تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: طفلك يستفزك ؟ لست وحدك ..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,489

    افتراضي طفلك يستفزك ؟ لست وحدك ..

    طفلك يستفزك ؟ لست وحدك .. 1/2


    سحر فؤاد



    هل يوجد مبرر لأم أن تصفع طفلها؟


    "الضرب".. "الصفع".. "الرقع".. "الجلد" "إعطاء علقة ساخنة".. سمِه بأي اسم شئت، ولكنه في الحقيقة لا يعني سوى شيء واحد، وهو أن امرأة وأمَاً ما زالت في حاجة إلى تعلم الكثير بعد أن فقدت السيطرة على نفسها !
    إن ما قد يطرأ على الذهن أحياناً أنه إذا ساء سلوك طفلك ولم تكن تصرفاته كما تشتهين، فإنه يصبح من المسموح لك حينئذ أن توجعيه ضرباً!! هل هذه نوعية الأخلاق التي نريد أن نربي أولادنا عليها؟ وكيف يمكن لأب أو لأم أن تبرر لنفسها ضرب طفلها حين يخطئ أو يفعل شيئاً ما يعرضه للخطر؟ لعل الحجة الشائعة التي يعتذر بها مثل هؤلاء الأمهات أن صفعة حادة مرة واحدة وتنتهي تجعل الطفل لا يعود إلى هذه الفعلة مرة أخرى. ولكن هل هذا يحدث فعلاً؟ إن القضية التي يجب أن نفكر فيها كأمهات هي: كيف نربي؟ وهي مهمة ليست سهلة.
    أنا وزوجي لم نتناقش في طرائق التربية المثلى قبل أن أصبح أماً، ولكن مما يبدو أن كلاَّ منا كان يدرك أن الضرب لن يكون من الأساليب التي نمارسها مع أطفالنا. ولكنني صدمت بدرجة لم أكن أتصورها حين كانت ابنتي الصغيرة (سلمى) ـ وهي أول مولودة لي ـ تجعلني ممتلئة بمشاعر الغيظ والغضب والقسوة حتى بدأت أتساءل في فزع: هل أنا في طريقي للجنون؟ فبمجرد أن كان عمرها ثلاثة أسابيع فإن وجهها الذي كان يحمر من شدة الغضب والصراخ المستمر كان يدفعني دائماً إلى رجها بشدة والتفكير في ضربها حتى تسكت وتنام.
    وأذكر أن والدتي كانت متعاطفة معي، ولكنني أتصور أنها كانت ستصدم إذا علمت أن مجرد هذه الأفكار تطرأ على ذهني. ومن حسن الحظ أيضاً أن لي زوجاً عطوفاً كان يدرك تماماً أنني لا يمكن أبداً أن أمس ابنتي بأي أذى. وثقته هذه بي كانت تمثل حبل النجاة الذي تشبثت به حتىاجتزت هذه المرحلة إلى الاستمتاع بكل ما يسر ويبهج في مرحلة الطفولة لابنتي دون أن أمسها ولو بأصبعي.
    والآن أصبح عمر سلمى 10 سنوات، ولها أخت (تسنيم) وعمرها 7 سنوات، وكلاهما يعيش طفولة سعيدة تتميز بالأدب والسلوك الحسن معظم الوقت، إلا أن هناك بعض الأوقات أخبرهما فيها بأنني في غاية الاستفزاز منهما، وخصوصاً (سلمى)، بل قد وصلت لدرجة أن قلت لها إنني في حاجة إلى أن أذهب في غرفة أخرى وحدي لبضع دقائق حتى يهدأ غضبي، وكان هذا في الواقع مؤلماً لي كما كان في الوقت نفسه مهدداً لها. وفي أكثر من مرة كنت أتصل ببعض صديقاتي؛ لأنني أشعر وقتها أنني أكاد أتمزق من شدة الغضب والمشاعر القاسية التي كانت تخيل لي أحياناً أن أمسك بها وأضربها لتكف عن مهاتراتها الاستفزازية.
    وكانت صديقاتي يخبرنني حينئذ أنني طبيعية رغم ذلك، فهن أيضاً قد مرت بهن مثل هذه المشاعر. ولكن صديقة منهن قالت لي ذات مرة إنها حين وصلت إلى هذا الحد مع ابنها فقد ضربته بالفعل حتى بكى، وحينئذ شعرت أخيراً أنها نجحت في التفاهم معه، كما أن رؤيتها لابنها وهومتحسر وندمان وحزين بعد ضربه تجعلها أكثر هدوءاً، كما تستطيع بعدها أن تجد في نفسها مشاعر الحب والحنان لطفلها من جديد.
    هناك لحظات في عمر الطفل يصبح فيها عبئاً ثقيلاً على الأبوين حينما تكون كل كلمة ينطقها أو كل حركة إنما هي استفزاز لأبويه؛ لذا فمن الطبيعي ألا يشعر هذا الابن بالطمأنينة التي يشعر بها بقية إخوته، غير أنه لا يمكن أن يصبح الطفل شرساً ومستفزاً لدرجة معينة منتلقاء نفسه، لا بد أن يكون قد تعلم تماماً كيف يثير أعصاب أمه وأبيه وكيف يجعلهما يضيقان به إلى أقصى درجة، ولا بد أنه عرف بإحساسه أيضاً أنهما يشعران بالذنب ولا يستطيع أحدهما أن يوقفه عند حد معين.
    ولعل الإحساس بالذنب يقف دائماً وراء معظم الأسباب التي تزيد من متاعب الآباء، ويظهر هذا الإحساس عندما يسمح الآباء للطفل بأن يسلك السلوك الذي لا يمكن أن يسمحوا به لولا وجود هذا الإحساس بالذنب، مثل عدم سماع الكلام وعدم التعاون ورفع الصوت. وهناك سببان لذلك أولهما: أن الآباء يشعرون أن من حق الطفل أن يعاقبهما رداً على عقابهما له. والثاني: أن الآباء لا شعورياً قد يرحبون بسوء السلوك الواضح؛ لأنهم يجدون فيه سبباً يبرر عدم قدرتهم على الاغتباط بهذا الطفل.
    وعندما يشعر الطفل أنه أفلت بخطئه من العقاب فإنه هو أيضاً يشعر بالذنب، فهو يتمنى من أعماقه أن يوقفه أحد عند حده، وأحياناً يتمنى أن يعاقبه أحد، وعندما لا يحدث ذلك فإن الطفل يتمادى في سوء السلوك لكي يشد انتباه من حوله إلى ضرورة عقابه. ويرى بعض علماء النفس أن الطفل المدلل أكثر من اللازم من والديه أو الطفل الذي يتسامح معه والداه كثيراً، هذا الطفل يستمر في استفزاز والديه وكأنه يقول في يأس: إلى أي حد من السلوك السيئ يمكن أن أصل حتى توقفاني عند حدي وتجعلاني أسلك السلوك المهذب؟
    وطبعاً لا بد أن ينفجر أحد الوالدين بالغضب في نهاية الأمر، وهو ما يجعل الطفل يذعن ويعود إلى السلوك المهذب، فالوالد الواثق بحبه لابنه يجب أن يعاقبه من وقت لآخر عندما يفعل ما يستحق العقاب؛ لأن ذلك يشعره أن العقاب قد جاء في ميعاده الصحيح، ويظل سلوك الطفل جيداً لمدة طويلة.
    جربي هذه الوسائل لتسكين غضبك حين تكونين على وشك الفوران :
    * إذا غضبت وأنت واقفة فاجلسي وإذا كنت جالسة فعليك بالاضطجاع كما دلنا على ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
    * إذا غضبت فتوضئي فمن العلاج النبوي للغضب أن يتوضأ الإنسان عند الغضب وضوءه للصلاة.
    * إذا غضبت وأردت تنفيس غضبك في طفلك فتذكري فضل كظم الغيظ في قول الله تعالى: {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} ولا شك في أن صغيرك أولى الناس بهذا الكظم.
    * ذكِري نفسك أنك أنت الكبيرة في نظر طفلك، ومن ثم تستطيعين أن تعطي طفلك مثالاً حسناً يقتدي به عند الغضب.
    * إذهبي إلى غرفة أخرى بمفردك وامكثي بها دقيقة تسألين نفسك: لماذا أنت غاضبة؟ هل هو فعلاً بسبب طفلك؟ أم أن شيئاً آخر هو الذي يجعلك مضطربة في الحقيقة؟
    * إذا وصلت بك الأمور بالفعل إلى إصابتك بالنكد والضيق الشديد فابحثي عن أسلوب لمعالجة نفسك، فتخيري أحد الأشياء التي تكونين بها دائماً في حالة من الارتياح، مثل قراءة القرآن، يليه حمام دافئ أو كوب من الشاي.

    * تعاملي مع المواقف بروح الفكاهة، وحاولي رؤية الجانب المضحك في الموضوع، فأحياناً يكون هذا أسلوباً جيداً لعلاج الغضب عند فورانه.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,489

    افتراضي رد: طفلك يستفزك ؟ لست وحدك ..

    طفلك يستفزك ؟ لست وحدك .. 2/2


    سحر فؤاد

    متى وكيف نعاقب أطفالنا ؟ عقاب الطفل ليس أمراً مستهجناً من حيث المبدأ ففي الحديث عن تعليم أبنائنا الصلاة يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم– :" .... واضربوهم عليها لعشر". فالعقاب أسلوب تربوي لا غبار عليه إذا مورس بضوابط محددة، لكن يثور تساؤل عن الوقت المناسب لعقاب الطفل؟ وهناك رأيان متناقضان في هذه المسألة، رأي يقول بضرورة عقاب الطفل فور ارتكابه الخطأ، والرأي الآخر يرى تأجيل عقاب الطفل لوقت يكون فيه أبواه هادئين.
    وفي الواقع يمكن التوفيق بين الرأيين فلا ننتهز أي خطأ يرتكبه الطفل فنُبادر بعقابه وإشباعه لكماً وصفعا،ً بل يجب أن نهدأ ونزيل بقدر الإمكان مشاعر الغضب والغيظ من قرار العقاب، ويمكن أن يناقش الوالدان أو أحدهما الطفل في الخطأ الذي ارتكبه، أو يتشاورا معاً حول طبيعة العقاب المناسب، ولكن ينبغي ألا تطول مدة تأجيل العقاب، حتى لا تزيد مدة تعذيب الطفل، ويرى علماء النفس أنه من المناسب أن تعاقب الأم طفلها فور اقترافه الخطأ إلا في الحالات التي ترى أنها خطيرة ويجب استشارة الأب في أسلوب عقاب مختلف.
    وتحديد نوع العقاب لا يقل أهمية عن تحديد الوقت المناسب للعقاب، وللأسف لا توجد قاعدة عامة تصلح لكل أم في هذا الصدد، فتقدير نوع العقاب المناسب وجدواه مسائل متروكة لرؤية الأم، وكلمة "مناسب" تختلف من أسرة ومن بيئة إلى أخرى، فقد يكون ضرب الطفل باليد مناسباً لتقويم سلوكه، إلا أن هناك أطفالاً يغضبون بشده من هذا الأسلوب المهين من وجهة نظرهم، وقد يكون حبس الطفل لمدة دقائق في غرفته ردعاً كافياً يجعله يأتي باكياً معتذراُ، إلا أن ذلك قد يثير جنون طفل آخر, وهناك أسلوب حرمان الطفل من مصروفه، أو منعه من الخروج إلى الفسحة، وهذا العقاب يتناسب غالباً مع الأطفال الذين تعدوا السابعة من العمر.
    وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة توخي العدل في العقاب، فذلك ينمي في نفس الطفل الإحساس بالعدل، أما العقاب الظالم فهو يؤدي إلى فقدان الطفل الإيمان بالقيم الأخلاقية.
    ومن أوجه العقاب الخاطئة أن يضرب الطفل في مجمع الناس أو أن يوبخ أمام أصدقائه مما يترك أثراً سلبياً في شخصيته وثقته بنفسه.
    ولعل توزيع مسؤولية التربية على الوالدين تجعلها أخف حملاً على كليهما. وأذكر أنني فعلاً سعيدة الحظ أن يكون زوجي متعاوناً معي ومسانداً لي، يعود إلى البيت في ساعة معقولة فيأخذ الأطفال ويتحدث إليهم ويداعبهم، كما يساعدني في تنويمهم، ولذلك فقد كنت أثناء النهار أشعر أن الضغط الذي أواجهه سيسرى عني في لحظة ما بعد الخامسة مساء. ولكن كثيراً من الأمهات ليسوا في مثل حالي ولذلك فإنهن يجدن صعوبة كي يكن هادئات طوال الوقت بدون أن يحل محلهن أي شخص ليعطيهن فرصة للراحة.


    الود الحازم لا أتوقع أن يديم أطفالي الجلوس في صمت ودون أن يمسوا أي شيء بأيديهم، ولكن في مقابل ذلك لا أقبل أن أرى أي كتاب وقد أزيح عن الرف الذي كان عليه وأسيئت معاملته.. أعلم أن الأطفال تكون لديهم روح المغامرة والاستكشاف، ولكني لا أحتمل أن أراهم يمشون على حواف المساند والكراسي أو يتأرجحون وهم متعلقون بالستائر فلا أتسامح معهم في شيء من هذا.
    إن كلمة (لا) كثيراً ما سمعتها ابنتاي منذ ولادتهما .. لا تضعي هذا في فمك .. لا تضعي إصبعك في الكهرباء.. لا تشدي شعر القطة.. ، وكنت أفسر وأعلل لهما لماذا أقول لا، لشيء معين، ولا أسأم من تكرار ذلك.
    وكنت أتأكد من أن طفلتيَّ تنظران إلي حين أقولها، فكنت أهز رأسي يمنة ويسرة للتأكيد على رفض هذا الشيء، وإذا صرخت أي منهما أو أساءت أدبها أطلب منها أن تذهب إلى غرفة أخرى حتى يذهب غضبها .. ولكنني ـ على أي حال ـ لا أطلب من أي منهما أن تذهب إلى فراشها للنوم عقوبة لها على عصيانها لي، فإنني في الأصل أجد معهما صعوبة كل ليلة لأخذهما إلى الفراش كي يناما، فما بالك إذا ارتبط النوم في ذهن الطفل بالعقوبة؟
    كما أنني لا أجد القسوة عليهما أو المجافاة لهما حلاً لاستفزازهما المستمر لي، فالقسوة قد تكون سبباً في أن يستمر الطفل في عناده وأن يتمادى فيه، والمعاملة بجفاء قد تجعل الطفل يصر على أن يكون مستفزاً بصورة أكبر.
    وإذا أردت أن تعرفي الحل الأكيد فهو يتلخص نظرياً في هذه الكلمات: "لا بد أن تصري أنت وزوجك على أن يسلك الطفل السلوك السليم أولاً بطريقة ودودة وحازمة.. وتخيلا أن الابن حصان صغير نعلمه السباق، ومن ثم يجب أن يكون زمامه في أيدينا دون توتر حتى لا نصبح في حالة من الضيق النفسي والعصبي الدائم.
    إن كلمة "الود الحازم" صعبة التطبيق كما يعلم كثير من الآباء والأمهات، وخصوصاً لوجود تاريخ سابق من التوتر بينهما وبين الابن الذي يثير الضيق. وعندما يتفق الوالدان على سياسة "الود الحازم" مع الأبناء فإنه من البداية سيحدث الصدام بينهما وبين الابن المشاكس، غير أنه إذا أصر الوالدان على تثبيت هذه السياسة كدستور دائم للعلاقة بينهما وبين هذا الابن فإنه سيعلم أنه لا فائدة في مقاومة هذه السياسة، ويصبح سعيداً بهذا الأسلوب الجديد الذي يأخذ فيه حقه من الود، وينال العقاب المناسب عندما يخطئ .
    والعقاب ليس هدفاً في حد ذاته فهو لن يصلح إنساناً سيئ السلوك أهمل والداه تربيته مدة طويلة، ولن يضمن استمرار التصرف باتزان إذا كان الوالدان لا يقدمان القدوة الصالحة.
    قد يفشل الوالدان المرة تلو الأخرى في حمل ابنهما على السلوك المؤدب ، فمهمة تأديب الطفل مهمة شاقة، ولكن عليهما أن يتذكرا أن طفلهما لن يتأدب عن طريق الأذى المستمر بل عن طريق القدوة الحسنة.
    فإذا رفعنا أصواتنا وصرخنا فسوف يفعل الطفل ذلك، وإذا استبحنا لأنفسنا الضرب حين نغضب سيقوم بذلك أيضاً، وفي المقابل فإننا إذا أنصتنا إليه وأشعرناه أننا نقدر مشاعره فلعله يقتدي، وإذا تذكرنا دائماً أن نقول له بعض الكلمات مثل: "من فضلك" و"شكرا"ً فسوف يعتاد ذلك.
    إن الطفل في سلوكه مرآة لأسرته، لذا فأفضل وسيلة لتحسين أخلاقه هو أن نحسن أخلاقنا، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قال للمرأة التي تنادي ابنها وتقول له تعال أعطك: "...أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة" (رواه أبو داود).
    أجل كيف نخدع أطفالنا ثم نغضب إذا رأيناهم يخدعون الآخرين؟!
    إنه حقاً جهاد عظيم.. ولكنه يؤتي ثماره ولا شك.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •