تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: السنة الإقرارية ودلالاتها "دراسة حديثة فقهية"

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي السنة الإقرارية ودلالاتها "دراسة حديثة فقهية"

    السنة الإقرارية ودلالاتها


    "دراسة حديثة فقهية"



    د. سعود عبد الله المطيري[(*)]




    ملخص البحث:


    هذا البحث يلقي الضوء على جانب من جوانب سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو السنة التقريرية.

    بدأ بالتعريف بالسنة لغة واصطلاحا، ثم أردف بأنواع السنن، ثم ذكرت حجية السنة على وجه العموم، وبينت حجية السنة التقريرية على وجه الخصوص.
    ثم بيان السنة التقريرية ونماذج منها في أبواب: (العقائد، والأحكام والعبادات، والآداب والأخلاق).
    التمهيد:


    تعد سنة النبي صلى الله عليه وسلم المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن، وفيها توضيحه وبيانه، ولا تخفى مكانة السنة النبوية في التشريع الإسلامي، وأثرها في الفقه الإسلامي منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة حتى عصور أئمة الاجتهاد، واستقرار المذاهب الاجتهادية، مما جعل الفقه الإسلامي ثروة تشريعية لا مثيل لها في الثروات التشريعية لدى الأمم جميعها في الماضي والحاضر، ومن يطلع على القرآن والسنة يجد أن للسنة الأثر الأكبر في اتساع دائرة التشريع الإسلامي وعظمته وخلوده، مما لا ينكره كل عالم بالفقه ومذاهبه.

    وقد تنوعت سنته عليه الصلاة والسلام والتي قضي بها بين الناس، فكانت سنة قوليه، وسنة فعلية، وسنة تقريرية، وسنة وصفية.


    المقدمة:


    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فإن الله تعالى – بلطيف عنايته – بخلقه أنزل لهم الكتب، وأرسل لهم الرسل، وختم برسوله الأمين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، الذي أرسله رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين.
    ولما كانت السنة النبوية لها المكانة العظيمة في الشريعة الإسلامية لكونها المصدر الثاني من مصادر التشريع، كان اختيار موضوع بحثي هذا أحد أنواع السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهي السنة التقريرية، وانتخاب نماذج منها مرتبة علي أبواب، العقائد، والأحكام، والعبادات، والآداب، والأخلاق، والأذكار.
    خطة البحث:


    يشتمل البحث على: تمهيد، ومقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة، وفهرس.

    التمهيد:


    وفيه بيان نبذة عن أهمية السنة النبوية، وأنواع السنة النبوية، وحجية السنة عموما، وحجية السنة التقريرية على وجه الخصوص.

    المقدمة:

    وفيها، بيان أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطة البحث.

    المبحث الأول:

    ويشتمل على التعريف بالسنة من الجانب اللغوي والاصطلاحي.
    المبحث الثاني:

    ويشتمل على بيان أنواع السنة النبوية.
    المبحث الثالث:

    بيان حجية السنة وأنها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، وفيه مطلبان:

    المطلب الأول: حجية السنة على العموم.
    المطلب الثاني: حجية السنة التقريرية.

    المبحث الرابع:

    نماذج من السنن التقريرية مرتبة على الأبواب، وفيه ثلاثة مطالب:

    المطلب الأول: باب العقائد.
    المطلب الثاني: باب الأحكام والعبادات.
    المطلب الثالث: باب الآداب، والأخلاق، والأذكار.
    الخاتمة: وفيها ذكر أهم نتائج البحث.


    المبحث الأول


    تعريف السنة لغة واصطلاحا


    أ- السنة لغة([1]): الطريقة والسيرة، سواء أكانت حسنة أم سيئة، ويشهد لهذا:

    من القرآن:

    قوله تعالي: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) (الأحزاب: 62).
    أي: سنة الله وطريقته في معاملة الأمم.

    ومن السنة:

    ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: (من سن في الإسلام سنة حسنة....) ([2]).
    ومن الشعر:

    من معشر سنت لهم آباؤهم
    فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها

    ولكل قوم سنة وإمامها
    فأول راض سنة من يسيرها([3])
    ب- السنة اصطلاحا: تطلق السنة على عدة معان:

    1- فيما يقابل القرآن([4]):

    كقولهم: من السنة: كذا، وقولهم: خلاف السنة كذا.
    مثال الأول: قول أنس رضي الله عنه: (من السنة: أن يقيم عند البكر سبعا) ([5]).

    وما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (من السنة أن تخفي التشهد) ([6]).

    ومثال الثاني: ما جاء عن سعيد بن المسيب: أنه رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه، فقال: (يا أبا محمد، يعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة) ([7]).

    2- فيما يقابل الواجب:

    فيقال: هذا واجب، وهذا سنة، والمراد: ما طلب الشارع فعله، لا على سبيل الإلزام، وتسمى بالمندوب والمستحب والنافلة.

    3- فيما يقابل البدعة:
    فيقال: أهل السنة، وأهل البدعة، والمراد بها: ما دل عليه الدليل الشرعي.

    تعريف السنة عند (الأصوليين والفقهاء):

    ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير، مما يصلح أن يكون دليلا شرعيا([8]).

    تعريف السنة عند (المحدثين):

    يعرفها المحدثون بزيادة: (الصفة)، إذ يقولون: السنة:

    ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، ويريدون بالصفة ما ورد عن الصحابة من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ، سواءأ كانت صفة خلقية أو خلقية، وما أثر عن الصحابة والتابعين من قول أو فعل([9]).

    المبحث الثاني


    أنواع السنن


    بعد أن علمنا تعريف السنة عند المحدثين، وأنها أقوال، وأفعال، وتقريرات، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم الخلقي والخلقي، فيمكن أن نذكر أنواع السنن على هذا التقسيم:

    السنة القولية: هي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول غير القرآن، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : (بني الإسلام على خمس) ([10]).

    السنة الفعلية: هي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل، مثل ما نقل من صفة صلاته كمثل: (كان إذا صلى فرج بين يديه، حتى يبدو بياض إبطيه) ([11]).

    السنة التقريرية: هي ما نقل من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول قيل، أو فعل فعل في حضرته، أو علم به، ولم ينكره، ومن أمثلة ذلك: ما رواه الشيخان: من أكل الضب على مائدته من غير إنكار([12]).

    ومما يدخل في السنة التقريرية: قول الصحابي: كنا نفعل كذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عن مرثد بن عبد الله قال: أتيت عقبة بن عامر الجهني – رضي الله عنه – فقلت: ألا أعجبك من أبي تميم، يركع ركعتين قبل صلاة المغرب! فقال عقبة إنا كنا نفعله على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. قلت: فما يمنعك الآن؟ قال: الشغل) ([13]).

    الصفة الخُلِّقية: ما جاء في صفته: (من أنه – صلى الله عليه وسلم – كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب) ([14]).

    الصفة الخَلقية: ما جاء في صفة هيئته صلى الله عليه وسلم ، حيث كان عليه الصلاة والسلام: (أحسن الناس صفة وأجملها، كان ربعة إلى الطول ما هو، أكحل العينين...) ([15]).

    المبحث الثالث


    بيان حجية السنة وأنها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي،


    وفيه مطلبان:

    المطلب الأول

    حجية السنة على العموم
    معنى حجية السنة: أن السنة متى ثبتت بالإسناد الصحيح صح الاستدلال بها، ووجب العمل بها وبما يستنبط منها من أحكام شرعية، وحجية السنة بهذا المعنى من المعلوم من الدين بالضرورة.

    وقد أجمع المسلمون على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولزوم سنته([16]).
    قال الإمام الشافعي: (لم أسمع أحدا نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله عز وجل إتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتسليم لحكمه) ([17]). قال ابن القيم: (الناس أجمعوا أن الرد إلى الله سبحانه وتعالى هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه نفسه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته) ([18]). وقال ابن عبد البر: (وقد أمر الله جل وعز بطاعته وأتباعه أمرا مطلقا مجملا لم يقيد بشيء) ([19]). وقال ابن تيمية: (وهذه السنة إذا ثبتت، فإن المسلمين كلهم متفقون على وجوب إتباعها) ([20]). وقال الشوكاني: (اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن السنة المطهرة مستقلة بتشريع الأحكام، وأنها كالقرآن في تحليل الحلال، وتحريم الحرام... والحاصل: أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف في ذلك إلا من لاحظ له في دين الإسلام) ([21]).

    الأدلة على حجية السنة:

    1- نصوص القرآن:
    اقتران الإيمان بالله جل وعلا بالإيمان برسوله، وهذا يقتضي وجوب إتباعه صلى الله عليه وسلم ، وحجية السنة الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام. قال الشافعي: (فجعل كمال ابتداء الإيمان، الذي ما سواه تبع له: الإيمان بالله ورسوله.. فلو آمن عبد به ولم يؤمن برسوله: لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً حتى يؤمن برسوله معه.. ففرض الله على الناس إتباع وحيه، وسنن رسوله) ([22]).
    الأمر بالرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عند النزاع، قال تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) (النساء: 59). قال ابن القيم: (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسول، إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل، وأحسن تأويلا في العاقبة) ([23]).

    ترتيب الوعيد على من يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور: 63). قال الإمام أحمد: (وما الفتنة؟ الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ، فيزيغ قلبه فيهلكه) ([24]) قال ابن حزم عند قوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (النجم: 3-4): (الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين:

    أحدهما: وحي متلو، مؤلف تأليفا معجز النظام، وهو القرآن.

    والثاني: وحي مروي منقول غير مؤلف، ولا معجز النظام، ولا متلو، لكنه مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول صلى الله عليه وسلم، وهو المبين عن الله سبحانه وتعالى مراده منا) ([25]).

    2- نصوص السنة الصحيحة:

    أ- أحاديث فيها دلالة صريحة على حجية السنة:

    1- كقول النبي صلى الله عليه وسلم : (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) ([26]).
    ب- وكقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) ([27]).

    ب- أحاديث فيها دلالة التنبيه على حجية السنة:
    كقوله صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي) ([28]).

    ج- أحاديث فيها الإشارة على حجية السنة:
    مثاله: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: (بلغوا عني ولو آية) ([29]).

    3- الإجماع:
    أجمع الصحابة والتابعون وفقهاء الإسلام المجتهدون، علي أن السنة حجة يجب العمل بها، والرجوع إليها، ويدل على هذا الإجماع، استقراء الآثار المروية والنقول عن:

    1- الصحابة 2- والتابعين 3- والأئمة المجتهدين.

    فمن نظر فيها وجد احتجاجهم بالسنة، وكانوا إذا اختلفوا وجاءهم خبر عن رسول صلى الله عليه وسلم تركوا آراءهم لخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.

    أ- أمثلة حجية السنة بالإجماع عند الصحابة:
    ما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه في قصة تحويل القبلة حينما خرج ممن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فمر على أهل مسجد، وهم راكعون، فقال: (أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت) ([30]).

    قضاء الصديق رضي الله عنه لميراث الجدة بالسدس، عملا بالسنة النبوية([31]).

    رجوع عمر رضي عنه في توريث المرأة من دية زوجها إلى السنة النبوية، فكان يقول: (الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا) حتى أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فرجع عمر عن قوله([32]).
    حكم عثمان رضي الله عنه بالسنة النبوية في مكان سكني المتوفى عنها زوجها حال العدة([33]).

    ب- أمثلة حجية السنة بالإجماع عند التابعين:


    قال الخليفة عمر بن عبد العزيز: رأس القضاء إتباع ما في كتاب الله، ثم القضاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ج- أمثلة حجية السنة بالإجماع عند الأئمة المجتهدين:
    كان أئمة أهل السنة الأربعة من أشد الناس إتباعا وتمسكا بالحديث إذا ثبت عندهم، فمن أقوالهم:
    قول الإمام أبي حنيفة: عليكم بإتباع السنة فمن خرج عنها ضل.
    وقال الإمام مالك: كل يؤخذ من قوله ويرد، إلا صاحب هذا القبر، أي النبي صلى الله عليه وسلم.
    وقال الإمام الشافعي، إذا صح الحديث فهو مذهبي. وقال: إذا وجدتم قولي يخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاضربوا بقولي عرض الحائط، وكان الإمام أحمد إذا سئل عن مسألة يقول: أو لأحد كلام مع النبي صلى الله عليه وسلم؟!([34]).

    4- النظر الصحيح:
    أن القرآن فرض الله فيه على الناس عدة فرائض مجملة غير مبينة، لم تفصل في القرآن أحكامها ولا كيفية أدائها، فقال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ)، و(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)، (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)، ولم يبين كيف تقام الصلاة وتؤتي الزكاة، ويؤدي الصوم والحج. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الإجمال بسنته القولية والفعلية، لأن الله سبحانه منحه سلطة هذا التبيين بقوله عز شأنه: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).
    فلو لم تكن هذه السنن البيانية حجة على المسلمين، ما أمكن تنفيذ فرائض القرآن، ولا إتباع أحكامه.

    المطلب الثاني

    حجية السنة التقريرية
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم حجة على قول أكثر الأصوليين، لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم عن أن يقر أحدا على خطأ أو معصية فيما يتعلق بالشرع. قال الجويني: (فالذي ذهب إليه جماهير الأصوليين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى مكلفا يفعل فعلا أو يقول قولا فقرره عليه، ولم ينكر عليه كان ذلك شرعا منه في رفع الحرج فيما رآه) ([35]).
    قال الإمام السمعاني: (ونذكر حكم ما أقر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عصره، فنقول: وإذا شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على استدامة أفعال في بياعات أو غيره من معاملات يتعاملونها فيما بينهم. أو مأكول أو مشروب أو ملبوس أو أبنية أو مقاعد في أسواق، فأقرهم عليها ولم ينكرها منهم، فجميعها في الشرع مباح إذا لم يتقدم إقراره إنكارا([36])، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستجيز أن يقر الناس على منكر ومحظور، كما وصفه الله تعالى في قوله: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) [الأعراق: 157]. فدل أن ما أقر عليه داخل في المعروف، وخارج عن المنكر) ([37]).

    والأصل في حجية إقراره صلى الله عليه وسلم هو: أنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة، إذ سكوته يدل على جواز ذلك الفعل أو القول، بخلاف سكوت غيره.
    لذلك استنبط الإمام البخاري في صحيحة حجية السنة التقريرية، فقال: (باب من رأى ترك النكير من النبي صلى الله عليه وسلم حجة لا من غير الرسول).

    ثم ساق الخبر بإسناده عن محمد بن المنكدر قال: (رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن صائد الدجال، فقلت: تحلف بالله؟ فقال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم) ([38]).
    ثم أردفه في الباب بعده بخبر أكل الضب على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستدل بذلك ابن عباس رضي الله عنهما بأنه ليس بحرام([39]).
    ومما استنبطه البخاري – رحمه الله – على حجية إقرار النبي صلى الله عليه وسلم : أن سترة الإمام سترة للمأمومين، فقال: (باب سترة الإمام سترة من خلفه).

    واستدل البخاري على رأيه بخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أقبلت راكبا على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمني إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد) ([40]).

    مما يدل على أنه يرى أن إقرار النبي صلى الله عليه وسلم ، وعدم إنكاره عليه حجة شرعية.
    وإنما يكون سكوته صلى الله عليه وسلم ، وعدم إنكاره حجة على الجواز بشرطين:

    أن يعلم صلى الله عليه وسلم بوقوع الفعل أو القول، فإما أن يقع ذلك بحضرته، أو في غيبته فينقل إليه، أو في زمنه وهو عالم به، لانتشاره انتشارا يبعد معه ألا يعلمه صلى الله عليه وسلم.
    قال الجويني: (وإقرار صاحب الشريعة على القول هو قول صاحب الشريعة، وإقراره على الفعل كفعله، وما فعل في وقته في غير مجلسه، وعلم به ولم ينكره، فحكمه حكم ما فعل في مجلسه) ([41]).
    ألا يكون الفعل الذي سكت عنه صلى الله عليه وسلم صادرا من كافر، لأن إنكاره صلى الله عليه وسلم لما يفعله الكفار معلوم ضرورة، فالعبرة في فعل أحد المسلمين([42]).

    المبحث الرابع


    نماذج من السن ن التقريرية مرتبة على الأبواب


    وفيه ثلاث مطالب:

    المطلب الأول: باب العقائد.
    المطلب الثاني: باب الأحكام والعبادات.

    المطلب الثالث: باب الآداب والأخلاق والأذكار.
    يتبع




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: السنة الإقرارية ودلالاتها "دراسة حديثة فقهية"

    السنة الإقرارية ودلالاتها


    "دراسة حديثة فقهية"



    د. سعود عبد الله المطيري[(*)]

    أولا: (باب العقائد):

    إقراره صلى الله عليه وسلم الحبر اليهودي حينما ذكر (صفة الإصبع) لله تعالى، وذكر اسم (الملك) لله جل وعز:

    أخرج البخاري (4811)، ومسلم (7223)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه، تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر: 67).

    فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم أقره، واستشهد لقوله بآية من كتاب الله، فضحكه واستشهاده تقرير لقول الحبر، وسبب الضحك هو سروره، حيث جاء في القرآن ما يصدق ما وجده هذا الحبر في كتبه) ([43]).

    إقراره صلى الله عليه وسلم الجارية، لما قال لها: صلى الله عليه وسلم (أين الله؟) قالت: في السماء:

    أخرج مسلم (1227)، وأبو داود (3284)، والدارمي في الرد علي الجهمية (46)، وابن مندة في الإيمان (1/230) من حديث معاوية السلمي رضي الله عنه في قصته مع جاريته التي ضربها فعظم ذلك عليه، فأتى للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: أفلا أعتقها؟ قال: (ائتني بها)، فأتيته بها، فقال لها: (أين الله؟) قالت: في السماء، قال: (من أنا؟). قالت: أنت رسول الله. قال: (أعتقها فإنها مؤمنة).
    فأقر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الله جل وعلا في السماء، وكذلك في غيره من الأحاديث.
    قال مرعي الكرمي: (ولما قال للجارية: (أين الله؟) فقالت: في السماء لم ينكر عليها بحضرة أصحابه، كي لا يتوهموا أن الأمر على خلاف ما هو عليه بل أقرها، وقال: (أعتقها فإنها مؤمنة) ([44]).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحه رضي الله عنه حينما ذكر في إنشاده استواء الله تعالى على العرش:

    أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/113) أنه كانت لابن رواحه جارية يستسرها سرا عن أهله، فبصرت به امرأته يوما قد خلا بها، فقالت: لقد اخترت أمتك على حرتك، فجاحدها ذلك، فقالت: فإن كنت صادقا فاقرأ آية من القرآن، وفي رواية: وقد عهدته لا يقرأ القرآن وهو جنب، فقال:
    شهدت بأن وعد الله حق... وأن النار مثوى الكافر ينا
    قالت: فزدني آية أخرى، فقال:
    وأن العرش فوق الماء طاف...... وفوق العرش رب العالمينا
    فقالت: زدني آية أخرى، فقال:
    وتحمله ملائكة كرام... ملائكة الإله مقربينا

    فقالت: آمنت بالله، وكذبت البصر، فأتى ابن رواحه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يغير عليه.

    قال ابن عبد البر: (وقصته مع زوجته في حين وقع على أمته مشهورة، رويناها من وجوه صحاح)([45]).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية([46]): (كما أنشد عبد الله بن رواحة رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم فأقره النبي صلى الله عليه وسلم :

    شهدت بأن وعد الله حق.... وأن النار مثوى الكافرينا
    وأن العرش فوق الماء طاف.... وفوق العرش رب العالمينا
    بل أن النبي صلى الله عليه وسلم ؛كان يسمع مثل هذا ويقر عليه، كما أنشده عبد الله بن رواحة رضي الله عنه) ([47]).
    قال ابن القيم: (قال محمد بن عثمان الحافظ: رويت هذه القصة من وجوه صحاح عن ابن رواحة)([48]).


    إقراره صلى الله عليه وسلم الحبر اليهودي في اعتبار الحلف بغير الله شركاً:

    أخرج الإمام أحمد (27093) والنسائي في الكبرى (6/245) من حديث قتيلة بنت صيفي رضي الله عنه أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا إذا أرادوا أن يحلفوا: (ما شاء الله، ثم شئت) وأمرهم أن يقولوا: (ورب الكعبة).

    فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على اعتبارها من الشرك، وأرشد إلى استعمال اللفظ البعيد من الشرك بأن يحلفوا بالله، وأن يعطفوا مشيئة العبد على مشيئة الله بثم التي هي للترتيب والتراخي، لتكون مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله تعالى.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أبا رزين العقيلي رضي الله عنه على قوله: (لا نعدم خيرا من رب يضحك):

    أخرج الإمام أحمد في المسند (16206)، وابن خزيمة في التوحيد (2/462)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (3/426) من حديث أبي رزين رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره) فقلت: يا رسول الله ويضحك الرب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (نعم) قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرا.

    فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على قوله.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة في ترتيب الفضيلة لأبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان رضي الله عنهم أجمعين:

    أخرج البخاري (3655)، وابن أبي عاصم في السنة (1193)، وعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل في السنة (1335) – ومن طريقه الخلال في السنة (577) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (كنا نتحدث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره). واللفظ لابن أبي عاصم.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد اتفق المسلمون على أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم، وأن خير هذه الأمة أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم وأفضلهم السابقون الأولون، وأفضلهم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عنهم) ([49]).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أبيّ بن كعب رضي الله عنه في قوله: إن أعظم آية في كتاب الله هي: آية الكرسي، لاشتمالها على صفات الله تعالى:

    أخرج مسلم (1921)، والإمام أحمد (21278) من حديث أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتابة الله معك أعظم؟). قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: (يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟). قال قلت (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ). قال: فضرب في صدري وقال: (والله، ليهنك العلم أبا المنذر).
    فأقر النبي صلى الله عليه وسلم أبيا رضي الله عنه على جوابه، وأنه قد وفق للصواب، وسدد في الجواب، فقال له إقرارا: (ليهنك العلم أبا المنذر).
    ثانياً:( باب الأحكام والعبادات):


    إقراره صلى الله عليه وسلم سنة ركعتي الفجر عقب صلاة الصبح، وقبل الشروق:

    أخرج الشافعي في المسند (190) – ومن طريقه البيهقي في الكبرى (2/456) – والحميدي في المسند (2/383) من حديث قيس الأنصاري رضي الله عنه قال: أبصرني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح، فقال: (ما هاتان الركعتان يا قيس؟) فقلت: يا رسول الله، إني لم أكن صليت ركعتي الفجر، فهما هاتان الركعتان، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    قال السندي في ترتيب مسند الشافعي: (وسكوته صلى الله عليه وسلم إقرار بصحة ما فعل قيس، وهو دليل على جواز قضاء هذه السنة) ([50]).
    وله شاهد أخرجه الخطيب في الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة (62) من حديث جابر رضي الله عنه.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن الربيع رضي الله عنه حينما قال لعبد الرحمن بن عوف: (ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها):

    أخرج البخاري (5072) والترمذي (2058) من حديث أنس رضي الله عنه قال: (لما قدم عبد الرحمن بن عوف مهاجرا آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، فقال له سعد: لي مال فنصفه لك، ولي امرأتان، فانظر أحبهما إليك حتى أطلقها، فإذا انقضت عدتها تزوجها، قال فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق...).

    ووجه الاستدلال بهذا الحديث قوله: (ولي امرأتان، فانظر أحبهما إليك حتى أطلقها) فلو كان فيه ظلم للزوجة ما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا القول، ولم ينكره عليه، وهو لا يقر على منكر.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الاقتصار على قراءة الفاتحة في الصلاة:

    أخرج أبو داود (793)، والبيهقي في الكبرى (3/116) من حديث جابر رضي الله عنه في قصة معاذ رضي الله عنه وصلاة الرجل خلفه قال: وقال – يعني النبي صلى الله عليه وسلم – للفتى (كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت؟)، قال: أقرأ بفاتحة الكتاب، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني ومعاذ حول هاتين أو نحو ذا). فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على جواز الاقتصار على الفاتحة.

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه عندما التفت ورفع يديه وهو في الصلاة، ثم رجع القهقري ليقف في الصف:

    أخرج البخاري (1201)، ومسلم (976) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه حينما شغل النبي صلى الله عليه وسلم ، فتقدم أبو بكر رضي الله عنه، فصلى، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقا حتى قام في الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح – قال سهل: هل تدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق – وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته، فلما أكثروا التفت، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم في الصف، فأشار إليه مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله، ثم رجع القهقري وراءه، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى.
    قال الباجي: (وهذا يدل على أن الالتفات في الصلاة لا يبطلها، لأنه فعل ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه، ولا خلاف في ذلك) ([51]).

    وقال أيضا: قوله (فاستأخر أبو بكر حتى استوى في (الصف) دخولا في جملة الصحابة المؤتمين، وخروجا للنبي صلى الله عليه وسلم عن رتبة المأموم، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع الإمامة) ([52]) .

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم عروة البارقي رضي الله عنه في تصرفه بالوكالة:

    أخرج البخاري (3642)، وأبو داود (3384) من حديث عروة البارقي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشتري به أضحية أو شاة، فاشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار، فأتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه.
    قال ابن عثيمين: (وكله الرسول صلى الله عليه وسلم – أي عروة رضي الله عنه – يشتري له أضحية فأعطاه دينارا، فاشترى أضحيتين وباع واحدة بدينار، فرجع إلي الرسول صلى الله عليه وسلم بأضحية ودينار، لم يخسر شيئا، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فهذا يدل على أنه إذا كان تصرف الوكيل فيه خير للموكل فينبغي أن ينفذ) ([53]).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على أكل الضب على مائدته عليه الصلاة والسلام، ولم ينكر عليهم ذلك:

    أخرج البخاري (5391)، ومسلم (5146) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن خالد بن الوليد رضي الله عنه: حينما أكل الضب على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكره.
    قال خالد رضي الله عنه: فاجتررته فأكلته ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينظر.
    قال المارديني: (لا يجوز لصاحب الشريعة أن يقر أحداً على الخطأ، ولهذا حكم بحل الضب مع عدم أكله منه عليه السلام، لكن لما أقر خالدا على أكله من غير إنكار علم حله) ([54]).
    إقراره صلى الله عليه وسلم تمرين الصبيان على الصيام:

    أخرج البخاري (1960)، ومسلم (2725)، من حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار (من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائما فليصم)، قالت فكنا نصومه بعد، ونصوم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك، حتى يكون عند الإفطار.

    إقراره صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه على زيادة (الصلاة خير من النوم) في أذان الفجر:

    أخرج ابن ماجه (1/237)، والطحاوي في شرح المشكل (15/366) من حديث بلال رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم، فأقرت في تأذين الفجر، فثبث الأمر على ذلك.
    فإقراره الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة من بلال يدل على مشروعية الإتيان بها.
    وعند ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: (من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم) ([55]).

    إقراره صلى الله عليه وسلم الصحابة على بقاء الوضوء بعد أن خفقت رؤوسهم من النوم في انتظار الصلاة، ولم يأمرهم بإعادته:

    أخرج مسلم (861)، وأبو داود (200) من حديث أنس رضي الله عنه قال: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون، ولا يتوضؤون).
    قال ابن القيم رحمه الله: (ومنه: تقريرهم على بقاء الوضوء، وقد خفقت رؤوسهم من النوم في انتظار الصلاة، ولم يأمرهم بإعادته، وتطرق احتمال كونه لم يعلم ذلك مردود بعلم الله به، وبأن القوم أجل وأعرف بالله ورسوله أن لا يخبروه بذلك، وبأن خفاء مثل ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يراهم ويشاهدهم خارجا إلى الصلاة ممتنع) ([56]).
    إقراره صلى الله عليه وسلم الصحابة على رفع الصوت بالذكر بعد السلام من الصلاة:

    أخرج البخاري (841)، ومسلم (1346) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عباس: (كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته). قال ابن القيم: (ومنه: تقريرهم على رفع الصوت بالذكر بعد السلام، بحيث كان من هو خارج المسجد يعرف انقضاء الصلاة بذلك، ولا ينكره عليهم) ([57]).

    إقراره صلى الله عليه وسلم لبس خاتم الفضة للرجل:

    أخرج الطحاوي في شرح المعاني (4/261) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رجلا، جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبس خاتم حديد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هذه لبسة أهل النار)، فرجع فلبس خاتم ورق، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
    قال النووي([58]): (قال أصحابنا: يجوز للرجل خاتم الفضة بالإجماع).
    إقراره صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها على جلوسها بينه وبين القبلة، وهو يصلي:

    أخرج البخاري (511)، والإمام أحمد (25412) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وسط السرير، وأنا مضطجعة بينه وبين القبلة تكون لي الحاجة، فأكره أن أقوم فأستقبله، فأنسل انسلالا). فأقرها صلى الله عليه وسلم على انسلالها بين يديه، وعلى مكثها بينه وبين القبلة، وهو في صلاته.

    إقراره صلى الله عليه وسلم التيمم عند شدة برودة الماء، فقد أقر عمرو بن العاص رضي الله عنهما على صلاته جنبا بعد أن تيمم من شدة البرد:

    أخرج الإمام أحمد (18287)، وأبو داود (334) عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما حين احتلم في ليلة باردة، فتيمم ثم صلى بأصحابه الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (فقال يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب) فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول: " وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" فضحك صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا). قال ابن تيمية: (فأقره صلى الله عليه وسلم على فعله ولم ينكره لما بين له عذره) ([59]).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم يكون الصبي لم يبلغ الحلم مع واحد صفا في الصلاة:

    أخرج البخاري (380)، ومسلم (1531) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه جاء فيه: (فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف).
    وفي هذا الحديث دليل على مصافة الصبي المميز، وأنه يمكن أن يكون مع واحد صفا.
    ووجه الاستدلال هو أن اليتيم صف مع أنس رضي الله عنه، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، والسكوت منه إقرار، ومعلوم أن اليتيم من مات أبوه ولم يبلغ الحلم.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الفريقين على صلاة العصر في غزوة بني قريظة:

    أخرج البخاري (946)، ومسلم (4701) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم).

    فهنا أقر النبي صلى الله عليه وسلم من صلى الصلاة في وقتها، ومن أخرها إلى أن فات وقتها.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين قبل صلاة المغرب:

    أخرج مسلم (1975)، وأبو داود (1284) عن المختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصلاة بعد العصر فقال: كان عمر رضي الله عنه يضرب على الصلاة بعد العصر. قال: وكنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نصلي ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، فقلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما: قال: قد كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا. يعني: سكت، وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم إقرار منه.

    قال ابن القيم: (ومنه: تقريرهم على التطوع بين أذان المغرب والصلاة وهو يراهم ولا ينهاهم)([60]).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم المتنفل بإمامة المفترض، وجواز مخالفة نية الإمام للمأموم، وصحة صلاتهما جميعا:

    أخرج البخاري (700)، ومسلم (1070) وأبو داود (600) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يرجع فيؤم قومه).
    إقراره صلى الله عليه وسلم عقد السلم:

    أخرج البخاري (2240)، ومسلم (4203) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: (من أسلف في شيء ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم).
    عقد السلم عرفه العرب في الجاهلية، وأقرهم عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو: تسليم عوض حاضر في عوض موصوف في الذمة إلى أجل مسمى، ولهذا يطلقون عليه: بيع العاجل بالآجل، وقد علق السرخسي على هذا الحديث بقوله: (فقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على أصل العقد وبين شرائطه، فذلك دليل جواز العقد، وإنما يقبل السلم في العادة بما ليس بموجود في ملكه، والقياس يأبي جوازه، لأنه بيع المعدوم، وبيع ما هو موجود غير مملوك للعاقد باطل، فبيع المعدوم أولى بالبطلان ولكنا تركنا القياس بالكتاب والسنة) ([61]).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي على تكراره ختامه الصلاة بسورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وإقراره أنه صفة الرحمن جل وعلا:

    أخرج البخاري (7375)، ومسلم (1926) من حديث عائشة رضي الله عنها في الرجل يقرأ لأصحابه في صلاته ب(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فذكروه للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟). فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أخبروه أن الله يحبه).
    قال ابن تيمية: (فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على تسميتها صفة الرحمن).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم واستبشاره عند سماعه قول مجزز المدلجي رضي الله عنه: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل ولا يستبشر لباطل:

    أخرج البخاري (6771)، ومسلم (3691) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه، فقال: (ألم ترى أن مجززا المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة، قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض).
    قال الشاطبي: (وكان إقراره بيانا أيضا، إذا علم بالفعل ولم ينكره مع القدرة على إنكاره لو كان باطلا أو حراما، حسبما قرره الأصوليون في مسألة مجزز المدلجي وغيره) ([62])
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم المتيمم على عدم إعادة الصلاة بعد توفر الماء:

    أخرج أبو داود (338)، والدارمي (1/207) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: (أصبت السنة وأجزأتك صلاتك)، وقال للذي توضأ وأعاد، (لك الأجر مرتين).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه على قوله بإعطاء سلب القتيل لقاتله:

    أخرج البخاري (3142)، ومسلم (4667) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه وجاء فيه: أن أبا بكر رضي الله عنه حكم في سلب القتيل فقال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم : (لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صدق فأعطه إياه).
    قال الماوردي: (فأقره صلى الله عليه وسلم على هذا القول، فصح اجتهاده حين أقره عليه) ([63]).
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على السجود على ثيابهم عند شدة الحر:

    أخرج البخاري (1208)، ومسلم (1438)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه). قال ابن القيم: (ومن ذلك: تقريرهم على سجود أحدهم على ثوبه إذا اشتد الحر، ولا يقال في ذلك: إنه ربما لم يعلمه، لأن الله قد علمه، وأقرهم عليه، ولم يأمر رسوله بإنكاره عليهم، فتأمل هذا الموضع) ([64]).
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه حينما قال لماعز بن مالك رضي الله عنه: (إن أقررت عنده الرابعة رجمك):
    أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (10/72)، والإمام أحمد (41) أن أبا بكر الصديق قال له: إن أقررت عنده الرابعة رجمك، فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم ينكره، فكان بمنزلة قوله: لأنه لا يقر على الخطأ، ولأن أبا بكر قد علم هذا من حكم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولولا ذلك لما تجاسر على قوله بين يديه.

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه على صلاته ركعتين بعد كل وضوء:

    أخرج ابن أبي شيبة (12/150)، والإمام أحمد (23040)، والترمذي (4053)، وابن خزيمة (2/213) من حديث بريدة رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فدعا بلالا، فقال: (يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة؟ إني دخلت الجنة البارحة فسمعت خشخشتك أمامي) فقال بلال: يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بهذا).
    قال أبو شامة: (ومن هذا الباب: إقراره صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه على صلاته ركعتين بعد كل وضوء، وإن كان هو صلى الله عليه وسلم لم يشرع خصوصية ذلك بقول ولا فعل) ([65]).
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما حينما قام إلى جنبه مؤتما به في صلاة الليل:

    أخرج البخاري (117)، ومسلم (1830)، والإمام أحمد (3243)، وأبو داود (610)، والنسائي في الكبرى (1/161) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما جاء فيه: (ثم توضأ وضوءا حسنا بين الوضوءين ثم قام يصلي، فجئت فقمت إلى جنبه، فقمت عن يساره قال فأخذني فأقامني عن يمينه...) الحديث.
    وفي هذا الحديث: دلالة على أنه لا يلزم نية الإمامة عند بدء الدخول في الصلاة، لأن ابن عباس رضي الله عنهما بعدما دخل الرسول هو صلى الله عليه وسلم في الصلاة جاء ودخل معه، ولم يكن الرسول هو صلى الله عليه وسلم ناويا أن يكون إماما، لأن نية الإمامة حصلت بعدما وجد المأموم، وقبل ذلك لم يكن هناك مأموم، وإنا دخل رسول الله عليه الصلاة والسلام في الصلاة منفردا، ثم وجدت الإمامة بعد ذلك لما جاء المأموم.
    قال ابن عبد البر: (وفيه رد على من لم يجز للمصلي أن يؤم أحدا إلا أن ينوي الإمامة مع الإحرام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينو إمامة ابن عباس، وقد قام إلى جنبه مؤتما به فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلك به سنة الإمامة إذ نقله عن شماله إلى يمينه) ([66]).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم القسامة([67]) على ما كانت عليه في الجاهلية:

    أخرج مسلم (4442)، والإمام أحمد (3243)، والنسائي في الكبرى (4/206) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية.
    كانت القسامة طريقا من طرق الإثبات في الجاهلية فأقرها الإسلام. قال العيني : (فيه مشروعية القسامة في الدم، وهو أمر كان في الجاهلية، فأقره رسول الله في الإسلام) ([68]).
    وقد ذكر الفقهاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية([69]).
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم خبيبا رضي الله عنه على صلاته للركعتين قبل قتله:

    أخرج البخاري (3045)، والإمام أحمد (8096) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة خبيب رضي الله عنه حينما ذهبوا به ليقتلوه، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين).

    إلى أن قال: (فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا، فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا).
    قال النووي في المجموع: (ويستحب لمن أريد قتله بقصاص أو في حد أو غيرهما أن يصلي قبيله إن أمكنه لحديث أبي هريرة: (أن خبيب بن عدي الصحابي رضي الله عنه حين أخرجه الكفار ليقتلوه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوني أصل ركعتين، فكان أول من صلى الركعتين عند القتل)([70]).
    فقد فعلت في عهده صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل عنه أنه أنكرها.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم من عقد اليمين على شيء لم يره اعتماداً على القرائن، وغلبة الظن:

    أخرج البخاري (1936)، ومسلم (2651) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله، هلكت، قال: (ما لك؟). قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هل تجد رقبة تعتقها؟)، قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)، قال: لا، فقال: (فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟). قال لا. قال فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر – والعرق المكتل – قال:: (أين السائل؟)، فقال أنا، قال: (خذها فتصدق به). فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟!، فو الله ما بين لا بتيها – يريد الحرتين – أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: (أطعمه أهلك).

    ففي هذا الحديث أقره النبي صلى الله عليه وسلم على الحلف على غلبة الظن.
    قال ابن عثيمين: (للإنسان أن يحلف على شيء لم يره اعتمادا على القرائن، وغلبة الظن، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان، حين قال: (والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني)، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم لأنه عنده غلبة ظن، ولم يقل له: لا تحلف، فإنك لا تدري، وهل هو قد فتش البيوت؟! ما فتش، ولكنه حلف على ظنه) ([71]).

    فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ما غلب على ظنه.
    يتبع



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: السنة الإقرارية ودلالاتها "دراسة حديثة فقهية"

    السنة الإقرارية ودلالاتها


    "دراسة حديثة فقهية"



    د. سعود عبد الله المطيري[(*)]


    ثالثا: (باب الآداب والأخلاق والأذكار):


    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها على فعلها في رقياه:

    أخرج الإمام أحمد (24774)، والنسائي في الكبرى (6/251) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت يدي على صدره، فقلت: أذهب إلباس رب الناس، أنت الطبيب، وأنت الشافي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وألحقني بالرفيق الأعلى وألحقني بالرفيق الأعلى).
    إقرار النبي صلي الله عليه وسلم الصغير على اللعب بالطير:

    أخرج البخاري في الصحيح (62.3)، وفي الأدب المفرد (384)، ومسلم (5747) من حديث أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير – قال أحسبه فطيم – وكان إذا جاء قال: (يا أبا عمير ما فعل النغير)؟ نغر كان يلعب به، فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلى بنا) واللفظ للبخاري.
    قال ابن حجر في فوائد الحديث([72]): (جواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه، وقص جناح الطير إذ لا يخلو حال طير أبي عمير من واحد منهما، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم).
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة رضي الله عنه على الارتواء في الشرب:

    أخرج البخاري (6087)، والإمام أحمد (10679)، والترمذي (2665) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل جاء فيه: فقال النبي الله صلى الله عليه وسلم : (فاقعد فاشرب قال فقعدت فشربت، ثم قال لي: أشرب، فشربت، فما زال يقول لي: اشرب فأشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ما أجد لها في مسلكا.
    فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على قوله: ما أجد لها في مسلكا.
    قال ابن القيم رحمه الله: (وكإقراره لهم بحضرته على الشبع في الأكل) ([73]).
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم بعض صحابته على التحدث في أمر الجاهلية في المسجد:

    أخرج مسلم (5146)، وابن حبان (6259) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم صلى الله عليه وسلم). قال ابن رجب: (وهذا يدل على أنه لم ينكر على من تحدث وضحك في ذلك الوقت) ([74]).
    إقراره صلى الله عليه وسلم إنشاد الشعر في المسجد:

    أخرج البخاري (435)، ومسلم (6539)، والنسائي في المجتبى (715) عن سعيد ابن المسيب قال: من عمر في المسجد وحسان ينشد، فقال: (كنت أنشد فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عني، اللهم أيده بروح القدس)؟ قال: نعم.
    قال ابن القيم رحمه الله: (ومن إقرار رسوله صلى الله عليه وسلم ، قول حسان لعمر: كنت أنشد وفيه من هو خير منك) ([75]).
    إقراره صلى الله عليه وسلم الصحابة على الدعاء في الشعر:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومنه: قول الصحابة رضي الله عنهم:
    اللهم إن العيش عيش الآخرة

    فاغفر للأنصار والمهاجرة
    وهنا دعاء في الشعر وقد أقر الصحابة على قولهم: فدل على جوازه) ([76]).
    إقراره صلى الله عليه وسلم الحبشة وهم يلعبون في المسجد:

    أخرج البخاري (454)، ومسلم (2103)، والإمام أحمد (27082) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على باب حجرتي، والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، انظر إلى لعبهم).

    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على العزل عند الجماع:

    أخرج البخاري (5208)، ومسلم (3632)، والترمذي (1167) من حديث جابر رضي الله عنه قال: (كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل).
    قال في التحفة: (قوله: كنا نعزل والقرآن ينزل فيه جواز الاستدلال بالتقرير من الله ورسوله على حكم من الأحكام، لأنه لو كان ذلك الشيء حراما لم يقروا عليه، ولكن بشرط أن يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم) ([77]).
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على الزيادة على التلبية النبوية:

    أخرج مسلم (3009)، وأبو داود (1547)، وابن ماجة (2/1022) من حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك). ولبى الناس، والناس يزيدون – ذا المعارج، ونحوه من الكلام – والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع، فلم يقل لهم شيئاً).
    وهذا يدل على جواز الزيادة على التلبية النبوية، لإقراره صلى الله عليه وسلم ذلك.
    وأخرج البخاري (927) من حديث محمد بن أبي بكر الثقفي قال: سألت أنسا – ونحن غاديان من منى إلى عرفات – عن التلبية، كيف كنتم تصنعون مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يلبي الملبي، لا ينكر عليه، ويكبر المكبر، فلا ينكر عليه.
    إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة علي الرقيا بفاتحة الكتاب، وعلى أخذهم الأجر على الرقيا:

    أخرج البخاري (5736)، ومسلم (5863) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا. فجعلوه لهم قطيعا من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه، ويتفل، فبرأ، فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه فضحك، وقال: (وما أدراك أنها رقية، خذوها، واضربوا لي بسهم).
    ونختم ببيان أموار عامة أقرها النبي صلى الله عليه وسلم ، ونص أهل العلم على أنها داخلة في تقريراته عليه الصلاة والسلام:
    قال الجصاص: (وقد يقع من النبي صلى الله عليه وسلم بيان الحكم بالإقرار على فعل شاهده من فاعل يفعله على وجه من الوجوه، فيترك النكير عليه، فيكون ذلك بيانا منه في جواز فعل ذلك الشيء على الوجه الذي أقره عليه، أو وجوبه إن كان شاهده يفعله على وجهه الوجوب فلم ينكره، وذلك نحو علمنا بأن عقود الشركات، والمضاربات، والقروض وما جرى مجرى ذلك، قد كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبحضرته مع علمه بوقوع ذلك منهم، واستفاضتها فيما بينهم، ولم ينكرها على فاعليها، فدل ذلك من إقراره إياهم على إباحته ذلك) ([78]).
    قال الماوردي: (وأما إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على ما أمرهم به من بياعات، ومعاملات، ومأكول، ومشروب، وملبوس، وآنية، ومقاعد في الأسواق، فجميعها في الشرح مباح، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستجيز أن يقر الناس على منكر محظور، كما وصفه الله تعالى في قوله: (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) (الأعراف: 157).
    فدل على أن ما أقر عليه خارج عن المنكر وداخل في المعروف) ([79]).


    الخاتمة


    وفيها أهم نتائج البحث:

    تعد السنة على وجه العموم مصدرا رئيسا من مصادر الشريعة الإسلامية.
    السنة التقريرية هي: إحدى أنواع السنن التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واحتج بها أهل العلم.
    تنوعت السنة التقريرية في كثير من الوقائع التي كانت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم زمن التشريع ونزول الوحي، فشملت جانب العقائد، والأحكام، والأخلاق، والآداب وغيرها.


    المصادر والمراجع


    أخبار القضاة/ لوكيع – تحقيق عبد العزيز المراغي – ط1-1366هـ- دار الوراق.
    إرشاد الفحول / محمد بن علي الشوكاني – تحقيق سامي الأثري 1421هـ - دار الفضيلة.
    إعلام الموقعين / ابن قيم الجوزية – تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد = ط1 – 1407هـ - المكتبة العصرية – بيروت.
    أقاويل الثقات / مرعي الكرمي – تحقيق شعيب الأرنؤوط – ط1 – 1406هـ - الرسالة.
    اجتماع الجيوش الإسلامية / ابن قيم الجوزية – ط1 – 1404هـ الكتب العلمية.
    الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان / ابن بلبان الفارسي – تحقيق شعيب الأرنؤوط – ط3 – 1418هـ - الرسالة – بيروت.
    الإحكام في أصول الأحكام / ابن حزم الأندلسي – ط1 – 1404هـ - دار الحديث.
    الأدب المفرد / البخاري – ناصر الدين الألباني – ط1 – 1419هـ - دار الصديق.
    الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة / للخطيب البغدادي – تحقيق د. عز الدين علي السيد – ط3 – 1417هـ - مكتبة الخانجي – مصر.
    الأسماء والصفات / أحمد بن الحسين أبو بكر البيهقي – تحقيق عبد الله بن محمد الحاشدي – ط1-1413هـ - مكتبة السوادي – جدة.
    الاستذكار / لابن عبد البر – تحقيق سالم عطا – الكتب العلمية – 1420هـ - بيروت.
    الاستيعاب / لابن عبد البر – تحقيق علي البجاوي – ط1- 1412هـ - دار الجيل.
    الباعث على إنكار البدع والحوادث / عبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة – تحقيق عثمان عنبر – ط1 – 1398هـ - دار الهدى – القاهرة.
    البحر المحيط / بدر الدين الزركشي – تحقيق د. محمد تامر – 1421هـ - الكتب العلمية.
    البرهان في أصول الفقه / أبو المعالي الجويني – تحقيق د. عبد العظيم الديب – ط4 – 1418هـ - الوفاء – مصر.
    التوحيد / محمد بن إسحاق بن خزيمة – تحقيق د. عبد العزيز الشهوان – ط5 – 1414هـ - مكتبة الرشد – الرياض.
    الحاوي الكبير / أبو الحسن الماوردي – ط1 – 1414هـ - دار الكتب العلمية – بيروت.
    الرد على الجهمية / عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد الدارمي – تحقيق بدر بن عبد الله البدر – ط2 – 1995م – دار ابن الأثير – الكويت.
    الرسالة / محمد بن إدريس الشافعي – تحقيق أحمد شاكر.
    السنة/ أحمد بن الخلال – تحقيق د. عطية الزهراني ط1 – 1410هـ - الراية – الرياض.
    السنن الكبرى / أحمد بن شعيب النسائي – تحقيق د. عبد الغفار البنداري وسيد كسروي حسن – ط1 – 1411هـ - دار الكتب العلمية – بيروت.
    السنن الكبرى / أحمد بن الحسين البيهقي – ط1 – 1344هـ المعارف النظامية – الهند.
    الشرح الممتع / محمد بن صالح العثيمين – ط1 – 1422هـ - ابن الجوزي – الرياض.
    الصارم المسلول / شيخ الإسلام ابن تيمية – تحقيق محمد الحلواني، محمد كبير – ط1 – 1417هـ - دار ابن حزم – بيروت.
    الفصول في الأصول / أحمد بن علي الجصاص – تحقيق د. عجيل النشمي – ط1 – 1405هـ- وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية دولة الكويت.
    القاموس المحيط / للفيروز آبادي – تحقيق مكتب الرسالة لتحقيق التراث – ط6 – 1419هـ - الرسالة – بيروت.
    المبسوط / شمس الدين السرخسي – تحقيق خليل الميس – ط1 – 1421 هـ دار الفكر.
    المجموع/ للنووي – محمد نجيب المطيعي – دار إحياء التراث العربي – بيروت.
    المحلى بالآثار / لابن حزم الأندلسي – تحقيق د. عبد الغفار البنداري – دار الكتب العلمية.
    المستدرك على الصحيحين / محمد بن عبد الله الحاكم – تحقيق مصطفى عبد القادر عطا – ط1 – 1411هـ - دار الكتب العلمية – بيروت.
    المصنف / عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة – تحقيق محمد عوامة – ط1 – 1427هـ - دار الثقافة الإسلامية – جدة.
    المصنف / عبد الرزاق الصنعاني – تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي – المكتب الإسلامي.
    المغني في فقه الإمام أحمد / عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي – ط 1405هـ/ دار الفكر – بيروت.
    المغنى في فقه الإمام أحمد / لابن قدامة المقدسي – ط 1405هـ/ دار الفكر – بيروت.
    المنتقى شرح موطأ مالك / القاضي أبي الوليد الباجي – تحقيق محمود شاكر – ط1 – 1425هـ - دار إحياء التراث العربي – بيروت.
    الموافقات/ إبراهيم بن موسى الشاطبي – تحقيق مشهور حسن – 1424هـ - وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف – السعودية.
    الموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي / تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – دار إحياء الكتب العربية – مصر.
    الواضح في أصول الفقه/ علي البغدادي – تحقيق د. عبد الله التركي – 1420هـ - الرسالة.
    بدائع الفوائد / ابن قيم الجوزية – ط1 – 1416هـ - مكتبة نزار الباز – مكة.
    تاريخ مدينة دمشق / لابن عساكر – تحقيق محب الدين العمروي – 1415هـ - دار الفكر.
    تحفة الأحوزي / محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري – دار الكتب العلمية.
    ترتيب مسند الشافعي / محمد عابد السندي – تحقيق يوسف الزواوي – الكتب العلمية.
    تلخيص كتاب الاستغاثة والرد على البكري / أحمد بن عبد الحليم بن تيمية – تحقيق محمد عجال – ط1 – 1417هـ - مكتبة الغرباء – المدينة المنورة.
    جامع بيان العلم وفضله / يوسف بن عبد البر النمري – تحقيق أبي الأشبال الزهيري – ط1 – 1414هـ - دار ابن الجوزي – الدمام.
    جماع العلم / محمد بن إدريس الشافعي – 1405هـ - دار الكتب العلمية – بيروت.
    ذم الكلام وأهله / عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي – تحقيق عبد الرحمن عبد العزيز الشبل – 1418هـ - مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة.
    سنن أبي داود / سليمان بن داود السجستاني – تحقيق عزت الدعاس وعادل السيد – ط1 – 1418هـ - دار ابن حزم – بيروت.
    سنن ابن ماجة/ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – دار الفكر – بيروت.
    سنن الترمذي / محمد بن عيسى الترمذي – ط1 – 1420هـ - طبعة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد – السعودية.
    سنن الدارمي / عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي – تحقيق فواز أحمد زمرلي وخالد السبع – ط1 – 1407هـ - دار الكتاب العربي – بيروت.
    شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة / هبة الله بن الحسن اللالكائي – تحقيق د. أحمد بن سعد الغامدي – ط3 – 1415هـ - دار طيبة – الرياض.
    شرح سنن أبي داود / بدر الدين العيني / تحقيق خالد بن إبراهيم المصري – ط 1420هـ - مكتبة الرشد – الرياض.
    شرح مختصر الروضة / نجم الدين الطوفي – تحقيق د. عبد الله التركي – ط2 – 1419هـ - الرسالة – بيروت.
    شرح مشكل الآثار / أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي – تحقيق شعيب الأرنؤوط – ط1 – 1415هـ - الرسالة – بيروت.
    شرح معاني الآثار – أحمد بن محمد الطحاوي – تحقيق محمد زهري النجار – ط1 – 1399هـ - دار الكتب العلمية – بيروت.
    شمائل النبي صلى الله عليه وسلم / محمد بن عيسى الترمذي – تحقيق أحمد البرزة – ط1 – 1429هـ - دار المأمون – دمشق.
    صحيح ابن خزيمة / محمد بن إسحاق بن خزيمة – تحقيق د. محمد مصطفى الأعظمي – ط2-1412هـ - المكتب الإسلامي – بيروت.
    صحيح البخاري /ط2-1424هـ - وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف – السعودية.
    صحيح مسلم / مسلم بن الحجاج القشيري – ط2 – 1421هـ - دار السلام – الرياض.
    فتح الباري / ابن حجر العسقلاني – ط3 – 1407هـ - المكتب السلفية – القاهرة.
    فتح الباري شرح صحيح البخاري / لابن رجب الحنبلي – تحقيق مجموعة من المحققين – ط1- 1417هـ - مكتبة الغرباء – المدينة النبوية.
    فتح المغيث / محمد بن عبد الرحمن السخاوي – تحقيق د. عبد الكريم بن عبد الله الخضير ود. محمد بن عبد الله الفهيد – ط2 – 1418هـ - مكتبة دار المنهاج – الرياض.
    قواطع الأدلة / منصور بن محمد السمعاني – تحقيق د. عبد الله الحكمي – السعودية.
    قواعد التحديث/ جمال الدين القاسمي – تحقيق عزيز الله العطاردي – دار الكتب العلمية.
    كتاب الإيمان / محمد بن مندة – تحقيق د. علي الفقيهي – ط2 – 1406هـ - الرسالة.
    كتاب السنة / عبد الله بن أحمد بن حنبل – تحقيق عادل الحمدان – ط1 – 1434هـ.
    كتاب السنة/ لابن أبي عاصم الشيباني – تحقيق محمد ناصر الدين الألباني – ط3 – 1413هـ - المكتب الإسلامي – بيروت.
    مجموع الفتاوى / شيخ الإسلام ابن تيمية – تحقيق أنور الباز وعامر الجزار – ط3 – 1426هـ - دار الوفاء.
    مسند / الحميدي – تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي – ط1 – 1409هـ - دار الكتب العلمية – بيروت.
    مسند الإمام أحمد / تحقيق شعيب الأرنؤوط – ط2 – 1429هـ - الرسالة – بيروت.
    معجم مقاييس اللغة/ أحمد بن فارس – تحقيق عبد السلام هارون – 1399هـ - دار الفكر.
    مغنى المحتاج / للخطيب الشربيني / دار إحياء التراث العربي – بيروت.
    منهاج السنة النبوية / شيخ الإسلام ابن تيمية – تحقيق د. محمد رشاد سالم – ط1 – مؤسسة قرطبة.

    [(*)] مدرس منتدب بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية – قسم التفسير والحديث – جامعة الكويت

    [1] القاموس المحيط، والمعجم الوسيط، مادة: (سنن).

    [2] صحيح مسلم (6975)، باب من سن سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة.

    [3] معجم مقاييس اللغة (3/61)، والسنة هنا بمعنى: السيرة.

    [4] الموافقات (4/289).

    [5] صحيح مسلم (3700)، باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها.

    [6] صحيح ابن خزيمة (1/349)، والحاكم (1/400).

    [7] مصنف عبد الرزاق (3/53)، السنن الكبرى للبيهقي (2/466).

    [8] الواضح في أصول الفقه (1/38).

    [9] فتح المغيث (1/14)، السنة قبل التدوين (18).

    [10] متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما البخاري (8)، مسلم (120).

    [11] متفق عليه من حديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه البخاري (390)، مسلم (1133).

    [12] سيأتي تخريج الأحاديث عند المبحث الرابع: (نماذج للسنة التقريرية).

    [13] رواه البخاري (1184)، والبيهقي في الكبرى (2/475).

    [14] الشمائل المحمدية (291).

    [15] مصنف عبد الرزاق (11/259).

    [16] مجموع الفتاوى (19/82-93)، وإعلام الموقعين (2/290-293).

    [17] جماع العلم (ص3).

    [18] إعلام الموقعين (1/49-50).


    [19] جامع بيان العلم وفضله (2/366).

    [20] مجموع الفتاوى (19/85).

    [21] إرشاد الفحول (1/187-189).

    [22] الرسالة (ص75-76).

    [23] إعلام الموقعين (1/49).

    [24] الصارم المسلول (59).

    [25] الإحكام في أصول الأحكام (1/93).

    [26] رواه أبو داود (4609)، والترمذي (2891)، وقال: حديث حسن صحيح.

    [27] رواه الإمام أحمد (17174)، أبو داود (4606) بإسناد صحيح.

    [28] رواه الحاكم (1/172).

    [29] رواه البخاري (3461).

    [30] البخاري (7280)، ومسلم (1204).

    [31] موطأ مالك رواية الليثي (1076).

    [32] مسند الإمام أحمد (15746)، وأبو داود (2929).

    [33] أبو داود (2302)، والترمذي (1244).

    [34] انظر في جميع أقوال الأئمة الأربعة كتاب قواعد التحديث (13).

    [35] البرهان في أصول الفقه (1/328).

    [36] فإن تقدم إنكار ثم تلاه إقرار فإنه يعمل بآخر الأمرين، وهو الإقرار بالموافقة.

    [37] قواطع الأدلة في أصول الفقه (2/196، 197).

    [38] صحيح البخاري (7355).

    [39] المصدر السابق، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، وكيف معنى الدلالة وتفسيرها (24).

    [40] صحيح البخاري (471).

    [41] الورقات (20).

    [42] إرشاد الفحول (1/223).

    [43] القول المفيد على كتاب التوحيد (2/531).

    [44] أقاويل الثقات (ص85).

    [45] الاستيعاب (3/900).

    [46] مجموع الفتاوى (33/179).

    [47] منهاج السنة النبوية (2/210-211).

    [48] اجتماع الجيوش الإسلامية (2/198).

    [49] المستدرك على مجموع الفتاوى (1/119).

    [50] مسند الشافعي (190).

    [51] المنتقي شرح الموطأ (2/183).

    [52] المصدر السابق (2/184).

    [53] الشرح الممتع (9/365-366).

    [54] الأنجم الزاهرات (180-181).

    [55] صحيح ابن خزيمة (1/202).

    [56] إعلام الموقعين (2/369).

    [57] إعلام الموقعين (2/370).

    [58] المجموع شرح المهذب (4/444).

    [59] منهاج السنة النبوية (8/84).

    [60] إعلام الموقعين (2/369).

    [61] المبسوط (12/217-218).

    [62] الموافقات (4/75).

    [63] الحاوي الكبير (16/124).

    [64] إعلام الموقعين (2/369).

    [65] الباعث على إنكار البدع والحوادث (24).

    [66] الاستذكار (2/104).

    [67] القسامة هي: الإيمان المكررة في دعوى القتيل. وكيفيتها: أن يقول خمسون رجلا من أهل المحلة التي وجد فيها القتيل: بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا. المغنى (8/382)، مغنى المحتاج (4/109).

    [68] عمدة القاري (34/365).

    [69] المحلى (11/90)، المغني (8/484) وما بعدها.

    [70] المجموع شرح المهذب (4/53).

    [71] الشرح الممتع (14/195)، القول المفيد (2/225).

    [72] الفتح (10/586).

    [73] إعلام الموقعين (2/368).

    [74] فتح الباري (4/57).

    [75] بدائع الفوائد (4/813).


    [76]تلخيص كتاب الاستغاثة (الرد على البكري) (2/555-556).

    [77] تحفة الأحوذي (4/243).

    [78] الفصول في الأصول (2/35-36).

    [79] الحاوي (16/101).


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: السنة الإقرارية ودلالاتها "دراسة حديثة فقهية"

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •