اظهار الفرح يوم عاشوراء
والتوسعة على العيال ليس من السنة
اظهار الفرح يوم عاشوراء والتزين بدعة , ولها أصل من فعل النواصب , وهم طائفة تظهر بغض آل البيت ويتعصبون عليهم عكس الرافضة الذين يغالون في آل البيت ,
والرافضة يظهرون يوم عاشوراء الحزن والتوجع لمقتل الحسبن رضي الله عنه , فقابلهم الناصبة فأظهروا الفرح وابتدعوا أحاديث في ذلك مثل الاكتحال والاغتسال والتزين وكلها أحاديث موضوعة حكم عليها ابن الجوزي بالوضع في كتابه الموضوعات
لكن ثمة حديث التوسعة على العيال بالنفقة , رواه الطبراني في الكبير والاوسط وابن الأعرابي في معجمه والبيهقي في شعبه ((أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ }
من طريق أبي سعيد الخدري وأبي هريرة , وجابروابن مسعود ,
وذهب البيهقي الى أن لهاته الأسانيد قوة باجتماعها وان كانت ضعيفة على الانفراد ,
فقال في شعب الايمان (5- 331) [ هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها إلى بعض أخذت قوة.والله اعلم] انتهى
وكذلك الحافظ العراقي في أماليه قوى بعضها و جمع طرقه في جزء , واستدرك عليه تلميذه ابن حجر بعض الطرق وأنكر على ابن الجوزي اخراجه في الموضوعات و قال : [له شواهد عن جماعة من الصحابة أشهرها حديث ابن مسعود ...
وقال: أسانيده كلها ضعيفة ، ولكن إذا انضم بعضها إلى بعض أفاد قوة،
)) انتهى ,
ورواية ابن مسعود التي قال انها أشهرها, فيها الهيصم بن الشداخ الراوي عن الأعمش وهو ضعيف جدا واتهمه أبو زرعة ,و قال فيه ابن حبان ( يروي الطامات، لا يجوز أن يحتج به.) ,
وقال العقيليي في الضعفاء : الهيصم مجهول , والحديث غير محفوظ.
)) ,
وقال أيضا في كتابه الضعفاء الكبير ( وَلَا يَثْبُتُ فِي هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ إِلَّا شَيْءٌ يُرْوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ مُرْسَلًا بِهِ ) انتهى

ورواية بن مسعود فيها محمد بن اسماعيل الجعفري , قال فيه أبو حاتم (منكر الحديث , وقال أبو نعيم الأصبهاني: متروك.)) ذكره الحافظ في لسان الميزان

, وأحاديث التوسعة ضعفها الامام أحمد , والعقيلي وكذا ابن تيمية وغيرهم , حيث قال في مجموع الفتاوى 25/313
((قال حرب الكرماني في مسائله: سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فلم يره
شيئا
)انتهى
وقال في موضع آخر
((
وَكُلُّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَمْ يَصِحَّ فِي عَاشُورَاءَ إِلَّا فَضْلُ صِيَامِهِ. قَالَ حَرْبٌ الْكِرْمَانِيُّ : قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» ؟ فَقَالَ: لَا أَصْلَ لَهُ)) انتهى

وان ذهب الى العمل بها بعض أهل العلم الا أن الصحيح هو تركها لأن فيها مضاهاة لأهل البدع , لا سيما اذا كان هذا اليوم هو يوم مقتل الحسين رضي الله عنه فلا ينبغي اظهار الفرح في يوم كهذا ,
وشيخ الاسلام حكم على الحديث بالوضع ولعله لم تبلغه أسانيده , لكن يبقى الحديث ضعيفا في أحسن أحواله .
أما الرواية التي ذكرها ابن عبد البر وظن بعضهم صحتها فهي أيضا باطلة

قال ابن عبد البر في الاستذكار
مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ
قَالَ جَابِرٌ جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ
وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ وَقَالَ شُعْبَةُ مِثْلَهُ.)) انتهى

رجاله ثقات , لكن الفضل بن الحباب وثقه ابن حبان واحترقت كتبه و اتهمه السلماني كما قال الذهبي بالرفض , لكن قال ابن حجر ((فهذا ضد ما حكاه السليماني، ولعله أراد أن يقول ناصبي، فقال رافضي، والنصب معروف في كثير من أهل البصرة.))

و قال الحافظ في اللسان ((قلت: وروى ابن عبد البر في "الاستذكار" من طريقه حديثا منكرا جدا ما أدري من الآفة فيه؟.
قال ابن عبد البر:..........) فذكر الحديث ثم قال
.(وشيوخ ابن عبد البر الثلاثة موثقون وشيخهم محمد بن معاوية هو ابن الأحمر راوي السنن عن النسائي وثقه ابن حزم، وَغيره فالظاهر أن الغلط فيه من أبي خليفة فلعل ابن الأحمر سمعه منه بعد احتراق كتبه والله أعلم.)) انتهى كلامه

ولعل ابن حجر ذهل عن علة الرواية , فقد صرح بأن أبا خليفة ناصبي , فما الذي يمنعه من اختراع هذه الرواية لاظهار الفرح يوم مقتل الحسين رضي الله عنه ؟

قال في اللسان (وقد ذكره أبو علي التنوخي في "نشوار المحاضرة" وحكى عن صديق له أنه قرأ على أبي خليفة أشياء من جملتها: ديوان عمران بن حطان الخارجي المشهور وأنه بكى عند مواضع منه من جملتها: قول عمران المشهور في رثاء عبد الرحمن بن ملجم وأن المُفجع البصري بلغه ذلك فقال:
أبو خليفة مطوي على دخن ... للهاشميين في سر وإعلان
ما زلت أعرف ما يخفي وأنكره ... حتى اصطفى شعر عمران بن حطان

فهذا ضد ما حكاه السليماني ولعله أراد أن يقول: ناصبي فقال: رافضي والنصب معروف في كثير من أهل البصرة.)) انتهى

,وايضا فيه علة أخرى اضافة الى عنعنة أبي الزبير , فشعبة ليست له رواية عن عن أبي الزبير فلم يسمع منه الا رواية واحدة في قول ابن حبان في المجروحين (1/151) "ولم يسمع شعبة من أبي الزبير إلا حديثا واحدا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على النجاشي، أخبرنا أبو يعلى وجماعة ثنا عبيد الله بن معاذ ثنا أبي عن شعبة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على النجاشي".)) انتهى

وقال الخليلي في الإرشاد (2/495): "شعبة لا يروي عن أبي الزبير شيئا".))

فهذه العلل الثلاثة تسقط الاحتجاج بمثل هاته الرواية , ولذلك لم ترو في كتب الحديث المشهورة ودواوين السنة المعتمدة .
والحمد رب العالمين