بيوت الثلج


رباب ربيع

الأصل أن الحياة الزوجية تسير على وتيرة واحدة، وبين هذا وذاك فترات عصيبة تمر بالحياة الزوجية، لكن يبقى الملل "فيروساً" يضرب الحياة الزوجية بعنف، وقد يصيبها في مقتل إن لم يتم علاجه بشكل صحيح، فالملل الزوجي آفة تتعرض لها العلاقة الزوجية، خاصة في ظل طول الفترة التي يرتبط فيها الطرفان، والمحصلة النهائية للواقع الأسري هي الإحساس بالملل الذي يقود إلى التعاسة الزوجية، وفي الحقيقة ليست المشكلة في الإحساس بذلك الملل الزوجي، فهذا من طبيعة الحياة، وإنما تبقى الإشكالية في عدم قدرة البعض على التغلب على هذا الملل الذي يضرب أواصر الحياة الزوجية؛ فيصل بها إلى هاوية الطلاق الصامت غالباً، بل الطلاق الصريح أحياناً.
الطريق إلى بيوت الثلج

الاعتياد والرتابة قد يقتلان الشوق إلى الزوجة في نفس الزوج، والذكي هو الساعي إلى التجديد والتغيير حتى لا تضعف العلاقات بمرور الأيام، ويبدأ الشعور بأنه فقط يؤدي واجباً لابد من أدائه، وهنا لابد من التوقف وتدبر أهمية عدم المبالغة في الحديث عن الملل في العلاقة الحميمة، فالحياة الزوجية يمكن أن تزدهر وتتجدد، ولا بأس بفترات من الملل المؤقت والعابر، أما إذا زاد الملل وأوشك أن يصبح ظاهرة، فلا مفر من التغيير في كل شيء حتى لا تصير بيوتنا من ثلج. (من كتاب أسرار الزواج الناجح، نجلاء محفوظ).
أين نحن من هذا الرقي؟

يقول الداعية جاسم المطوع: إن رسالة الإسلام هي رسالة حب، والمتتبع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المسلم على إشاعة الحب واستمراره كثيرة جداً، ألا نذكر نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم حينما عاش مع السيدة خديجة- رضي الله عنها- خمسة وعشرين عاماً كلها محبة وسعادة، فلما ماتت لم ينس هذه السنوات واستمر يذكرها بالخير ويهدي أصحابها الهدايا ويتابع أخبار صديقاتها حباً ووفاءً لها، وفي ذلك دليل على أن الحب يمكن أن يستمر إلى ما بعد الخمسين، على الرغم من أن بعض الدراسات الغربية ومنها دراسة العالم الكيميائي "روبسون" أكدت أن كيمياء المخ المسيطرة على عملية الحب وتظل تولد شحنات لمدة ثلاث سنوات فقط، فتعريف الحب عندنا يختلف عن تعريفة عند الغربيين فمن قيمنا المرتبطة بالحب الإخلاص والوفاء والتضحية، بل إن الأصل في الحب أن يكون في الله ولله حتى ولو كان بين الزوجين، وهذا مفهوم راقٍ من مفاهيم الحب، ولهذا أوصانا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن نرتبط ب "الحبيبة" عندما قال "تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" (سنن أبي داود)، وذكر صفة الودود (أي الحبيبة) التي تشع الحب إلى حبيبها.

أفكار جديدة للتغيير

اجعلي بيتك كل يوم كأنه بيت جديد فغيري وبدلي وانشري فيه البهجة والسرور، وداعبي الزوج ومازحيه عند عودته من عمله، وحبذا لو ذكرته بمزاح ولطف بتلك المواقف المضحكة التي مرت بكما في حياتكما، وقد قالوا: إذا أردت أن تنال حب من أمامك فحدثه عما يحب لا عما تحب.

كوني ذكية ولبقة وماهرة في إدارة الحوار بينك وبين زوجك، وليكن كل الحوار عنه وله، وعما يحب ويعشق وينجذب إليه.
ما أجمل أن تدلليه وتلاطفيه كما كنت في سابق العهد.
يحكى أن زوجاً يبلغ من العمر 60 عاماً وزوجته تبلغ 55 عاماً فكرا يوماً في التجديد في حياتهما الزوجية، فقال الزوج لزوجته: تعالي نتقابل اليوم في الحديقة في الساعة الحادية عشرة مساء.