الشيخ مساعد العازمي


(1382هـ - 1962م)


هو الشيخ مساعد بن عبد الله البريكي العازمي، ولد في بادية الكويت سنة 1262هـ، الموافق 1845م تقريباً.

نشأته

عاش أكثر طفولته في البادية، فتعلم الرجولة والاعتماد على النفس والصبر على الأذى، وهي صفات تصبغها بيئة البادية على أهلها، ثم جاء إلى الكويت بصحبة أهله، وسكن أهله في "فريج" العوازم، قرب "دروازة العبد الرزاق".

طلبه العلم وتعلمه

أ- طلبه مبادئ العلم الأولى في الكويت:

بعد قدومه إلى الكويت من البادية مع أهله، أخذ يتعلم مبادئ الكتابة والقراءة والحساب وما تيسر حفظه وقراءته من كتاب الله على المدرسين الموجودين، على قلتهم في الكويت، والعلوم المتاحة لمن في مثل سنه، وهي العلوم الأولية المذكورة آنفاً، وتعتبر هذه العلوم مفتاحاً لمعرفة الدين والدنيا.

ب- طلبه العلم في مصر وذهابه إليها:
عندما بلغ العشرين عاماً، رحل إلى مكة لأداء فريضة الحج، وذلك عام 1282هـ- الموافق 1865م، وبدأت رحلته هذه بصورة مثيرة، فقد استأجر جملاً ورافق أحد الدراويش الهنود الذين كثيراً ما كانوا يمرون بالكويت وهم في طريقهم إلى الحج.

ولما في الحج من منافع كثيرة للناس، فقد هيأ الله له مجموعة من طلبة العلم الأزهريين ممن وفدوا إلى مكة لأداء الفريضة، فتعرف عليهم وسمع منهم الكثير عن الأزهر الشريف فتشوق إلى طلب العلم في هذا المركز العظيم، فرحل إلى مصر بعد أدائه مناسك الحج وأقام بها زمناً طويلاً، ملتحقاً بالأزهر الشريف حتى نال شهادة علمية في شوال من عام 1298هـ، الموافق 1880م تقريباً.

شيوخه في مصر

استقر الشيخ في مصر سنة 1282هـ- الموافق 1865م- أو بعدها بسنة- فسكن في أحد أروقة الأزهر، وفيه درس الفقه، والأصول، وعلوم اللغة العربية، على شيوخ أفاضل حتى منح الشهادة الأزهرية وعليها إمضاء شيوخه الذين نذكر منهم الشيخ داود العدوي المالكي الأزهري، والشيخ أحمد الجيزاوي المالكي، والشيخ علي الشامي الجيزاوي المالكي الأزهري، والشيخ علي كبوة العدوي المالكي، والشيخ محمد النجدي الشرقاوي الشافعي، والشيخ أحمد الرفاعي المالكي الأزهري، والشيخ مصطفى عز الشافعي ، والشيخ محمد المعتوق المالكي، والشيخ أحمد الشبيني الشافعي الأزهري.
اتصل الشيخ في أثناء إقامته بمصر بشيخ الأزهر الذي نصحه بتعلم طريقة التلقيح ضد مرض الجدري، فتعلمه من أحد الأطباء الموجودين في القاهرة، وسبب اختياره هذه المهنة يعود لسهولة تعلمها بأقل التكاليف، ولكونها مصدراً مضموناً للرزق، ولحاجة منطقة الخليج العربي الشديدة لمثل هذا العمل، نظراً لانتشار وباء مرض الجدري وتهديده سكان منطقة الخليج كل عام.
ويرى الشيخ عبد الله النوري أن هناك دوافع أخرى وراء تعلم الشيخ مساعد هذه الصنعة، وهي موت والده بسبب هذا المرض الوبائي.
ولقد سافر الشيخ مساع من مصر إلى الهند لشراء بعض العقاقير والمواد اللازمة للتلقيح، ثم عاد من الهند فمر باليمن، وأقام بها عاماً كاملاً، ولم تذكر المصادر التي بين أيدينا أين نزل في اليمن، وهل التقى بأحد من العلماء أم لا، خصوصاً أن اليمن كانت تزخر بالعلم والعلماء.
ثم غادر اليمن متوجهاً إلى الكويت فمر ببلدة رأس الخيمة، وهناك أخذ يشرح للناس فائدة التلقيح ضد مرض الجدري ويحذرهم من خطورة هذا المرض، ولجهل أهل هذه المنطقة بمثل تلك الأمور الطبية ظنوه من المشعوذين وانصرفوا عنه، فلما سمع به أمير رأس الخيمة ظنه من المشعوذين أو الدجالين الذين يغررون بالناس ويأخذون أموالهم بالدجل، ولما عرف أنه من العلماء حبب إليه المقام في بلده ليفيد الناس ويستفيد، وأقام برأس الخيمة سنوات تزوج خلالها من إحدى نساء رأس الخيمة، وأنجب منها أول مولودة له.

ج- طلبه العلم في الأحساء
ذهب من رأس الخيمة إلى الأحساء على جمل وهبه له أميرها، وفي الأحساء أخذ يتلقى العلم على علمائها، ولا يخفي أن الأحساء كانت مليئة بالعلم والعلماء والأدباء، فهي مدينة العلم ومركز الأدب.

قدومه الكويت

وصل الشيخ إلى الكويت في سنة 1315هـ- الموافق 1907م قادماً من الأحساء التي كانت نهاية الرحلة الطويلة.
وأقام مدة في الكويت ثم سافر إلى البحرين ولا نعلم عن أهداف هذه الرحلة شيئاً، وهل كانت رحلة علمية أم تجارية.
ثم عاد من البحرين وبقى في الكويت حتى سنة 1347هـ- الموافق 1927م، وغادرها إلى البحرين وظل فيها إلى أن توفى سنة 1382هـ- الموافق 1962م.
أعماله

تلقيحه أهل الكويت ضد الجدري:

لما وصل الشيخ إلى الكويت فتح له عيادة في منزله الواقع في "فريج العوازم" لتلقيح الناس، فأقبل عليه الناس بأولادهم لتلقيحهم ضد مرض الجدري الشائع في الكويت في تلك الأيام، ولقد ذاع صيته وعمت شهرته أنحاء الكويت فنفع الله به الكويت بهذا العمل الجليل الذي تعلمه في مصر.
تلاميذه

لم يهتم الشيخ بنشر العلم الذي حصل عليه في ترحاله الطويل، واعتبر الشيخ عبد الله النوري ذلك منه تقصيراً، ولهذا لم نجد له تلاميذ إلا ما كان من الشيخ يوسف بن حمود وابنه عبد الله الذي وصفه الشيخ النوري بأنه كان عالماً بالشريعة الإسلامية فقيهاً باللغة العربية، حافظاً لكثير من الشعر العربي.
شخصيته وأخلاقه

يمتاز الشيخ بأخلاق إسلامية فاضلة، وعلى ندرة المعلومات عنه استطعنا أن نلم ببعض جوانب شخصيته، فمن الصفات المهمة التي كان يتحلى بها أنه كان جريئاً في قول الحق لا يهاب أحداً.

ومن صفات شخصيته امتثاله لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يتمثل في الحادثة التالية أن الشيخ وجد بعد رجوعه من السفر أن أحد أبنائه رفع سطح منزله بحيث أصبح أعلى من سطح جاره، فما كان منه إلا أن أمر بهدم السطح حتى لا ينطبق عليه حديث التطاول في البنيان.
الشيخ يمتاز بأخلاق إسلامية فاضلة وكان جريئاً في قول الحق لا يهاب أحداً ويمتثل أمر رسول الله

وقد كان يحب الأطفال ويعني بهم ويكره بكاءهم، فإذا أتته امرأة بطفلها لعلاجه أو تلقيحه أخذه منها وأجلسه في حجرة وأعطاه شيئاً من الحلوى لتلهيه، وبسرعة خاطفة وضع الدواء له (الطعن) ثم استرضاه ثم سلمه لأمه.
وهناك صفات أخرى كان الشيخ يتحلى بها، منها أنه كان حاضر النكتة، يضحك منها غيره ولا يضحك ، وكان يحفظ كثيراً من الشعر ويستشهد دائماً بما يحفظ منه، وكان إذا أتى بالشاهد من الشعر أنشده بصوت غنائي يلذ للسامع إيقاعه ومعناه.
صفاته الخِلقية

كان، رحمه الله، ربعة من الرجال، أقرب إلى القصر، أسمر اللون، سريع المشية، حتى بعد شيخوخته وحمله العصا.
وفاته

توفى الشيخ مساعد- رحمه الله- بعد أن أوى إلى فراشه في ليلة من الليالي في قرية اختارها له وطناً يقال لها "عسكر" في دولة البحرين، وذلك في عام 1382هـ- 1962م.
منقول