أين أنت من سلامة الصدر؟.. (اختبر قلبك)



ياسر محمود





حين يتسم المرء بسلامة الصدر وصفاء القلب، فإنه يعيش هادئ النفس، صالح البال، لا يحمل غلا لأحد في نفسه، ولا يشوب قلبه حسدا ولا حقدا، متسامحا مع من أخطأ في حقه، سعيدا في علاقته بالآخرين، لا يعرف للانتقام وحب الانتصار سبيلا، بل إن للقلب السليم مذاقا وحلاوة لا يعرفها إلا من ذاقها، وشتان بين قلب سليم وقلب مليء بالغل والوساوس وإعمال الفِكر في إدراك الانتصار للذات.

رفعة وارتقاء

ولا تتوقف ثمار سلامة الصدر عند سعادة صاحبها في الدنيا، بل تمتد فتسمو به وتعلي قدره، فيكون من صفوة الله المختارة، كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل أي الناس أفضل؟ قال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان"، قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد". (رواه ابن ماجه).

وعن سفيان بن دينار قال: قلت لأبي بشير - وكان من أصحاب علي -: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: كانوا يعملون يسيراً، ويؤجرون كثيراً. قلت: ولم ذاك؟ قال: لسلامة صدورهم.

وعن زيد بن أسلم قال: دُخل على أبي دجانة رضي الله عنه وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من عملي شيء أوثق عندي من اثنتين: أما إحداهما، فكنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وأما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليما.

شرط لقبول الصالحات

وصفاء القلب وسلامة الصدر تجاه من حولنا شرط لقبول الأعمال، فبدونها لا ترفع الصالحات، وذلك مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين. فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا. إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء. فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا. اتركوا هذين حتى يصطلحا". (رواه مسلم).

أقصر طريق للجنة

وسلامة الصدر كفيلة بأن تقود من يتحلى بها إلى الجنة ونعيمها، وإن قل حظه من الاجتهاد في نوافل العبادات، فعن أنس بن مالك قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة"، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه، قد علق نعليه بيده الشمال، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول.

فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت. قال: نعم.

قال أنس: فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي، فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه تعار تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر حتى صلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا.

فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة"، فطلعت أنت الثلاث مرات، فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك. (رواه المنذري).

وقال قاسم الجُوعي رحمه الله تعالى: أصل الدينِّ الورع، وأفضل العبادة مكابدة الليل، وأقصر طرق الجنة سلامة الصدر.

اختبر قلبك

هذه بعض فضائل سلامة الصدر ومكانتها في الإسلام، فأين نحن منها، وما نصيبنا منها؟ هذا ما نحاول أن نضع أيدينا عليه من خلال الإجابة على الأسئلة التالية.


م

العبارة

دائما

أحيانا

لا

1

من قلبي.. أتمنى الخير لكل من حولي.




2

أشعر بسعادة غامرة إذا ما أصاب أحد معارفي فضل من الله.




3

أحرص على الدعاء لمعارفي بكل خير.




4

أحسن الظن بمن حولي، وأحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل.




5

لا أعطي أذني لأصحاب الغيبة والوقيعة.




6

أجتهد في التماس الأعذار لمن أساء إليّ.




7

أتذكر سوابق إحسان من أساء إليّ.




8

إذا حدثت خصومة بيني وبين أحد أسارع بإنهائها.




9

إذا حدثت مشاحنة بيني وبين أحد.. فإني أكثر له الدعاء بالخير.




10

أدعو الله ألا يجعل في صدري غلا لأحد من المسلمين.




11

قبل نومي.. أجتهد في تنقية قلبي من أي شحناء تجاه أي من المسلمين.




12

أحافظ على تلاوة القرآن فإنه شفاء للصدور من الأحقاد والضغائن.




13

أواظب على ورد يومي من الأذكار.








أعطِ نفسك درجات كالتالي:

دائما
أحيانا
لا
2
1
صفر





إذا كان مجموع درجاتك أكثر من22:

هنيئا لك صفاء قلبك وسلامته، ونسأل الله تعالى أن يتقبلك في عباده الأصفياء.

إذا كان مجموع درجاتك من 16 إلى 22:

ابحث عن نقاط الضعف ومواطن الوهن التي تنتابك من خلال العبارات السابقة، واجتهد في علاجها والتغلب عليها، واحرص على تصفية قلبك من الشوائب.

إذا كان مجموع درجاتك أقل من 15:


اجتهد في الابتعاد عن دائرة الخطر، واعزم على مجاهدة نفسك، واطلب العون من الله.