قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه لأصول الإيمان
هناك كلام لبعض المتأخرين أن الحديث الضعيف لا يعمل به في باب العقائد و لا يعمل به في الفقه . أما السلف والأئمة فمنهجهم أن الحديث الضعيف لا يستدل به في أصل من الأصول . كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية
( أهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في أصل من الأصول . بل إما في تأييده او في فرع من الفروع )
يعني أن أهل الحديث يستدلون بالحديث الضعيف في الفقهيات . و هذا منهج معروف . فالأئمة مالك و الشافعي و أحمد و من صنف في السنن يحتجون بأحاديث ضعيفة على السنة . لان الضعيف عندهم خير من الرأي .
و اما في العقيدة فإذا كان الحديث الضعيف اصلا لم ترد العقيدة الا في هذا الحديث. فإنه لا يعتمد عليه . لانه لا يستدل بحديث في اصل من الاصول و تبنى عليه . بل لا بد أن يكون الحديث صحيحا .
و في الحديث الحسن خلاف . والصواب أن الحسن مثل الحديث الصحيح في الاحتجاج به . و اما إذا ورد الحديث الضعيف في تأييد ما دلت عليه النصوص و في الشواهد . فقد عمل أئمة السنة ذلك .
فلو نظرت في كتاب العرش لابن أبي شيبة لوجدت أن ثلث أسانيده صحيحة و الباقي و هو أكثر من ستين أسانيد ضعيفة . لكن لأجل أنها في أصل ثابت استدل به .
و هذا عندهم له ايضا اصل و هو - ان الحديث اذا كان ضعيفا - و اشتمل على أشياء منها ما يؤيد الأصل ومنها ما هو جديد . فإنهم يستدلون به في التأييد لما ثبت في الأصل . و اما ما انفرد به الحديث الضعيف من الاعتقاد أو من الأمر الغيبي فإنهم لا يثبتونه .
و المتأخرون - و خاصة لما نشأت مدرسة الحديث في الهند في القرن الثالث عشر - بالغوا في نفي الاستدلال بالحديث الضعيف . ثم ورد هذا الى البلاد الاسلامية الأخرى . و كثر حتى ظن أن هذا هو المنهج الصحيح .
و هذا ليس بمنهج . و هو مخالف لطريقة أهل العلم المتقدمة . و طريقتهم هي ما سبق من التفصيل .
لأجل هذا الأصل الذي ليس بأصل . و هو أنهم قالوا لا يحتج بالحديث الضعيف . ظن الظان أن معناه أن الحديث الضعيف كالموضوع لا فائدة له البتة . و الاستشهاد به أو الاستدلال به دليل ضعف المتكلم إلى اخره . هذا ليس بجيد .
نعم ينبغي على من استشهد بحديث ضعيف أن يبين ضعفه إذا كان ضعفه غير محتمل . يعني لا يقرب من التحسين و أشباه ذلك . فيبين ضعفه ثم يبين ما فيه من الفوائد . بحسب القواعد السابق ذكرها .
فلو استقرات كتب أهل العلم و كتب أهل الحديث المتقدمة و المتوسطة الى قرابة هذه الأزمان تجد ان هذا هو المنهج الذي عندهم . فكتب التفسير و كتب الحديث . و كتب الرقائق كلها على هذا المنوال .