خطوات العلاج الروحي للنفس الإنسانية:
1-توحيد الربوبية وهو اعتقاد العبد أن الـلـه هو الرب المتفرد بالخلق والـرزق والتـدبير وهـو الـذي ربَّى جميع الخلق بالنعم، وربى خواص خلقه وهـم الأنبيـاء وأتبـاعهم بالعقائـد الصـحيحة والأخـلاق الجميلـة والعلوم النافعة والأعمال الصالحة .
2-توحيد الألوهية: وهو العلم والاعتراف بأن الـلـه ذو الألوهية وله حق العبودية على خلقـه أجمعـين، وإفراده وحده بالعبادة كلها، وإخلاص الدين له وحده .
3-التوحيد العلمي الاعتقادي، بإثبات كل كمال أثبته الـلـه لنفسه، وتنزيهـه عـن كـل نقـص أو صـفة لا تليق بذاته .والتوحيد الخالص يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة والفرح والابتهـاج، وهـذه الصـفات زاد للـنفس، مناعة للروح من أن تعمل، فيها الأسقام .
وإذا كان منشأ أكثر الأمراض النفسية وأخطرها هو القلـق والاكتئـاب فـإن علاجهـما يكـون بـأمن الإيمـان وطمأنينته، وذلك بعقيدة التوحيد التي يوقن فيها الإنسان بأن خالق النفع والضرـ هـو الـلــه عـز وجـل، ومن ثم فلا يخشى إلا الـلـه ولا يرجو سواه، دون أن يخل ذلك بمواقف التغيير الإصـلاحي دون الاستسـلام أو العجز .
4-تنزيه الـلـه تعالى عن أن يظلم عبده، أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك .
5ـ-واعتراف العبد بأنه هو الظالم لنفسه كلما كان في المصيبة سمة العقاب .
ثم يأتي بعدئذ ما هـو توابـع لهذه العقيدة الواضحة الصافية، وذلك من مثل :
6-إقرار العبد لله بالرجاء، وهذا يقطع دابر اليأس القاتل والقلق والاكتئاب.
ومن كان الخير كله بيده فخليق بالإنسان تحقيـق الرجـاء برحمتـه، وتفـويض الأمـر إليـه والتضرـع بـأن يصلح له شأنه كله ولا يكله إلى نفسه .
7-تحقيق التوكل على الـلـه والتفويض إليه والاعتراف بأن ناصية الإنسان في يده يصرفه كيف يشـاء وأنـه ماض فيه حكمه، عدل فيه قضاؤه .
ولهذه القناعات القلبية وسائل من كسب اللسـان، والمناجـاة المبـاشرة بـين المخلـوق والخـالق تعـين عـلى تحقيق النتائج ، بما تفصح عنه من مكنون العقيدة ومضمر القناعات السابقة، وأهم هذه العلاجات:
8-الإكثار من ترداد (لا حول ولا قوة إلا بالله) مع استشعار المبدأين اللذين تتضـمنهما وهـما: الـبراءة مـن الحول الذاتي، فلا حائل يقي من لحوق الشر والضرر إلا بالله، والبراءة من القوة بمعنى المكنة الذاتية عـلى جلب الخير فلا سبيل إليها إلا بالله، ومما يجدر التنويه به هنا أن كلمة (الحوقلة) هـذه للاسـتعانة بـالله ، وليست للاسترجاع من المصيبة-كما يتوهم ، لذا هي علاج إيجابي .وللتصبر على المصـيبة العبـارة الخاصـة المعروفة .
9-التوسل إلى الـلـه عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فإن تلك الوسيلة أعظـم الوسـائل وأحبهـا إلى الـلـه وأقربها تحصيلا للمطلوب .
10-التوبة باعتبارها تصحيحا للمواقف والتصرفات الصادرة من الشخص سواء كانت في حق الـلـه ،أو حق العباد وهي إذا كانت توبة نصوحا تزيل كل ما يبدد الطاقـة الروحيـة للشـخص، وتقويـه تجـاه الضـغوط والنكبات النفسية التي يتعرض لها من محاسبة الذات .
ولا تخفى صلة التوبة بالتخلص من عقدة الـذنب ودفعها الإنسان لاستئناف حياة ومواقف فضلى.
11-الاستغفار وهو رفع لشعار التوبة، ومتابعة دائبـة لهـا، وتعزيـز لافتقـار الإنسـان إلى ربـه ليكفـر عنـه خطاياه ويزيل عن نفسه شبحها الذي يشده لليأس والقنوط والضعف والسقوط .
12-تكوين الشخصية الإسلامية المتبصرة التي تأخذ وتدع ولا يكون الفـرد فيهـا (إمعـة) "لا يكـن أحـدكم إمعة يقول :أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم :إن أحسـن النـاس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن تتجنبوا إساءتهم ".
وهذا يـدفع عـن الإنسـان خطـر الانسـياق والاسـتخذاء في مواجهة ما يسود في بيئة ما من أفكار غير سوية أو ما يتعرض له مـن تحـريض عـلى الشرـ، وتسـويل مـن النفس للإقدام على مالا تحمد عقباه من مواقف.
13-الاستعانة بالله سبحانه بالدعاء :والدعاء لون هام من ألوان العلاج للأمراض النفسية، وهو علاج روحي (إلهي) بالتعبير المستخدم قديما، فضلا عن كونه مظهرا عباديا بل هو مخ العبادة وخلاصتها .والدعاء ليس-كما يخيل للبعض-أسلوبا نفسيا لا يقصد لذاته بل لأثره الإيحائي، بل هو حقيقة قائمة فيها مناجاةُ العبد لخالقه والاستعانة به في كل من حال الصحة وحال المرض (إياك نعبد وإيـاك نسـتعين) (فـلا صحة للزج بالدعاء ضمن وسائل التنفيس (أو ) (الإيحاء) فليست في ذلك إلا طمس الحقيقة والغفلـة عـن الطبيعة العبادية للدعاء .
14-الصلاة : والصلاة علاج شامل، بل صيدلية ملأى بالعقاقير الروحية لشتى أمـراض الـنفس، وهـي ليسـت علاجا فقط، بل مصدر قوة لنفسه تجعله آمنا من المعاناة .
15-القرآن، و خصوصا :الفاتحة والمعوذتان :فالقرآن شفاء لما في الصدور .ومن في قلبه أمراض الشـبهات والشهوات، ففي القرآن من البينات ما يميـز الحـق مـن الباطـل، فيزيـل أمـراض الشـبهة المفسـدة للعلـم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه، وفيـه مـن الحكمـة والموعظـة الحسـنة بالترغيـب والترهيب والقصص التي فيها عبرة ما يوجب صلاح القلب.
16-الصوم: فالصوم وقاية من أدواء الروح والقلب والبدن، وهـو عـلاج روحـي إذا روعـي فيـه مقصـوده وأسراره، لأنه أمر آخر غير ترك الطعام والشراب، وذلك هو اجتماع القلب والهمة على الـلـه تعالى وتـوفير قوى النفس على طاعته .
17-الصبر : وهو علاج روحي يرفع عن النفس ضغط المصيبة ويريح الشخص من عناء الشـعور بالحرمـان أو الألم المبرح نفسيا من المكروه الـذي نـزل بـه .والصـبر مـرتبط بالإيمـان ارتباطـا وثيقـا، لأنـه يسـتند إلى الاعتقاد بالحكمة الكامنة في أفعال الـلـه تعالى نافعة كانت أو ضارة بالنسبة للإنسان .