فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بشأن رمي الجمرات أيام التشريق
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
169 - الوكيل في الرمي يرمي عن نفسه أولا إذا كان مفترضا
س: إذا ناب المرء عن أبيه وأمه في رمي الجمار إضافة إلى نفسه فهل يلزمه ترتيب معين في الرمي أم أنه مخير في تقديم من يشاء؟ .
ج: إذا ناب المرء عن أمه وأبيه في الرمي لعجزهما أو مرضهما فإنه يرمي عن نفسه ثم يرمي عن والديه، وإذا بدأ بالأم فهو أفضل لأن حقها أكبر، ولو عكس فبدأ بالأب فلا حرج، أما هو فيبدأ بنفسه ولا سيما إذا كان مفترضا.
أما إذا كان متنفلا فلا يضره سواء بدأ بنفسه أو بهما، لكن إذا بدأ بنفسه فهو الأفضل والأحسن ثم يرمي عن أمه ثم عن أبيه في موقف واحد في يوم العيد، لكن في غير يوم العيد يكون الرمي بعد الزوال يرمي عن كل منهم إحدى وعشرين حصاة في كل يوم ، ولو قدم رمي أبيه على أمه أو قدم رميهما على نفسه إذا كان متنفلا. أما إذا كان مفترضا فيجب أن يبدأ بنفسه ثم يرمي عن والديه.
170 - حكم من شك في سقوط الحصى في الحوض
س: ما حكم من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض؟
ج: من شك فعليه التكميل، يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض ويكمل بها.
171 - حكم الرمي من الحصى الذي حول الجمار
س: هل يجوز للحاج أن يرمي من الحصى الذي حول الجمار؟ .
ج: يجوز له ذلك؛ لأدق الأصل أنه لم يحصل به الرمي، أما الذي في الحوض فلا يرمي شيء منه.
172 - العبر المستفادة من رمي الجمار
س: ما العبرة التي يخرج بها المسلم عند رميه الجمرات؟ .
ج: رمي جمرة العقبة في يوم العيد ورمي الجمار الثلاث في أيام منى وبمواعيدها التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم تفيد المسلم في العبرة من وجوه منها:
أولا: أنها قدوة بأبينا إبراهيم الخليل عليه السلام حين اعترض له إبليس في هذه المواقف، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين شرع ذلك لأمته في حجة الوداع.
ثانيا: إقامة ذكر الله وإعلانه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» .
ثالثا: التقيد بالعدد سبعة له حكمة عظيمة وهي التذكير بما شرع الله من هذا العدد ترمي بسبع حصيات كالطواف سبعا، والسعي سبعا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر» وله سبحانه وبحمده حكم كثيرة فيما يشرعه لعباده قد يعلمها العباد أو بعضها، وقد لا يعلمونها، لكنهم موقنون بأن الله سبحانه حكيم عليم، لا يفعل شيئا ولا يشرع شيئا عبثا.
رابعا: أن الدين الإسلامي دين امتثال لأمر الله، وأن المسلم مأمور بالعبادة حسب النص التشريعي ولو خفيت عليه الأسرار؛ لأن الله عليم بكل شيء، وحكيم في كل شيء وعلم البشر قاصر ولا يساوي شيئا إلى جانب علم الله عز وجل. فوجب على المسلم الخضوع لحكمه والامتثال لأمره وإن لم يعلم الحكمة.
خامسا: رمي الجمار يشعر المسلم بالتواضع والخضوع في امتثال الأمر في حالة الأداء كما أنه يعود الفرد المسلم على النظام والترتيب في المواعيد المحددة والمواظبة على ذلك في ذهابه لرمي الجمار الأولى والثانية والثالثة التي هي جمرة العقبة، ثم التقيد بالحصيات السبع واحدة بعد أخرى، مع الهدوء وعدم الإيذاء للآخرين بقول أو فعل، كل هذا يعود المؤمن على تنظيم الأمور المهمة، والعناية بها حتى تؤدى في أوقاتها كاملة.
سادسا: الاحتفاظ بالحصيات وعدم وضعها في غير
مكانها تشعر المسلم بأهمية المحافظة على ما شرع ربه وعدم الإسراف، ووضع الأمور في مواضعها من غير تبذير ولا زيادة أو نقص.
رمي الجمار أيام التشريق
209 - حكم الرمي بالليل .
إن وقت رمي الجمار أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها؛ لما رواه مسلم في صحيحه أن جابرا رضي الله قال: «رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال» ، وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن ذلك فقال: كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا وعليه جمهور العلماء، ولكن إذا اضطر إلى الرمي ليلا فلا بأس بذلك، ولكن الأحوط الرمي قبل الغروب لمن قدر على ذلك، أخذا بالسنة وخروجا من الخلاف، وأما الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج فسأله رجل حلقت قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج فقال رميت بعد ما أمسيت، فقال: لا حرج» . فهذا ليس دليلا على الرمي بالليل؛ لأن السائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقوله: " بعد ما أمسيت " أي بعد الزوال، ولكن يستدل على الرمي بالليل بأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نص صريح يدل على عدم جواز الرمي بالليل، والأصل جوازه، لكنه في النهار أفضل وأحوط، ومتى دعت الحاجة إليه ليلا فلا بأس به في رمي اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل. أما اليوم المستقبل فلا يرمى عنه في الليلة السابقة له ما عدا ليلة النحر في حق الضعفة في النصف الأخير، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يكون رميهم جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، كما تقدم في الأحاديث الواردة في ذلك. والله أعلم.
س: هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلا لمن ليس لديه عذر؟ .
ج: يجوز الرمي بعد الغروب على الصحيح، لكن السنة أن يرمي بعد الزوال قبل الغروب، هذا هو الأفضل إذا تيسر، وإذا لم يتيسر فله الرمي بعد الغروب على الصحيح.
210 - حكم من لم يرم اليوم الثاني عشر وهو ينوي التعجل
س: رجل حج هذا العام ولم يرم اليوم الثاني عشر وكان ينوي التعجل فماذا عليه؟ .
ج: عليه التوبة والاستغفار وعليه دم، ذبيحة عن ترك الرمي، وذبيحة عن ترك الوداع؛ لأن الوداع لا يجزئ قبل الرمي. إذا كان وادع قبل الرمي لا يجزئ أما إذا كان وادع بعد ذهاب وقت الرمي فليس عليه شيء عن الوداع، ولكن عليه ذبيحة تذبح في مكة للفقراء عن تركه الرمي في اليوم الثاني عشر.
211 - من بقي في منى حتى أدركه الليل من الليلة الثالثة عشرة لزمه المبيت والرمي
س: ما حكم من مكث يومين بعد العيد وبات ليلة اليوم الثالث، هل يجوز له أن يرمي بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس إذا بدت له ظروف قاسية؟ .
ج: من بقي في منى حتى أدركه الليل في الليلة الثالثة عشرة لزمه المبيت، وأن يرمي بعد الزوال، ولا يجوز له الرمي قبل الزوال كاليومين السابقين، ليس له الرمي فيهما إلا بعد الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بقي في منى اليوم الثالث عشر ولم يرم إلا بعد الزوال وقال: «خذوا عني مناسككم» صلى الله عليه وسلم.
212 - حكم من لم يستطع رمي الجمرات قبل غروب يوم الثالث عشر
س: لو لم يستطع أحد من الحجاج أن يرمي الجمرات يوم الثالث عشر، وهذا آخر أيام التشريق إلا بعد الغروب هل يجزئه ذلك؟ .
ج: إذا غابت الشمس لم يبق رمي في اليوم الثالث عشر، فإذا كان مقيما حتى جاء اليوم الثالث عشر في منى فعليه الرمي، فإذا غابت الشمس ولم يرم فعليه دم؛ لأن الرمي ينتهي بغروب الشمس يوم الثالث عشر.
213 - حكم الرمي قبل الزوال
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. ح. ج. وفقه الله لكل خير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يا محب، كتابكم الكريم المؤرخ في 17\ 12 \ 1388 هـ وصل وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من الإفادة عن حجك أنت وعائلتك المكونة من زوجتين وعدة أطفال، وأنك في اليوم الثالث من أيام التشريق رجمت عن الجميع قبل الزوال بسبب أنك مصاب بمرض الربو، ورغبتك في إفتائك عما يترتب عليك من كفارة كان معلوما .
والجواب: لا يجوز الرجم قبل الزوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال في جميع أيام التشريق، وقال: «خذوا عني مناسككم» ولذلك يلزمك دم عنك وعن كل فرد من أفراد عائلتك الذين حجوا معك، والدم المذكور كالضحية سبع بدنة، أو سبع بقرة، أو ثني معز، أو جذع ضأن عن كل واحد يذبح في الحرم، ويقسم بين فقرائه، فإن كنت لم تنو الحج عن بعض الأطفال فليس على من لم تنو عنه الحج شيء.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
214 - حكم تأخير رمي الجمار إلى آخر يوم ورميها دفعة واحدة
س: هل يجوز رمي الجمرات في آخر أيام التشريق دفعة واحدة، وفي فترة واحدة عن جميع أيام التشريق؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف يكون الرمي؟ ومتى؟ ولمن؟ .
ج: المشروع للمؤمن في الحج أن يرمي كما رمى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فيرمي جمرة العقبة يوم العيد بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ثم يرمي يوم الحادي عشر الجمرات الثلاث بعد الزوال، ويرمي كل واحدة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ويبدأ بالتي تلي مسجد الخيف، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة التي تلي مكة، وهي التي رماها يوم العيد، ثم يرمي في اليوم الثاني عشر الجمار الثلاث بعد الزوال، كما رماها في اليوم الحادي عشر، والمشروع له أن يقف بعد رمي الجمرة الأولى في اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، ويرفع يديه ويدعو ويجعلها عن يساره، وهكذا بعد الثانية بعد الرمي يقف ويرفع يديه ويدعو، ويجعلها عن يمينه؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. أما الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة، فإنه يرميها ولا يقف عندها للدعاء. ثم إن شاء تعجل قبل الغروب وتوجه إلى مكة، وإن شاء بقي في منى، وبات بها في الليلة الثالثة عشرة، ورمى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر بعد الزوال، كما رماها في اليوم الحادي عشر وفي اليوم الثاني عشر، وهذا هو الأفضل إذا تيسر ذلك؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يتعجل، ولو أخر الحاج رمي الحادي عشر والثاني عشر ورماها في اليوم الثالث عشر مرتبة بعد الزوال، أجزأه ذلك، ولكنه يعتبر مخالفا للسنة، وعليه أن يرتبها فيبدأ برمي الحادي عشر في جميع الجمرات الثلاث مرتبة، ثم يعود برميها عن اليوم الثاني عشر، ثم يعود ويرميها عن الثالث عشر كما نص على ذلك كثير من أهل العلم. والله ولي التوفيق.
س: هل يجوز سماحة الشيخ للحاج أن يؤخر رمي جمار اليوم الأول من أيام التشريق واليوم الثاني إلى اليوم الثالث؟ .
ج: السنة أن يرمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر يرمي كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، يبدأ بالأولى التي تلي مسجد الخيف، فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم فيجعلها عن يساره، ثم يرفع يديه مستقبلا القبلة ويدعو، ثم يرمي الوسطى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم فيجعلها عن يمينه ويرفع يديه ويستقبل القبلة ويدعو، ثم يرمي الجمرة الثالثة، وهي التي تلي مكة، وهي جمرة العقبة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ولا يقف عندها. هذا هو المشروع الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أخر الرمي إلى اليوم الثالث ورتبه مبتدئا باليوم الأول، ثم الثاني، ثم اليوم الثالث أجزأه ذلك وليس عليه شيء، لكنه قد خالف السنة. إلا من كان له عذر، كالرعاة والمرضى.
س: هل يجوز للحاج رمي جمار أيام التشريق كلها في يوم واحد، سواء كان ذلك اليوم هو أول يوم من أيام التشريق، أو كان النحر مثلا أو كان آخر يوم من أيام التشريق، ثم يبيت في منى اليومين أو الأيام الثلاثة بدون رمي، حيث إنه قد رمى جميع الجمار في يوم واحد، فهل يصح رميه هذا؟ أم أنه لا بد من ترتيب رمي الأيام كل يوم على حدة حتى ينتهي من رمي الأيام الثلاثة؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟ .
ج: رمي الجمار من واجبات الحج، ويجب في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة لغير المتعجل، وفي اليومين الأولين من أيام التشريق للمتعجل، ويرمي عن كل يوم بعد الزوال؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: «خذوا عني مناسككم» إلا يوم العيد فكله وقت رمي، والأفضل أن يكون بعد طلوع الشمس إلا أهل الأعذار فلهم الرمي ليلا بعد نصف الليل من ليلة النحر. ولا يجوز تقديم رمي الجمار قبل وقته، أما التأخير فيجوز عند الحاجة الشديدة كالزحام عند جمع من أهل العلم قياسا على الرعاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم بأن يرموا رمي يومين في اليوم الثاني منهما وهو الثاني عشر ويرتب ذلك بالنية أولها يوم العيد ثم رمي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث إن لم يتعجل، ويكون طواف الوداع بعد ذلك، والله أعلم.
215 - حكم من رمى الجمار دون ترتيب جهلا
س: رجل حج العام الماضي، وفي آخر يوم رجم الكبير قبل الصغير، فماذا عليه؟
ج: نرجو ألا يكون عليه شيء لأجل الجهل أو النسيان؛ لأنه قد حصل المقصود وهو رمي الجمرات الثلاث، لكنه نسي أو جهل الترتيب وقد قال الله سبحانه وتعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله قال: «قد فعلت» والمعنى أن الله قد أجاب دعوة المؤمنين. ولكن من نسيه أو ذكر قبل فوات الوقت لزمه رمي الثانية ثم جمرة العقبة حتى يحصل بذلك الترتيب.
216 - حكم من رمى الشاخص
س: رميت الجمرات وكانت في العمود التي في وسط الدائرة ولم أدر هل سقطت بالداخل أم لا، هذا في الجمرة الكبرى فما الحكم؟ .
ج: لا بد أن يعلم الحاج أن الحصى سقط في الحوض أو يغلب على ظنه ذلك، أما إذا كان لا يعلم ولا يغلب على ظنه فإن عليه الإعادة في وقت الرمي، وإذا مضى وقت الرمي ولم يعد فعليه دم يذبحه في مكة للفقراء؛ لأنه في حكم التارك للرمي، ولابد أن يتحقق وجود الحصى في الحوض، أما الشاخص فلا يرمى وإنما الرمي في الحوض فقط، وإذا لم يغلب على ظنه أنه وقع في الحوض فعليه دم إذا لم يكن أعاده، أما إذا كان في وقت الرمي فيعيد ولا شيء عليه.
والدم ذبيحة تذبح في مكة للفقراء مع التوبة والاستغفار، والرمي إذا فات وقته لا يقضى بعد نهاية غروب شمس الثالث عشر.
217 - من ترك الرمي فعليه دم
س: في الحج الماضي رمت زوجتي الجمرة الأولى، والباقي قمت بالرمي عنها خوفا من الزحام ولم يكن هناك زحام، فهل يصح حجها والحال ما ذكر؟ .
ج: الحج صحيح وعليها دم عن ترك الرمي يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء.
والدم الواجب سبع بدنة، أو سبع بقرة، أو رأس من الغنم يجزئ في الأضحية وهو جذع ضأن، أو ثني من المعز.
218 - التوكيل في الرمي لمن معها أطفال
س: حججت في العام الماضي ولله الحمد، وقد رميت الجمرات عن زوجتي ولم تكن حاملا ولا مريضة، وكان معنا أربعة أطفال صغار، شاهدت الزحام فلم أرها تستطيع الرمي فهل يجوز التوكيل أم أنها تركت واجبا؟ وماذا عليها الآن؟
ج: إذا كان الحال كما ذكرتم فلا شيء عليها إذا كانت قد وكلتك في ذلك؛ لأن تعاطيها الرمي مع الأطفال فيه خطر عظيم عليها وعلى الأطفال.
219 - الحكمة من رمي الجمرات
س: ما الحكمة من رمي الجمرات والمبيت في منى ثلاثة أيام نأمل من فضيلتكم إيضاح الحكمة من ذلك ولكم الشكر؟ .
ج: على المسلم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع الشرع، وإن لم يعرف الحكمة، فالله أمرنا أن نتبع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وأن نتبع كتابه، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} وقال سبحانه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} وقال سبحانه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} وقال عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فإن عرفت الحكمة فالحمد لله، وإن لم تعرف فلا يضر ذلك، وكل ما شرعه الله هو لحكمة، وكل ما نهى عنه هو لحكمة، سواء علمناها أو جهلناها، فرمي الجمار واضح بأنه إرغام للشيطان وطاعة لله عز وجل، والمبيت في منى الله أعلم بحكمته سبحانه وتعالى ولعل الحكمة في ذلك تسهيل الرمي إذا بات في منى ليشتغل بذكر الله، ويستعد للرمي في وقته لو شاء الذهاب في الوقت المحدد للرمي حسبما يتناسب معه، فلربما تأخر عن الرمي وربما فاته، وربما شغل بشيء لو لم يبت بمنى. والله جل وعلا أعلم بالحكمة سبحانه وتعالى في ذلك.
220 - دعوة لعدم التعجل في رمي الجمرات .
دعا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء، والرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء حجاج بيت الله الحرام إلى ألا يتعجلوا في رمي الجمرات، وأن يبتعدوا عن الزحام والرفق ببعضهم البعض؛ لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يؤذيه.
جاء ذلك في إجابة سماحته عن سؤال " اليوم " حث فيها سماحته الجميع على ضرورة التراحم والتعاطف وعدم الإيذاء، وبين سماحته أن رمي الجمرات من واجبات الحج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» وقال: إن الواجب على كل حاج أن يرمي الجمرة إذا استطاع إلا إذا كان عاجزا وكبير السن، فإنه يوكل من يرمي عنه، ومثل الطفل يرمي عنه وليه، والمشروع للمؤمنين عدم التزاحم والرفق ببعضهم البعض، كل واحد يرفق بأخيه فلا يظلمه؛ لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يؤذيه، وإذا شق عليه الرمي في أول الزوال فعليه أن يتأخر ويرمي في العصر أو في الليل، والحمد لله كله رمي إلى طلوع الفجر من الزوال إلى آخر الليل، ويوم العيد كله رمي ويوم الحادي عشر والثاني عشر يرمي بعد الزوال إلى آخر الليل.
واختتم سماحته تصريحه سائلا الله سبحانه وتعالى التوفيق والهداية لحجاج بيت الله ولكافة المسلمين.
221 - المراد باليومين للمتعجل
س: بعض الناس يمكثون بمنى ليلة واحدة وهي ليلة الحادي عشر ويرمون الثاني عشر في يوم الحادي عشر ويظنون أنهم قد مكثوا يومين، وذلك لأنهم يحسبون يوم العيد يوما من أيام التشريق، فيقولون نحن قد رمينا يوم العيد (يوم النحر) واليوم الثاني الذي بعده وهو يوم الحادي عشر، ويقولون إن هذين يومان استنادا إلى الآية الكريمة في قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} وبذلك يغادرون منى يوم الحادي عشر بعد أن يكونوا قد رموا اليوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر، ويتركون بيات يوم الثاني عشر في منى، فهل هذا يجوز شرعا؟ وهل يصح للإنسان أن يحسب يوم العيد من اليومين، أم أنهم قد رموا يوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر ثم انصرفوا من منى؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟ .
ج: المراد باليومين اللذين أباح الله جل وعلا للمتعجل الانصراف من منى بعد انقضائهما هما ثاني وثالث العيد؛ لأن يوم العيد يوم الحج الأكبر، وأيام التشريق هي ثلاثة أيام تلي يوم العيد، وهي محل رمي الجمرات، وذكر الله جل وعلا، فمن تعجل انصرف قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر، ومن غربت عليه الشمس في هذا اليوم وهو في منى لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر، وهذا هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والمنصرف في اليوم الحادي عشر قد أخل بما يجب عليه من الرمي، فعليه دم يذبح في مكة للفقراء، أما تركه المبيت في منى ليلة الثاني عشر فعليه عن ذلك صدقة بما يتيسر مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخلل والتعجل في غير وقته، وإن فدى عن ذلك كان أحوط لما فيه من الخروج من الخلاف؛ لأن بعض أهل العلم يرى عليه دما بترك ليلة واحدة من ليلتي الحادي عشر والثاني عشر بغير عذر شرعي.
222 - وقت النفر من منى
س: متى يبدأ الحاج بالنفير من منى؟ .
ج: يبدأ الحاج بالنفير من منى إذا رمى الجمرات يوم الثاني عشر بعد الزوال فله الرخصة أن ينزل من منى.
وإن تأخر حتى يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال فهو أفضل.
س: جماعة في وقت الحج، وبعد رمي الجمرات لليوم الثاني عشر نووا الخروج من منى، ولكن لم يستطيعوا الخروج إلا بعد غروب الشمس بوقت، نظرا للزحام فهل يلزمهم المبيت لأداء الرمي من غد؟
ج: إذا كان الغروب أدركهم وقد ارتحلوا فليس عليهم مبيت، وهم في حكم النافرين قبل الغروب، أما إن أدركهم الغروب قبل أن يرتحلوا، فالواجب عليهم أن يبيتوا تلك الليلة، أعني ليلة ثلاث عشرة، وأن يرموا الجمار بعد الزوال في اليوم الثالث عشر، ثم بعد ذلك ينفرون متى شاءوا؛ لأن الرمي الواجب قد انتهى في اليوم الثالث عشر وليس عليهم حرج في المبيت في منى أو مكة، ولا رمي عليهم بعد رمي اليوم الثالث عشر سواء باتوا في مكة، أو في منى. وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه، والثبات عليه، إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.