اكتبي ميلادي



نورة أم محمد

بعد أن مضى على زواجهم عشرين عاماً، ينتظرون فيه ابتسامة طفل تشرق عليهم، أو صرخة مولود تزعجهم، جاء ذلك اليوم الذي أضاءت الدنيا في أعينهم، وجلت ظلمة الليل الكئيب، يوم أن أعلنت الأم بدخول شهرها التاسع، وقرب موعد حلول الوليد، حامل اسم الأب السعيد.
بدأ الطفل يتحرك بسرعة ويقول أخرجوني من ضيق البطن وظلمةالرحم؛ لأرى النور وأعيش مع أهل السعادة والسرور، لكن الصاعقة عندما تمتنع الأم عن إخراجه، بعد أن حل موعد ميلاده، وقولها: اليوم لست فارغة، وغداً في مناسبة، وبعد شهر مسافرة، فأرى يا حبيبي أن تطرق بطني بعد عام أو زيادة!!
فماذا بالله نقول!! أمجنونة سلب عقلها.. أم نائمة ما زال أثر حلمها..
أما تعلم أن الطفل قد يموت، وتعد من قتلة النفوس؟! أما تعلم أنها تحرم الأمة من طفل قد يشب ويصير مجاهداً يقتل الكفرة.. أو بنتاً تحمل راية الدعوة؟! فماذا نفعل هل نرفع عليها قضية، أو نخرجه بقوة، أم نتركها تقتله بحرية.
إنه واقع تلك الخادمة الكافرة التي أحبت سماحة الإسلام.. وعقيدة أهل الإيمان.. فصحت الفطرة في نفسها ومدت يديها، ونادت بأعلى صوتها، وقالت: أخرجوني من ظلمة الكفر والضياع.. وضيق الصدر والحياة.. لأمشي أول خطوة، في عالم العقيدة.. وتطبيق الشريعة، فألتزم بالسنة، وأترك الشرك بأنواعه.
لكن كان الرد عليها من قبل من وليّها كالثلج الذي أطفأ حرارة الإيمان في قلبها، ونور الهداية من عينيها، قالوا لها سنحضر لك الكتب ونرسلك إلى مكتب التوعية في وقت قريب، وما أقربه من لفظ وما أبعده حين التطبيق.
ذهبت الأيام والقريب صار كمئة عام، فسكنت آلام الولادة، وانقطعت حركة اليقين، وتوقف هواء الإيمان، وماتت النفس في ظلمة رحم الكفر.
فماذا نقول في أمة تفقد عضواً من جسدها وتخسر جندياً من جيشها؟! وما ذاك إلا تكاسلاً من أبنائها، أما قرأتم عتاب الله لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما أعرض وتشاغل عن الأعمىعبداللهبن أم مكتوم في قوله تعالى {عبس وتولى* أن جاءه الأعمى* وما يدريك لعله يتزكى}. أما سمعتم حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قال "لئن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم" [متفق عليه].
إن الدعوة إلى دين الله لا تختص بفئة معينة أو بلد محدد بل هي حق لجميع الناس مهما اختلفت لغاتهم وألوانهم، قال تعالى {وما أرسلناك إلا كافة للناس} [سبأ:28].
فإن كان يهمكِ نصح أختكِ وتوجيه صديقتكِ فليست خادمتكِ بأقل منها حظاً، بل قد تكون أهم شأناً؛ لأنها قد تعتنق ديناً يخالف دين الإسلام أو عقيدة ممزوجة ببعض البدع والشركيات لذلك كانت أولى من غيرها، فكوني لها قدوة صالحة، وادعيها بالموعظة الحسنة ومديها بالكتب والأشرطة.
واصبري وواصلي.. فرب دعوة يمتد صداها إلى أرض بعيدة.. يسلم على أثرها ـ بإذن الله ـ أفواج عديدة دون أن تقطعي البراري وتشقى البحار العميقة، وما هي إلا دعوة انطلقت من مكانكِ ولم تتجاوز حدود داركِ فأنت لها كالطبيبة.. فأخرجيها من بطن الكفر.
واكتبي ميلادها يوم إسلامها.