(باب لا يقال السلام على الله) ومناسبة هذا الباب للباب الذي قبله أنّ ترك قول السلام على الله هو من تعظيم الأسماء الحسنى ومن العلم بها؛ ذلك أن السَّلام هو الله جل جلاله والسلام من أسمائه سبحانه وتعالى، فهو المتصف بالسلامة الكاملة من كل نقص وعيب، وهو المنزه والمبعَد عن كل آفة أو نقص أو عيب، فله الكمال المطلق في ذاته وصفاته الذاتية وصفاته الفعلية جل وعلا.
والسلام في أسماء الله - معناه أيضا - الذي يعطى السلامة ويجعل السلامة، وأثر هذا الاسم في ملكوت الله أنّ كل سلامة في ملكوت الله من كل شر يؤذي الخلق فإنها من آثار هذا الاسم السلام، فإنه لكون الله جل وعلا هو السلام فإنه يفيض السلامة على العباد.
إذا كان كذلك فالله جل جلاله هو الذي يفيض السلامة، وليس العباد هم الذين يعطون الله السلامة، فإن الله جل وعلا هو الغني عن خلقه، هو الغني بالذات والعباد فقراء بالذات ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، فالعبد هو الذي يعطَى السلامة والله جل وعلا هو الذي يسلم.
لهذا كان من الدب الواجب في جناب الربوبية وأسماء الله وصفاته ألا يقال: السلام على الله؛ بل أن يقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام على فلان وعلى فلان، السلام عليك يا فلان ونحو ذلك، فتدعو له بأن يبارك باسم الله السلام أو أن تحل عليه السلامة.
فإذن وجه مناسبة هذا الباب للذي قبله ظاهرة، ومناسبته لكتاب التوحيد أن الأدب مع أسماء الله جل وعلا وصفاته ألا يخاطب بهذا الخطاب، وألا يقال السلام على الله؛ لأن في هذا نقصا في تحقيق التوحيد، فتحقيق التوحيد الواجب أن لا تُقال هذه الكلمة لأن الله غني عن عباده، والفقراء هم الذين يحتاجون السلامة.