلامك في التحدث باللغة الفصحى، فعليك أيضا التدرب على اللغة العامية، فلن تستطيع طول الوقت التحدث بالفصحى كما انك ستتعرض لمواقف يستلزم فيها التحدث بالعامية.

*حاول أن تحفظ عن ظهر قلب العديد من الأمثال الشعبية، وان تستشعر ما تحتويه من موسيقى لغوية.


و أخيرا لكل فرد منا أسلوبه وبصمته ومكانته بالحياة و ليس بالضرورة أن تكون المكانة مرتبطة بالمنصب أو بالمكانة الاجتماعية أو ما شابه ذلك، فالمكانة هي المقرونة بالود والاحترام والحب والتقدير المتبادل بيننا ومن هم حولنا .