تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: لا ينصر الله دعوة تقوم على الظلم

  1. #1

    Post لا ينصر الله دعوة تقوم على الظلم

    لا يَنصر الله دعوةً تقوم على الظلم
    عمر السنوي الخالدي

    «إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ، وَعَاقِبَةَ الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ، وَلِهَذَا يُرْوَى: "اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً، وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً"»[1].

    ولقائلٍ أن يقول: إنّ الله لا ينصر (الدعوة) ولا يمكّن لها إذا كانت قائمة على الظلم، أو بعبارة أخرى: إنّ الله لا يمكّن لدعوةٍ يكون أهلُها من الظالمين، مهما كانت تلك الدعوة وثيقة الصِّلة بالسُّنَّة؛ لأنّ العدل أساس البقاء، والدولة فرع عن الدعوة؛ فإذا كان استمرار الدولة مرهون بالعدل، فالدعوة من باب أولى.

    ولذلك يجب على القائمين بالدعوة أن يربّوا أنفسهم على العدل في كل شيء، ولا سيّما فيما يتعلق بأمور دعوتهم؛ وإلا كانت إلى زوالٍ، أو ضَعْف.
    ولا ينفعهم أن يتشبّثوا بظواهر بعض النصوص أو القصص المروية عن بعض السلف في معاملة الناس، أو طريقة الدعوة، أو الحكم على بعض الأمور؛ فإنّ الأحوال تتغير، والسياقات تختلف، وإنّ الحِكْمة مطلوبة، ولا تكون إلا بعلْم وإخلاص.

    فليَتنبَّه إلى ذلك مَن يعاني التضييق عليه في دعوته، سواء أكان ذلك في المناصب والوظائف، أو في الخطابة والتدريس، أو في نشر الكتب والتأليف، أو في المراكز والجمعيات والمؤتمرات، أو غير ذلك. ولتكن نفسه أوّل ما يتوجه إليه بالاتهام واللوم، لا أن يتذرع بأحاديث غربة الإسلام، ويتسلّى بنظرية المؤامرة، فتركن نفسه إلى الظلم وتستسيغه وتنحاز إلى أهله، لأن لازم فعله أنه يبرِّئ نفسه ويحسن بها الظن مهما فعلَت، فكيف إذا أضاف إلى ذلك: الدفاع عن مسلكه ومسلك أصحابه!
    فإنّ للهِ سننًا في الخلق، و{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد:11].

    وعلى الدعاة أن يستحضروا نصوص الوحي الذامة للظلم وأهله، والحاثّة على قول العدل وفعله، استحضارًا يدفعُهم إلى الالتزام ثم العمل، بمعنى التطبّع بعد التشبّع.

    يقول ربنا تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ} وفي الآية نفسها قوله: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا}[النساء:135].

    وقال أيضًا سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ}[المائدة:8].

    وقال عزّ شأنه مؤكِّدًا أمْرَهُ إيانا بهذا الخُلُق العظيم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} وأعقَبَ ذلك بتأكيدِ نهييه عن البغي والظلم: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}[النحل:90].

    فإذا لم يكن الداعي إلى الله على مستوى هذه الأخلاق، فكيف يسوغ لنفسه الانتساب إلى دعوةٍ كان نبيُّها -عليه الصلاة والسلام- عادلًا مقسطًا، آمرًا بالعدل مثنيًا على أهله، ذامًّا للظلم آخذًا على يد أهله؟!
    ذلك رسول الله الذي أمره الله بالعدل، كما جاء في الآية {وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}[الشورى:15]، فعاش وفق هذا الأمر الإلهي، والتوجيه الربّاني، فعدَل حتّى مات -صلوات الله وسلامه عليه-، ورسَم أجمل الصور الدالة على هذا الركن الركين.

    وإنّ من مظاهر العدل والقسط:

    1. الاتسام بالوسطية ظاهرًا وباطنًا.
    2. والرحمة بالخلق جميعًا.
    3. وحب الخير للناس كلهم.
    4. وحسن الظن بالآخرين.
    5. والتواضع، ولين الجانب، وخفض الجناح.
    6. وتوقير الكبير، مهما كان جانب الكبَر.
    7. والحكمة والاتزان في التصرفات والتعاملات.
    8. والوعي بمآلات الأعمال، وآثار الأقوال.
    9. ووزن الألفاظ بميزان العلم والأخلاق، لا سيما تلك الّتي تشتمل على إطلاق الأحكام.
    10. واحترام وجهات النظر، وسعة الصدر للخلاف.

    وإنّ من مظاهر البغي والظلم:

    1. التشديد على الناس، والغلو في الدين.
    2. والتناقض ما بين القول والفعل، أو السر والعلانية، أو عند قومٍ وآخرين.
    3. وإغلاظ القول، في الخطاب أو الكتاب.
    4. وعدَم التثبُّت في الأخبار، ثم بناء المواقف والأحكام عليها.
    5. والتعجّل في قراءة الأفكار والتصرفات، واستخراج نتيجةٍ دون تَبَيُّنٍ وبَحثٍ واستفصال.
    6. والتعامل مع الآخرين من منطلَق طائفيّ.
    7. ومُصادَرة حقّ الآخَرين في الكلام.
    8. والتعميم في الأحكام.
    9. والسكوت في المواقف الّتي تتطلّب البيان.
    10. والتقليد.

    وبعدُ؛ فإنّ «العدل ميزان الله في الأرض، به يأخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من الشديد، وبالعدل يصدق الله الصادق، ويكذب الكاذب، وبالعدل يردّ المعتدي ويوبّخه»[2].

    [1] ابن تيمية: مجموع الفتاوى، (ج28/ص63).
    [2] ابن جرير: جامع البيان، (ج21/ص517).


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    المشاركات
    582

    افتراضي

    يقولُ اللهُ جلَّ وعلا في كتابِهِ العزيزِ: (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) سورةُ فصلت
    (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) سورةُ الحجرات
    ويقولُ سبحانَهُ وتعالى في الحديثِ القدُسيِّ: ( يا عبادي إني حرمْتُ الظلمَ على نفسي ، وجعلْتهُ بينَكمْ محرماً فلا تظالمُوا )

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    قال شيخ الإسلام رحمه الله:
    وَلِهَذَا قِيلَ : إنَّ اللَّهَ يُقِيمُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً ؛ وَلَا يُقِيمُ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً . وَيُقَالُ : الدُّنْيَا تَدُومُ مَعَ الْعَدْلِ وَالْكُفْرِ وَلَا تَدُومُ مَعَ الظُّلْمِ وَالْإِسْلَامِ.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    المشاركات
    582

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    قال شيخ الإسلام رحمه الله:
    وَلِهَذَا قِيلَ : إنَّ اللَّهَ يُقِيمُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً ؛ وَلَا يُقِيمُ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً . وَيُقَالُ : الدُّنْيَا تَدُومُ مَعَ الْعَدْلِ وَالْكُفْرِ وَلَا تَدُومُ مَعَ الظُّلْمِ وَالْإِسْلَامِ.
    رحمَ اللهُ شيخَ الإسلامِ وجزاهُ الجنّةَ.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •