الشيخ عبد الوهاب الفارس .. الفقيه التقي (1395 هـ - 1975 م)




الشيخ عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد العزيز بن الشيخ محمد بن عبد الله الفارس ينتمي نسبه إلى عائلتين كريمتين، فجده لأبيه هو الشيخ محمد الفارس العالم التقي الورع الحنبلي شيخ فقهاء الكويت، وجده لأمه هو محمد السميط من العائلة المعروفة في الكويت والزبير.
مولده ونشأته


ولد رحمه الله تعالى في أواخر عام 1319ه- الموافق 1901م في الكويت، ولم بلغ الثامنة عشرة من عمره توفى والده تاركا 6 أبناء أربعة ذكور وابنتين، فرعى إخوته وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وكان مع رعايته لهم يختلف إلى علماء عصره، وكان أكثرهم اتصالا به هو الشيخ عبد الله خلف الدحيان الذي لم يأل جهدا في تعليمه، وكان يحبه حبا شديدا، لأنه يرى فيه مثال الإخلاص في طلب العلم والتفاني في رعاية القصر من إخوته، فقام على تربيه وتعليمه.
تكوينه العلمي الشرعي


مر تكوينه الشرعي بثلاث مراحل.
المرحلة الأولى


بدأ تكوينه العلمي الشرعي في وقت مبكر، وذلك منذ صباه حينما أخذ أساسيات العلم من حفظ كتاب الله وتعلم مبادئ القراءة والكتابة في دور القرآن الأولى (الكتاتيب) وكان ذلك في حياة والده.
المرحلة الثانية


أما حياته العلمية فبدأت بعد وفاة والده عام 1338ه، حيث اتصل بالشيخ المربي عبد الله خلف الدحيان الذي قام على رعايته وتربيته قبل تعليمه، فكان له أبا وشيخا، فدرس عليه فقه الإمام أحمد بن حنبل.
المرحلة الثالثة


أما المرحلة الثالثة من مراحل حياته العملية فبدأت من عام 1350ه- الموافق 1931م حينما عزم على أداء فريضة الحج، فذهب حاجا على ظهور الجمال، وهناك في مدن الحجاز العلمية، لقى الكثير من العلماء، وجلس في حلقاتهم، واستفاد من دروسهم العلمية، فكان يمضي نهاره متنقلا من حلقة إلى حلقة يعي من مشايخها كل ما يسمع.
شخصيته وأخلاقه


كانت أخلاقه أخلاق السلف الصالح، قال تلميذه عبد الله النوري يصف أخلاقه:
«كان رحمه الله تعالى على جانب كبير من الورع والتقى، متخلقا بخلاق السلف الصالح، فقيها في مذهبه (الحنبلي) شديد التمسك بالشرع، لا يحابي ولا يجامل، ولا يداهن، ولا يبيع الدين بالدنيا، ولا تأخذه في كلمة الحق لومة لائم، كان جوادا رحيما بالضعفاء كريما عليهم، وكان على جانب كبير من الرجولة، وإنكار الذات، والتفاني في سبيل الغير... وتمثل ذلك في رعايته لإخوته بعد وفاة أبيه، وكان حسن المظهر نظيفا دائما، قليل الكلام، لكنه إذا سئل أجاب إجابة شافية.
أما ورعه فتمثل عندما عرض عليه رئيس المحاكم يومئذ- عام 1364ه الموافق 1944م منصب القضاء فاعتذر بشدة، وكأني أراه وقد جمع ثيابه وهو يستغفر الله ويستعيذ به ويرد على الرئيس قائلاً: لا يا شيخ لا يا شيخ.. أرجوك أعفني من هذا المنصب، فأنا غير لائق به، لأني سريع الغضب وكان دافعه لهذا الرفض هو رغبته في البعد عن هذه المسؤولية تورعا وخوفا من الله.
صفاته الخلقية


كان رحمه الله مربوع القامة، ممتلئ الجسم، حنطي اللون، طويل اللحية، أبيض الشعر، سريع المشية، لا يلتفت إذا مشى.
رحلاته


كانت له رحلتان، الأولى رحلة الحج عام 1350ه، والثانية كانت في أواخر رجب سنة 1380ه الموافق أول يناير سنة 1961م، إلى بيت المقدس، حيث وصلها عن طريق الجو، وكان معه في هذه الرحلة الشيخ عبد الله النوري والحاج سليمان الحميد الرميح، وكانت رحلة عبادة.
اعماله


أولاً: الإمامة في مسجد الفهد


توفى الشيخ سليمان بن مانع إمام مسجد الفهد في سنة 1345ه الموافق 1936م فأجمع جماعة المسجد على تولية الإمامة للشيخ عبد الوهاب الفارس، وبقي في هذا المسجد إماما قرابة خمسين عاما إلى أن توفي رحمه الله تعالى.
وكان له دور كبير في المسجد يتمثل في الوعظ والخطابة للعامة، والتدريس لطلبة العلم، وهو الدور المفقود للإمام في وقتنا الحاضر.
ثانياً: في مجال التدريس


كان له دور بارز في هذا المجال، وتمثل ذلك في تدريسه عما 1351ه الموافق 1932م لتلميذه الشيخ عبد الله النوري كتاب «نيل المآرب في شرح دليل الطالب» في الفقه الحنبلي للشيخ عبد القادر الشيباني وكان مع الشيخ عبد الله في درسه لهذا الكتاب الشيخ محمد الشياجي الذي لم يواصل الدرس معه، ثم توسعت هذه الحلقة العلمية حتى أصبحت من الحلقات المشهورة.
وفاته


أحس بوعكة خفيفة قبل صلاة الجمعة فلم تمنعه من أدائها ولا أداء الفرائض بعدها، وقبل شروق شمس يوم السبت الـ17 من رجب سنة 1395ه الموافق الـــ 26 من يوليو سنة 1975م انتقل إلى رحمة الله تعالى، وشيع ضحى ذلك اليوم تشييعا يليق بصلحه وتقواه.

المرجع: علماء الكويت- عدنان الرومي


منقول