تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ما هي أوجه الاختلاف بين الماتريدية وأهل السنة ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي ما هي أوجه الاختلاف بين الماتريدية وأهل السنة ؟

    السؤال :
    أود منكم توضيحا بشأن الاختلاف بين عقيدة السلف والماتريدية ، وهل من يتبع عقيدة الماتريدية سيدخل الجنة ؟
    تم النشر بتاريخ: 2015-02-02

    الجواب :
    الحمد لله
    أولا :

    " الماتريدية " : فرقة كلامية بدعية ، تُنسب إلى أبي منصور الماتريدي ، قامت في أصل أمرها : على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها ، من المعتزلة والجهمية وغيرهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية .
    مرت الماتريدية بعدة مراحل ، ولم تُعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها ، كما لم تعرف الأشعرية وتنتشر إلا بعد وفاة أبي الحسن الأشعري ، ويمكن إجمال مراحلها في أربع مراحل رئيسية :
    - مرحلة التأسيس:
    والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة ، وصاحب هذه المرحلة: أبو منصور الماتريدي ، وهو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي ، نسبة إلى (ماتريد) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر، ولد بها.
    يعتبر من رواد المدرسة العقلية ، ولم يكن له كبير حظ في العناية بالنصوص الشرعية والآثار وروايتها ، شأن الغالب الأعم من المتكلمين والأصوليين.
    تأثّر أبو منصور الماتريدي بعقائد الجهمية : في عدد من الأبواب ، أهمهما : تأويل نصوص الصفات الخبرية ، والوقوع في بدع الإرجاء ، ومقالاتهم .
    كما تأثر أيضا بابن كلاب (240هـ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه .
    - مرحلة التكوين:
    وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده ، وفيه أصبحت الماتريدية فرقة كلامية مستقلة بنفسها ؛ ظهرت أولاً في سمرقند ، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم ، ودافعوا عنها ، وصنفوا التصانيف ، متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع ، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها.
    ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي .
    - مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية :
    وامتازت هذه المرحلة بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية ؛ ولذا فهي أهم الأدوار السابقة في تأسيس المذهب .
    ومن أهم أعيان هذه المرحلة: أبو المعين النسفي ، ونجم الدين عمر النسفي .
    - مرحلة التوسع والانتشار:
    وتعد من أهم مراحل الماتريدية ، حيث بلغت أوجَ توسعها وانتشارها في هذه المرحلة ؛ وما ذلك إلا لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية ، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية ، فانتشرت في: شرق الأرض، وغربها، وبلاد العرب ، والعجم ، والهند ، والترك، وفارس ، والروم .
    وبرز فيها محققون كبار ، أمثال: الكمال بن الهمام .
    انتشرت الماتريدية ، وكثر أتباعها في بلاد الهند وما جاورها من البلاد الشرقية : كالصين ، وبنجلاديش ، وباكستان ، وأفغانستان ، كما انتشرت في بلاد تركيا، والروم ، وفارس ، وبلاد ما وراء النهر، وما زال لهم وجود قوي في هذه البلاد .

    ثانيا :
    أوجه الخلاف بينهم وبين أهل السنة :
    - قسّم الماتريدية أصول الدين حسب التلقي إلى:
    ـ الإلهيات [العقليات] : وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له ، وتشمل أبواب التوحيد والصفات.
    ـ الشرعيات [السمعيات] : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ، لكن لا طريق للعقل إلى الحكم بثبوتها ، أو امتناعها ؛ مثل: النبوات، وعذاب القبر، وأمور الآخرة ، علما بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات .
    ولا يخفي ما في هذا من مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ؛ حيث إن القرآن والسنة وإجماع الصحابة : هي مصادر التلقي عندهم ، وسواء في ذلك عامة مسائل الدين .
    فضلاُ عن مخالفتهم في بدعة تقسيم أصول الدين إلى: عقليات وسمعيات، والتي قامت على فكرة باطلة : وهي أن أمور الدين والعقائد تنقسم إلى أصول تدرك عقلا ، ولا مجال للسمع في إثباتها أًصالة ، وإنما هو عاضد لما يدل عليه الدليل العقلي فيها ، وأصول تدرك بالسمع ، ولا مجال للعقل فيها أصالة .
    - تحدث الماتريدية ، شأن غيرهم من الفرق الكلامية : المعتزلة والأشعرية ، عن وجوب معرفة الله تعالى بالعقل قبل ورود السمع ، واعتبروه أول واجب على المكلف، ولا يعذر بتركه ذلك ، بل يعاقب عليه ، ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل ، وبهذا وافقوا قول المعتزلة .
    وهو قول ظاهر البطلان ، تعارضه الأدلة من الكتاب والسنة التي تبين أن الثواب والعقاب إنما يكون بعد ورود الشرع، كما قال الله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/15 .
    هذا مع أن الصواب في أول واجب على العباد : إنما هو توحيده سبحانه وتعالى ، والدخول في دينه ، لا أصل المعرفة التي ركزها الله في فطر عامة خلقه .- مفهوم التوحيد عند الماتريدية هو: إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته، لا قسيم له ، ولا جزء له، واحد في صفاته ، لا شبيه له ، واحد في أفعاله ، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات ، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد ، باعتبار أن الإله عندهم هو: القادر على الاختراع ، مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية ، مثل دليل حدوث الجواهر والأعراض ، وهي أدلة طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم ، وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن أصح .
    - قالوا بإثبات ثمان صفاتٍ لله تعالى فقط ، على خلاف بينهم في بعض التفصيل ، وهي: الحياة، القدرة ، العلم، الإرادة ، السمع ، البصر ، الكلام ، التكوين .
    أما ما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها الكتاب والسنة [الصفات الخبرية] من صفات ذاتية، أو صفات فعلية ، فإنها لا تدخل في نطاق العقل ، ولذلك قالوا بنفيها جميعاً ، وتأويل النصوص الشرعية الدالة عليها .
    أما أهل السنة والجماعة فهم كما يعتقدون في الأسماء : يعتقدون في الصفات وأنها جميعاً توقيفية ، ويقولون بإثبات ما دلت عليه النصوص ، بلا تشبيه ، ونزهوا الله عن صفات النقص ، أو مماثلة المخلوقين ، من غير تعطيل لشيء من أسمائه أو صفاته ، مع تفويض الكيفية ، وإثبات المعنى اللائق بالله تعالى ، لقوله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/11.
    - قولهم بأن كلام الله على الحقيقة : إنما يعنون به كلامه النفسي القائم به سبحانه ، الذي لا يسمعه العباد ؛ وأما ما يسمع فهو "عبارة" عن الصفة النفسية القديمة ، وليس هو حقيقتها !!
    ولذلك : لم يمتنع عندهم أن يكون ما هو مكتوب في أيدي الناس في المصاحف : مخلوقا ، فعاد أمرهم إلى قول المعتزلة ، الذي خالفوا فيه أجماع الأئمة ، وتواتر النقل عن أئمة الدين ببطلانه ، بل وتكفير قائله !!
    - تقول الماتريدية في الإيمان : إنه التصديق بالقلب فقط ، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان، ومنعوا زيادته ونقصانه ، وقالوا بتحريم الاستثناء فيه ، وأن الإسلام والإيمان مترادفان ، لا فرق بينهما، فوافقوا المرجئة في ذلك ، وخالفوا أهل السنة والجماعة ، حيث إن الإيمان عندهم: اعتقاد بالجنان ، وقول باللسان ، وعمل بالأركان ، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
    - أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة ؛ ولكن مع نفي الجهة والمقابلة ، وهذا قول متناقض ، يثبت الشيء ، ثم يعود فينفي حقيقته .
    وللاستزادة حول ذلك الموضوع ، ينظر :
    - "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" (1/ 95-106) .
    - "الماتريدية" ، رسالة ماجستير، أحمد بن عوض الله اللهيبي الحربي.
    - "الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات" ، رسالة ماجستير، لشمس الأفغاني السلفي.
    - "منهج الماتريدية في العقيدة" د. محمد بن عبد الرحمن الخميس .
    - "الاستقامة" شيخ الإسلام ابن تيمية .
    - "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (3/ 307-308) .
    ثالثا :
    لا يقال عن متبع عقيدة الماتريدية : إنه سيدخل الجنة ، ولا سيدخل النار ، بل هم من عامة المسلمين كغيرهم ، وإن كانوا قد قالوا بمقالات مبتدعة ، لكن بدعتهم ليست مكفرة ، فهم ، في سائر أحوالهم ، كغيرهم من المسلمين : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُم ْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ) النساء/123-124 .
    وحالهم في بدعتهم ، بحسب أفرادهم ، متفاوت : فمنهم من تأول ، أو اجتهد اجتهادا يعذر في مثله ، ومنهم من هو مخطئ خطأ يؤاخذ على مثله ، ثم هو في مشيئة الله : إن شاء عذبه ، وإن شاء عفا عنه .
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وقد ذكر طائفة من أئمة الأشعرية :
    " ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة ، وحسنات مبرورة ، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع ، والانتصار لكثير من أهل السنة والدين : ما لا يخفى على من عرف أحوالهم ، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف .
    لكن لما التبس عليهم هذا لأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة ، وهم فضلاء عقلاء : احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه ، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين .
    وصار الناس بسبب ذلك :
    منهم من يعظمهم ، لما لهم من المحاسن والفضائل .
    ومنهم من يذمهم ، لما وقع في كلامهم من البدع والباطل .
    وخيار الأمور أوساطها .
    وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء ، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين ، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات ، ويتجاوز لهم عن السيئات : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [الحشر/10] .
    ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخطأ في بعض ذلك : فالله يغفر له خطأه ، تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (البقرة: 286) .
    ومن اتبع ظنه وهواه ، فأخذ يشنع على من خالفه ، بما وقع فيه من خطأ ظنه صواباً بعد اجتهاده ، وهو من البدع المخالفة للسنة : فإنه يلزمه نظير ذلك ، أو أعظم ، أو أصغر ، فيمن يعظمه هو من أصحابه ، فقل من يسلم من مثل ذلك في المتأخرين، لكثرة الاشتباه والاضطراب ، وبعد الناس عن نور النبوة ، وشمس الرسالة الذي به يحصل الهدى والصواب ، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب .." انتهى "درء تعارض العقل والنقل" (2/102-103) .
    والله تعالى أعلم .


    موقع الإسلام سؤال وجواب
    https://islamqa.info/ar/205836
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: ما هي أوجه الاختلاف بين الماتريدية وأهل السنة ؟

    وفقكم الله
    جزاكم الله خيرا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: ما هي أوجه الاختلاف بين الماتريدية وأهل السنة ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن المطروشى الاثرى مشاهدة المشاركة
    وفقكم الله
    جزاكم الله خيرا
    أمين، وجزاكم
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: ما هي أوجه الاختلاف بين الماتريدية وأهل السنة ؟

    واكثر منتسبي هذه الفرقة هم من الأحناف . ويشكل الغالبية العظمى في الهند وباكستان وما حاذاها .
    والله اعلم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: ما هي أوجه الاختلاف بين الماتريدية وأهل السنة ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن المطروشى الاثرى مشاهدة المشاركة
    واكثر منتسبي هذه الفرقة هم من الأحناف . ويشكل الغالبية العظمى في الهند وباكستان وما حاذاها .
    والله اعلم .
    نعم صحيح، وهذا ما ساعد في انتشار مذهبهم
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •