تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: غلاء الأسعار

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي غلاء الأسعار

    غلاء الأسعار

    قيل لأبي حازم سلمة بن دينار رحمه الله : « يَا أَبَا حَازِمٍ أَمَا تَرَى قَدْ غَلَا السِّعْرُ، فَقَالَ: وَمَا يَغُمُّكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟ إِنَّ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الرُّخْصِ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الْغَلَاءِ » حلية الأولياء لأبي نعيم (3/239).
    تكفل سبحانه برزق العباد فما من دابة إلا على الله رزقها، فليفوض العبد أمره إلى الرزاق وليبتغ عنده الرزق، وليعلم أنه لن تموت نفس حتى تستتم رزقها، ولا يغتم إلا عند انخرام الدين.

    http://al-badr.net/muqolat/4355

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا خَالِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، أَنَّهُمْ أَتَوْهُ ، فَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، أَمَا تَرَى قَدْ غَلا السِّعْرُ ، فَقَالَ : " وَمَا يَغُمُّكُمْ مِنْ ذَلِكَ ؟ إِنَّ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الرُّخْصِ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الْغَلاءِ " .
    حلية الأولياء لأبي نعيم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي



    الخطبة الأولى:

    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    أما بعد:
    فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


    الآثار السيئة لغلاء الأسعار




    عباد الله!
    إن غلاء الأسعار مما عم به البلاء، وما يقع في الناس أولاً بسبب ذنوبهم، وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ سورة النساء:79، ولكن هذا الداء لا بد من النظر إليه من منظار الشريعة؛ لأن مثل هذه الظواهر الخطيرة، إذا لم تُعالج أدت إلى كوارث ونتائج سيئة: انتشار الفقر في المجتمعات، وظهور الأمراض الخطيرة الاجتماعية من البطالة والسرقة والإجرام، وكثرة المتضرّرين، واتساع الطبقة الفقيرة، وإلحاق كثير من أفراد الطبقة المتوسطة بالفقراء، أن يشيع العنت، و يحدث التأثر المباشر لتمس الظاهرة دخول الأسر، وهذا الدخل المسكين، الذي ينتف من هنا ويؤخذ من هنا إذا حصل لحوق الضرر به، عم الغم والهم والحزن. والغني ربما لا يشعر، فيقول لمن يرسله لشراء شيء له: اشتره بأي ثمن كان!

    فقير في المجاعة لا ينام


    ومسكين ببؤس مستهام

    ومبخوس المعيشة فهو صبٌّ


    على علاته أبداً يلام

    ويفترش الثرى والناس ناموا


    على ريش الأسرة قد أقاموا



    وهنا موجة من الغلاء تجتاح أسواق العديد من البلاد العربية والإسلامية، ارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية حتى الأساسية ارتفاعاً فاحشاً، مما أدى إلى إنهاك جيوب الشرائح الاجتماعية من ذات الدخل المحدود. ولا شك أن مثل هذا يؤدي بتسلسله إلى نتائج ذات آثار أخرى كعزوف الأفراد عن الشراء، وانخفاض حركة البيع والشراء، مما يؤدي إلى الركود الاقتصادي، وهذا سيعم ضرره الكثير.
    تضاعفت أسعار الخضروات في بعض الحالات إلى 200% أو 300%، وهكذا مسّ هذا الارتفاع حليب الأطفال، ومواد البناء، وأسلاك الكهرباء، والحديد، والإسمنت، ثم الأراضي والعقارات وارتفاع الإيجارات وفواتير الخدمات والنواحي الصحية وتكاليف التعليم والنقل ونحوها، وهكذا من الأمور التي تضرب القوة الشرائية للفرد.
    والله سبحانه وتعالى قد أخبرنا أنه لا تصيبنا مصيبة إلا بما كسبت أيدينا، ولكن هذا يُدفع بالتوبة، ويدفع كذلك بمعرفة الأسباب وعلاجها. فإذا وُجد الجشع والطمع من بعض التجار فلا بد من علاجه، وإذا ضعفت المراقبة فلا بد من تعزيزها، وإذا تقلّص دعم المواد الأساسية فلا بد من زيادته، وإذا كانت الخصخصة في بعض القطاعات هي السبب فلا بد من مراجعة وإعادة النظر فيها.
    وهذه العولمة التي أكلت الأخضر واليابس لها آثارٌ بشعة في غلاء الأسعار، وتدخل الشركات الأجنبية الغنية التي تقوم بشراء المنشآت المحلية باسم تحرير التجارة وإلغاء القيود، كلها في الحقيقة خسائر الاقتصاد المحلي؛ لأن هؤلاء سيقومون بتحويل أرباحهم أولاً بأول إلى الخارج. وفي بعض البلدان العربية بيعت شركات الإسمنت، وهي الصناعة الحاكمة في قطاعات البناء والإنشاءات إلى شركات أجنبية، وخلال 15 شهراً فقط ارتفعت الأسعار 3 أضعاف. وكذلك تحولت صناعات أساسية في البلد كالنسيج، إلى صناعات خاسرة بعد أن كانت رابحة، وإلى استيراد بعد أن كانت تصديراً، وطرد للعمالة الكثيفة المدربة والخبيرة، وإخراج نحو من 150 ألف فني وخبير في هذه الصناعة العريقة إلى سوق البطالة. ولما بيعت بعض مصانع الأدوية المحلية إلى شركات أجنبية هكذا أيضاً تضاعفت الأسعار، واشترط المشترون الأجانب ألا يقوم المحليون الذين باعوهم ببناء مصانع أخرى. عجباً لهذا!، وهكذا تمضي العجلة في هذه العولمة التجارية التي تأكل الأخضر واليابس.

    وباء الغلاء تاريخ له قدم



    وقد كان غلاء الأسعار في تاريخ هذه الأمة حاصلاً في بعض مراحلها، فقد حكى صاحب "النجوم الزاهرة" في أواخر عهد بني العباس عظم الغلاء ببغداد في شعبان، حتى أكلوا الجيف والروث، وماتوا على الطرق، وأكلت الكلاب، وبيع العقار بالرغفان -أرغفة الخبز-، وهرب الناس إلى بلدان أخرى، فماتوا في الطريق. وضرب الغلاء أيضاً في القرن الخامس بعض بلدان المسلمين كمصر، وحصل بذلك هلاك كثير، وأُكلت الدواب التي لا تؤكل، وكانت الأقوات في غاية القلة والغلاء، ومات كثير من الناس حتى مات في شهر صفر وحده مائة وثلاثون ألفاً.
    وهكذا من المصائب التي تبتلى بها هذه الأمة، وهي أمة مرحومة، (جعلت عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء) وفتنة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.

    دور التاجر المسلم في معالجة الظاهرة



    ونظرة إلى الواقع الإسلامي لحال التجار في عهد السلف، تبيّن لنا كيف ينبغي أن يكون موقف التاجر المسلم في مثل هذه الأحوال.
    إن محبّة الخير للمسلمين أمرٌ أساس، وقد كان الواحد يحذر أن يزداد ربحه على حساب معاناة الآخرين، والتاجر المسلم يتحلّى بحسن النية، والرفق بالمسلمين، وتوفير الجيد لهم بالثمن المناسب لهم، وأن يكون أميناً. وقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال:(يا معشر التجار). فاستجابوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه. فقال: (إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً، إلا من اتقى الله وبر وصدق) وللحديث شاهد يرتقي به إلى درجة الحسن إن شاء الله ولفظه:(إن التجار هم الفجار. قالوا: يا رسول الله، أليس قد أحل الله البيع؟ قال: بلى، ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون). .
    إنهم يجتنبون أكل أموال الناس بالباطل، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
    ولا يغشون، وقد مرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال:(ما هذا يا صاحب الطعام؟) قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: (أفلا جعلته فوق الطعام؛ كي يراه الناس؟، من غش فليس مني) التاجر المسلم لا يكذب ولا يحتال، وهذا اللحن في الكلام، وأنواع المخادعة في الدعايات والإعلانات والمسابقات التجارية، فيها كثير من الخداع للناس، وأكل أموالهم بالزور، ودفعهم إلى شراء ما لا يحتاجون.
    ويكون هذا المشتري المسكين في النهاية هو الخاسر، ولا بد من التفقه قبل البيع والشراء كما قال عمر -رضي الله عنه:"لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقّه في الدين"..
    وينبغي أن يكون سمحاً في المعاملة، سمحاً في القضاء والاقتضاء، سمحاً في البيع والشراء. وقد قال عليه الصلاة والسلام:(رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)..
    وأن يكون سخياً بالصدقات، قحط الناس في زمن أبي بكر فقدمت لعثمان -رضي الله عنه- قافلة من ألف راحلة من البر والطعام. فغدا التجار عليه، فخرج إليهم فقال: ماذا تريدون؟ قالوا: بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً، بعنا حتى نوسع على فقراء المدينة. فقال لهم: ادخلوا فدخلوا. فقال: كم تربحوني على شرائي؟ قالوا: العشرة اثنا عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشرة أربعة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشر خمسة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟. قال: زادني بكل درهم عشرة عندكم زيادة؟. قالوا: لا. قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة.
    هكذا كان عثمان -رضي الله عنه- وابن عوف، وغيرهم من أغنياء التجار، يجودون على فقراء المسلمين، ولا يستغلّون مثل هذه الفرص؛ لكي يرفعوا الأسعار، ويحتكروا الأطعمة؛ ليبيعوا على الناس بالغلاء، إن الرفق بالمسلمين أمرٌ جدّ طيب، وإن الحرص على مصلحتهم أمرٌ جد حسن.
    أين أخلاق الأمانة؟ جاء عن محمد بن المنكدر -رحمه الله- أنه كان له سلعٌ تباع بخمس وأخرى بعشرة، فباع غلامه في غيبته شيئاً من الخمسيات بعشرة، فلما عرف لم يزل يطلب ذلك المشتري طول النهار حتى وجده، فقال له: إن الغلام قد غلط فباعك ما يساوي خمسة بعشرة. فقال: يا هذا قد رضيت. قال: وإن رضيت فإنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأنفسنا، فاختر إحدى ثلاث: إما أن تستعيد مالك وتعيد السلعة، وإما أن نرد إليك خمسة، وإما أن تأخذ بدلاً من سلعة الخمس سلعة العشر. فقال: أعطني خمسة. فرد عليه خمسة، وانصرف الأعرابي المشتري يسأل ويقول: من هذا الشيخ؟ فقيل له: هذا محمد بن المنكدر. فقال: لا إله إلا الله، هذا الذي نستسقي به في البوادي إذا قحطنا.

    يا ليتني أبيع الشيء يكسب فيـ


    ـه المشتري الربح ديناراً بعشرينا

    أحب شيء إلى نفسي معاملةٌ


    كسب العميل فنأتيه ويأتينا
    [CENTER]


    وكان أبو حنيفة -رحمه الله- بزازاً يبيع القماش، وكان عنده ثوبٌ فيه عيب، فجعله جانباً، فجاء خادمه في غيبته فباع الثوب المعيب بقيمته كما لو كان سليماً، فلما جاء الإمام إلى محله وسأل عن ذلك الثوب قال الغلام: بعته. قال: بكم؟. قال: بكذا –أي: بسعر السليم-. قال: هل أطلعت المشتري على العيب الذي فيه؟. قال: لا. فتصدق بقيمة الثوب كله.

    توجيهات للمستهلكين حال الغلاء



    عباد الله!
    في حالات ارتفاع أسعار الغلاء لا بد أيضاً للمستهلكين والمشترين من توجيهات:
    - فمن ذلك عدم التوسع في الشراء، وجعله هوايةً كما هو عند الغرب؛ بعض الغربيين يجعلون من هواياتهم التسوّق، النزول إلى الأسواق، الطواف بالأسواق. الشراء صارت لذة وشهوة نفس، ليست بحسب الحاجة، لكن شهوة ولذة وهواية. فنقول: هذا المال محاسب عليه الإنسان، فيم اكتسبه، وفيم أنفقه؟، فلا تجعلنّ الأمر الذي عليه مناط حسابك يوم الدين شهوة نفس، والمهم أن تشتري بغض النظر عما تنفق.

    [FONT=traditional arabic][SIZE=5][COLOR=#0000FF] وليس المسلم الحكيم بالذي يرهق نفسه بكثرة الشراء، ويهدر الأوقات والأموال والأعمار، وفي كثير من الأحيان يكون مصير شراء ما لا حاجة له من الأطعمة براميل القمامة. وقد قال تعالى:وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُواسورة الأعراف: 31. وقال:إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَس ورة الأنعام:141. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: فالذين يقتصدون في المآكل نعميهم بها أكثر من المسرفين فيها، فإن أولئك إذا أدمنوها وألفوها لا يبقى لها عندهم كبير لذة، مع أنهم قد لا يصبرون عنها، وتكثر أمراضهم بسببها. مرّ جابر بن عبد الله ومعه لحم على عمر -رضي الله عنهما- فقال: ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحمٌ اشتهيته فاشتريته. قال: أو كلما اشتهيت شيئاً اشتريته، أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية:أَذْهَبْت
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    نفع الله بكم وشكر الله لكم على الإضافة الرائعة .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    نفع الله بكم وشكر الله لكم على الإضافة الرائعة .
    وبكم نفعنا الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •