بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله، وبعد:
فقد شاع عند الكثير من الناس أن عسل النحل الطبيعي يمكن معرفة سلامته من الغش عن طريق التجربة التالية:
1- ضع قليلًا من عسل النحل في إناء مفروش (غير عميق).
2- اغمر العسل بكمية من الماء حتى يتغطى تمامًا.
3- قم بتحريك الإناء بشكل دائري بصورة مستمرة وكأنك تريد إذابة العسل في الماء.
بعد ذلك: إذا لاحظت أنه تكوّن على العسل شكلًا يشبه الأشكال السداسية التي تتكون منها خلية النحل فإن العسل طبيعي وغير مغشوش، وأما إذا لم يتكون على العسل ذلك الشكل فإنه مغشوش وغير طبيعي.
أقول: هذه الطريقة لمعرفة ما إذا كان العسل مغشوشًا أو غير مغشوش طريقة غير سليمة ولا يُعتمد عليها البتة.
دليل ذلك: أني قمت بنفس التجربة المذكورة على كمية من الشيرة المصنوعة من السكر والماء وملح الليمون والمضاف إليها نكهة العسل والمطهية حتى صار قِوامها يشبه قِوام عسل النحل تمامًا؛ فإذا بي أُفاجأ بأن ذلك الشكل الذي يشبه الأشكال السداسية التي تتكون منها خلية النحل قد تكوّن أيضًا على الشيرة؛ فعلمتُ علم اليقين أن هذه الطريقة لمعرفة ما إذا كان العسل مغشوشًا أو غير مغشوش طريقة غير سليمة ولا يُعتمد عليها في هذا الشأن.
والذي يظهر لي: أن تكوّن هذا الشكل الذي يشبه الأشكال السداسية التي تتكون منها خلية النحل عند تطبيق تلك التجربة إنما كان بسبب اصطدام جزيئات الماء -بشكل متكرر- بجزيئات السائل الكثيف القِوام (سواءً كان عسلًا أو شيرةً أو غيرهما) نتيجةً لصعوبة ذوبان السائل الكثيف في الماء عند تحريكه عليه بسبب كثافته؛ فينتج عن ذلك تموّجات تعلو السائل الكثيف ولها اتجاهات مختلفة؛ فيظهر ذلك الشكل البديع الذي يشبه الأشكال السداسية التي تتكون منها خلية النحل.
يؤكد ذلك: أني فعلت نفس التجربة على كمية من الدِّبْس (عسل التمر) -الكثيف القِوام بطبيعته- فظهر لي نفس ما ظهر في التجربة السابقة التي فعلتها على الشيرة الكثيفة القِوام أيضًا.
والحمد لله رب العالمين.