تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 58 من 58

الموضوع: الفوائد المهمة فى العلاقة بين ابواب كتاب التوحيد والحكمة فى هذا الترتيب الفائق

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب لا يقال السلام على الله) ومناسبة هذا الباب للباب الذي قبله أنّ ترك قول السلام على الله هو من تعظيم الأسماء الحسنى ومن العلم بها؛ ذلك أن السَّلام هو الله جل جلاله والسلام من أسمائه سبحانه وتعالى، فهو المتصف بالسلامة الكاملة من كل نقص وعيب، وهو المنزه والمبعَد عن كل آفة أو نقص أو عيب، فله الكمال المطلق في ذاته وصفاته الذاتية وصفاته الفعلية جل وعلا.
    والسلام في أسماء الله - معناه أيضا - الذي يعطى السلامة ويجعل السلامة، وأثر هذا الاسم في ملكوت الله أنّ كل سلامة في ملكوت الله من كل شر يؤذي الخلق فإنها من آثار هذا الاسم السلام، فإنه لكون الله جل وعلا هو السلام فإنه يفيض السلامة على العباد.
    إذا كان كذلك فالله جل جلاله هو الذي يفيض السلامة، وليس العباد هم الذين يعطون الله السلامة، فإن الله جل وعلا هو الغني عن خلقه، هو الغني بالذات والعباد فقراء بالذات ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، فالعبد هو الذي يعطَى السلامة والله جل وعلا هو الذي يسلم.
    لهذا كان من الدب الواجب في جناب الربوبية وأسماء الله وصفاته ألا يقال: السلام على الله؛ بل أن يقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام على فلان وعلى فلان، السلام عليك يا فلان ونحو ذلك، فتدعو له بأن يبارك باسم الله السلام أو أن تحل عليه السلامة.
    فإذن وجه مناسبة هذا الباب للذي قبله ظاهرة، ومناسبته لكتاب التوحيد أن الأدب مع أسماء الله جل وعلا وصفاته ألا يخاطب بهذا الخطاب، وألا يقال السلام على الله؛ لأن في هذا نقصا في تحقيق التوحيد، فتحقيق التوحيد الواجب أن لا تُقال هذه الكلمة لأن الله غني عن عباده، والفقراء هم الذين يحتاجون السلامة.

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب قول: اللهم اغفر لي إن شئتَ) حقيقة التوحيد أن يوحِّد العبد ربَّه جل وعلا بتمام الذل والخضوع والمحبة وأن يتضرع إلى الله جل وعلا ويتذلل إليه في إظهار فقره التام إليه وأنّ الله جل وعلا هو الغني عما سواه.
    وقول القائل (اللهم اغفر لي إن شئت)، يفهم منه أنه مستغن عن أن يغفر له كما يأتي العزيز أو المتكبر من الناس فيقول للآخر لا يريد أن يتذلل له فيقول افعل هذا إن شئت يعني إن فعلت ذلك فحسن وإن لم تفعل فلست بملحٍّ عليك ولست بذي إكرام فهو مناف, هذا القول مناف لحاجة الذي قالها إلى آخر، ولهذا كان فيها عدم تحقيق للتوحيد، ومنافاة لما يجب على العبد في جناب ربوبية الله جل وعلا أن يظهر فاقته وحاجته لربه، وأنه لا غنى به عن مغفرة الله وعن غنى الله وعن عفوه وكرمه وإفضاله ونِعمه طرفة عين

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب لا يقول: عبدي وأمتي) هذا الباب مع الأبواب قبله وما بعده كلها في تعظيم ربوبية الله جل وعلا وتعظيم أسماء الله جل وعلا وصفاته؛ لأن تعظيم ذلك من كمال التوحيد، وتحقيق التوحيد لا يكون إلا بأن يعظم الله جل وعلا في ربوبيته وفي إلهيته وفي أسمائه وصفاته، فتحقيق التوحيد لا يكون إلا بالاحتراس من الألفاظ التي يكون فيها إساءة أدب مع ربوبيته الله جل وعلا على خلقه أو مع أسماء الله جل وعلا وصفاته

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب لا يردّ من سأل بالله) هذا الباب مع الباب الذي قبله ومع ما سبق -كما ذكرنا- كلها في تعظيم الله جل وعلا وربوبيته وأسمائه وصفاته؛ لأن تعظيم ذلك من إكمال التوحيد ومن تحقيق التوحيد.---فإذا سأل أحد بالله فإن قلب الموحد لا يكون رادا له؛ لأنه معظم لله مجل لله جل وعلا، فلا يرد أحدا جعل وسيلته إليه رب العزة سبحانه وتعالى

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة) ومناسبته لكتاب التوحيد ظاهرة من أن تعظيم صفات الله جل وعلا -سواء في ذلك صفات الذات أو صفات الفعل- هذا من تحقيق التوحيد ومن كمال الأدب والتعظيم لله جل وعلا، فإن تعظيم الله جل جلاله، وتعظيم أسمائه وتعظيم صفاته يكون بأنحاء وأشياء متنوعة ومن ذلك أنك لا تسأل بالله أو بوجه الله أو بصفات الله جل جلاله إلا المطالب العظيمة التي أعلاها الجنة، ----ومن غير الجائز أن يُسأل الله جل وعلا بنفسه أو بوجهه أو بصفة من صفاته أو باسم من أسمائه الحسنى إلا أعظم مطلوب، فإن الله جل جلاله لا يُسأل بصفاته الأشياء الحقيرة الوضيعة؛ بل يسأل أعظم المطلوب وذلك لكي يتناسب سؤال مع وسيلة السؤال، وهذا معنى هذا الباب في أن تعظيم صفات الله جل وعلا في أن لا تدعو الله بها إلا في الأمور الجليلة، فلا تسأل الله جل وعلا بوجهه أو باسمه الأعظم أو نحو ذلك في أمور حقيرة وضيعة لا تناسب تعظيم ذلك الاسم.

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب ما جاء في الـ(لو))، قلب الموحد؛ قلب المؤمن لا يكون محققا مكمِّلا للتوحيد حتى يعلم أنّ كل شيء بقضاء الله جل وعلا وبقدره، وأنّ ما فعله سبب من الأسباب، والله جل وعلا مضى قدره في خلقه، وأنه مهما فعل فإنه لن يحجز قدر الله جل وعلا، فإذا كان كذلك كان القلب معظِّما لله جل وعلا في تصرفه في ملكوته، وكان القلب لا يخالطه تمني أن يكون شيء فات على غير ما كان، وأنه لو فعل أشياء لتغير ذلك السابق؛ بل الواجب أن يعلم أن قضاء الله نافذ وأن قدره ماضٍ وأن ما سبق من الفعل قد قدره الله جل وعلا وقدر نتائجه، فالعبد لا يمكنه أن يرجع إلى الماضي فيغير، وإذا استعمل لفظ (لو) أو لفظ (ليت) وما أشبهها من الألفاظ التي تدل علة الندم وعلى التحسر على ما فات فإن ذلك يُضعف القلب ويجعل القلب متعلقا بالأسباب منصرفا من الإيقان بتصريف الله جل وعلا في ملكوته، وكمال التوحيد إنما يكون بعدم الالتفات إلى الماضي، فإن الماضي الذي حصل:
    إما أن يكون مصيبة أصيب بها العبد فلا يجوز له أن يقول: لو كان فعلت كذا لما حصل كذا؛ بل الواجب عليه أن يصبر على المصيبة وأن يرضى بفعل الله جل وعلا ويستحب له الرضى بالمصيبة.
    وإذا كان ما أصابه في الماضي معصية فإن عليه أن يسارع في التوبة والإنابة، وأن لا يقول لو كان كذا لم يكن كذا؛ بل يجب عليه أن يسارع في التوبة والإنابة حتى يمحو أثر المعصية.

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (بابٌ النهي عن سب الريح) الريح مخلوق من مخلوقات الله مسخر، وهي واحدة الرياح، يجريها الله جل وعلا كما يشاء، وهي لا تملك شيئا، كالدهر لا يملك شيئا ولا يدبر أمرا، فسب الريح كسب الدهر، يرجع في الحقيقة إلى أذية الله جل وعلا؛ لأن الله هو الذي يصرِّف الريح كيف يشاء، يأتي بالريح بأمر مكروه فيذكِّر العباد بالتوبة والإنابة، ويذكر العباد بأمر قدرته عليهم وأنه لا غنى لهم عنه جل وعلا طرفة عين، ويأتي بالريح فيجعلها رياحا، فيسخرها جل وعلا لما فيه من مصلحة العباد، فالريح إذا لا تملك شيئا، فهذا الباب عقدة لبيان تحريم سب الريح كما عقد ما قبله لبيان أنّ سب الدهر لا يجوز ومحرم لأنه أذية لله جل وعلا.
    وهذا الباب من جنس ذاك؛ لكن هذا يكثر وقوعه، فأفرده بكثرة وقوعه وللحاجة إلى التنبيه عليه.

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب قول الله تعالى: -يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلّهُ للهِ -
    ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد أنّ الله جل وعلا موصوف بصفات الكمال وله جل وعلا أفعالُ الحكمة وأفعال العدل وأفعال الرحمة والبر جل وعلا، فهو سبحانه كامل في أسمائه، كامل في صفاته، كامل في ربوبيته، ومن كماله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته أنه لا يفعل الشيء إلا لحكمة بالغة، والحكمة في ذلك هي أنه جل وعلا يضع الأمور مواضعها التي توافق الغايات المحمودة منها، وهذا دليل الكمال، فالله جل وعلا له صفات الكمال وله نعوت الجلال والجمال، فلهذا وجب لكماله جل وعلا أن يُظنّ به ظن الحق، وأن لا يظن به ظن السَّوء؛ يعني أن يعتقد فيه ما يجب لجلاله جل وعلا من تمام الحكمة وكمال العدل وكمال الرحمة جل وعلا وكمال أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، فالذي يظن به جل وعلا وعلى أنه يفعل الأشياء لا عن حكمة، فإنه قد ظن به ظن النَّقص وهو ظن السوء الذي ظنه أهل الجاهلية.
    فإذن يكون الظن بالله غير الحق منافٍ للتوحيد، وقد يكون منافيا لكمال التوحيد:

    فمنه ما يكون صاحبُه خارج عن ملة الإسلام أصلا، كالذي يظنّ بالله غير الحق في بعض مسائل القدر كما سيأتي.
    ومنه ما هو منافٍ لكمال التوحيد بأن يكون غير مؤمنٍ بالحكمة أو بأفعال الله جل وعلا المنوطة بالعلل التي هي منوطة بحكمته سبحانه البالغة

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    يجب على المؤمن أن يخلص قلبه من كل ظن بالله غير الحق -وأن يتعلم أسماء الله جل وعلا وأن يتعلم الصفات وأن يتعلم آثار ذلك في ملكوت الله؛ حتى لا يقوم بقلبه إلا وأن الله جل جلاله هو الحق وأن فعله حق، حتى ولو كان في أعظم شأن وأصيب بأعظم مصيبة أو أُهين بأعظم إهانة فإنه يعلم أنه ما أصابه لتمام ملك الله جل وعلا وأنه يتصرف في خلقه كيف يشاء، وأن العباد مهما بلغوا فإنهم يظلمون أنفسهم، والله جل وعلا يستحق الإجلال والتعظيم.
    فخلِّصْ قلبكَ أيها المسلم وخاصة طالبَ العلم، خَلِّصْ قلبك من كل ظن سَوء بالله جل وعلا بأن قلتَ: هذا لا يصلح، وهذا الفعل عليه كذا وكذا، ولا يصلح أن يعطى المال، أو أن تحسد فلانا وفلانا.

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (بابُ ما جاء في منكري القدر) ومناسبة هذا الباب للذي قبله ما ذكرنا أن إنكار القدر سوء ظن بالله جل وعلا، ويكون هذا الباب كالتفصيل لما اشتمل عليه الباب الذي قبله.
    ومناسبته للذي لكتاب التوحيد ظاهرة - وهي أن الإيمان بالقدر واجب ولا يتم توحيد العبد حتى يؤمن بالقدر، وإنكار القدر كفر بالله جل وعلا ينافي أصل التوحيد، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: القدر نظام التوحيد فمن كذَّب بالقدر نقض تكذيبُه توحيدَه. يعني الإيمان بالقدر هو النظام يعني السلك الذي تجتمع فيه مسائل التوحيد من يقوم عقدُها في القلب، فإذا كذب بالقدر معنى ذلك انقطع السلك فنقض ذلك التكذيب أمور التوحيد، وهذا ظاهر؛ فإن أصل الإيمان أن يؤمن بالأركان الستة التي منها الإيمان بالقدر كما ذكر ذلك الشيخ في حديث ابن عمر

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب ما جاء في المصورين)
    مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن التوحيد هوأن لا يُجعل لله ند فيما يستحقه جل وعلا، والتصوير تنديد من جهة أن المصور جعل فعله ندا لفعل الله جل وعلا، ولهذا يدخل الرضى بصنيع المصوِّر في قول الله جل وعلا ?فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ إذْ ذلك حقيقته أنه جعل هذا المصوِّر شريكا لله جل وعلا في هذه الصفة، مع أن تصويره ناقص وتصوير الله جل وعلا على جهة الكمال؛ لكن من جهة الإعتقاد مما جعل هذا المخلوق مصوٍّرا والله جل وعلا هو الذي ينفرد بالتصوير سبحانه وتعالى -يعني بتصوير المخلوقات كما يشاء- كان من كمال التوحيد أن لا يُرضى بالتصوير وأن لا يفعل أحد هذا الشيء؛ لأن ذلك لله جل وعلا، فالتصوير من حيث الفعل مناف لكمال التوحيد، وهذا هو مناسبة إيراد هذا الباب في هذا الكتاب.
    والمناسبة الثانية له أن التصوير وسيلة من وسائل الشرك بالله جل وعلا، والشرك ووسائله يجب وصدها وغلق الباب؛ لأنها تُحْدث في الناس الإشراك أو وسائل الإشراك

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب ما جاء في كثرة الحلف) .
    .
    مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة وهي أن تحقيق التوحيد وكمال التوحيد لا يجامع كثرة الحلف، فكثرة الحلف منافية لكمال التوحيد، والحلف هو كما ذكرنا تأكيد الأمر بمعظَّم وهو الله جل جلاله، فمن أكد وعقد اليمين بالله جل وعلا وأكثر من ذلك وأكثر فإنه لا يكون معظِّما لله جل جلاله له، إذْ الله سبحانه وتعالى يجب أن يصان اسمه ويصان الحلف به واليمين به إلا عند الحاجة إليها، أما كثرة ذلك؛ كثرة مجيئة على اللسان فهو ليس من صفة ليس من صفة أهل الصلاح.

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه - هذا باب عظيم من الأبواب الأخيرة في هذا الكتاب
    إن تعظيم الله جل وعلا في مناجاته وفي سؤاله وفي العبادة له جل وعلا وفي التعامل مع الناس هذا كله من كمال التوحيد، وهذا الباب من جهة التعامل مع الناس كما جاء في الباب الذي قبله، فالباب الذي قبله وهو (باب ما جاء في كثرة الحلف) متعلق بتعظيم الله جل وعلا حين التعامل مع الناس، و(باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه) متعلق بالتعامل مع الناس في الحالات العَسِرة الصعبة وهي حال الجهاد، فنَبَّه على أن تعظيم الرب جل وعلا يكون في التعامل في أعصب الحالات وهو الجهاد فإن العبد يكون موقرا لله مجلا لله معظما لأسمائه وصفاته، ومن ذاك أن تعظم ذمة الله وذمة نبيه، والذمة بمعنى العهد وذمة الله يعني عهد الله وعهد نبيه، فإنه إذا كان يعطي بعهد الله ثم يخفر فقد خفر عهد الله جل وعلا وفجر في ذلك، وهذا مناف لكمال التوحيد الواجب؛ لأن الواجب على العبد أن يُعَظِّم الله جل جلاله وأن لا يخفر عهده وذمته؛ لأنه إذا أعطى بذمة الله فإنه يجب عليه أن يوفي بهذه النعمة مهما كان حتى لا يُنسب النقص لعدم تعظيم ذمّة الله جل جلاله ومن أهل الإسلام.
    لهذا كان إعطاء مثل هذه الكلمة مثل كثرة الحلف، فلا يجوز أن تجعل في العهد ذمة الله وذمة نبيه ( كما لا يجوز كثرة الأيمان؛ لأن في كل منهما نَقصا في تعظيم الرب جل جلاله.
    وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب ما جاء في الإقسام على الله) الإقسام على الله يكون على جهتين:
    جهة فيها التألي والتكبر والتجبر ورفعة هذا المتألي نفسه حتى يجعل له على الله حق, وهذا مناف لكمال التوحيد، وقد ينافي أصله، وصاحبه متوعد بالعقاب الذي جاء في مثل هذا الحديث، فهذا يتألى فيجعل الله جل وعلا يحكم بما اختاره هو من الحكم، فيقول: والله لا يحصل لفلان كذا. تكبرا واحتقارا للآخرين فيريد أن يجعل حكم الله جل وعلا كحكمه تأليا واستبعادا أن يفعل جل وعلا ما ظنه هو، فهذا التألي و الإستبعاد نوع تحكم في الله جل وعلا وفي فعله، وهذا لايصدر من قلب معظم لله جل وعلا.
    والحال الثانية أن يقسم على الله جل جلاله لا على جهة التألي؛ ولكن على جهة أنه ما ظنه صحيح، في أمر وقع له أو في أمر يواجهه، فهذا يقسم على الله أن يكون كذا في المستقبل على جهة التذلل والخضوع لله لا على جهة التألي، - الواجب على العباد جميعا أن يعظِّموا الله وأن يخبتوا إليه و أن يظنوا أنهم أسوء الخلق، حتى يقوم في قلوبهم أنهم أعظم حاجة لله جل وعلا وأنهم لم يوفوا الله حقه.

    أما التعاظم بالنفس والتعاظم بالكلام والمدح والثناء ونحو ذلك فليس من صنيع المجلين لله جل وعلا الخائفين من تقلب القلوب، فالله جل وعلا يقلب القلوب ويصرِّفها كيف يشاء، فالقلب المخبت المنيب يحذر ويخاف دائما أن يتقلب قلبُه، فينتبه للفظه، وينتبه لحظه، وينتبه لسمعه، وينتبه لحركاته لعل الله جل وعلا ان يميته غير مفتون ولا مخزي

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب لا يُستشفع بالله على خلقه - هذا الباب فيه كما في الأبواب قبله ما يتحرز به الموحد من الألفاظ التي فيها سُوء ظن بالله جل وعلا وتنقص لمقام الربوبية لله جل جلاله

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (باب ما جاء في حماية النبي ( حمى التوحيد وسده طرق الشرك)؛ النبي عليه الصلاة والسلام حَمى وحرس جناب التوحيد، وحَمى حمى التوحيد، وسد طريق توصل إلى الشرك، فإن في سنة النبي عليه الصلاة والسلام من الدلائل على قاعدة سد الذرائع ما يبلغ مائة دليل أو أكثر، وأعظم الذرائع التي يجب أن تسد ذرائع الشرك التي توصل إليه، فحماية النبي ( حمى التوحيد وسده طرقَ الشرك:
    * كان في جهة الاعتقادات.
    * وكان في جهة الأعمال والأفعال.
    * وكان في جهة الأقوال.
    فإذا تأملت سنته وما جاء في هذا الكتاب -كتاب التوحيد- وجدت أنه عليه الصلاة والسلام:
    سد الباب في الإعتقادات الباطلة.
    وسد الباب في الأفعال الباطلة كقوله «اشْتَدّ غَضَبُ اللّهِ عَلَىَ قَوْمٍ اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».
    وسد الباب أيضا في الأقوال التي توصل إلى الغلو المذموم فقال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله».
    وهذا الباب أيضا من ذلك في بيان حمى الرسول ( حمى التوحيد فيما يتعلق بالقول الذي قد يتبعه اعتقاد.----هذا الباب كالجامع لما يجب من سد الذرائع الموصلة للشرك، وهذا واجب على المسلم أنَّ كل طريق أو سبيل يجعل نفسه تتعاظم -من نفسه لنفسه أو من الخلق له- يجب عليه أن يسده؛ لأنه أعظم مقامات الشرف لك أن يعلم الله جل وعلا منك أنك متذلل خاضع بين يديه، وأنك خائف وجِلْ تدعوه راغبا راهبا، هذه صفة الخُلَّص من عباد الله جل وعلا الذين وعدهم الله جل وعلا بالخيرات قال سبحانه - إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    باب ما جاء في قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ -هذا الباب ختم به أمام هذه الدعوة شيخ الإسلام والمسلمين محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى كتاب التوحيد، وخَتْمُه هذا الكتاب بهذا الباب - خَتْمٌ عظيم؛ لأن من علم حقيقة ما اشتمل عليه هذا الباب من وصف الله جل وعلا وعظمة الله جل وعلا فإنه لا يملك إلا أن يَذُلَّ ذلا حقيقيا ويخضع خضوعا عظيما للرب جل جلاله، والصحيح والواقع من حال الخلق أنهم لم يوقِّروا وما قدروا الله جل وعلا: * لا من جهة ذاته وقدرته وصفاته. * ولا من جهة حكمته وبعثه لرسله.--------(مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) يعني ما عظموه حق تعظيمه الذي يجب لقدره جل وعلا وعظم ذاته سبحانه وتعالى وصفاته------ (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فإن عقل الإنسان لا يمكن أن يتحمل صفة الله جل وعلا على ما هو عليه، والله جل وعلا بيّن لك بعض صفاته فقال سبحانه (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتٌ بِيَمِينِهِ) فإذا نظرت إلى هذه الأرض -على عِظمها وعلى غرور أهلها فيها-، ونظرت إلى حجمها وإلى سعتها وإلى ما فيها فهي قبضة الرحمان جل وعلا؛ يعني في داخل قبضة الرحمان جل وعلا يوم القيامة كما وصف ذلك بقوله (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فنفهم من ذلك أن كف الرحمان جل وعلا وأن يد الرحمان جل وعلا أعظم من هذا، وكذلك السماوات مطويات كطي السجل في كف الرحمان جل وعلا، كما قال سبحانه هنا (والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتٌ بِيَمِينِهِ) وقال في آية سورة الأنبياء ?يَوْمَ نَطْوِى السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ الخَلْقِ نُعِيدُهُ - فهذه صفات الله جل جلاله هذه صفاته فإن الأرض التي يتعاظمها أهلها والسماوات التي يتعاضمها من نظر فيها هي صغيرة وآيلة في الصغر إلى أن تكون في كف الرحمان جل وعلا، والله سبحانه وتعالى أعظم من ذلك وأجلّ؛ بل هو سبحانه وتعالى الواسع الحميد الذي له الحمد كله وله الثناء كله. ويبين لك ذلك؛ يبين لك - عظمة الرب في ذاته وعظمة الرب جل وعلا في صفاته إذا تأملت هذه الأحاديث، فإنك إذا نظرت في هذه الأرض، ونظرت سعة هذه الأرض، وغرور أهل الأرض بها غرور أهل الأرض في الأرض بهذه الأرض وبسعتها وبقواهم فيها، نظرت إلى أن الأرض بالنسبة إلى السماء أنها صغيرة، وأن بين الأرض وبين السماء الأولى مسيرة خمسمائة سنة في مسير الراكب السريع، وكذلك بين السماء الأولى والسماء الثانية مسيرة خمسمائة ألف سنة، وهكذا حتى تنتهي السبع السماوات، والأرض بالنسبة للسماوات صغيرة، ولهذا مثَّل السماوات السبع النبي عليه الصلاة والسلام في الكرسي الذي هو فوق ذلك وهو أكبر بكثير من السماوات, بقوله (إن السماوات السبع كدراهم سبعة ألقيت في ترس) يعني هذه السماوات صغيرة جدا بالنسبة إلى الكرسي؛ بل كدراهم سبعة ألقيت في ترس، والترس مكتنفها متقوس عليها، فهي صغيرة فيه وهو واسعها كما قال جل وعلا عن الكرسي ?وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا. فالأرض التي أنت فيها، وأنت فيها في نقطة صغيرة صغيرة هي بالنسبة إلى السماء هذا وصفها، والأرض والسماوات بالنسبة للكرسي هذا وصفه، والكرسي أيضا فوقه ماء، وفوق ذلك العرش عرش الرحمان جل وعلا، والكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، فهو متناهي الصغر بالنسبة إلى عرش الرحمان الذي الرحمان جل وعلا مستو عليه وهو فوقه سبحانه وتعالى. ولو تأملوا صفة الرب جل وعلا وما يجب له من الجلال وما هو عليه سبحانه وتعالى من صفات الذات ومن صفات الفعل وما هو في ذلك على الكمال الأعظم، فإنهم سيحتقرون أنفسهم، وسيعلمون أنه ما ثَم ينجيهم ويشرفهم إلا أن يكونوا عبيدا له وحده دون ما سواه. فهل يعبد المخلوقُ المخلوقَ؟ الواجب أن يعبد المخلوقُ هذا الذي هو متصف بهذه الصفات العظيمة، فهو الحقيق بأن يذل له، وهو الحقيق بأن يطاع، وهو الحقيق أن يجل، وهو الحقيق بأن يسأل، وهو الحقيق بأن يبذل كل ما يملكه العبد في سبيل مرضاته جل وعلا، إذ هذا من قدره حق قدره ومن تعظيمه حق تعظيمه. فإذا تأمل العبد صفات الربوية وصفات الجلال وصفات الجمال لله جل وعلا، وأن ذات الله جل وعلا عظيمة، وأنه سبحانه وتعالى مستو على عرشه بائن من خلقه على هذا العظم، وجد أنه ما ثَم إلا أنه يتوجه إليه بالعبادة وألا يعبد إلا هو، وأن من عبد المخلوق الحقير الوضيع فإنه قد نازع الله جل وعلا في ملكه ونازع الله جل وعلا في إلهيته، ولهذا يحق أن يكون من أهل النار المخلدين فيها عذابا دائما؛ لأنه توجه إلى هذا المخلوق الضعيف وترك الرب العلي القادر على كل شيء سبحانه وتعالى. - إذا تأملتَ ذاك تأملتَ ربك العزيز الحكيم المتصف بصفات الجلال وهو جل وعلا فوق عرشه يأمر وينهى في ملكوته الواسع -الذي الأرض كَشِبْه لا شيء في داخل ذلك الملكوت- يفيض رحمته ويفيض في نعيمه على من شاء، ويرسل عذابه على من شاء، وينعِّم من شاء، ويصرِف البلاء عن من شاء، وهوسبحانه ولي النعمة والفصل، فترى أفعال الله جل وعلا في السماوات وترى عبودية الملائكة في السماوات؛ تراها متجهة إلى هذا الرب العظيم المستوي على عرشه كما قال عليه الصلاة والسلام «أَطّتِ السّمَاءُ وَحُقّ لَهَا أَنْ تَئِطّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ إِلاّ وَمَلَكٌ قائم أو مَلَكٌ راكع أو مَلَكٌ سَاجِد» وهذا لأجل تعظيمهم لأمر الله، فتنظر إلى نفوذ أمر الله في ملكوته الواسع الذي لا نعلم منه ما هو لنا من هذه الأرض وما هو قريب منها؛ بل نعلم بعض ذلك، والله جل وعلا هو المتصف. ثم تنظر إلى أن الله جل وعلا هذا الجليل العظيم المتصف بهذا الملك العظيم أنه يتوجه إليك أيها العبد الحقير الوضيع فيأمرك بعبادته وهي شرف لك لو شعرت، ويأمرك بتقواه فهو شرف لك لو شعرت، ويأمرك بطاعته وذاك شرف لك لو شعرت، إذا علمت حق الله وعلمت صفات الله، وما هو عليه من العلو المطلق في ذاته وصفاته جل وعلا، وفي نفوذ أمره في هذه السموات السبع التي هي في الكرسي كدراهم ألقيت ترس، ثم ما فوق ذلك، الجنة والنار وما في ذلك، وجدت أنك لا تتمالك إلا أن تخضع له جل وعلا خضوعا اختياريا، وأن تذل له، وأن تتوجه إلى طاعته، وأن تتقرب إليه بما يجب، وأنك إذا تلوت كلامه تلوت كلام من يخاطبك به ويأمر وينهى به، فيكون حينئذ التوقير غير التوقير ويكون التعظيم غير التعظيم. ولهذا كان من أسباب رسوخ الإيمان في القلب وتعظيم الرب جل وعلا أن يتأمل العبد ويتفكر في ملكوت السموات والأرض كما أمر الله جل وعلا بذلك حين قال قُلْ اُنْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وقال أيضا جل وعلا في وصف الخُلَّص من عباده -إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(190) لَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُون َ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ - إلى آخر دعواتهم وهم يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم يتفكرون، ومع ذلك سيسألون النجاة من النار، فهم في ذل وخضوع لما عرفوا من أثار توحيد الربوبيةولما عرفوا من أثار توحيد الألوهية في القلب وفي النفس.[ كفابة المستزيد]

  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    الخاتـــمة

    أسأل الله جل وعلا في ختام هذا الكتاب أن يجزى عنا مؤلفه الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب خير الجزاء، أن يجزيه عن المسلمين خير الجزاء، وكل من ساهم في شرح هذا الكتاب بما أفهمنا من معانيه، فإنه والله لكتاب عظيم -إشتمل على ما به نجاة العباد لو شعروا، وقرّب الإمام رحمه الله فيه من نصوص الكتاب والسنة وأفهمنا دلائلها بما جازوا منه النجاة بعفو الله جل وعلا وكرمه.
    ، أوصي بالعناية بهذا الكتاب عناية عظيمة - من جهة حفظه ومن جهة دراسته ومن جهة تأمل مسائله ومن جهة معرفة ما فيه؛ فإنه الحق الذي كان عليه الأنبياء والمرسلون ومن تبعهم من صالح عباد الله.
    هذا واعتنوا رحمكم الله بذلك أعظم العناية، فإن فيه خيركم لو تعقلون، ووالله إن الانصراف عنه لنذير سوء ،وإن الإقبال عليه لنذير بشرى ومؤذن بالخير والبشرى.
    وهذا وأسأل الله أن ينفعني وإياكم بما سمعنا [
    وقرأنا،]، وأن يجعلنا من المحققين لتوحيده وأنه لا حول لنا ولا قوة لنا إلا به.
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.[ كفاية المستزيد]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •