يوماً ما سأحكي لك حكايتي



عبير النحاس



أثارت تلك الجملة فضولي يومها ورغبتي في سماع قصتها، واكتفيت بالصمت ردا على جملتها الحزينة التي قالتها لي عبر برنامج ( الماسنجر).

صديقتي كانت كاتبة، و كان حرفها الجميل ينشر في الأرواح سرورا و نشوة، و اعتقدت لفترة طويلة أنها سعيدة مع زوجها وأنها تعيش حالة من حالات الحب الجميل الذي يمنح حرفها تلك القدرة على التأثير، وعلمت أخيرا بأنها انفصلت عنه.

لم تشكُ يوما ولم تتكلم، ولم تقل بعد الطلاق سوى أنه لم يكن ليعرف كيف يحترم المرأة..

و أذكر أنني سألتها عن حال الصغار فقالت: " لهم الله"

تخيلتها ستتحطم بعد مدة، وخشيت أن ينطفئ حرفها، ولكنه صدح بجماله الأخاذ من جديد و بدد مخاوفي عليها..

يوما ما سأحكي لك حكايتي..

لم تخبرني حكايتها بعد ولكنني فهمت أن مهرة عربية أصيلة فصيحة لم تقبل أن تعامل دون احترام، و أن كرامتها تغلبت على أمومتها وأبت أن يروا أماً ذليلة أو بيت تكثر فيه المشكلات وأنها تشتاق لزمان علم فيه نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم صحبه الكرام كيف تُعامل النساء..

رأيتها مرة أخرى في نافذة برنامج ( الماسنجر)، كانت قد وضعت صورة لطفل بدلا من صورتها الشخصية، لم أحدثها ولم تكلمني وفضلت أن أترك لها مساحة من الخلوة بعيدا عن أسئلتي الفضولية ..

عندما غابت خمنت أنها قد بدأت مأساة الشوق للصغار، وخالط مشاعرها الندم على ما فاتها من متعة الحياة بينهم..

سمعتها في خيالي تذرف مفضلة حياة الشقاء بجانب من لا يحترم النساء، و حزنت كما عادتنا في الحزن على كل فراق نسمعه بين زوجين ولو كانت الحياة بينهما مستحيلة..

كنت قد أعددت فنجان قهوتي الساخن بعد أن انتهيت من إنجاز أعمالي المنزلية، وجلست طالبة بعض الهدوء والمتعة عبر الإبحار في الشبكة العنكبوتية، وكانت صديقتي هناك، تغافلت وتجاهلت ضوء نافذتها الأخضر و أشغلت نفسي بمواضيع تشغلني..

ـ كيف حالك؟.

ابتسمت لكلمة قرأتها في نافذة زرقاء صغيرة بدت صورة الطفل في زاويتها..

كتبت مسرعة:

ـ مشتاقة إليك ..كيف حالك أنت ؟

ـ انتهيت من تقديم امتحاناتي الجامعية .

ـ طمئنيني عنك.


ـ تجاوزت الأزمة وما زلت أستقبل الخاطبين..

ـ وهل قبلت واحدا منهم؟.

ـ ليس بعد ..ما زلت أبحث عما افتقده.