قال ابن قدامة رحمه الله: «وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ، قَدَّمَ التَّزْوِيجَ، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلَا غِنَى بِهِ عَنْهُ، فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ، قَدَّمَ الْحَجَّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ، فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ الْوَاجِبِ.
وَإِنْ حَجَّ مَنْ تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْحُقُوقُ وَضَيَّعَهَا، صَحَّ حَجُّهُ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّتِهِ، فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ فِعْلِهِ.
وَمَنْ لَهُ عَقَارٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسُكْنَاهُ، أَوْ سُكْنَى عِيَالِهِ، أَوْ يَحْتَاجُهُ إلَى أُجْرَتِهِ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ، أَوْ بِضَاعَةٌ مَتَى نَقَصَهَا اخْتَلَّ رِبْحُهَا فَلَمْ يَكْفِهِمْ، أَوْ سَائِمَةٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِي الْحَجِّ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَاسِعٌ يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ، وَأَمْكَنَهُ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ مَا يَكْفِيهِ، وَيَفْضُلُ قَدْرُ مَا يَحُجُّ بِهِ، لَزِمَهُ.
وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُتُبٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُهَا فِي الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، أَوْ كَانَ لَهُ بِكِتَابٍ نُسْخَتَانِ، يَسْتَغْنِي بِأَحَدِهِمَا، بَاعَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ لَهُ يَكْفِيهِ لِلْحَجِّ، لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ عَلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ»اهـ([1]).


[1])) «المغني» (3/ 217، 218).