إن كتب الصحاح والسنن والمسانيد هي المشتملة على أحاديث الصفات، بل قد بوب فيها أبواب، مثل كتاب التوحيد والرد على الزنادقة والجهمية، الذي هو آخر كتاب صحيح البخاري ، ومثل كتاب الرد على الجهمية في سنن أبي داود ، وكتاب النعوت في سنن
النسائي ، فإن هذه مفردة لجميع أحاديث الصفات،

وكذلك قد تضمن كتاب السنة من سنن ابن ماجه ما تضمنه، وكذلك تضمن
صحيح مسلم ، وجامع الترمذي ، وموطأ مالك ، ومسند الشافعي ، ومسند أحمد بن حنبل ، ومسند موسى أبي قرة الزبيدي ، ومسند أبي داود الطيالسي ، ومسند ابن وهب ، ومسند أحمد بن منيع ، ومسند مسدد ، ومسند إسحاق بن راهوية ، ومسند محمَّد بن أبي عمر العدني ، ومسند أبي بكر بن أبي شيبة ، ومسند بقي بن مخلد ، ومسند الحميدي ، ومسند الدارمي ، ومسند عبد بن حميد ، ومسند أبي يعلى الموصلي ، ومسند الحسن بن سفيان ، ومسند أبي بكر البزار ، ومعجم البغوي ، والطبراني ، وصحيح أبي حاتم بن حبان ، وصحيح الحاكم ، وصحيح الإسماعيلي ، والبرقاني ، وأبي نعيم ، والجوزقي ، وغير ذلك من المصنفات الأمهات التي لا يحصيها إلا الله، دع ما قبل ذلك من مصنفات حماد بن سلمة ،وعبد الله بن المبارك ، وجامع الثوري ، وجامع ابن عيينة ، ومصنفات وكيع ، وهشيم ، وعبد الرزاق ، وما لا يحصيه إلا الله،

فهل امتنع الأئمة من قراءة هذه الأحاديث على عامة المؤمنين، أو منعوا من ذلك؟
أم ما زالت هذه الكتب يحضر قراءتها ألوف مؤلفة من عوام المؤمنين قديمًا وحديثًا؟

وأيضًا فهذه الأحاديث، لما حدث بها الصحابة والتابعون ومن اتبعهم من المخالفين، هل كانوا يخفونها عن عموم المؤمنين ويتكاتمونها ويوصون بكتمانها؟
أم كانوا يحدثون بها كما كانوا يحدثون بسائر سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

وإن نقل عن بعضهم أنه امتنع من
رواية بعضها في بعض الأوقات ، فإذا كما قد كان هذا يمتنع عن رواية بعض أحاديث الفقه والأحكام، وبعض أحاديث القدر والأسماء والأحكام والوعيد، وغير ذلك في بعض الأوقات، ليس ذلك مخصوصًا عنده بهذا الباب، وهذا كان يفعله بعضهم ويخالفه فيه غيره، وذلك لأنه قد يرى أن روايتها تضر ببعض الناس في بعض الأوقات، ويرى الآخر أن ذلك لا يضر بل ينفع، فكان هذا مما قد يتنازعون فيه في بعض الأوقات.

فأما المنع من تبليغ عموم أحاديث الصفات لعموم الأمة، فهذا ليس مما ذهب إليه من يؤمن باللهِ واليوم الآخر، وإنما هذا ونحوه رأي الخارجين المارقين من شريعة الإِسلام كالرافضة والجهمية والحرورية ، ونحوهم، وهو عادة أهل الأهواء،

ثم الأحاديث التي يتنازع العلماء في روايتها أو العمل بها، ليس لأحد المتنازعين أن يكره الآخر على قوله بغير حجة من الكتاب والسنة باتفاق المسلمين، لأن الله تعالى يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}

التسعينية 1