تأبِّط زَعمًا !


عبد العليم محمود فرج حسن

قصيدة : " تأبِّط زَعمًا ! " || وهي نَقضٌ لِزَعم الرافضيّ



أيبكي على المقتولِ مَن أرخصَ الدَّما *** ويَلْطِمُ وَجهًا غادرٌ حيثُ أَسْلما
فدع عنكَ أوهامًا ، فلستُ بواهمٍ *** وقَومي ، ولو كان الخصيمُ توهَّما
وما كلُّ قولٍ يَقبلُ العقلُ زعمَهُ *** وما كلُّ عقلٍ منصِفٌ لو تكلَّما
أروح إلى ليلى وأغدو ، ومُقلَتِيْ *** تَسُحُّ ، كما سَحَّت بِمُقلَتِها السَّما
وأروي لها حُبًّا تجشَّمتُ وَعْرَهُ *** وذقتُ به حزنًا طويلًا وعلقما
وأجلسُ لا يَحنو عليَّ فؤادُها *** وأشكو إليها مُغْرَمًا نال مَغْرَما
أَعدُّ سِنِيَّ الهَجْرِ عَدَّ مُعذَّبٍ *** وما كنتُ يومًا عاشِقًا مُتجهِّما
وأحيا وحيدًا ، لا يؤانسُ وَحدتي *** سِواها ، نهارًا أو إذا الليلُ أَظلَما
لئن فاتني منها لقاءٌ ، فإنّما *** يُؤانسني منها خيالٌ تَبَسَّما
ونَفْسي تُناديني لِأقْفُلَ راجِعًا *** فقد قال سوءًا رافضيٌّ وأقدَما
فَلَمْ أَدْرِ إلّا والبيانُ يَردُّهُ *** ويَدفعُهُ عمَّا أراد مِن الحِمى
وودَّعتُ ليلى ، راجيًا قُربَ وَصْلِها *** وقد عُدتُ في عِزٍّ ، وقد نِلتُ مَغنَما
تأبَّطتُ حَقًّا إذ تأبَّطَ زعمَهُ *** فأصبَحَ يُرمَى بالذي كان قد رَمى
تأبَّطَ زَعمًا ساقَهُ لِجَهالةٍ *** وكم مِن مَسُوقٍ كان بالزَّعمِ هَمهما
بَنى من أعاجيب الظّنونِ حديثَهُ *** فخَرَّ عليه السقفُ حيثُ تَهدَّما
ومِن عجَبٍ أن يُمطرَ الدمعَ خاذِلٌ *** وكان لِرأس السِّبطِ غَدرًا مُقَدِّما
وما العيشُ إذ مات الحسينُ سوى أسًى *** أقضَّ قلوبَ العالمينَ وأضرما
وتبكون إذ نبكي ، وشتّان بيننا *** فقَوميْ لَهُمْ قلبٌ مِن الثُّكْلِ يُتِّما
كفاكم نُواحًا ، ليس يُخفي صَنيعَكُمْ *** نُواحٌ ، ولو قضَّيتمُ العُمْرَ مَأْتَما
فأوّاهُ مِمّا كان في يوم كربلا *** وهل تُرجِعُ الآهاتُ أمرًا تصَرَّما
وما ضرَّهُ أنْ مات في ساحةِ الوغى *** فقد كان مِقْدامًا هنالكَ ضَيغَما
وما لِسيوف القتلِ يَغتاظُ قلبُهُ *** ولكنْ لِغَدرٍ كان لِلقتل سُلَّما
تشاركتما فيما يُكدِّرُ صَفْوَنا *** ولو أنّها الأيام عادت لعدتُما
فكُلٌّ إلى طَبْعٍ يَعودُ ، وإنّهُ *** سيبقى خَؤونُ العهدِ ما عاش مُجْرِما
وإن كنتمُ حقًّا فرِحتم بمولدٍ *** لِمَن ربُّهُ صلَّى عليهِ وسَلَّما
فكيف فَجَعتُمْ قَلبَهُ بِحفيدهِ *** ولَمْ تُظهِروا مِمّا جنيتمْ تَبرُّما
ألا قبَّحَ اللهُ الوجوهَ وصُنْعَها *** وقبَّحَ مَن يَرضى عليهمْ ، وأرغَما
فما نحنُ خُذَّالُ الحُسَينِ وآلِهِ *** وما نحنُ مَن أَلْقى مِن الظَّهرِ أسهُما
وإن لم نكن مِمَّن شَهِدنا ، فإنّكمْ *** شَهِدتُمْ ، فكُنتمْ مِثْلَ طيرٍ تَشرذَما
فإن كان مِن عَذْلٍ ، فليس لغيركمْ *** أيعذِلنا مَن كان قَبْلُ مُلَوَّما
وهذا هو التاريخُ يَحْكُم بيننا *** ففتِّش تجد فصلَ الخِطابِ مُرَقَّما
ولكن حَذارِ البعضَ مِمَّن رَوَوا لنا *** أكاذيبَ ، صار القولُ مِنها مُسَمَّما
فألقِ بها في الجُبِّ ، واهجُر رواتها *** وكم كاذبٍ يُدعى إمامًا مُعَمَّما
وما الشُّؤمُ أن تَأتيْ بِجَهْلٍ مُحَرَّمًا *** ولكنّهُ أنْ تَستحِلَّ المُحرَّما
وعارٌ إذا كان المُكذَّبُ راويًا *** وأعظمُ عارًا أن يَصِيرَ المُحَكَّما
أيَحكمُ في قومٍ خصيمٌ وغادرٌ *** فذلكِ حُكْمٌ كان أغبرَ أقتَما
فعودوا إلى رُشْدٍ ، لِيُحمَدَ ذِكْرُكُمْ *** فمَن ضَلَّ عن درب الهداية ذُمِّما
إذا ما سُقِيتُمْ بالزّعافِ ، فإنّنا *** سَقانا رسولُ اللهِ شَهدًا وزَمزما
عَرفنا لآل المصطفى كلَّ حقِّهِمْ *** فَهُمْ وجميعُ الصَّحْبِ رِيٌّ مِن الظَّما
فَفَضِّل أبا بكرٍ عليهم ، مُثَنِّيًا *** بِمَن لِحِراب الفُرْسِ كان مُثَلِّما
وعثمانُ يَروي فضلَهُ كُلُّ مُسلِمٍ *** ويا تَعْسَ قاليهِ ولو عُدَّ مُسْلِما
وأمّا عليٌّ فهْو خاتمُ عِقدِهمْ *** فأكرِم به للراشدينَ مُتَمِّما
وللصَّحْبِ كلُّ المَدْحِ ، والحُبِّ ، والرِّضا *** وقُبِّح مَن بالسُّوءِ في الصَّحْب رَجَّما
وكم خاض في أعراضهمْ متسترٌ *** بهيئتنا ، والحقُّ أنْ كان أرقَما
وصخرةُ أصحاب النبيِّ عظيمةٌ *** إذا رامها بالسوءِ غِرٌّ تهشَّما
أرى كلَّ ذي جَهْلٍ يُعانِدُ عالِمًا *** ويحسب أنْ بالجهْلِ أصبح مُلْهَما
وكم سائلٍ يُنبيكَ عَن سوءِ فهمِهِ *** ومَقصدِه ، إذ لم يَسَلْكَ لِيَفهَما
ولكنّهُ التّدليسُ خالطَ رُوحَهُ *** فألقَمتُهُ الحقَّ المُبينَ فأُفحِما
وما عاشِرٌ في المسلمينَ مُعَظَّمٌ *** سوى أنّ خيرَ الرُّسْلِ لليومِ عَظَّما
أجلْ ، في ربيعِ النّورِ كان مُهاجِرًا *** لِطَيْبةَ ، حتّى أسعدَ البدرُ أنجُما
ألم يَبقَ إلا ذلك العام بينها *** لِتسألَ جَهلًا كيف لاقى مُحَرَّما
وما نُطْقُهُ إلّا بِوحيٍ مُصَدَّقٍ *** وكان لِآي الذِّكْرِ رِدءًا مُحَتَّما
إذا أنتَ لم تقبل حديث نبيِّنا *** فأخذُكَ بالقرآنِ قل لي إذن لِمَا
فكلٌّ أتانا مِن طريق مُحَمَّدٍ *** فخذ عنه كُلًّا ، أو فَرُدَّ كِليهما
أتزعمُ في قول الرسول بأنّهُ *** يُعارضُ ما في الذِّكرِ جاءَ وأُحكِما
فهلَّا إذا لم تُحسن الفهم جئتَنا *** فتَفهمَ مِنّا ، قبلَ أن تتهجَّما
وهلّا إذا أعياكَ في الشَّرعِ غامِضٌ *** أتيتَ إلى أبوابنا مُتَعلِّما
وإن كنتَ صِدْقًا ترتضي الذِّكرَ حُجَّةً *** فكيف لعنتَ الصَّحبَ ، والذِّكرُ أكرَما
لقد رضيَ الرحمنُ عنهم ، فلم تزَل *** تُعارضهُ جهرًا ، فهل كنتَ أعلَما
أَجَهْلٌ ، وسُكْرٌ في غياهبِ ظُلْمَةٍ *** ومَن كان مَطبوعًا عليهِ تورَّما

لئنْ غرَّكم مِنَّا خُمولٌ ، فإنَّهُ *** إذا أيقظَ الليثَ الأرانبُ قَوَّما
وإنْ ساءكم داءٌ فإنّا دواؤكمْ *** وكم مِن سِقامٍ طِبُّهُ أن يُلَجَّما
وصلَّى على خير البريّة ربُّنا *** صلاةً بها مَنَّ الإلهُ وأنعما