المريض في المجتمع الراقي


منى الأحمد



حينما يدبُّ المرض في حياة شخص كان ينعم بالعافية والصحة، فينغص عليه حياته، ويشعره بقرب وفاته.. يصبح ذلك مدعاة لتغير حالته الاجتماعية، والنفسية، ولن يلام في ذلك فقد يمنعه المرض من مزاولة عمله الذي كان يشغل به غالب وقته.. ويتذكر أيام صحته، فيحنّ إليها ويشتاق، ويتمنى أن تعود، حينها يشعر بقيمة أوقات العافية والصحة فيندم على تفريطه فيها ويقول: لو شفيت سأعود إلى عملي وأفعل وأصنع و..
وأحياناً يغلبه اليأس والقنوط، ويشعر بالبؤس والحزن فتنقطع بذلك آماله.. بخاصةً إن علم أن نتائج التحاليل والفحوصات لا تبشر بالخير، حينها ينسى كلَّ شيء، يستسلم للموت، يشعر بأن كل شيء في حياته قد انتهى، تزداد حالته سوءاً، ولكن كم تكون فرحته غامرة بكل تفاعل إنساني ممن حولـه، فكم يستبشر ويستأنس بقدوم أقاربه وأصدقائه وترددهم عليه، وإن لم يستطع البوح بذلك إلا بابتسامة ينغِّصُها الألم، يحسُّ أن عواطف الناس ومشاعرهم تغمره وتحيط به، ولهذا عظيم الأثر ـ كما هو مجرَّب ـ في تحسُّن حالته النفسية..
إن المريض وإن احتاج إلىالمستشفى والسرير الأبيض الذي يرقد عليه والطبيب الحاذق الذي يعالجه، فلا غنى له عن لمسة حانية، وكلمة مُصبِّرة، ودعوة خالصة، ونظرة متفائلة. إنه باختصار يحتاج إلى مشاركة وجدانية يقدمها له أحبابه وإخوانه.. فإن تحقق ذلك في مجتمع ما فلا شك أن هذا المجتمع قد بلغ ـ في تعامله ـ ذروة الرقي الإنساني.. وكما لا يخفى على مسلم فإن المجتمع الإسلامي سابق لكل خير، فلم يغفل جانب المرضى ولم يهملهم، فشاركهم آلامهم وأحزانهم، بل ورتب الثواب العظيم والأجر الجزيل على زيارتهم والتخفيف من مصابهم والدعاء لهم.
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم قوله: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع". وورد الكثير من الأحاديث في فضل هذا العمل الإنساني النبيل مما لا يتسع المقام لذكرها هنا، أسأل الله أن يديم علينا لباس الصحة والعافية.