1314 - " أبشروا و بشروا الناس من قال لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 297 :
أخرجه أحمد ( 4 / 411 ) حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو عمران الجوني
عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( فذكره ) . فخرجوا يبشرون الناس ، فلقيهم عمر رضي الله عنه فبشروه ، فردهم .
فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ردكم ؟ " . قالوا : عمر قال : لم
رددتهم يا عمر ؟ " قال : إذا يتكل الناس يا رسول الله !
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، و أبو عمران الجوني هو عبد
الملك بن حبيب الأزدي . و حسنه الحافظ ( 1 / 200 ) فقصر و كأنه أراد طريق مؤمل
الآتية . ثم أخرجه أحمد ( 4 / 402 ) حدثنا مؤمل بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة
به و زاد في آخره . " قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم " . لكن مؤمل بن
إسماعيل فيه ضعف من قبل حفظه إلا أنه يشهد له حديث أبي هريرة بمثل هذه القصة
مطولا بينه و بين عمر ، و في آخرها : " قال عمر : فلا تفعل ، فإني أخشى أن يتكل
الناس عليها ، فخلهم يعملون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فخلهم " .
أخرجه مسلم ( 1 / 44 ) من طريق عكرمة بن عمار قال : حدثنا أبو كثير قال : حدثني
أبو هريرة . و في قصة أخرى نحو الأولى وقعت بين جابر و عمر ، و في آخرها :
" قال : يا رسول الله ! إن الناس قد طمعوا و خبثوا . فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ( يعني لجابر ) : اقعد " . أخرجه ابن حبان ( رقم 7 ) بإسناد صحيح من
حديث جابر . و في الباب عن معاذ بن جبل رضي الله عنه و هو الآتي بعده ، و فيه :
" قلت : أفلا أبشرهم يا رسول الله ؟ قال : دعهم يعملوا " . و قد أخرجه البخاري
( 1 / 199 - فتح ) و مسلم ( 1 / 45 ) و غيرهما من حديث أنس أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم و معاذ رديفه على الرحل قال : يا معاذ ... " الحديث و فيه :
" أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال : إذا يتكلوا . و أخبر بها معاذ عند موته
تأثما " . و أخرجه أحمد ( 5 / 228 و 229 و 230 و 232 و 236 ) من طرق عن معاذ
قال في أحدها : " أخبركم بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنعني
أن أحدثكموه إلا أن تتكلوا ، سمعته يقول : " من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا
من قلبه ، أو يقينا من قلبه لم يدخل النار ، أو دخل الجنة . و قال مرة : دخل
الجنة و لم تمسه النار " . و إسناده صحيح على شرط الشيخين . و قد ترجم البخاري
رحمه الله لحديث معاذ بقوله : " باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا
يفهموا ، و قال علي : حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله و رسوله "
. ثم ساق إسناده بذلك و زاد آدم بن أبي إياس في " كتاب العلم " له : " و دعوا
ما ينكرون " . أي ما يشتبه عليهم فهمه . و مثله قول ابن مسعود : " ما أنت بمحدث
قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " . رواه مسلم ( 1 / 9 ) . قال
الحافظ : " و ممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها
الخروج على السلطان و مالك في أحاديث الصفات ، و أبو يوسف في الغرائب . و من
قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين و أن المراد ما يقع من الفتن .
و نحوه عن حذيفة . و عن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين لأنه
اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي .
و ضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة ، و ظاهره في الأصل غير مراد ،
فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب . و الله أعلم " .
هذا و قد اختلفوا في تأويل حديث الباب و ما في معناه من تحريم النار على من قال
لا إله إلا الله على أقوال كثيرة ذكر بعضها المنذري في " الترغيب " ( 2 / 238 )
و ترى سائرها في " الفتح " . و الذي تطمئن إليه النفس و ينشرح له الصدر و به
تجتمع الأدلة و لا تتعارض ، أن تحمل على أحوال ثلاثة :
الأولى : من قام بلوازم الشهادتين من التزام الفرائض و الابتعاد عن الحرمات ،
فالحديث حينئذ على ظاهره ، فهو يدخل الجنة و تحرم عليه النار مطلقا .
الثانية : أن يموت عليها ، و قد قام بالأركان الخمسة و لكنه ربما تهاون ببعض
الواجبات و ارتكب بعض المحرمات ، فهذا ممن يدخل في مشيئة الله و يغفر له كما في
الحديث الآتي بعد هذا و غيره من الأحاديث المكفرات المعروفة .
الثالثة : كالذي قبله و لكنه لم يقم بحقها و لم تحجزه عن محارم الله كما في
حديث أبي ذر المتفق عليه : " و إن زنى و إن سرق . . . " الحديث ، ثم هو إلى ذلك
لم يعمل من الأعمال ما يستحق به مغفرة الله ، فهذا إنما تحرم عليه النار التي
وجبت على الكفار ، فهو و إن دخلها ، فلا يخلد معهم فيها بل يخرج منها بالشفاعة
أو غيرها ثم يدخل الجنة و لابد ، و هذا صريح في قوله صلى الله عليه وسلم : " من
قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره ، يصيبه قبل ذلك ما أصابه " . و هو
حديث صحيح كما سيأتي في تحقيقه إن شاء الله برقم ( 1932 ) . و الله سبحانه
و تعالى أعلم .