وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم


أحمد أحمد عبده

بكلمات الله أبدأ موضوعي حيث إنني بي غصة من الأغنياء الذين منَ الله عليهم بالمال الوفير والرزق الكثير، وأغدق عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، ولكنهم كنزوه ولم يؤدوا حق الله فيه ورغم أن الله قد توعد هذه الفئة الكانزة لأموالها من الذهب والفضة بالعذاب فإنهم لم يأبهوا لهذا (والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة: 34)، فخرجت من بيننا طائفة من الفقراء المساكين المحتاجين لا يجدون ما يتعيشون به ولو النزر اليسير ولو أن كل غني أخرج زكاة ماله والله لن يكون هناك فقراء، ورحم الله سيدنا عمر بن عبد العزيز ذلكم الحاكم الصالح حين أرسل منادياً في الطرقات "من لم يتزوج فهلم إلى بيت مال المسلمين ليأخذ النفقة اللازمة لذلك ومن كان فقيراً وفي حاجة للمال فليذهب إلى بيت المال ليأخذ ما يكفيه، وعاش المسلمون أيام سيدنا عمر بن عبد العزيز أياماً زاهرة مليئة بالرخاء لأن الخليفة الزاهد طبق شرع الله وأصلح ما بينه وبين خالقه فأصلح الله له كل شيء، جاءت هذه الكلمات تتدافع في رأسي عندما قرأت وعلمت أن هناك يوماً معيناً لليتيم تقوم الجمعيات والمؤسسات الخيرية بالاستعداد لذلك اليوم ولكن لو أن الغنى أدى حق الله في ماله لما كان هناك فقير ولعاش المجتمع في تكافل اجتماعي بديع كما رسمه ربنا ورسمه سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والصدقة تطفئ غضب الرب وما نقص مال من صدقة فطهروا أنفسكم وطهروا أموالكم ولتعلم يأيها الغني أن المال مال الله وأنك حارس عليه تتركه لمن خلفك، إن لم تؤد حق الله فيه ستزول قدمك من الدنيا ولن يفعل غيرك ذلك لأنك ورثتهم تركة صافية لا دخل لهم أكنت تؤدي حق الله فيها أم لا! فأهل الدنيا يحبون المال حباً جماً وأنت ستذهب إلى خالقك يحاسبك عن مالك فيما أنفقته وعمرك وعلمك وشبابك.


فيم تجيب؟ على أن الله سيسأل ابن آدم عن أربعة أشياء حين تزول قدمه من الدنيا وهي ماله وعمره وعلمه وشبابه، فهل سيكون ابن آدم قوي الحجة ينطق بلسان مبين بأنه أنفق ماله في الطريق الشرعي وأدى حق الله فيه أم سيقول يا رب كنزت مالي وورثته لأبنائي ولم أراع حقك فيه، هنا يكون الندم في يوم لا ينفع فيه الندم، أفق يا صاحب المال وأعط حق الله فيه حتى يعم الخير والرخاء ولا يحسدك فقير على مالك ولا على أي نعمة أنعم الله بها عليك، ولن يكون هناك فقير يسأل الناس إلحافاً وقد بحثت في بعض التفاسير عن تفسير لهذه الكلمات القرآنية التي أوردتها في صدر مقالي ووجدت في القرآن الكريم والتفسير الميسر لشيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي قوله، أي لمن يسأل غيره المساعدة والفقير الذي يتعفف السؤال..." ثم تجولت بين بعض التفاسير الأخرى منها أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للشيخ أبي بكر الجزائري قوله "أي للذي يسأل والمحروم الذي لا يسأل لتعففه هذا الحق أوجبوه على أنفسهم زيادة على الزكاة الواجبة"، وإذا أعطيت الفقير شيئاً من مالك فاجعل يد الفقير هي العليا وأجل يدك هي السفلى تواضعاً لله، فيا أيام سيدنا عمر بن العزيز عودي عطري الدنيا لأنه قد ساد العدل وعم الرخاء ولم يكن هناك التفاوت الطبقي الرهيب الذي نراه بسبب أن الغني لا يؤدي حق الله فقد رعى الذئب مع الغنم فهنيئاً لك يا سيدنا عمر بن عبد العزيز جنات الفردوس جزاء ما عدلت بين الرعية، كما أتمنى أن يعلم صاحب المال أن المال مال الله وليس لك دخل فيه، تمتع بما أفاء الله به عليك وأكرم غيرك، فقدرة الله قضت أن تكون من الأغنياء وغيرك من الفقراء الذين يسألونك فبين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال فسارع بإخراج حق الله من مالك وطهر نفسك وقل الحمد لله الذي جعلك من مؤدي الزكاة وليس من مستحقيها.