أيهما أفضل ؟
قال ابن كثير رحمه الله :
هذه مسألة وقع النزاع فيها بين العلماء قديماً وحديثاً وتجاذبها طرفا نقيض أهل التشيع وغيرهم لا يعدلون بخديجة أحداً من النساء ، لسلام الرب عليها وكون ولد النبي صلى الله علية وسلم جميعهم إلا إبراهيم منها وكونه لم يتزوج عليها حتى ماتت إكراماً لها وتقدم إسلامها وكونها من الصديقات ولها مقام صدق في أول البعثة وبذلت نفسها ومالها لرسول الله صلى الله علية وسلم .
وأما أهل السنة فمنهم من يغلوا أيضاً ويثبت لكل واحدة منهما من الفضائل ما هو معروف ولكن تحملهم قوة التسنن على تفضيل عائشة لكونها ابنة الصديق ، ولكونها أعلم من خديجة ، فإنه لم يكن في الأمم مثل عائشة في حفظها وعلمها وفصاحتها وعقلها ، ولم يكن الرسول صلى الله علية وسلم يحب أحداً من نسائه كمحبته إياها ونزلت براءتها من فوق سبع سموات وروت بعده عنه عليه السلام علماً جماً كثيراًً طيباً مباركاً فيه حتى قد ذكر كثيراً من الناس الحديث المشهور (( خذوا شطر دينكم عن الحميراء ))
والحق أن كلاً منهما لها من الفضائل ما لو نظر الناظر فيه لبهره وحيره والأحسن التوقف في ذلك ، ورد علم ذلك إلى الله عز وجل ومن ظهر له دليل يقطع به ، أو يغلب على ظنه في هذا الباب فذاك الذي يجب عليه أن يقول بما عنده من العلم ومن حصل له توقف في هذه المسألة أو في غيرها فالطريق الأقوم والمسلك الأسلم أن يقول : الله أعلم .
البدية والنهاية 3/139