الخيانة الزوجية والعفو



منيرة الرحيمي





أكثر ما يميز العلاقةالزوجيةأنها علاقةشديدة الخصوصية , إضافة إلى كونها علاقة دائمة. وتحقق في حالة نجاحها معانى السكن والمودة, أما إذا خرجت العلاقة عن إطارها الشرعي فتتحول إلى مشكلات تتراكم عبرالزمن ولا يمكن حلها بسهولة.



تعتبر الخيانة الزوجية ظاهرة اجتماعيه سلبيه موجودة في مختلف المجتمعات الإنسانية ولكنها تختلف من مجتمع لآخر وتنشأ لوجود خلل في العلاقةالطبيعية التي تربط بين الأزواج بسبب بعض السلبيات التي تؤدي إلى زعزعة نظام الأسرة وتفككه.

في هذا التقرير لا نناقش أسباب حدوث مثل هذه الظاهرة , كما أننا لا نحاول معرفة آثارها ونتائجها فهي واضحة في أضرارها النفسية والاجتماعية. إننا نطرق باب الخيانة بعد وقوعها رغبة في معرفة وجهات النظر الشرعية والاجتماعية والنفسية.

فماذا عن أسئلة ما بعد اكتشاف أمر الخيانة.؟ كيف تتصرف الزوجة التي طعنت في كبريائها وكرامتها .؟ وكيف يواجه الزوج هذا الأمر فيما لو تعرض لخيانة منها ؟ وهل التسامح والعفو من الممكن أن يعيد رونق الحياة كما كانت من قبل, خاصة إذا كان هناك أولاد؟. وماذا عن المصارحة بين الزوجين في تفهم نفسيات كل طرف بعد وقوع الكارثة , هل هو أمر ممكن.؟.

نحن أمام خيارين كلاهما قاس ومر, فإما طريق العفو والتسامح وما يتطلبه ذلك من قدرة على كتم الغيظ وتجاوز الأمر ومحاولة نسيانه , أم أن الانفصال هو الحل الوحيد.



فلو عدنا للجانب الشرعي في مسألة ما بعد الخيانة, نجد أن الشارع الحكيم رفع من قيمةالتسامحوحث ودليل ذلك قولهتعالى: }وَالْكَاظِمِينَالْغَيْظَوَالْعَافِينَعَنِالنَّاسِوَاللّهُيُحِبُّالْمُحْسِنِين{ وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كظمغيظه وهو قادر على إنفاذه زوجه الله من أي الحور العين شاء " .



ويرى المختصون في العلاقات الزوجية أن معظم مشكلات الزوجين قد يوجد لها حلا بطريقة أو بأخرى ‚ لكن في مشكلات «الخيانة الزوجية» وما تحمله من أبعاد وآثار اجتماعية ونفسية مدمرة يصعب الحل أو يستحيل أحيانا. فقضية الخيانة أمر يتعلق بالكرامة والوجود كما إن الإحساس بالغدر وبالتالي انعدام الثقة يولد جروحا عميقة يصعب مداواتها أو تناسيها من كلا الطرفين.



كما تشير الدراسات النفسية أن الزوجة بتركيبتها العاطفية وطبيعتها المتسامحة ولظروف تتعلق بالعادات والتقاليد الشرقية من الممكن لها أن تعيش مع زوجها الخائن, بينما لا يستطيع الزوج الحياة مع زوجة خائنة , وكما تقول هذه الدراسات إن ذلك يعود لطبائع الأمور وفطرة الجنسين المختلفة. إضافة إلى أن هناك أزواجوزوجات لا يستطيعون التخلص من مشاعرهم السلبية تجاه الطرف الآخر بعد وقوع الخيانة.

إن ردود الأفعال تجاه الخيانة تختلف من شخص لآخر حسبمبادئه وطبيعة انفعالاته، حيث ترى فتاة متزوجة حديثا بأن الزوجة التي تستطيع أن تقبل خيانة زوجها‚ وتوافق على البقاء معه‚ وقبول كلمات الحب والغرام منه تعتبر زوجة مثالية أكثر مما يجب وتضيف أن كثير من الزوجات لا يمكن لهن تحمل ذلك فيرين ضرورة الانفصال لأن الحياة الزوجية مع زوج خائن صعبة‚ خاصة إذا كانت خيانته علنية.

وتقول أم سلطان أنها لا يمكنها تحمل ذلك لأنه مس كرامتها وفي نفس الوقت دمر حياتها التي ترى فيها القدسية , أما ما يخص الأولاد فتجيب أنها ستبقى تحت سقف واحدلكن بدون أن تكن له نفسالحب و الاحترام
أخيرا يجب أن نعي إن مسألة العفو في الخيانة الزوجية تحتاج قدرة على تطهير النفس من تراكمات تلك الخيانة , إضافة لضرورة أن يكون الطرفينعلى درجة معقولة من النضجوالتعقل. كما أن السماح وفتحصفحة جديدة فى الحياة قدرة يمتلكها بعضالناس الذين يمكنهم التغاضى واستمرار التعامل الايجابي بناءا على اعتبارات إنسانية أو دينية.