أولًا: معنى القاعدة:
لا ضرر ولا ضرار؛ أي: لا يضر الإنسان بنفسه، ولا يضر بغيره.
وقيل: معناهما واحد؛ وإنما كُرِّرَ للتأكيد.
والمعنى: أنه لا يجوز لأحد أن يضر بنفسه أو يضر بغيره؛ لا في دين، ولا عِرض، ولا نفس، ولا عقل، ولا مال.
ثانيًا: أدلة القاعدة:
هذه القاعدة نصُّ حديث ورَدَ عن رسول الله ﷺ؛ فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ([1]).
كما دلَّ على هذه القاعدة - أيضًا - أدلَّة كثيرة في الكتاب والسُّنَّة فيها النهي عن الإضرار بالنفس أو بالغير؛ من هذه الأدلة:
قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾ [البقرة: 282].
وقوله تعالى: ﴿ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233].
قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: 231].
وقوله تعالى: ﴿ أَسْكِنوهنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾ [الطلاق: 6].
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ [النساء: 12].
وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: 5].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا»([2]).
فحذَّر النبي ﷺ في هذا الحديث من الإضرار بالنفس.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَتَيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟» فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ، وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)﴾ [النساء: 29]، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا([3]).
وغير هذا من الأدلَّة في الكتاب والسُّنَّة الكثير.
[1])) أخرجه أحمد (22778)، وابن ماجه (2340)، وصححه الألباني في «الإرواء» (896).
[2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (5778)، ومسلم (5778).
[3])) أخرجه أحمد (17812)، وأبو داود (334)، وصححه الألباني في «الإرواء» (154).