تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 45

الموضوع: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نقدم اليكم هذه السلسلة التربوية لفضل السلف ولا اجد قولا
    افضل مما قال ابن رجب في كتابه «فضل علم السلف على الخلف»

    ما فتئ العلماء في مصنفاتهم عبر القرون الإسلامية مثنين على ما كان عليه الرعيل الأول من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ وما كانوا عليه من الهدي في العلم والعمل.
    ومن ذلك ما قاله الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في كتابه النافع فضل علم السلف على الخلف: وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله. ومنهم من يقول: هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين، وهذا يلزم منه ما قبله لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولا ممن كان قبلهم، فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله كان أعلم ممن كان أقل منهم قولا بطريق الأولى، كالثوري، والأوزاعي، والليث، وابن المبارك، وطبقتهم، وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضًا.
    فإن هؤلاء كلهم أقل كلامًا ممن جاء بعدهم وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح وإساءة ظن بهم ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة: «إنهم أبر الأمة قلوبًا، وأعمقها علومًا، وأقلها تكلفًا» وروي نحوه عن ابن عمر أيضًا، وفي هذا إشارة إلى أن من بعدهم أقل علومًا وأكثر تكلفًا.
    وقال ابن مسعود أيضًا: «إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح، ومن كان بالعكس فهو مذموم». وقد شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل اليمن بالإيمان والفقه، وأهل اليمن أقل الناس كلامًا وتوسعًا في العلوم، لكن علمهم علم نافع في قلوبهم ويعبرون بألسنتهم عن القدر المحتاج إليه من ذلك، وهذا هو الفقه والعلم النافع، فأفضل العلوم في تفسير القرآن ومعاني الحديث والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثورًا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما سبق.
    وهذه

    الجزء رقم (1)
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    تمهيد :

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه ومن والاه أما بعد:
    فيسرني أن ألتقي بك أخي الكريم مع باقات عطرة من تربية السلف، ونسير جميعاً في حديقة غناء من أقوالهم وأحوالهم تحت عنوان (( هكذا علمنا السلف ) نطيف معك كأننا نعيش معهم، فهم أعرف الناس وأعلمهم بمراد الله ومراد رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأكثر الناس امتثالاً لنصوص الوحي، وأعمقهم علماً ، وأسرعهم استجابة للحق، وأقلهم تكلفاً.
    وقبل أن ندخل في ذكر أقوالهم وتوجيهاتهم أحب أن أضع بين يديك هذه المقدمة المهمة لكي تكون على بصيرة في سيرك.

    بيان حال المستقيمين من الزهاد:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( فأمر الشيخ عبد القادر ( الجيلاني )، وشيخه حماد الدباسي وغيرهما من المشايخ أهل الاستقامة ـ رضي الله عنهم ـ: بأنه لا يريد السالك مراداً قط، وأنه لا يريد مع إرادة الله ـ عز وجل ـ سواها ، بل يجري فعله فيه، فيكون هو مراد الحق )).
    ثم قال : (( فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف: مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين ومثل الشيخ عبد القادر، والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين بل عليه أن يفعل المأمور، ويدع المحظور إلى أن يموت، وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم.
    وقال شيخ الإسلام أيضاً: (( والثابت الصحيح عن أكابر المشايخ يوافق ما كان عليه السلف، وهذا هو الذي كان يجب أن يذكر.
    فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ مثل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشى، ومعروف الكرخي، إلى الجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وأمثال هؤلاء ما يبين حقيقة مقالات المشايخ.
    وقال ابن تيمية عن الجيلاني: (( والشيخ عبد القادر ونحوه من أعظم مشايخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع، والأمر والنهي، وتقديمه على الذوق والقدر، ومن أعظم المشائخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية))
    والى لقاء قادم ان شاء الله


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي

    الجزء رقم (2)
    يحيى بن إبراهيم اليحيى


    الدعوة ( كن قدوة تكن داعية ):


    قد يتصور أن الدعوة لا يقوم بها إلا متخصصون يحسنون الحديث ويجيدون الخطب، ويتقنون الكتابة ممن أعطاهم الله البيان والحكمة والأسلوب الحسن. ولو أدرنا النظر في تاريخنا لوجدنا إن انتشار الإسلام لم يقوم على خطب جهورية، ولا محاضرات بيانية ولا كتابات متقنة، وإنما انتشر على أيدي أناس حملوا الإسلام في ذواتهم فأصبحوا قدوات في جميع أعمالهم وعلاقاتهم وتحركاتهم ويقضتهم وسباتهم، ولو كانت الدعوة بالخطب والمحاضرات والكتابات والمقالات إذاً دعاة الإسلام قليل. ومن طبيعة البشر المتأصلة في نفوسهم أن عمل الداعية هو الباني والمؤثر في نفوسهم أكثر بكثير من خطبه ومحاضراته.
    ويسعدني في هذه الحلقة أن أسوق إليك أخي الكريم بعض أقوال السلف التي تشير إلى همِّ الدعوة وأهمية القدوة.
    قال تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ
    (( من صحت تبعيته للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألبسه درعه وخوذته، وقلده سيفه، ونحله من أدبه وشمائله وأخلاقه، وخلع عليه من خلعه، واشتد فرحه به: كيف هو من أمته؟ ويشكر ربه ـ عز وجل ـ على ذلك، ثم يجعله نائباً له في أمته، ودليلاً وداعياً لهم إلى باب الحق ـ عز وجل ـ.
    كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الداعي والدليل، ولما قبضه الحق ـ عز وجل ـ أقام له من أمته من يخلفه فيهم، وهم آحاد أفراد، من كل ألف ألف واحد، يدلون الخلق، ويصبرون على أذاهم، مع دوام النصح لهم، يتبسمون في وجوه المنافقين والفساق، ويحتالون عليهم بكل حيله حتى يخلصوهم مما هم فيه، ويحملوهم إلى باب ربهم ـ عز وجل ـ)).
    بهذا ساد أولئك العلماء:
    قال يزيد بن المنادي كان الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل: (( من أحي الناس وأكرمهم نفساً وأحسنهم عشرة وأدباً كثير الإطراق والغض، معرضاً عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث والرجال بالطرق وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان سر به وأقبل عليه، وكان يتواضع تواضعاً شديداً، وكانوا يكرمونه ويعظمونه ويحبونه)).
    معالم خراب القرى:
    قال تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً .
    وأوجزه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بجملة واحدة جامعة حين سئل: (( أتوشك القرى أن تخرب وهي عامرة؟ قال: إذا علا فجارها على أبرارها))
    معالجة الناس وتربيتهم مهما كان انحرافهم وانفراج الزاوية بينهم وبين دينهم:
    قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ: (( إني أعالج أمراً لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجمي، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه ديناً لا يرون الحق غيره)) وارجع إلى قصة موسى مع فرعون والبون الشاسع بين موسى كليم الرحمن وبين فرعون مؤله نفسه.
    وصفة للحديث المؤثر والمربي للناس:
    قال يحي بن معاذ الزاهد: (( أحسن شيء: كلام رقيق، يستخرج من بحر عميق، على لسان رجل رفيق)).
    والى لقاء قادم ان شاء الله

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي

    الدعوة قائمة على مصالح العباد :

    يحيى بن إبراهيم اليحيى

    الحلقة (3)


    (( والرسول - صلى الله عليه وسلم- قام بهذه الدعوة ، فإنه أمر الخلق بكل ما أمر الله به ، ونهاهم عن كل ما نهى الله عنه ، أمر بكل معروف ونهى عن كل منكر ))

    الشمول في الدعوة :
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( وكلما أحبه الله ورسوله من واجب ومستحب ، من باطن وظاهر ، فمن الدعوة إلى الله : الأمر به ، وكلما أبغضه الله ورسوله ، من باطن وظاهر ، فمن الدعوة إلى الله : النهي عنه .

    لا تتم الدعوة إلى الله إلا بالدعوة إلى أن يفعل ما أحبه الله ، ويترك ما أبغضه الله ، سواء كان من الأقوال أو الأعمال الباطنة أو الظاهرة ))

    الانشغال بالدعوة والتعليم أولى من العمل الإغاثي في بعض الأحوال ولبعض الأشخاص :
    قال الإمام أحمد : حين سأله تلميذه زهير بن أبي زهير ، فقال :(( إن فلان - يعني أبا يوسف- ربما سعى في الأمور مثل : المصانع ، والمساجد ، والآبار ؟ قال : فقال لي أحمد : لا ، نفسه أولى به ، وكره أن يبذل الرجل نفسه ووجهه )) .

    الجزع والحزن والبكاء لا يقدم للدعوة شيئاً :
    قال شيخ الإسلام بن تيمية : (( كثير من الناس إذا رأى المنكر ، أو تغير كثير من أحوال الإسلام ، جزع وكلّ وناح كما ينوح أهل المصائب وهو منهي عن هذا ، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام ، وأن يؤمن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وأن العاقبة للتقوى ، وأن ما يصيبه فهو بذنوبه فليصبر ، إن وعد الله حق ، وليستغفر لذنبه ، وليسبح بحمد ربه بالعشي والإبكار ...

    وقوله صلى الله عليه وسلم : (( ثم يعود غريباً كما بدأ )) : أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه ، وقد قال تعالى : مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلَ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ، فهؤلاء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك .

    وكذلك بدأ غريباً ولم يزل يقوى حتى انتشر ، فهكذا يتغرب في كثير من الأمكنة والأزمنة ثم يظهر حتى يقيمه الله عز وجل ، كما كان عمر بن عبد العزيز لما ولي قد تغرب كثير من الإسلام على كثير من الناس حتى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر ، فأظهر الله به في الإسلام ما كان غريباً )).

    المفهوم الشامل للتدين :
    قال ابن القيم : (( ليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة ، بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله ، وأكثر الديّانين لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس ، وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والنصيحة لله ورسوله وعباده ، ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه ، فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلاً عن أن يريدوا فعلها ، وفضلاً عن أن يفعلوها ، وأقل الناس ديناً وأمقتهم إلى الله : من ترك هذه الواجبات ، وإن زهد في الدنيا جميعها ، وقل أن ترى منهم من يحمر وجهه ويمعره لله ويغضب لحرماته ، ويبذل عرضه في نصرة دينه ، وأصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من هؤلاء )).

    الخلل والعيب فينا :
    (( كان بعض السلف الصالح يقول : يا له من دين لو أن له رجالاً )).

    كن مقتدياً تكن قدوة :
    سئل التابعي وهب بن منبه اليماني عن صفة المسلم قال : (( يقتدي بمن قبله ، وهو إمام لمن بعده)

    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    (الدعوة في السنة النبوية)

    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر



    الحلقة (4)

    (أهداف الدعوة)


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،وبعد،،،،،
    ففي هذه الحلقة نذكر من تمهيد البحث: أهداف الدعوة.



    ثالثًا: أهداف الدعوة :
    يمكن الوصول إلى معرفة أهداف الدعوة من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، والتي تتجلى في الأمور الآتية:
    1 – تحقيق رضا الله سبحانه وتعالى، لقوله تعالى:( يوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً*وَ ُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً )[الإنسان: 7 – 9].
    2 – نشر الإسلام في الأرض، لقوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )[التوبة:33].
    3 – تصحيح العقيدة عند الناس، لأنه الأصل الذي إذا صلح، صلح سائر الأعمال وإذا فسد، فسد سائر الأعمال، وقد كان من أول أهداف دعوة الرسل جميعًا عليهم السلام تصحيح العقيدة، لقوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء: 25]، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا حين بعثه إلى اليمن أن يدعو الناس إلى توحيد الله تعالى قبل دعوتهم إلى أي شيء آخر فقال: «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله»(1) .


    4 – القيام بالفروض والعبادات المتمثلة في أركان الإسلام، وتصحيح ما يشوبها أحيانًا من البدع والزيادات، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهدف تاليًا للعقيدة في وصيته لمعاذ حين بعثه إلى اليمن، حيث قال: «فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإيّاك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»(2) .
    5 – تصحيح السلوك والأخلاق، لقوله تعالى:(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)[آل عمران: 164].
    وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع على المشركين، فقال: «إني لم أبعث لعّانًا وإنما بُعثْتُ رحمة»(3) .


    6 – القيام بمهمة البلاغ: وهو إيصال دعوة الله إلى الناس بالحجة والبيان، لقوله تعالى: ( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)[الشورى: 48].
    وخلاصة الكلام في أهداف الدعوة أنها: نقل العباد من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد(4
    )
    .
    وسنذكر في الحلقة التالية بإذن الله تعالى: فضائل الدعوة إلى الله تعالى.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    (1) أخرجه البخاري: (5/206رقم4347)، كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، ومسلم: (1/50رقم19)، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله.
    (2) أخرجه البخاري: (2/159رقم1496)، كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد إلى الفقراء، ومسلم: (1/50رقم19)، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين.
    (3) أخرجه مسلم: (4/2006رقم2599)، كتاب البر والصلة، باب النهي عن لعن الدواب.
    (4) سيأتي مزيد من التفصيل لأهداف الدعوة وتحريره في القاعدة الثانية.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    الجزء رقم (4)
    يحيى بن إبراهيم اليحيى

    قواعد في الدعوة :
    (( الدعوة : إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به ، وبما جاء ت به رسله ، بتصديقهم فيما أخبروا به ، وطاعتهم فيما أمروا ))

    التناسب بين العلم والعبادة :
    وقد سئل الإمام أحمد عن الرجل يكثر من كتابة الحديث وطلبه أيسوغ له ذلك ؟
    قال : (( ينبغي أن يكثر العمل به على قدر زيادته في الطلب ))

    وروى ابن جرير بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال : (( كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ، قال : فتعلمن العلم والعمل معاً)) .

    مجموع الأمة تقوم مقام الرسول - صلى الله عليه وسلم- في الدعوة :
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( فمجموع أمته تقوم مقامه في الدعوة إلى الله ، ولهذا كان إجماعهم حجة قاطعة ، فأمته لا تجتمع على ضلالة ، وإذا تنازعوا في شيء ردوا ما تنازعوا فيه إلى الله وإلى رسوله .

    وكل واحد من الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره ، فما قام به غيره : سقط عنه ، وما عجز : لم يطالب به .

    وأما ما لم يقم به غيره وهو قادر عليه فعليه أن يقوم به ، ولهذا يجب على هذا أن يقوم بما لا يجب على ذاك ، وقد تقسطت الدعوة على الأمة بحسب ذلك تارة وبحسب غيره أخرى ، فقد يدعو هذا إلى اعتقاد الواجب ، وهذا إلى عمل ظاهر واجب ، وهذا إلى عمل باطن واجب ، فتنوع الدعوة يكون في الوجوب تارة ، وفي الوقوع أخرى .

    وقد تبين بهذا أن الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم ، لكنها فرض على الكفاية ، وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره ، وهذا شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتبليغ ما جاء به الرسول ، والجهاد في سبيل الله ، وتعليم الإيمان والقرآن .

    وقد تبين بذلك أن الدعوة نفسها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، فإن الداعي طالب مستدع مقتض لما دعا إليه ، وذلك هو الأمر به ، إذ الأمر هو طلب الفعل المأمور به ، واستدعاء له ودعاء إليه ، فالدعاء إلى الله : الدعاء إلى سبيله ، فهو أمر بسبيله ، وسبيله تصديقه فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ))

    على كل مسلم حمل ما يقدر عليه وتختلف الأفضلية باختلاف القدرات والطاقات :
    قال ابن القيم : (( وهاهنا أمر ينبغي التفطن له ، وهو أنه قد يكون العمل المعين أفضل منه في حق غيره ، فالغني الذي بلغ له مال كثير ونفسه لا تسمح ببذل شيء منه : فصدقته وإيثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة .

    والشجاع الشديد الذي يهاب العدو سطوته : وقوفه في الصف ساعة وجهاده أعداء الله أفضل من الحج والصوم والصدقة والتطوع .

    والعالم الذي قد عرف السنة ، والحلال والحرام ، وطرق الخير والشر : مخالطته للناس وتعليمهم ونصحهم في دينهم أفضل من اعتزاله وتفريغ وقته للصلاة وقراءة القرآن والتسبيح .

    وولي الأمر الذي قد نصبه الله للحكم بين عباده : جلوسه ساعة للنظر في المظالم وإنصاف المظلوم من الظالم وإقامة الحدود ونصر المحق وقمع المبطل أفضل من عبادة سنين من غيره .

    ومن غلبت عليه شهوة النساء فصومه له أنفع وأفضل من ذكر غيره وصدقته ))

    كلهم على خير :
    وهذا مثال من السلف الصالح يوضح تفاوت الطاقات والقدرات :
    عن بكر بن عبد الله قال : (( من سره أن ينظر إلى أعلم رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى الحسن فما أدركنا أعلم منه ، ومن سره أن ينظر إلى أورع رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى ابن سيرين إنه ليدع بعض الحلال تأثماً ، ومن سره أن ينظر إلى أعبد رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى ثابت البناني فما أدركنا أعبد منه تراه في يوم ( إنه ليظل اليوم المعمعاني الطويل ما بين طرفيه صائماً يروح ما بين جبهته وقدمه ) ، ومن سره أن ينظر إلى أحفظ رجل أدركناه في زمانه وأجدر أن يؤدي الحديث كما سمع فلينظر إلى قتادة ))

    أرض المسلم هي التي يتمكن فيها من عبادة ربه :
    المسلم عامل وداعية ، أرضه وبلده التي يتمكن فيها من نشر دعوته بين الناس ، وإخراجهم فيها من الظلمات إلى النور ، فقد يكون بلد بنفسه فاضل على غيره ، لكن المفضول أحياناً يكون أفضل منه للمسلم لهذه الحيثية .

    قال ابن تيمية - رحمه الله- : (( قال أبو هريرة : (( لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلى من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود )) .

    ولهذا كان أفضل الأرض في حق كل إنسان أرض يكون فيها أطوع لله ورسوله ، وهذا يختلف باختلاف الأحوال ، ولا تتعين أرض يكون مقام الإنسان فيها أفضل ، وإنما يكون الأفضل في حق كل إنسان بحسب التقوى والطاعة والخشوع الخضوع والحضور ، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان : هلم إلى الأرض المقدسة ! فكتب إليه سلمان :

    إن الأرض لا تقدس أحداً ، وإنما يقدس العبد عمله ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء ، وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في أشياء من جملتها هذا))
    والى لقاء قادم ان شاء الله

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة


    الجزء رقم5
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    توظيف جميع الطاقات والاستفادة من جميع القدرات :


    إن أي دعوة تهمل شريحة من المجتمع تعتبر ناقصة ومآله إلى الانحسار ، وقد تميزت الدعوة الإسلامية باحتوائها جميع طبقات المجتمع ، وتوظيف جميع طاقات ، فليس في المجتمع المسلم عنصر مهمل أو مبعد أو مركون مهما كان.

    (( لكن قد يصح أن يقال : أنه - أي فرض الكفاية - واجب على الجميع على وجه من التجوز، لأن القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة ، فهم مطلوبون بسدها على الجملة ، فبعضهم هو قادر عليها مباشرة وذلك من كان أهل لها ، والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين ، فمن كان قادراً على الولاية فهو مطلوب بإقامتها ، ومن لا يقدر عليها مطلوب بأمر آخر ، وهو إقامة ذلك القادر وإجباره على القيام بها ، فالقادر إذن مطلوب بإقامة الغرض ، وغير القادر مطلوب بتقديم ذلك القادر ، إذاً لا يتوصل إلى قيام إلا بإقامة ، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ))

    كبوة الجواد وهفوة العالم لا تقدح فيه .
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود ))
    وقصة حاطب بن أبي بلتعة من الشواهد الصريحة في ذلك .

    فيحفظ لمثل هؤلاء منزلتهم ، ويقدر جهدهم في عمل الخير ، ويحتفظ لهم بأعماله التي قدموها في نصرة الإسلام ، ولا تنبذ أعمالهم وتنكر جهودهم لزلة حصلت منهم .

    التناسب بين الأعداد والكوادر
    يجب أن يتناسب العدد مع الطاقة العلمية والتربوية ، ولا ينظر في قضية الحماس ، أو يعتمد على الطاقة المادية فحسب ، فما يجتمع بخطبة ينفض بخطبة !!

    لا يسعى بالتطوير إلا من ذاق التعب والمعاناة :
    الجالسون والخاملون لا ننتظر منهم أفكار جديدة في تطوير الأساليب والوسائل الدعوية ، ومن ظن ذلك فقد اعتمد على الأوهام والأحلام ، إن الذي لا يعيش هم الدعوة وينام ويستيقظ عليها محال أن ترد عليه أفكار في تطويرها والرفع من شأنها . (( ليست الثكلى كالمستأجرة )) .

    الاهتمام بالثقات والمحافظة عليهم فهم عماد الدعوة :
    وفي الصحيح : (( الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا )) .

    الثقات هم صمام الأمان للدعوة ، وهم السبب الرئيس في بقائها ودوامها ، وهم المرجع عندما تعصف الفتن ، ويتساقط الناس على جنبات الطريق صرعى الفتنة .

    فلا ينبغي التوسع والانفتاح قبل التأكد من وجود عدد كاف للذود عنها وحمايتها والمحافظة عليها .

    الأسلوب التربوي بطيء لكنه مضمون :
    إن نجاح السلف في تربية الرجال يشهد له تلك النخب العديدة التي تخرجت من تلك المدرسة ، فمجرد مطالعة لكتب التراجم ترى قائمة عظيمة من رجال تلك العصور : العلماء الربانيون ، المجاهدون الصادقون ، الزهاد المتعبدون الواعون ، رجال الحسبة ...

    فهل ترى أن ذلك تم في خطبة أو محاضرة أو موعظة عابرة كلا !

    لقد تخرج أولئك الأجيال من مدارس طويلة يرعاها أولئك الأفذاذ من العلماء ، ولكن الكثير يرغب عن هذا المسلك ويستعجل الثمرة .

    وطريق التربية صعب ... طويل .... بطيء ... لكنه طريق مأمون ، ثابت ، مضمون .

    التحسب لجميع الخطوات :
    شتان ما بين سلوك العالم المربي وسلوك الفائر ، المربي له موازين محددة ، يزن ويقيس ويمحص ويستنتج قبل أن يخطو ، والفائر يغضب ويندفع ، ويتسرع ويستعجل فيتورط .

    صعود الثقات رأس الوقاية :
    تبوء الثقات منابر التوجيه والتعليم هو الضمان في تحقيق استمرارية الدعوة ، والنجاة بها إلى بر الأمان ، وتحقق مجتمع يلتزم بالعقيدة علماً وعملاً ، ورسم الخطوات البعيدة المدى في إصلاح الناس وتوجيههم ، مع وضوح الرؤية فيما يتخذونه من وسائل وأساليب .

    كن ربانياً :
    الابتداء قبل الانتهاء ، يجب حمل النفس على الطريق المستقيم ومجاهدتها على ذلك ، حتى تتأهل لإصلاح الناس والبداية بصغار العلم قبل كبارها كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما- :

    قال ابن المتكدر : (( كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت ))

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في شرح معنى : كُونُوا رَبَّانِيِّنَ : (( قال مجاهد : (( هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره ، فهم أهل الأمر والنهي ... )) قال : وذلك المنقول عن السلف في الرباني .

    نقل عن علي قال : (( هم الذين يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها )) .

    وعن ابن عباس قال : (( هم الفقهاء المعلمون )) .

    قلت : أهل الأمر والنهي هم الفقهاء المعلمون .

    وقال قتادة وعطاء : (( هم الفقهاء العلماء الحكماء )) .

    قال ابن قتيبة : (( وأحدهم رباني ، وهم العلماء المعلمون )) .

    قيل : إن الرباني منسوب إلى الرب ، فزيادة الألف والنون كاللحياني ، وقيل : إلى تربيته الناس ، وقيل : إلى ربان السفينة ، وهذا أصح فإن الأصل عدم الزيادة في النسبة ، لأنهم ( منسوبون إلى التربية )
    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    الجزء رقم6
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الرفق في الأمر كله



    يخطئ الكثير في المبادرة إلى التعنيف والتهجم على الداعية بسبب تقصير حصل منه، أو خطأ وقع فيه ، بل بعضهم ليس في قاموسه باب للمسامحة والغض عن الزلات، لاشك أن المحاسبة مطلوبة ولكن بالحكمة فلا يتخذ وتيرة واحدة مع الجميع، إذ البعض قد يكتفي بالتلميح، وبعضهم لابد له من التصريح، وآخر يعرف بالإشارة ولا يحتاج إلى عبارة .

    تكفي اللبيب إشارة مرموزة
    وسواه يدعى بالنداء العالي .


    والعنف والشدة في المحاسبة لا تنبغي وبخاصة في أوقات الفتن، ومن أمثل الطرق في ذلك اتخاذ أسلوب الوعظ والتذكير بالأمانة والسؤال عنها، وفي الصحيح : (( ما كان الرفق في شيء إلا زانه))

    تربية العز لا تربية الذل والخنوع :
    درج السلف الصالح على تنبيه التلاميذ بعد مشيهم خلف الشيخ، وأحيانا يلجؤون إلى تعنيفهم إنهم فعلوا ذلك، تدريبا وتربية لهم على العزة وبعدا عن الخنوع و الذلة والضعة ، فما على نجم ذليل في علم أو عمل.

    والنصوص في هذا الباب متظافرة وأكثر من أن تحصى منها عن ابن مسعود وابن عباس ، وسفيان الثوري وغيرهم كثير : عن هشام قال : (( كان محمد بن سيرين إذا مشى لم يلتفت خلفه ، قال هشام : فغدوت في عيد ليخرج فأتبعه فأنظر ما يصنع في طريقه وفي مصلاه ، قال : فكأنه فطن فاحتبس عن الوقت الذي كان يخرج فيه ، قال : واحتسبت ليخرج ، فلما أبطأت عليه خرج قال : فلما مضى تبعته ، قال: فالتفت فرآني فقال : لو كنت لصاً لكنت رجل سوء ، إني لو علمت أن هذا يصلح لي ولك ما باليت))

    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة


    التريث والتثبت عند الاستفادة من الرجال وتزكيتهم:
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم7


    الكثير من الأخيار يثق بالشخص بمجرد جلسة أو جلستين معه، وقد يزكيه ويرفع من شأنه، وهذا ليس من المنهج السليم شرعاً ولا عرفاً، فكم من إنسان تظن أنه محب للخير مدافع عنه، وسرعان ما ينكشف لك أنه مصلحي يسعى لنفسه، أو يتبين لك أنه لئيم الطبع خبيث المعدن لا يعترف بالجميل بل يقابله بالإساءة.

    عن عبد الله بن حنيف قال: قال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن كعب القرظي: ((أي خصال الرجل أوضع له؟ قال: كثرة كلامه، وإفشاء سره، والثقة بكل أحد)).

    وقد وضع السلف الصالح منهجاً في التثبت والتريث في معرفة الرجال:
    شهد (رجل) عند عمر شهادة فقال له: لست أعرفك، ولا يضرك ألا أعرفك، ائت بمن يعرفك، فقال رجل من القوم: أنا أعرفه، قال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة، والعقل.

    قال: هو جارك الأولى الذي تعرف ليله، ونهاره، ومدخله، ومخرجه؟ قال: لا.

    قال: فعاملك بالدراهم، والدينار اللذين يستدل بهما على الورع؟ قال: لا.

    قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا.

    قال: لست تعرفه؟ ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك.

    طلب عمر بن الخطاب الأحنف بن قيس، فأبقاه عنده سنة يراقبه ثم قال له: (( يا أحنف، قد بلوتك وخبرتك فلم أر إلا خيراً، ورأيت علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، فإنا كنا نتحدث: إنما أهلك هذه الأمة كل منافق عليم)).

    وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري: (( أما بعد، فأدن الأحنف بن قيس وشاوره، واسمع منه)).

    قال الحسن البصري: (( اعتبروا الناس بأعمالهم ودعوا قولهم، فإن الله لم يدع قولاً إلا جعل عليه دليلاً من عمل يصدقه أو يكذبه، فإذا سمعت قولاً حسناً فرويداً بصاحبه، فإن وافق قوله عمله فنعم، ونعمة عين، فآخه، أحببه، وأودده، وإن خالف قولاً وعملاً فماذا يشبه عليك منه، أو ماذا يخفى عليك منه؟ إياك وإياه، لا يخدعنك)).

    وتجد بعض التطبيقات من طلب العلم والدعاة يسارعون بكتابة التزكيات لمن يطلب منهم، بل إني وجدت عن بعضهم نموذج تزكية مطبوع موقع فقط يكتب اسم من يريد تزكيته، وقد يحتج بأن هذا من نفع الناس ولا يخسر شيء.
    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة


    ليس من السبيل التشهير بأهل المعاصي:
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم8

    قال الوزير ابن هبيرة: (( اجتهد أن تستر العصاة، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمر: ستر العيوب)).

    الجهاد والعمل يجمع الكلمة والبطالة والكسل تفرق الناس:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير قوله تعالى: إِنْ لا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ : (( قد يكون العذاب من عنده، وقد يكون بأيدي العباد، فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع بينهم الفتنة كما هو الواقع، فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم وألف بينهم، وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم، وإذا لم ينفروا في سبيل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض)).

    الحلم يورث العدل والبعد عن الانتصار للنفس، والأناة تورث التأمل وتطرد الطيش واليأس:
    قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأشج عبد القيس: (( إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة)).

    ابذل الجهد والنتيجة على الله ولا تيأس:
    عجبت لهم قالوا : تماديت في المنــى وفي المثل العليا وفي المرتقى الصـعـب
    فاقصر ولا تجهد يراعك إنمــــــــــــ ــــــا ستبـــــذر حبـا في ثـرى ليس بالخــصـب
    فقلت لهم: مهلاً،فما اليأس شيــمتي سأبـذر حبي والثمار مــن الـــــــــــــ ـــرب
    إذا أنا بلغت الرســـالة جــــــــــــاه ـدا ولم أجـد السمع المجيب فما ذنبــــــي ؟


    مد الجسور والتعاون على العبور:
    الاجتماع على الحق:
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وأما لفظ (( الزعيم )) فإنه مثل لفظ الكفيل والقبيل والضمين قال تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ، فمن تكفل بأمر طائفة فإنه يقال: هو زعيم، فإن كان قد تكفل بخير كان محموداً على ذلك، وإن كان شراً كان مذموماً على ذلك.

    وأما (( رأس الحزب )) فإنه رأس الطائفة التي تتحزب، أي تصير حزباً، فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا، مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم، سواء كان على الحق والباطل، فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله، فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف، ونهيا عن التفرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى، ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان)).

    والى لقاء قادم ان شاء الله


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    التعاون على الأمر بالمعروف
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم9



    قال تعالى: وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ، وقال سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ .

    قال الزهري عن الصحابي هشام بن حكيم بن حزام القرشي - رضي الله عنه-: (( كان يأمر بالمعروف في رجال معه )).

    قال ابن الجوزي: (( قال ابن عقيل: رأينا في زماننا أبا بكر الاقفالي، في أيام القائم إذا نهض لإنكار منكر استتبع معه مشايخ لا يأكلون إلا من صنعة أيديهم، كأبي بكر الخباز، شيخ صالح أضر - أي صار ضريراً - من اطلاعه في التنور، وتبعه جماعة ما فيهم من يأخذ صدقة ولا يدنس بقبول عطاء، صوام النهار، قوام الليل، أرباب بكاء، فإذا تبعه مخلط رده وقال: متى لقينا الجيش بمخلط انهزم الجيش)).

    الحسبة لا تتوقف على تفويض:
    (( استمرار عادات السلف على الحسبة على الولاة قاطع بإجماعهم على الاستغناء عن التفويض، بل كل من أمر بمعروف، فإن كان الوالي راضياً به فذاك، وإن كان ساخطاً له فسخطه له منكر يجب الإنكار عليه، فكيف يحتاج إلى إذنه في الإنكار عليه؟

    ويدل على ذلك عادة السلف في الإنكار على الأئمة، كما روي أن مروان بن الحكم خطب قبل صلاة العيد، فقال له رجل: إنما الخطبة بعد الصلاة، فقال له مروان: اترك ذلك يا فلان، فقال أبو سعيد الخدري: أما هذا فقد قضى ما عليه، قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (( من رأى منكم منكراً فلينكره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )).

    فلقد كانوا فهموا من هذه العموميات دخول السلاطين تحتها، فكيف يحتاج إذنهم.

    المهم أن يكون لك سهم في الإسلام وإن قل:
    عن أبي نضر يعني بشراً قال : سمعت أبا أسامة يقول: (( جزى الله عنا خيراً من أعان الإسلام بشطر كلمة)).

    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    الاهتمام بأمر الناس
    يحيى بن إبراهيم اليحيى

    الجزء رقم10

    اقتصر همه على هداية الخلق ونصحهم:
    وقد كانت نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تتفطر هماً بالدعوة قال تعالى: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٌ ، وقال: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً.

    كان عبد القادر الجيلاني يقول: (( سبحان من ألقى في قلبي نصح الخلق وجعله أكبر همي ))، ثم يقول: (( إذا رأيت وجه مريد صادق قد أفلح على يدي: شبعت وارتويت، واكتسيت، وفرحت، كيف خرج مثله من تحت يدي؟)).

    من كان صلاح الناس همه امتلأ قلبه خشية وحباً للخير:
    عن بكر بن ماعز قال: (( أعطي الربيع فرساً أو اشترى فرساً بثلاثين ألفاً، فغزا عليها قال: ثم أرسل غلامه يحتش وقام يصلي وربط فرسه، فجاء الغلام فقال: يا ربيع أين فرسك؟ قال: سرقت يا يسار، قال: وأنت تنظر إليها؟ قال: نعم يا يسار أني كنت أناجي ربي - عز وجل- فلم يشغلني عن مناجات ربي شيء، اللهم إنه سرقني ولم أكن لأسرقه، اللهم إن كان غنياً فاهده، وإن كان فقيراً فأغنه، ثلاث مرات)).

    تطبيقات: البعض قد تؤخذ حذاؤه في المسجد فيدعوا على من أخذها، وقد يسب القبيلة أو البلد كله الذي ينتسب من أخذ نعليه.

    لم يقعد بهم بُعْدُ الطريق عن مواصلة الخير:
    قال الوزير بن هبيرة: (( تـأملت ذكر أقصى المدينة، فإذا الرجلان جاءا من بعد في الأمر بالمعروف، ولم يتقاعدا لبعد الطريق)).

    باب الهجرة والجهاد باب واسع:
    قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ

    قالت طائفة من السلف: (( هذا يدخل فيه من آمن وهاجر وجاهد إلى يوم القيامة، وهكذا قوله تعالى:وَالَّذِي َ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ يدخل في معناها: كل من فتنه الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية، ثم هجر السيئات وجاهد نفسه وغيرها من العدو، وجاهد المنافقين بالأمر بالمعروف النهي عن المنكر، وغير ذلك،وصبر على ما أصابه من قول أو فعل،والله - سبحانه وتعالى- أعلم ))
    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    مشعل هداية و الأقربون أولى بالمعروف

    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم11


    مشعل هداية و الأقربون أولى بالمعروف:

    كن مشعلاً في جنح ليـل حالك
    يهدي الأنام إلى الهدى ويبيــن

    وانشط لـدينك لا تكن متكاسلاً
    واعمل على تحريك ما هو ساكن

    وابدأ بأهلك إن دعـــــوت فانهم
    أولى الورى بالنصح منك واقمـــــن

    والله يأمر بالعشيـــــــــ رة أولاً
    والأمر من بعد العشيرة هيــــــن


    كانوا متفرغين للعامة:
    وصفوا الأوزاعي بأنه: (( كان رجل عامة )). ومثله المحدث الثقة الفقيه أبو إسحاق الفزاري قالوا: (( كان رجل عامة ))، قال العجلي: (( كان ثقة رجلاً صالحاً ، صاحب سنة ، وهو الذي أدب أهل الثغر وعلمهم السنة، وكان يأمر وينهى ، وإذا دخل الثغر رجل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث وكان له فقه)).
    وخالد بن عبد الله الواسطي ، أحد المحدثين الثقات وصفوه بأنه: (( كان رجل عامة )).

    نشاط في الكبر:
    عن أنس أن أبا طلحة الأنصاري قرأ سورة براءة ، فلما أتى على هذه الآية: انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً قال: (( أرى ربنا - عز وجل- يستنفرنا شيوخاً وشباباً ، جهزوني أي بني ، فقال بنوه: يرحمك الله قد غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى مات ، ومع أبي بكر - رضي الله عنه- حتى مات ، ومع عمر - رضي الله عنه- ، فنحن نغزو عنك ، فأبى فجهزوه فركب البحر فمات ، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام فلم يتغير فدفنوه فيها)).

    همم عالية هل يستويان؟ لا والله ، فقد ربح البيع:
    قال ابن المبارك:
    بغض الحياة وخوف الله أخرجنـي وبيع نفسي بما ليست له ثمناً
    إني وزنت الـــذي يبقى ليعـــدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتــزنا
    لا تقصر عن هذه الهمة.

    والى لقاء قادم ان شاء الله


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة


    الإنتاج عند الغليان
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم12



    عن مالك بن دينار قال: (( إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر ، وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور ، والله تعالى يرى همومكم ، فانظروا ما همومكم رحمكم الله )).

    حملة رسالة في كل لحظة وحتى في آخر لحظة من الحياة:
    عن أبي حيوة قال: (( دخلنا على بكر بن عبد الله المزني نعوده في مرضه الذي مات فيه، فرفع رأسه فقال: رحم الله عبداً رزقه الله قوة فعمل لنفسه في طاعة الله، أو قصر به ضعف فلم يعمل في معاصي الله عز وجل )).

    اهتمام بأمر العامة:
    عن موسى بن المغيرة قال: (( رأيت محمد بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يكبر ويسبح ويذكر الله عز وجل قال: فقال له رجل: يا أبا بكر الساعة؟ قال: إنها ساعة غفلة ).

    دائماً في صعود وترقي ونجاحات:
    قال إبراهيم الحربي عن الإمام أحمد: (( ولقد صحبته عشرين سنة صيفاً وشتاءً، وحراً وبرداً، وليلاً ونهاراً، فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس )).
    والى لقاء قادم ان شاء الله




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم13
    دعم وتحفيز وتشجيع للعاملين:

    قالوا: (( كان الإمام أحمد إذا بلغه عن شخص صلاح، أو زهد، أو قيام بحق أو اتباع للأمر: سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله)).

    تلك المتابعات من أهم عوامل تغيير التصورات:
    وانظر من تطبيق الإمام أحمد لحرصه هذا مثالاً يذكرونه في معرض التعريف بشيخ البخاري والترمذي والنسائي وغيرهم موسى بن حزام.

    قالوا:(( إنه كان ثقة صالحاً، لكنه كان في أول أمره ينتحل الإرجاء، ثم أعانه الله ـ تعالى ـ بأحمد بن حنبل، فانتحل السنة، وذب عنها، وقمع من خالفها، مع لزوم الدين، حتى مات )).

    روض نفسك على التعب والمعاناة:
    قال ابن القيم:(( يا مخنث العزم أين أنت والطريق، طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورمي في النار الخليل، واضطجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داوود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد - صلى الله عليه وسلّم- تحزها أنت باللهو واللعب )).
    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة


    هكذا علمنا السلف
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم14



    المسلم مأجور في كل أحواله فلماذا الكسل ولم ضيق الصدر:


    قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: (( إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة وانقطاع شسعة، والبضاعة تكون في كمه فيفتقد بها فيفزع لها فيجدها في ضبته)).

    لا تنتظر السلامة من الخلق فإصلاحهم معانات وتعب:
    (( هل كان شغل الأنبياء إلا معاناة الخلق، وحثهم على الخير ونهيهم عن الشر؟ )).

    لا فراغ لأهل الهمم الكبيرة:
    وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام

    قال شعبة بن الحجاج البصري: (( لا تقعدوا فراغاً فإن الموت يطلبكم )).

    سأل رجل ابن الجوزي: (( أيجوز أن أفسح لنفسي في مباح الملاهي؟ فقال: عند نفسك من الغفلة ما يكفيها )).

    قال ابن القيم - رحمه الله -: (( لا بد من سنة الغفلة، ورقاد الغفلة، ولكن كن خفيف النوم )).

    وانته من رقدة الغفلة فالعمر قليل واطرح سوف وحتى فهما داء دخيل.
    قال الإمام الشافعي: (( طلب الراحة في الدنيا لا يصلح لأهل المروءات، فإن أحدهم لم يزل تعبان في كل زمان)).

    سئل أحد الزهاد عن سبيل المسلم ليكون من صفوة الله، قال: (( إذا خلع الراحة، وأعطى المجهود في الطاعة )).

    قيل للإمام أحمد: (( متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة ))
    والى لقاء قادم ان شاء الله



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    هكذا علمنا السلف
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم15



    أوقف نفسك على مصالح المسلمين:
    قالت فاطمة بنت عبد الملك تصف زوجها عمر بن عبد العزيز: (( كان قد فرغ للمسلمين نفسه، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساءً لم يفرغ فيه من حوائج يومه: وصل يومه بليلته))
    قال بعض أصحاب عمر القدامى لعمر: (( لو تفرغت لنا، فقال: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله)).
    قال الفقيه النحوي ابن عقيل في وصف تلامذة أحمد بن حنبل وأتباعه من بعده: (( هم قوم خشن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد، وقل عندهم الهزل، وغربت نفوسهم عن ذل المراءاة، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات، وتمسكوا الظاهر تحرجاً عن التأويل، وغلبت عليه الأعمال الصالحة، فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع، وأخذوا ما ظهر من العلوم، وما وراء ذلك قالوا: الله أعلم بما فيها، من خشية باريها )).

    رباهم على الصبر والتحمل والمثابرة:
    من تلامذة الإمام أحمد إسحاق بن منصور المعروف بالكوسج، وكان قد دون مسائل عن الإمام أحمد: (( بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل، فحملها في جراب على كتفه، وسافر راجلاً إلى أحمد، ثم عرض خطوط أحمد على كل مسألة استفتاه عنها فأقر له بها وأعجب به))
    والى لقاء قادم ان شاء الله



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    هكذا علمنا السلف
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم16



    استغرق أوقاته في الخير:
    د
    قالوا عن محمد بن أحمد الدباهي: (( لازم العبادة، والعمل الدائم والجد، واستغرق أوقاته في الخير... صلب في الدين، وينصح الإخوان، وإذا رآه إنسان: عرف الجد في وجهه)).
    ولما تعجب غافل من باذل وقال له:(( إلى كم تتعب نفسك؟ كان جواب الباذل سريعاً حاسماً: راحتها أريد)).

    تشغيل جميع طاقاته واستنفاد جميع قدراته في الاستفادة من جميع أوقاته:
    قال ابن عقيل: (( إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي، وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة )).

    الاختصار من أوقات الأكل والشرب:
    وقال: (( أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز، لأجل ما بينهم من تفاوت المضغ، توفراً على مطالعة، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه))
    والى لقاء قادم ان شاء الله

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    هكذا علمنا السلف
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم17



    المبادرة لا التسويف:
    قال يحيى بن معاذ: (( لا يزال العبد مقروناً بالتواني، ما دام مقيماً على وعد الأماني )).

    لا تنال الدعوة بالكسل والهمم الدنيئة:
    قال أحد السلف لرويم الزاهد: أوصني، فقال: (( هو بذل الروح، و إلا فلا تشتغل بالترهات)).

    وقال ابن الجوزي: (( أول قدم في الطريق بذل الروح... هذه الجادة فأين السالك؟)).

    وقال لسان الدين ابن الخطيب: (( طريق القوم مبنية على الموت)).

    إن نفسا ترتضي الإسلام دينـــا ثم ترضى بعـده أن تسـتكينــــا
    أو ترى الإسلام في أرض مهينا ثم تهوى العيش نفس لن تكونا

    نصر الدين ليس بالمجان:
    يتصور أحدهم أنه بإمكانه أن ينصر دينه بدون أن يصاب حتى بشوكة، لا بل ولا بكلمة نابئة، يمكن أن يتحمل الصعاب في سبيل المادة والمنصب والجاه، أما دينه وعقيدته فيستكثر عليه كل بذل وعطاء، وقد يرى أن أي حدث يصير له أن هذا من أخطاء المنهج، و إلا فكيف من يعمل الصالحات ويأمر بالخيرات يؤذى، وغفل المحب أن أشد الناس بلاء الأنبياء، وأن المرء يبتلى على قدر صلاحه وصلابة دينه.( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2)

    قال ابن القيم في كتابه الفوائد (ص:52): (( لما قضى في القدم بسابقة سلمان عرض به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجس، فأقبل يناظر أباه في دين الشرك، فلما علاه بالحجة لم يكن له جواب إلا القيد.
    وهذا جواب يتداوله أهل الباطل من يـوم حرفوه، وبه أجـاب فرعون موسـى: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي ، وبه أجاب الجهمية الإمام أحمد لما عرضوه على السياط، وبه أجاب أهل البدع شيخ الإسلام حين استودعوه السجن ( وها نحن على الأثر ) فنزل به ضيف وَلَنَبْلُوَنَّ كُمْ فنال بإكرامه مرتبة (( سلمان منا أهـل البيت ))

    أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم والناس تزعم نصر الدين مجانا
    عاشوا على الحب أفواها وأفئدة باتوا على البؤس والنعماء إخوانا
    الله يعرفهم أنصار دعـــــــــــــ ـوته والناس تعرفهم للخير أعــــــوانا
    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة

    هكذا علمنا السلف
    يحيى بن إبراهيم اليحيى
    الجزء رقم18


    النفوس تتكدر أما المشرب فزلال:


    أبعد الصفاء ومحض الإخاء يقيم الجفاء بنا يخطب
    وقد كان مشربنا صافيــــا زماناً فهل كدر المشرب

    أنت وقف في سبيل الله:
    قد وقعت أخي الحبيب عقداً مع الله والثمن والمثمن جلي أمامك فهل يليق بك أن تتراجع وتطالب في فسخ العقد! لا أتصور ذلك ، ولكن الغفلة وغلبة الأعمال وكثرة الخلطة وقلة الناصح وندرة الموجه والمحاسب تجعلك تنسى بأنك قد بعت نفسك وأصبحت وقفاً على محبوبات الله أنى استقلت ركائبها واتجه بك ربانها.

    قال تعالى: إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ.

    (( والنبي - صلى الله عليه وسلم- كانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه ولسانه ويده، ولهذا كان أرفع العالمين ذكراَ، وأعظمهم عند الله قدراً)).

    أنت أجير عند الله:
    فان لم يستطع الدعاة اليوم النصر فحسبهم أنهم (( أجراء عند الله ؛ أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا : عملوا وقبضوا الأجر المعلوم ! وليس لهم ولا عليهم أن تتجه الدعوة إلى أي مصير ، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير )).

    خذ ما تعرف ودع متنكر:
    خذ ما كنت تعرف ودع ما كنت تنكر تعبدا لله تعالى: ( ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وكن يقظاً حذراً من أن تسقط في فتنة أو تساهم في نشرها، فإن من تعرض للفتن نسفته فهن النسافات، واعلم أن بداية الفتن تأويل، والفتن تتزين لأصحابها إذا أقبلت ولا يعرف شرها إلا إذا أدبرت، ولهذا لا يعقلها إلا الربانيون الذين ينظرون بنور الله ويلتمون شرعه ويخافون على أنفسهم.
    قال الفضيل بن عياض لقوم طرقوا بابه وطلبوا الموعظة، فاطلع عليهم من كوة وهو يبكي، والدموع تتقاطر من وجهه ولحيته، وهو يضطرب، فقال لهم: (( ما بالكم ؟ فقالوا له: عظنا يا أبا علي، فقال: عليكم بالقرآن، عليكم بالسنة، عليكم بالصلاة، ويحكم !!!
    هذا الزمان ليس بزمان حديث، وإنما هو زمان: احفظ لسانك، وأخف مكانك وعالج بالليل، وخذ ما تعرف، ودع متنكر )).
    والى لقاء قادم ان شاء الله
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •