تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 100 من 106

الموضوع: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 76)



    شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها والرد عليها(6)






    تساؤل والرد عليه :

    ثم يقول الدكتور رؤوف شلبى : "لكن بقى أن يقال:كيف يعود الضمير على القرآن والسنة معاً، ولم يذكر إلا القرآن وحده؟ ولكننا نجد فى القرآن الكريم نفسه استعمالاً للضمير استناداً على ما يفهم من السياق، و مدلولات الحديث، يشهد لهذا قوله تعالى : ( إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنّ َ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنّ َ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا )[ سورة الواقعة / 35 ــ 37 ] .

    فتلك صفات الحور العين مع أنه لم يجر لهم ذكر فى قسم أصحاب اليمين فى سورة الواقعة، ولكن السياق العام للسورة وما ذكر فى الأقسام السابقة يجعل الذهن يدرك أن الضمير عائد على أمر مفهوم الفحوى والسياق والأسلوب .

    كذلك يقوى هذه الشهادة فى استعمال القرآن الضمير على ما يستند على الأسلوب النحوى، قوله تعالى : ( فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ )[ سورة ص / 32 ] .

    ففى قوله : "توارت" ضمير فاعل يعود على الشمس مع أنه لم يجر لها ذكر فى السورة بالنص، ولكن السياق العام يجعل الذهن يدرك أن الضمير عائد على الشمس . وما معنا فى آية الحجر من هذا القبيل والكل استعمال قرآنى تزكيه اللغة، ويقويه الإعراب القرآنى، فليس هناك وجه للاعتراض، وعليه يسلم تفسير الذكر بالشريعة قرآناً وسنة (1)










    (1) السنة بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين ص 29 ، 30 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    * ﺃﺗﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ " ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ :
    ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ " ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ " ؟
    ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ : " ﻫﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺩﻧﻴﺎ ."
    ﻗﺎﻝ : ﻭ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺩﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻤﺸﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﻣﺎﺡ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻜﺴﺮ ﻓﻴﻪ ؟ ! ﻭ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻭ ﻭﻟﺪﻩ؟ !
    ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ : ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ! * ﻫﻞ ﻣﻨﻌﻚ ﻣﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭ ﺇﻳﺘﺎﺀ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻭ ﺍﻟﺤﺞ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﺮﺓ؟؟ *
    ﻗﺎﻝ : ﻻ .
    ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ : * ﻓﺄﺭﺍﻩ ﺇﻧﻤﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، *
    * ﻓﻘﺎﺗﻠﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ * ...
    * | ‏[ ‏[ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﻭﺍﻟﺬﺧﺎﺋﺮ، ﺝ ١ / ﺹ ١٥٦ ‏]

  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 77)



    شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها والرد عليها(7)


    تنزل مع المعاندين في الرد:
    ونسلم لكم أيها المعاندون لحجية السنة أن المراد بالذكر؛ هو القرآن الكريم وحده، وأن الضمير فى قوله تعالى : "له" عائد على القرآن المراد منه الذكر، ولكن الحصر الذى تستدلون به على أن السنة النبوية لم تدخل فى دائرة الحفظ لقصره على القرآن فقط، وترتبون على هذا الحصر عدم صحة الاحتجاج بالسنة، وأنها ليست مصدراً من مصادر التشريع .
    هذا الحصر ليس حصراً حقيقياً؛ بل هو حصر إدعائى، والدليل على ذلك؛ أن رب العزة قد حفظ أشياء كثيرة مما عداه منها :
    1- حفظه جل جلاله للسماوات والأرض أن تزولا كما قال عز وجل ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا )[ سورة فاطر / 41 ] .
    2- حفظه جل جلاله لنبيه صلى الله عليه وسلم من القتل كما قال عز وجل : ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )[ سورة المائدة / 67 ] .
    وإذا فسدت حقيقة القصر؛ فقد فسد المترتب عليها : وهو عدم الاعتراف بحجية السنة المطهرة(1).
    يقول الدكتور عبد الغنى عبد الخالق: "والحصر الإضافى بالنسبة إلى شئ مخصوص، يحتاج إلى دليل وقرينة على هذا الشئ المخصوص، ولا دليل عليه سواء أكان سنة أم غيرها .
    فتقديم الجار والمجرور ليس للحصر، وإنما هو لمناسبة رؤوس الآى . بل:لو كان فى الآية حصر إضافى بالنسبة إلى شيء مخصوص: لما جاز أن يكون هذا الشيء هو السنة؛ لأن حفظ القرآن متوقف على حفظها،ومستلزم له بما أنها حصنه الحصين،ودرعه المتين، وحارسه الأمين، وشارحه المبين؛ تفصل مجمله، وتفسر مشكله، وتوضح مبهمة، وتقيد مطلقه، وتبسط مختصره، وتدفع عنه عبث العابثين، ولهو اللاهين، وتأويلهم إياه على حسب أهوائهم وأغراضهم، وما يمليه عليهم رؤساؤهم وشياطينهم . فحفظها من أسباب حفظه، وصيانتها صيانة له .

    ولقد حفظها الله تعالى كما حفظ القرآن فلم يذهب منها - ولله الحمد - شيء على الأمة؛ وإن لم يستوعبها كل فرد على حدة"(2) .



    (1) السنة الإسلامية ص 30 ، 31 بتصرف .
    (2) حجية السنة ص 390 ، 391 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #84
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)


    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 78)




    شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها والرد عليها(8)






    الدليل التاريخي:

    رابعاً : الدليل التاريخى على تكفله جل جلاله بحفظ السنة كما تكفل بحفظ القرآن الكريم :

    أنه لو تتبع أعداء الإسلام الحوادث والتاريخ، وتتبعوا السيرة النبوية العطرة؛ لظهر لهم بكل جلاء ووضوح وبما لا يدع مجالاً للشك؛ أن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم نالت من العناية والاهتمام لدى المسلمين ما لم تنله سيرة أى عظيم من العظماء، ولا بطل من الأبطال، ولا رئيس من الرؤساء، ولا ملك من الملوك . ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى واقع الأمر ليس إنساناً عادياً، ولا رسولاً عادياً، ولا قائداً يشبه فى أخلاقه وصفاته الإنسانية أحداً، "فهو أفق وحده لا يدانيه أفق" ولذلك كان هو الأسوة، وهو النبراس المضيء .

    أدرك هذه الحقيقة أصحابه وتابعوهم، والمسلمون من بعدهم فعكفوا على نقل، وتدوين وحفظ، وتطبيق كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، حتى الحركات والسكنات، وبالجملة . نقلت حياته برمتها وكلياتها وجزئياتها فى عباداته ومعاملاته، فى سلمه وحربه، وفى نومه ويقظته، فى أدق الأمور، وفيما نعده من أسرار حياتنا كمعاشرته، إلى غير ذلك بصورة لم تحظ بها سيرة أحد غيره من البشر .

    وهذا يمثل إشارة قوية إلى أن الله عز وجل تكفل بحفظ هذه السنة بما هيأ لها من رجال أفنوا أعمارهم فى ضبطها والسهر عليها، وتدوينها، وحفظها، وشرحها، وتمييز صحيحها من سقيمها؛ فنقشوها فى صفحات قلوبهم الأمينة، وفى كتبهم الواعية، فكان تكفله عز وجل بحفظ كتابه فى قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) . يشمل السنة النبوية حيث قيض الله لها من الرواة الثقات والأئمة الأعلام، ما قيض لكتابه العزيز من ثقات كل قرن، وإلى أن يرث الأرض ومن عليها .

    ولولا إرادة المولى عز وجل بحفظها، لاندثرت مع تعاقب الدهور لكثرة ما وجه إليها من طعون، ولكثرة ما صادفت من أعداء أضمروا لها شراً، وأرادوا بها سوءاً، فجعلهم الله الأخسرين بما قيض لها من الرجال الأوفياء فى كل عصر، وفى كل جيل، وفى كل مكان(1) .

    وأخيراً فإننا لا نستطيع إلا أن نرتاب فى أمر هؤلاء الناس الذين قرروا إطلاق أنفسهم من ربقة القرآن الكريم وأحكامه، قبل أن يقرروا إطلاقها من مقتضيات السنة وأحكامها . ولكن شق عليهم أن يواجهوا الناس بخروجهم على القرآن الكريم وتعليماته، فأضافوا إلى القرآن الكريم ما لا مضمون له إلا ما تهواه أنفسهم ويتفق مع رغائبهم وأغراضهم … وكان غرضهم الوحيد من ذلك هو أن يبعدوا السنة عن طريقهم ويقطعوا ما بينها وبين القرآن الكريم من علاقة التفسير والتكامل والبيان .

    وقد سبقهم إلى ذلك - فى عصور سالفة - بعض الزنادقة والمارقين . فما كان حالهم فى الظهور والافتضاح إلا شراً ممن جاهروا بالكفر والعصيان ومحاربة كتاب الله عز وجل وغدت الأمة الإسلامية تتقى شرهم أكثر مما تتقى مجاهرة الكافر بكفره، والفاسق بفسقه (2) .

    "نعم" إن الاقتصار على الكتاب رأى قوم لا خلاق لهم، خارجين عن الطريقة المثلى، وخارجين عن السنة المطهرة، فأداهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة، وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله فضلوا وأضلوا(3) أ.هـ.








    (1) انظر : مؤتمر السنة النبوية ومنهجها في بناء المعرفة والحضارة 2 / 58 ــ 560 ، 602 ، وراجع هنا مبحث " الحديث النبوي تاريخ الإسلام " ص 56 .

    (2) المصدر السابق 2 / 462 .

    (3) الموافقات ( 4 / 401 ، 432 ) بتصرف ، وانظر : السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام 1 / 203 ــ 216 .




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 79)



    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (1)





    مقدمة:

    إن أعداء السنة المطهرة بعد أن تحايلوا على بعض آيات من القرآن الكريم ليحوروا معانيها، ويستدلوا بهذا التحوير على عدم الاحتجاج بالسنة النبوية ــ كما ذكرنا فيما سبق ــ نجدهم هنا باسم السنة ونصوصها يستشهدون بها أيضًا على إنكار حجيتها، ويتظاهرون بحرصهم على السنة، بل هم بإنكارهم حجيتها أشد حرصًا على السنة من المؤمنين بحجيتها(1).

    وهكذا عكس المشاغبون القضية ، ونظروا في السنة النبوية المطهرة، فما وافق دعواهم منها قبلوه ، واعترضوا به على منازعيهم واحتجوا به مع وضعه أو ضعفه سندًا ودلالة، وهذا العمل مع جهالته أخطر منطق عكسي في التدليل على فساد الشيء بمادته، نصًّا وأسلوبًا ؛ لأنه إذا كان من الخطأ والخطل والخطر قبول الأحاديث الباطلة والموضوعة، وعزوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ، فمثله في البطلان رد الأحاديث الصحاح الثابتة بالهوى والعجب والتعالم على الله ورسوله، وسوء الظن بالأمة وعلمائها وأئمتها في أفضل أجيالها ، وخير قرونها .

    إن قبول الأحاديث المكذوبة يدخل في الدين ما ليس منه ، أما رد الأحاديث الصحيحة، فيخرج من الدين ما هو منه ، ولا ريب أن كليهما مرفوض مذموم: قبول الباطل ورد الحق

    ولأعداء السنة المطهرة شبهات على عدم حجية السنة بنوها على أحاديث مكذوبة، وضعيفة، وأخرى صحيحة مع ضعف دلالتها على ما احتجوا به . وسوف نذكر تلك الشبهات تباعا في هذه الحلقات مع دحضها والرد عليها.

    أولا : أحاديث عرض السنة على القرآن .

    1 ــ ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه السلام ، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ، فخطب الناس فقال : ( إن الحديث سيفشوا عني ، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني ، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني ) .

    2 ــ قوله صلى الله عليه وسلم ( إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه ) وفي رواية ( لا يمسكن الناس علي بشيء فإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله ، ولا أحرم إلا ما حرم الله )

    3 ــ ومن ذلك أن بعض الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ سأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل يجب الوضوء من القيء ؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم :( لو كان واجبا لوجدته في كتاب الله تعالى ).

    4 ــ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :( السنة سنتان : سنة في فريضة وسنة في غير فريضة ، السنة التي في الفريضة أصلها في كتاب الله ، أخذها هدى وتركها ضلالة ، والسنة التي ليس لها أصل في كتاب الله ، الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة ).




    (1) انظر : السنة ودورها في الفقه الجديد لجمال البنا ص 267 فقد قال في خاتمة الكتاب ( نحن أحرص على السنة منكم )



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 80)



    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (2)





    وجه دلالة الروايات على ما احتج به أعداء السنة :

    وحجة المنكرين لحجية السنة النبوية من الروايات السابقة : أنها تفيد عرض السنة على القرآن فما وافق القرآن فهو من السنة ، وتكون السنة في هذه الحالة لمحض التأكيد ، ولحجة هو القرآن فقط ، وما خالف القرىن بإثبات حكم شرعي جديد فهو ليس من السنة ، ولم يقله النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا حجة فيه .

    يقول محمد نجيب : " فإذا كانت سنة الرسول وحديثه متفقة مع سنة الله وحديثه ، فاتباعها حكم من متبعها أنها أحسن من سنة الله، وأنها حديث خير من حديث الله، وليس في هذا إلا تكذيب لله القائل : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم)[ سورة / الزمر/23 ] وهذا يحتم عدم الأخذ بسنة غير الله، وحديث غير الله، ولو كان متفقًا مع كلام الله فاتباعه خلط لدين الإنسان ، وخروج عن الدين الخالص لله وحده ، إذ بذلك يكون الدين خليطًا .

    أما إذا كانت السنة والحديث غير متفقة مع كلام الله، وحديث الله، وسنة الله، فلا يمكن أن يعمل بها مسلم، أو أن يقبلها(1) .

    ويقول الأستاذ جمال البنا : "هناك أحاديث جاءت بما لم يأت به القرآن ، نحن نحكم عليها في ضوء القرآن ، فما لا يخالف القرآن يقبل، وما يخالفه يستبعد، فتحريم زواج المرأة على عمتها وخالتها . وتحريم لحم الحمر الأهلية، أمور لا نرى مانعًا فيها ، ونجد فيها قياسًا سليمًا(2).

    وهكذا اتخذ أعداء السنة من منهج عرض السنة على القرآن الكريم قاعدة ينطلقون منها للتشكيك في حجية السنة المطهرة وهدمها . وهم يصرحون بتلك الحقيقة وأهدافها .

    ومن قاعدة عرض السنة على كتاب الله عزَّ وجلَّ ، انطلق أعداء الإسلام من الرافضة والزنادقة يشككون في حجية السنة المطهرة وتابعهم دعاة الفتنة وأدعياء العلم؛ أمثال الدكتور أحمد صبحي منصور، وإسماعيل منصور ، ومحمود أبو رية ، ومحمد نجيب، وقاسم أحمد وغيرهم


    وفي الحلقات القادمة ــ إن شاء الله تعالى ــ سنجيب عن شبهتهم تلك






    (1)الصلاة ص 278 ، 279 .

    (2) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 254 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 81)



    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (3)





    وجه الاستدلال للمنكرين لحجية السنة من الروايات السابقة:

    وحجة المنكرين لحجية السنة النبوية من الروايات السابقة: أنها تفيد عرض السنة على القرآن فما وافق القرآن ؛ فهو من السنة، وتكون السنة في هذه الحالة لمحض التأكيد، والحجة هو القرآن فقط، وما خالف القرآن بإثبات حكم شرعي جديد؛ فهو ليس من السنة ، ولم يقله النبي صلى الله عليه وسلم . ولا حجة فيه .

    يقول أحدهم في: " فإذا كانت سنة الرسول وحديثه متفقة مع سنة الله وحديثه فاتباعها حكم من متبعها أنها أحسن من سنة الله، وأنها حديث خير من حديث الله، وليس في هذا إلا تكذيب لله القائل : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم)[ سورة الزمر / 23 ] وهذا يحتم عدم الأخذ بسنة غير الله، وحديث غير الله، ولو كان متفقًا مع كلام الله فاتباعه خلط لدين الإنسان ، وخروج عن الدين الخالص لله وحده إذ بذلك يكون الدين خليطًا .

    أما إذا كانت السنة والحديث غير متفقة مع كلام الله، وحديث الله، وسنة الله، فلا يمكن أن يعمل بها مسلم، أو أن يقبلها(1).

    ويقول الأستاذ جمال البنا : "هناك أحاديث جاءت بما لم يأت به القرآن ، نحن نحكم عليها في ضوء القرآن ، فما لا يخالف القرآن يقبل، وما يخالفه يستبعد، فتحريم زواج المرأة على عمتها وخالتها . وتحريم لحم الحمر الأهلية، أمور

    لا نرى مانعًا فيها ، ونجد فيها قياسًا سليمًا(2) .

    وهكذا اتخذ أعداء السنة من منهج عرض السنة على القرآن الكريم قاعدة ينطلقون منها للتشكيك في حجية السنة المطهرة وهدمها ، وهم يصرحون بتلك الحقيقة وأهدافها .

    يقول جمال البنا :" وإذا كان تطبيق هذا المعيار ــ يعني معيار عرض السنة على القرآن بمفهومه هو وأمثاله ــ يودي بمئات الأحاديث أو أكثر ، من الأحاديث التي احتفظ بها المجتمع الإسلامي لألف عام ، فقد لا يكون من المبالغة القول : إن هذا الاحتفاظ كان من أكبر أسباب تخلف هذا المجتمع ، وأنه لن يتقدم إلا عندما يتخلص من هذ ه الأحاديث التي تخالف القرآن ، أو تفتات عليه وتودي بالمسلمين إلى متاهات تبعدهم عما يحييهم ويحقق لهم العزة والكرامة "(3) .

    ويقول في موضع آخر :" وقد تتملكنا الدهشة عندما نرى إعمال هذا المعيار سيجعلنا نستبعد قرابة نصف الأحاديث المتداولة بين الناس "(4) .

    ومن قاعدة عرض السنة على كتاب الله عزَّ وجلَّ ، انطلق أعداء الإسلام من الرافضة والزنادقة يشككون في حجية السنة المطهرة وتابعهم دعاة الفتنة وأدعياء العلم؛ أمثال الدكتور أحمد صبحي منصور، وإسماعيل منصور ، ومحمود أبو رية ، ومحمد نجيب، وقاسم أحمد وغيرهم.






    (1) كتاب الصلاة لمحمد نجيب ص 278 ، 279 .

    (2) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 254 .

    (3) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 7 .

    (4) المصدر السابق ص 248 .




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 82)




    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (4)








    الجواب عن هذه الشبهة:

    أولا : الجواب عن الحديث الأول :

    أما الحديث الأول : ( إن الحديث سيفشو عني ... إلخ ) والذي يجحد به أعداء الإسلام تسعة أعشار السنة التي تلقاها العلماء بالقبول في جميع الأعصار والأمصار على حد قول الدكتور محمد أبو زهوــ رحمه الله تعالى.

    هذا الحديث لا وزن له عند نقاد الحديث وصيارفته فقد روي من طرق كلها ضعيفة ، وإلى القارئ الكريم تخريج الحديث وكلام العلماء حوله.

    تخريج الحديث :

    هذا الحديث روي من طرق كلها ضعيفة عن علي وأبي هريرة وابن عمر وثوبان رضي الله عنهم أجمعين .

    أما حديث علي فقد أخرجه الدارقطني في السنن ، كتاب الأقضية والأحكام ، باب كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري ( 4/ 208رقم 20 ) وقال الدارقطني " والصواب عن عاصم عن زيد عن علي بن الحسين مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم "

    وقال العلامة العظيم آبادي في التعليق المغني على الدارقطني ( 4 / 208،209) : "الحديث فيه جبارة بن المغلس ، ضعفه ابن معين ، وقال البخاري مضطرب الحديث ، وقال السخاوي : وقد سئل شيخنا ــ يعني ابن حجر ــ عن هذا الحديث فقال : إنه جاء من طرق لا تخلو عن مقال" .

    وأما حديث أبي هريرة فقد رواه الدارقطني أيضا في نفس المكان السابق برقم ( 17 ) وقال عقبه :" فيه صالح بن موسى لا يحتج بحديثه "


    وأما حديث ابن عمر وثوبان فقد أخرجهما الطبراني في الكبير ( 12/ 316رقم 13224) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ( 1/ 170 ) :" حديث ابن عمر فيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه وهو منكر الحديث .

    وحديث ثوبان فيه يزيد بن ربيعة وهو متروك منكر الحديث "



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 83)




    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (5)







    كلام العلماء حول هذا الحديث:

    لقد تكلم العلماء عن هذا الحديث كلامًا يستلزم أن يكون من أشد الموضوعات أو الضعيف المردود ونختار من أقوالهم ما يأتي :

    قال الإمام الشافعي : " ما روي هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغر ولا كبر .. وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول، ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء"(1) .

    ويعلق الأستاذ أحمد شاكر في تحقيقه لكتاب الرسالة على هذا الحديث فيقول: "هذا المعنى لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن، بل وردت فيه ألفاظ كثيرة، كلها موضوع، أو بالغ الغاية في الضعف، حتى لا يصلح شيء منها للاحتجاج أو الاستشهاد" (2).

    وقد كتب الإمام ابن حزم في هذا المعنى فصلا نفيسا جدا في كتابه (الإحكام ) روى فيه بعض ألفاظ هذا الحديث المكذوب ، وأبان عن عللها فشفى ، فأثبت أن منها : ما هو متهم بالزندقة ، أو كذاب ساقط لا يؤخذ بحديثه ، أو مجهول ، أو ضعيف ، ومنها ما هو مرسل ، ومنها ما جمع بينهما .

    ثم قال :" أول ما نعرض على القرآن الحديث الذي ذكرتموه ، فلما عرضناه وجدنا القرآن يخالفه ، قال الله تعالى :( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)[ سورة الحشر / 7 ] ، وقال تعالى :( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ )[ سورة النساء / 80 ] وقال تعالى :( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ) [ سورة النساء / 105 ]

    وقال الإمام البيهقي :" والحديث الذي روي في عرض الحديث على القرآن باطل لا يصح ، وهو ينعكس على نفسه بالبطلان ، فليس في القرآن دلالة على عرض الحديث على القرآن"(3) .

    وقال الإمام بن عبد البر: " وقد أمر الله عزَّ وجلَّ بطاعته واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً لم يقيد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل وافق كتاب الله كما قال بعض أهل الزيغ، قال عبد الرحمن بن مهدي : الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث ... وهذه الألفاظ لاتصح عنه صلى الله عليه وسلم . عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم، وقالوا : نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء، ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه معارضا لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله ألا يقبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به ، والأمر بطاعته ، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال " (4)

    وقال فضيلة الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف معقبًا على تقوية ابن عراق للحديث(5)، تبعًا للسيوطي(6): "الحديث باطل منكر جدًا، كما قال العقيلي وغيره، ومحاولة المؤلف تبعًا للسيوطي تقويته غلط، فإن الحديث من وضع بعض الزنادقة للتلاعب بالسنة، وغفل السيوطي، ثم المؤلف _ رحمهما الله _ عن هذا المقصد الخبيث"(7) .







    (1) الرسالة ص225 .

    (2) الرسالة ص 224 .

    (3) دلائل النبوة 1 / 27 .

    (4) جامع بيان العلم وفضله 2 / 190 ، 191 .

    (5) تنزيه الشريعة ( 1/ 157 ، 158 )

    (6) الللآلئ المصنوعة ( 1 / 195 ) .، والنكت البديعات على الموضوعات رقم 23 .
    (7) تنزيه الشريعة ، هامش ( 1 / 265 ).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 84)




    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (6)





    ثانيا : الجواب عن الحديث الثاني .



    أما الحديث الثاني: (إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ... إلخ)

    فأخرجه الشافعي في الأم ، كتاب الصلاة ، باب صلاة المريض ( 1 / 80،81 ) ، وكتاب جماع العلم ، باب الصوم ( 7 / 288 )، والبيهقي في كتاب المدخل إلى السنن والآثار ، كتاب السير ، باب الرجل يموت في أرض العدو قبل الغنيمة ( رقم 17742) من طريق طاووس بن كيسان اليماني رضي الله عنه.

    وقال الإمام الشافعي: هذا منقطع، وكذلك صنع صلى الله عليه وسلم . ، وافترض عليه أن يتبع ما أوحي إليه، ونشهد أن قد اتبعه صلى الله عليه وسلم . وما لم يكن فيه وحي فقد فرض الله في الوحي اتباع سنته، فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله قال تعالى ( وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[ سورة الحشر / 7 ] .

    وقال البيهقي : وقوله في الحديث : "في كتابه" إن صحت هذه اللفظة فإنما أراد فيما أوحى إليه، ثم ما أوحى إليه نوعان؛ أحدهما وحي يتلى، والآخر وحي لا يتلى(1).

    ويشهد لما قاله البيهقي في أن المراد بكلمة "في كتابه" أعم من القرآن ، ويشمل الوحي بنوعيه، المتلو ، وغير المتلو قوله صلى الله عليه وسلم لوالد الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم : "والذي نفسي بيه لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد ، وعلى ابنك جلد مائة ، وتغريب عام"(2).






    (1) مفتاح الجنة ص 42 ،43.
    (2) أخرجه البخاري ، كتاب الحدود ، باب الاعتراف بالزنا ( 6827 ، 6828) ومسلم ، كتاب الحدود ، باب من اعترف على نفسه بالزنا ( 1697 ، 1698 ) واللفظ له .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)


    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 85)




    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (7)


    كلام العلماء حول الحديث:
    قال الحافظ ابن حجر: المراد بكتاب الله ما حكم به وكتب على عباده، ويؤيده رواية (القرآن ) وهو المتبادر.
    وقال ابن دقيق العيد : الأول أولى ؛ لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن إلا بواسطة أمر الله باتباع رسوله، قيل وفيما قال نظر لاحتمال أن يكون المراد ما تضمنه قوله تعالى:( أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا)[ سورة النساء / 15 ] فبين النبي صلى الله عليه وسلم : أن السبيل جلد البكر ونفيه، وجلد الثيب ورجمه، فيما رواه الإمام مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا . البكر بالبكر جلد مائة جلة مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب. جلد مائة والرجم"(1) .
    قال الحافظ ابن حجر قلت: وهذا أيضًا بواسطة التبيين"(2) .
    قلت ــ القائل أخونا الدكتور عماد الشربيني ــ : حتى لو صحت هذه اللفظة "في كتابه" وحملت على المتبادر منها وهو القرآن الكريم. فلا حجة في الحديث للمنكرين لحجية السنة، فالحديث عليهم لا لهم؛ لأن ما يحرمه أو يحله الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو حرام أو حلال في كتاب الله عزَّ وجلَّ الذي أمر بطاعته، ونهى عن مخالفته صلى الله عليه وسلم . . ويؤيد ذلك ما ثبت في صحيح السنة من حديث المقدام بن معد يكرب الكندى رضي الله عنه ؛ أن رسول صلى الله عليه وسلم . قال: "يوشك الرجل متكئا على أريكته، يحدث بحديث من حديثي ، فيقول بيننا وبينكم كتاب الله عزَّ وجلَّ، فما وجدنا من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم . مثل ما حرم الله عزَّ وجلَّ (3) .
    قال الإمام الشافعي معقبًا : فقد ضيق رسول الله على الناس أن يردوا أمره بفرض الله عليهم اتباع أمره(4).
    وقال الإمام البيهقي : وهذا خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يكون بعده من رد المبتدعة حديثه فوجد تصديقه فيما بعده صلى الله عليه وسلم(5) .




    (1) أخرجه مسلم ، كتاب الحدود ، باب حد الزنا ( 1690 ).
    (2) فتح الباري ( 12 / 142 ــ 144 ).
    (3) أخرجه أبو داود ، كتاب السنة ، باب في لزوم السنة ( 4604) والترمذي ، كتاب العلم ، باب ما نهي أن يقال عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 2664 ) وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ، وأخرجه ابن ماجه ،المقدمة ، باب تعظيم حديث رسول الله والتغليظ على من عارضه ( 12 ) وابن حبان في صحيحه ( الإحسان ( 12 ) والحاكم في المستدرك ( 371 ) وسكت عليه هو والذهبي ، وصححه الشيخ شاكر في هامش الرسالة للشافعي ص 90 ، 91 .
    (4) الرسالة ص 226 .
    (5) دلائل النبوة ( 1 / 25 ) .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 86)

    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (8)
    الجواب عن الحديث الثالث :
    أما الحديث الثالث الذي استشهد به خصوم السنة في ضرورة عرض السنة على القرآن الكريم وقد أوردناه فيما سبق وهو :
    سؤال بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم :هل يجب الوضوء من القيء ؟ قال صلى الله عليه وسلم ) لو كان واجبا ،لوجدته في كتاب الله)
    أولا : تخريج الحديث .
    هذا الحديث رواه صاحب كتاب الانتصار يحيي بن حمزة الحسيني اليمني في كتابه الانتصار(1)، وصاحب كتاب البحر(2)وغيرهما من أئمة الشيعة من حديث ثوبان بلفظه السابق وقد عزاه إليهم الإمام الشوكاني في كتابه نيل الأوطار(3).
    وأخرجه الدارقطني في سننه عن ثوبان أيضا قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في غير رمضان ، فأصابه غم أذاه ، فتقيأ ، فقاء ، فدعاني بوضوء فتوضأ ، ثم أفطر ، فقلت ، يا رسول الله أفريضة الوضوء من القيء ؟ قال : لو كان فريضة لوجدته في القرآن ... "
    قال الدارقطني : لم يروه عن الأوزاعي غير عتبة بن السكن ، وهو منكر الحديث (4) .
    ثانيا : الجواب عن الحديث .
    الحديث ضعيف جدا ، وعلى فرض صحته فالجواب عنه معلوم من الحديث السابق ( إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ) ورواية ( لا يمسكن الناس علي بشيء .. ) وقد سبق الكلام في ذلك ، ويأتي مزيد من الإجابة في الحديث التالي ( السنة سنتان : سنة في فريضة .. إلخ )
    أما قول الدكتور توفيق صدقي: "فهذا الحديث صح أو لم يصح فالعقل يشهد له ويوافق عليه، وكان يجب أن يكون مبدأ للمسلمين لايحيدون عنه"(5) فسيأتي الرد على ذلك في (شبهة عرض السنة على العقل).

    (1) مخطوط ( 986 ، 991 ، 994 ).
    (2) ( 1 / 88 )
    (3) ( 2 / 196 ).
    (4) سنن الدارقطي ، كتاب الطهارة ، باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء والحجامة ونحوه ( 1 / 151 ).
    (5) انظر : مجلة المنار ( 9 / 515 رقم 913 ).


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #93
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 87)


    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (9)


    الجواب عن الحديث الرابع:
    أما الحديث الرابع الذي استشهدوا به وهو:(السنة سنتان : سنة في فريضة ، وسنة في غير فريضة .. ).
    أولا : تخريجه .
    الحديث أخرجه الدارمي في مسنده مقطوعا عن مكحول ، ولفظه : ( السنة سنتان : سنة الأخذ بها فريضة وتركها كفر ، وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غيره حرج )(1)وأخرجه الطبراني في الأوسط(2)عن أبي هريرة مرفوعا ، وفيه عبد الله بن الرومي ضعفه غير واحد ووهاه ، وقال الذهبي : روى خبرا كذبا(3).
    ثانيا : الجواب عن الحديث .
    والحديث على فرض صحته فلا حجة فيه للخصوم ، لأن الحديث إنما يشير إلى السنة بمعناها عند علماء الأصول، وهي " كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو كتابة أو إشارة مفهمة أو هم مصحوب بالقرائن أو غير ذلك مما يثبت الأحكام ويقررها ، مما لم ينطق به الكتاب العزيز(4).

    والسنة بهذا المعنى الأصولي تعتريها الأحكام الخمسة :
    1- الوجوب
    2 - الحرام
    3- المكروه
    4 - المباح
    5 - المندوب
    فتارة تكون السنة واجبة ( فريضة ) وأصلها في كتاب الله عز وجل ، وذلك كثير مما جاءت به السنة المطهرة ، مؤكدة لما جاء في القرآن الكريم من العبادات ، والمعاملات ، والحدود ، والأحوال الشخصية .

    (1) مسند الدارمي ، المقدمة ، باب السنة قاضية على كتاب الله ( 589 ) .
    (2) المعجم الأوسط ( 4011 ) وقال الطبراني :" لم يرو هذا الحديث عن محمد إلا عيسى تفرد به عبد الله " وعزاه الهيثمي في المجمع ( 1/ 172 ) :للطبراني في الأوسط ، وقال : لم يروه عن أبي سلمة إلا عيسى بن واقد ، تفرد به عبد الله الرومي ، ولم أر من ترجمه "
    (3) انظر : ميزان الاعتدال ( 2 / 422 رقم 4317 .
    (4) انظر : الإحكام للآمدي ( 1 / 127 ) وإرشاد الفحول ( 1/ 155) وأصول الفقه للخضري ص 250 ، 251 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #94
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 88)



    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (10)





    أمثلة السنة الواجبة والسنة المحرِّمة :

    مثال ذلك : وجوب الوضوء للحدث الأصغر ، والغسل للحدث الأكبر ، والتيمم للحدثين على حد سواء عند فقد الماء .

    يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :(لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )(1)

    وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي ؟ فقال : (من المذي الوضوء ، ومن المني الغسل )(2)

    وعن عمران بن حصين قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصلى بالناس ، فإذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم ، قال : ( ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟ ) قال : أصابتني جنابة ولا ماء ؟ قال

    :( عليك بالصعيد ، فإنه يكفيك )(3)

    وأصل هذه السنة الواجبة في كتاب الله قوله تعالى في سورة المائدة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

    وحد الحرابة واجب في السنة في قوله صلى الله عليه وسلم ):من حمل السلاح فليس منا )(4)وقوله صلى الله عليه وسلم :( من خرج على الطاعة وفارق الجماعة ومات ، فميتة جاهلية )(5)

    وأصل هذا الحد في كتاب الله في قوله تعالى في سورة المائدة :( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

    ومثال السنة المحرمة: قوله صلى الله عليه وسلم. ( لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها )(6)

    فأصل ذلك التحريم في الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، قوله تعالى في سورة النساء : ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَف)[ الآية: 23 ] .

    فأمثال هذه السنة سواء كانت (واجبة أو محرمة) الأخذ بها هدى وتركها بعدم فعلها إذا كانت واجبة، وفعلها إذا كانت محرمة (ضلالة) كما في الحديث، وهو ما يتمشى مع تعريف الواجب والحرام عند الأصوليين.

    فالواجب: مرادف للفرض عند الجمهور، هو ما طلب الشارع فعله على وجه اللزوم بحيث يأثم تاركه.

    وقال الآمدي: "والحق في ذلك أن يقال: الوجوب الشرعي عبارة عن خطاب الشارع بما ينتهض تركه سببًا للذم شرعًا في حالة ما"(7).

    أما الحرام فهو ضد الواجب: قال الآمدي: والحق فيه أن يقال: هو ما ينتهض فعله سببًا للذم شرعًا بوجه ما من حيث هو فعل له(8).



    (1) أخرجه البخاري ، كتاب الوضوء ، باب لا تقبل صلاة بغير طهور ( 135 ) ومسلم ، كتاب الطهارة ( 225 ).

    (2) أخرجه الترمذي ، كتاب أبواب الصلاة ، باب ما جاء في المني والمذي ( 114 ) وقال : هذا حديث حسن .

    (3) أخرجه البخاري ، كتاب التيمم ، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء ( 344 ) ومسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ( 682 ).


    (4) أخرجه البخاري ، كتاب الفتن ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " من حمل السلاح فليس منا " ( 7071 ) ومسلم ، كتاب الإيمان ( 100).

    (5) أخرجه مسلم ، كتاب الإمارة ( 1848 ) .

    (6) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:أخرجه البخاري ، كتاب النكاح، باب لاتنكح المرأة على عمتها ( 5109) ومسلم ، كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، رقم 1408.

    (7) البحر المحيط للزركشي 1/ 181 _ 184، والإحكام للآمدي 1/ 92، وأصول الفقه للخضري ص 39.

    (8) الإحكام للآمدي 1/ 106.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 89)



    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (11)


    المراد بقوله :( وسنة في غير فريضة ):
    أما قوله صلى الله عليه وسلم. في الحديث: ( وسنة في غير فريضة)؛ فالمراد بذلك السنة المباحة والمندوبة وقوله: "الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة" أي في فعلها ثواب، وليس في تركها عقاب، وهذا هو "المباح والمندوب" عند أهل الأصول.
    فالمندوب: هو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، أو هو ما طلب الشارع فعله طلبًا غير حتم(1).
    وقال الآمدي: فالواجب أن يقال: هو المطلوب فعله شرعًا من غير ذم على تركه مطلقًا(2) ومن أسمائه: النافلة، والسنة، والمستحب، والتطوع وذلك عند الجمهور(3).
    ومثاله: الرواتب مع الفرائض، وصلاة العيدين، والاستسقاء، والكسوف، وصدقة التطوع ... إلخ
    والأصل في ذلك حديث الأعرابي الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم. شرائع الإسلام وفرائضه، وأنه ليس عليه غيرها إلا أن تطوع " فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله على شيئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفلح إن صدق. أو دخل الجنة إن صدق )(4).
    والمباح: هو ما خير الشارع المكلف فيه بين فعله وتركه من غير مدح ولا ذم(5).
    وقال الأمدي: والأقرب في ذلك أن يقال: هو ما دل الدليل السمعي على خطاب الشارع بالتخيير فيه الفعل والترك من غير بدل(6).
    ومن أسمائه: الحلال، والمطلق، والجائز (7)، ومثاله قوله تعالى: ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَة) [ سورة النساء / 101 ].
    وقوله: "لحمزة بن عمرو الأسلمي لما سأله عن الصيام في السفر: ( إن شئت فصم وإن شئت فأفطر)(8).
    فأمثال هذه السنن المباحة والمندوبة الأخذ بها فضيلة ويثاب ويمدح الإنسان على فعلها، وإن تركها لم يكن مخطئًا، ولا عقاب ولا لوم عليه.
    وأصل هذه السنن في كتاب الله قوله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[ سورة الأحزاب / 21 ].
    فهذا هو معنى الحديث على فرض صحته، فأين الدلالة فيه على عدم حجية السنة ووجوب عرضها على كتاب الله؟!!

    (1)أصول الفقه للخضري ص 54، وانظر: أصول الفقه للشيخ خلاف ص 111.

    (2) الإحكام للآمدي 1/ 111.
    (3) البحر المحيط للزركشي 1/ 284.
    (4) متفق عليه من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ، أخرجه البخاري ، كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإٍسلام ، رقم 46، ومسلم ، كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التى هي أحد أركان الإسلام ، رقم 11.
    (5) أصول الفقه الحضرى ص 60، وانظر: أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف ص 115.
    (6) الإحكام للآمدى 1/ 115.
    (7) البحر المحيط للزركشى 1 / 276.
    (8) متفق عليه من حديث عائشة _ رضى الله عنها _ أخرجه البخاري ، كتاب الصوم، باب الصوم في السفر والإفطار ،رقم 1943، ومسلم ، كتاب الصوم، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر ، رقم 1121.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #96
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 90)



    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (12)





    تعليق على ما سبق :

    هذا ما قاله أهل العلم في أحاديث عرض السنة المطهرة على القرآن الكريم، التي أسس عليها أعداء الإسلام منهجًا خاصًا بهم في الحكم على صحة السنة بوجوب عرضها عل الكتاب.

    فما وافقه؛ فهو حجة، وما خالفه ولو مخالفة ظاهرة يمكن الجمع بينهما؛ فباطل مردود ليس من السنة.

    وهذا منهج باطل، مردود، عماده الكذب والخديعة: لأنه يفضي إلى نفي حجية السنة النبوية التي لها دور في بيان الكتاب وتفسيره، أو التي أفادت حكمًا مستقلاً: لأن كلاً من النوعين غير موجود فيه، فتكون وظيفة السنة مقصورة على تأكيد القرآن فقط، وبالتالي الحجة فيه وحده، ولا حجة في السنة على أي حكم شرعي بذاتها؛ لأنها لو كانت حجة على شيء لما توقف ذلك على ثبوت الشيء بحجة أخرى، وهذا كلام باطل لا يصح؛ لأن أحاديث العرض عند عرضها على كتاب الله وجدناها مخالفة لما فيه؛ لأنه لا يوجد في كتاب الله أن لا يقبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلا ما وافق كتاب الله بل يوجد في كتاب الله إطلاق التأسي به، والأمر بطاعته مطلقة من غير تقييد، والتحذير من مخالفة أمره جملة على كل حال.

    وكما سبق من قول الأئمة: البيهقي، وابن عبد البر، وابن حزم ومن ثم فقد رجعت أحاديث العرض على نفسها بالبطلان، ثم إنه ورد في بعض طرقها عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.: ( إنه سيأتيكم منى أحاديث مختلفة، فما أتاكم موافقًا لكتاب الله وسنتي فهو مني، وما أتاكم مخالفًا لكتاب الله وسنتي فليس مني )(1).

    قال البيهقي: تفرد به صالح بن موسى الطلحي، وهو ضعيف لا يحتج بحديثه(2).

    قال السيوطي: قلت: ومع ذلك فالحديث لنا لا علينا: ألا ترى إلى قوله: ( موافقًا لكتاب الله وسنتي)(3).




    (1)أخرجه الخطيب في الكفاية ص 603، وانظر: مفتاح الجنة في الاحتجاج بالنسة ص 38.

    (2) انظر: تقريب التهذيب 1/ 433 رقم 2902، والكاشف 1/ 499 رقم 2364، والمجروحين 1/ 369، والضعفاء والمتروكين للنسائي ص 136 رقم 314، والضعفاء لأبي زرعة الرازي 2/ 627 رقم 154، وخلاصة تهذيب الكمال ص 172.

    (3) مفتاح الجنة في الاحتجاج بالنسة ص 39.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #97
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 91)




    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (13)





    الموقف العملي للمحدثين من هذه الأحاديث:

    ومع أن أحاديث عرض السنة على القرآن الكريم لا وزن لها سندًا عند أهل العلم كما سبق، إلا أن معناها صحيح وعمل بها المحدثون في نقدهم للأحاديث متنًا فجعلوا من علامات وضع الحديث مخالفته لصريح القرآن الكريم والسنة النبوية والعقل.

    إلا أنهم وضعوا لذلك قيدًا وهو استحالة إمكان الجمع والتأويل، فإذا أمكن الجمع بين ما ظاهره التعارض من الكتاب أو السنة أو العقل _ جمعًا لا تعسف فيه يصار إلى الجمع والقول معًا ولا تعارض حينئذ، وإن كان وجه الجمع ضعيفًا باتفاق النظار، فالجمع عندهم أولى(1) .

    وإعمال الأدلة أولى من إهمال بعضها، وإلا فلنتعرف على الناسخ والمنسوخ فنصير إلى الناسخ ونترك المنسوخ، وإلا نرجح بأحد وجوه الترجيحات المفصلة في كتب الأصول وعلوم الحديث(2) ،والعمل بالأرجح حينئذ متعين، وهؤلاء المبتدعة لم يرفعوا بهذا الأصل رأسًا، جهلاً به أو عنادًا كما قال الشاطبي(3).

    وإن لم يتمكن العالم من ذلك للتعادل الذهني فاختلفوا على مذاهب منها:

    1 - التخيير

    2 - تساقط الدليلين والرجوع إلى البراءة الأصيلة

    3 - الأخذ بالأغلظ

    4 - التوقف.

    ومعلوم بأن التوقف هنا حتى يمكن الجمع أو التأويل أو الترجيح.

    وكل ما سبق قال به من المعتزلة صاحب المعتمد في أصول الفقه في باب الأخبار المعارضة، وباب ما يترجح به أحد الخبرين على الآخر"(4).

    قال الحافظ ابن حجر: "فصار ما ظاهرة التعارض واقعًا على هذا الترتيب الجمع إن أمكن، فاعتبار الناسخ والمنسوخ، والترجيح إن تعين، ثم التوقف عن العمل بأحد الحديثين، والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط، لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر، إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفى عليه وفوق كل ذي علم عليم"(5)

    ولا أعلم نقلاً عن أحد من العلماء برفض ورود الحديث بمجرد المخالفة الظاهرية مع القرآن الكريم، أو السنة، أو العقل مع إمكان الجمع، أو التأويل، أو الترجيح، حتى من نقل عنهم الأصوليون إنكار الترجيح وردوا عليهم إنكارهم، قالوا عند التعارض: يلزم التخيير أو الوقف(6) .

    نعم لم ينقل رد السنة وجحدها بمجرد المخالفة الظاهرية إلا عن أهل البدع والأهواء كما حكاه عنهم الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام (7)، وتابعهم ذيولهم في العصر الحديث من أصحاب المذاهب اللادينية.






    (1) قال الإمام فخر الدين الرازي في المحصول: "والدليل القاطع ضربان: عقلي، وسمعي فإن كان المعارض عقليًا نظرنا فإن كان خبر الواحد قابلاً للتأويل كيف كان أولناه فلم نحكم بردة " انظر: المحصول في أصول الفقه 2/ 210.

    (2) انظر: إرشاد الفحول 2/ 369 _ 408، والمحصول في أصول الفقه 2/ 434 _ 488، والإحكام للآمدي 4/ 206، والموافقات للشاطبي 4/ 640، والمستصفى للغزالي 2/ 392، والإبهاج في شرح المنهاج 3/ 208، والبحر المحيط 6/ 108 _ 194، والمعتمد في أصول الفقه 2/ 176 _ 178، وأصول السرخسي 2/ 145، 249، وفتح المغيث للعراقي ص 337 _ 339، وتدريب الراوي 2/ 198 _ 203، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ للحازمي ص 59 _ 90، وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 172، 173.

    (3) الاعتصام باب في مأخذ أهل البدع بالاستدلال 1/ 200، 201، وانظر: الإحكام لابن حزم 1/ 161.

    (4) المعتمد في أصول الفقه 2/ 176، 188، وانظر: البحر المحيط 6/ 115، والمسودة في أصول الفقه لآل تيمية ص 449.

    (5) نزهة النظر ص 35، وانظر: فتح المغيث للسخاوي 3/ 73، وتدريب الراوي 2/ 202.

    (6) الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 209، وفتح المغيث السخاوي 3/ 73.

    (7) الاعتصام باب في مأخذ أهل البدع بالاستدلال 1/ 199.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #98
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 92)



    شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (14)


    السنة الصحيحة لا تخالف كتاب الله أبدا :
    وقصاري القول: إن أهل العلم مجمعون على أن السنة الصحيحة لا تخالف كتاب الله عزَّ وجلَّ، ولا تخالف سنة أخرى صحيحة مثلها، ولا تخالف العقل، وما يبدوا حينًا من تعارض هو من سوء الفهم لا من طبيعة الواقع، كما قال فضيلة الشيخ محمد الغزالي _ رحمه الله تعالى _: لا يتعارض حديث مع كتاب الله أبدًا، وما يبدو من تعارض هو من سوء الفهم لا من طبيعة الواقع "(1).
    وعن دعوى تعارض الأحاديث مع بعضها يقول الحافظ ابن خزيمة: "لا أعرف أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. حديثان بإسنادين صحيحين متضادين، فمن كان عنده فليأتي به لأؤلف بينهما "(2).
    قال الإمام ابن حزم: ليس في الحديث الذي صح شيء يخالف القرآن الكريم ولا سبيل إلى وجود خبر صحيح مخالف لما في القرآن أصلاً، وكل خبر شريعة فهو إما مضاف إلى ما في القرآن ومعطوف عليه ومفسر لجملته، وإما مستثنى منه لجملته، ولا سبيل إلى وجه ثالث. فإن احتجوا بأحاديث محرمة أشياء ليست في القرآن قلنا لهم: قد قال الله عزَّ وجلَّ (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)[ سورة الأعراف/157 ] فكل ما حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مثل الحمار الأهلي، وسباع الطير، وذوات الأنياب ، وغير ذلك؛ فهو من الخبائث، وهو مذكور في الجملة المتلوة في القرآن ومفسر لها، والمعترض بها يسأل: أيحرم أكل عذرته أم يحلها؟ فإن أحلها خرج عن إجماع الأمة وكفر، وإن حرمها؛ فقد حرم ما لم ينص الله تعالى على اسمه في القرآن، فإن قال هي من الخبائث قيل له: وكل ما حرم عليه السلام؛ فهو كالخنزير، وكل ذلك من الخبائث. فإن قال قد صح الإجماع على تحريمها، قيل له: قد أقررت بأن الأمة مجمعة على إضافة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. من السنن إلى القرآن الكريم، مع ما صح عنه صلى الله عليه وسلم. قال: ( لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدرى؟ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه )(3).
    فهذا حديث صحيح بالنهى عما تعلل به هؤلاء الجهال(4).
    ويقول ابن حزم في موضع آخر: "إذا تعارض الحديثان، أو الآيتان، أو الآية والحديث، فيما يظن من لا يعلم، ففرض على كل مسلم استعمال كل ذلك، لأنه ليس بعض ذلك أولى بالاستعمال من بعض، ولا حديث بأوجب من حديث آخر مثله، ولا آية أولى بالطاعة لها من آية أخرى مثلها، وكل من عند الله عزَّ وجلَّ، وكل سواء في باب وجوب الطاعة والاستعمال ولا فرق"(5)
    ويتأيد ما قاله ابن حزم بما قال الإمام الشاطبي عند كلامه على حديث العرض: ( ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله ... الحديث )
    قال: "إن الحديث إما وحي من الله صرف، وإما اجتهاد من الرسول _ عليه الصلاة والسلام _ معتبر بوحي صحيح من كتاب أو سنة، وعلى كلا التقديرين لا يمكن فيه التناقض مع كتاب الله؛ لأنه _ عليه الصلاة والسلام _ ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أ. هـ.(6)

    (1) مائة سؤال في الإسلام 1/ 244، وانظر: المكانة العلمية لعبد الرازق في الحديث النبوي لفضيلة الأستاذ= =الدكتور إسماعيل الدفتار 2/ 626 مبحث (حقيقة التعارض إنما هي في الفهم) . ومختلف الحديث بين الفقهاء والمحدثين للدكتور نافذ حسين حماد ص 125 _ 188.
    (2) علوم الحديث لابن الصلاح ص 173، وتدريب الراوي 2/ 196، وفتح المغيث للعراقي ص 336، وفتح المغيث للسخاوي 3/ 71.
    (3) أخرجه أبو داود في سننه كتاب السنة، باب لزوم السنة ، رقم 4605، والترمذي في سننه كتاب العلم، باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم. ، رقم 2663، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. والتغليظ على من عارضه ، رقم 13 من حديث أبى رافع رضي الله عنه.
    (4) انظر: الإحكام في أصول الأحكام 2/ 215، 216 بتصرف، وانظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي فصل "الأحاديث النبوية وربطها بالقرآن" 2/127.
    (5) الإحكام في أصول الأحكام 1/ 161.
    (6) انظر : السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام 0 1 / 235 ــ 239 ).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #99
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)


    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 93)




    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(1)



    مدخل:

    لم يكتف أهل الزيغ والهوى بعرض السنة المطهرة على القرآن الكريم للحكم عليها قبولاً أو رفضًا، وإنما سلكوا مسلكًا آخر في الحكم عليها والتشكيك فيها بعرضها على العقل (الصريح) ، فما وافقه قبل ولو كان آحادًا - صح أو لم يصح - وما لم يوافقه - حتى ولو مع إمكان التأويل - ردوه ولو كان متواترًا صحيحًا.

    وهذا المسلك والمنهج: عرض السنة على العقل بالمفهوم السابق من أصول أهل الكفر والبدع والأهواء كما حكاه عنهم الأئمة: ابن قيم الجوزية، وابن أبي العز، وابن قتيبة، والشاطبي.

    يقول ابن قيم الجوزية: " وبالجملة فمعارضة أمر الرسل أو خبرهم بالمعقولات إنما هي طريقة الكفار"(1) .

    ويقول ابن أبي العز:" كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته، وما ظنه معقولاً، فما وافقه قال: إنه محكم، وقبله، واحتج به، وما خالفه قال: إنه متشابه، ثم رده، وسمى رده تقويضًا، أو حرفه وسمى تحريفه تأويلاً (2) .

    ويقول الشاطبي في باب (مأخذ أهل البدع بالاستدلال) : "ردهم للأحاديث التي جرت غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم ويدعون أنها مخالفة للعقول، وغير جارية على مقتضى الدليل، فيجب ردها، ولما ردوها بتحكم العقول كان الكلام معهم راجعًا إلى أصل التحسين والتقبيح العقليين، فإن محصول مذهبهم تحكيم عقول الرجال دون الشرع، وهو أصل من الأصول التي بنى عليها أهل الابتداع في الدين، بحيث إن الشرع إن وافق آراءهم قبلوه، وإلا ردوه(3) .



    (1) مختصر الصواعق المرسلة 1 / 121 .

    (2) شرح العقيدة الطحاوية 2 / 80 .

    (3) الاعتصام 1/ 186،187- 2/589 .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #100
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 94)



    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(2)

    القائلون بهذه الشبهة :
    وبهذه الشبهة قال أهل الزيغ والهوى قديما مثل المعتزلة ، وحديثًا: مثل محمود أبو رية (1)،وعبد المتعال الصعيدي(2)وقاسم أحمد(3) ،وسعيد العشماوي(4) ،ومحمد شحرور(5)، وإسماعيل منصور(6) ،وجمال البنا(7) ،ونصر أبو زيد(8)وغيرهم.
    يقول الشيخ عبد المتعال الصعيدي معبرا عن هذا الاتجاه :" لا شك أن إخضاع دليل النقل لدليل العقل ، فيه من الحرية العلمية كل ما تتسعه هذه الكلمة من معنى ، ومما يعطي العلماء سلطة واسعة أمام الجامدين من رجال الدين فلا يكون لأولئك الجامدين سلطان عليهم أصلا ، ولا يكون لهم أن يسلكوا سبيل التعسف معهم ، إنما هو قرع الدليل بالدليل ، وما أضعف دليل الجمود أما دليل التجديد " (9)
    ومن الأحاديث التي يستشهد بها خصوم السنة المطهرة في وجوب عرضها على العقل، ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.:( إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه ولاتنكرونه، قلته أو لم أقله، فصدقوا به، وإني أقول ما يعرف ولا ينكر وإذا حدثتم عني بحديث تنكرون، لا تعرفونه، فكذبوا به، فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف ) (10).
    ووجه استدلالهم من هذا الحديث: أنه يفيد في نظرهم وجوب عرض ما نسب إلي النبي صلى الله عليه وسلم. على المستحسن المعروف عن الناس _ حتى ولو كانوا أهل زيغ وضلالة _ فما وافق عقول هؤلاء الناس؛ فهو من السنة حتى ولو لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم. فعلاً، وما خالف تلك العقول، فكذب ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.، ولم يقله حتى ولو جاء متواترًا صحيحًا فالحجة عندهم في تلك العقول لا في السنة النبوية المطهرة.

    (1) أضواء على السنة ص19 ، 43 .
    (2) حرية الفكر في الإسلام ص 32 .
    (3) إعادة تقييم الحديث ص 59 .
    (4) حقيقة الحجاب وحجية الحديث ص 91 ،92 .
    (5) الكتاب والقرآن قراءة معاصرة ص726.
    (6) تبصير الأمة بحقيقة السنة ص659.
    (7) السنة ودورها في الفقه الجديد ص86 ،161 .
    (8) نقد الخطاب الديني ص 101، 103 ، 131 ، 132 .
    (9) حرية الفكر في الإسلام ص32 .
    (10) أخرجه الدارقطني في سننه كتاب في الأقضية والأحكام وغير ذلك باب، كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبى موسى الأشعري 4/ 208 رقمي 18، 19، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول الأصل الرابع والأربعون فيما يعدونه صدق الحديث 1/ 357 واللفظ له. وأخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير 1/ 32، 33 رقم 14، والخطيب في تاريخه 11/ 311 رقم 6268، والبخاري في تاريخه 3/ 473 رقم 1585.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •