تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أصُول السُّنة لإِمَام أهل السُّنة أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي أصُول السُّنة لإِمَام أهل السُّنة أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله

    أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا: التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلَالَةٌ، وَتَرْكُ الْخُصُومَاتِ، وَتَرْكُ الْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي الدِّينِ.
    وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا: آثَارُ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
    وَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ، وَهِيَ دَلَائِلُ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِي السُّنَّةِ قِيَاسٌ، وَلَا تُضْرَبُ لَهَا الْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ، وَلَا الْأَهْوَاءِ؛ إِنَّمَا هُوَ الِاتِّبَاعُ، وَتَرْكُ الْهَوَى.
    وَمِنَ السُّنَّةِ اللَّازِمَةِ الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً لَمْ يَقْبَلْهَا وَيُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا:
    الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالْأَحَادِيثِ فِيهِ، وَالْإِيمَانُ بِهَا؛ لَا يُقَالُ: لِمَ وَلَا كَيفَ؛ إِنَّمَا هُوَ التَّصْدِيقُ وَالْإِيمَانُ بِهَا.
    وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ تَفْسِيرَ الْحَدِيثِ وَيَبْلُغْهُ عَقْلُهُ فَقَدْ كُفِيَ ذَلِكَ وَأُحْكِمَ لَهُ؛ فَعَلَيهِ الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ؛ مِثْلُ حَدِيثِ «الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ» وَمَا كَانَ مِثْلُهُ فِي الْقَدَرِ، وَمِثْلُ أَحَادِيثِ الرُّؤْيَةِ كُلِّهَا؛ وَإِنْ نَأَتْ عَنِ الْأَسْمَاعِ وَاسْتَوْحَشَ مِنْهَا الْمُسْتَمِعُ؛ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِهَا، وَأَلَّا يَرُدَّ مِنْهَا حَرْفًا وَاحِدًا، وَغَيْرَهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَأْثُورَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ.
    وَأَلَّا يُخَاصِمَ أَحَدًا وَلَا يَنُاظِرُهُ، وَلَا يَتَعَلَّمَ الْجِدَالَ؛ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَدَرِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا مِنَ السُّنَنِ مَكْرُوهٌ وَمَنْهِيٌّ عَنهُ؛ لَا يَكُونُ صَاحِبُهُ - وَإِنْ أَصَابَ بِكَلَامِهِ السُّنَّةَ - مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ حَتَّى يَدَعَ الْجَدَلَ، وَيُسَلِّمَ وَيُؤْمِنَ بِالْآثَارِ.
    وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللهِ، وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
    وَلَا تَضْعَفُ أَنْ تَقُولَ: لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ؛ فَإِنَّ كَلَامَ اللهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، لَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ مَخْلُوقٌ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مَخْلُوقٌ.
    وَإِيَّاكَ وَمُنَاظَرَةَ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ.
    وَمَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ وَقَفَ فِيهِ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَخْلُوقٌ أَوْ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ اللهِ؛ فَهَذَا صَاحِبُ بِدْعَةٍ؛ مِثْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ مَخْلُوقٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ اللهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
    وَالْإِيمَانُ بِالرُّؤْيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ.
    وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَأَى رَبَّهُ؛ فَإِنَّهُ مَأْثُورٌ عَنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ صَحِيحٌ؛ رَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ عَليُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَالْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالْكَلَامُ فِيهِ بِدْعَةٌ؛ وَلَكِنْ نُؤْمِنُ بِهِ كَمَا جَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلَا نُنَاظِرُ فِيهِ أَحَدًا.
    وَالْإِيمَانُ بِالْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا جَاءَ: «يُوزَنُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ»، وَتُوزَنُ أَعْمَالُ الْعِبَادِ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثرِ، وَالْإِيمَانُ بِهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِهِ، وَالْإِعْرَاضُ عَمَّنْ رَدَّ ذَلِكَ، وَتَرْكُ مُجَادَلَتِهِ.
    وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى يُكَلِّمُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ تَرْجُمُانٌ، وَالْإِيمَانُ بِهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِهِ.
    وَالْإِيمَانُ بِالْحَوْضِ، وَأَنَّ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ حَوْضًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتُهُ؛ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، آنِيَتُهُ كَعَدِدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، عَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.
    وَالْإِيمَانُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُفْتَنُ فِي قُبُورِهَا، وَتُسْأَلُ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، وَمَنْ رَبُّهُ، وَمَنْ نَبِيُّهُ، وَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، كَيْفَ شَاءَ اللهُ وَكَيْفَ أَرَادَ، وَالْإِيمَانُ بِهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِهِ.
    وَالْإِيمَانُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا احْتَرَقُوا وَصَارُوا فَحْمًا، فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى نَهْرٍ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ، كَيفَ شَاءَ اللهُ وَكَمَا شَاءَ، إِنَّمَا هُوَ الْإِيمَانُ بِهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِهِ.
    وَالْإِيمَانُ أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ خَارِجٌ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: «كَافِرٌ»، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ، وَالْإِيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ.
    وَأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ فَيَقْتُلُهُ بِبَابِ لُدٍّ.
    وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ: «أكَمْلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»، وَ «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ»، وَلَيْسَ مِنَ الْأَعْمَالِ شَيْءٌ تَرْكُهُ كُفْرٌ إِلَّا الصَّلَاةَ، مَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَقَدْ أَحَلَّ اللهُ قَتْلَهُ.
    وَخَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ؛ نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ كَمَا قَدَّمَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ: أَصْحَابُ الشُّورَى الْخَمْسَةُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالبٍ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدٌ؛ كُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ، وَكُلُّهُمْ إِمَامٌ؛ وَنَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «كُنَّا نَعُدُّ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ حَيٌّ وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِرُونَ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ نَسْكُتُ»، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ أَصْحَابِ الشُّورَى: أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، عَلَى قَدْرِ الْهِجْرَةِ وَالسَّابِقَةِ أَوَّلًا فًأَوَّلًا.
    ثُمَّ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ: أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ؛ كُلُّ مَنْ صَحِبَهُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً، أَوْ رَآهُ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ، لَهُ الصُّحْبَةُ عَلَى قَدْرِ مَا صَحِبَهُ وَكَانَتْ سَابِقَتُهُ مَعَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ نَظْرَةً؛ فَأَدْنَاهُمْ صُحْبَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي لَمْ يَرَوْهُ، وَلَو لَقَوا اللهَ بِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ، كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ ﷺ وَرَأَوْهُ وَسَمِعُوا مِنْهُ أَفْضَلَ - لِصُحْبَتِهِمْ - مِنَ التَّابِعِينَ، وَلَوْ عَمِلُوا كُلَّ أَعْمَالِ الْخَيْرِ.
    وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِلْأَئِمَّةِ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ.
    وَمَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَرَضُوا بِهِ، وَمَنْ غَلَبَهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
    وَالْغَزْوُ مَاضٍ مَعَ الْأُمَرَاءِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ لَا يُتْرَكُ.
    وَقِسْمَةُ الْفَيْءِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ إِلَى الْأَئِمَّةِ مَاضٍ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَطْعَنَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُنَازِعُهُمْ.
    وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ؛ مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا.
    وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَهُ وَخَلْفَ مَنْ وَلَّاهُ جَائِزَةٌ بَاقِيَةٌ تَامَّةٌ رَكْعَتَيْنِ، مَنْ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ تَارِكٌ لِلْآثَارِ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، لَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَرَ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ مَنْ كَانُوا بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ؛ فَالسُّنَّةُ بِأَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَدِينُ بِأَنَّهَا تَامَّةٌ، لَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
    وَمَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَانُوا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَأَقَرُّوا لَهُ بِالْخِلَافَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ؛ بِالرِّضَا أَوْ بِالْغَلَبَةِ فَقَدْ شَقَّ هَذَا الْخَارِجُ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَخَالَفَ الْآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَإِنْ مَاتَ الْخَارِجُ عَلَيْهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
    وَلَا يَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ، وَلَا الْخُرُوجُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ وَالطَّرِيقِ.
    وَقِتَالُ اللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ جَائِزٌ إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَيَدْفَعَ عَنْهَا بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ، وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ، وَلَا يَتَّبِعْ آثَارَهُمْ، لَيْسَ لِأَحَدٍ إِلَّا الْإِمَامُ، أَوْ وُلَاةُ الْمُسْلِمِينَ؛ إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ، وَيَنْوِي بِجُهْدِهِ أَنْ لَا يَقْتُلَ أَحَدًا، فَإِنْ مَاتَ عَلَى يَدَيْهِ فِي دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ فَأَبْعَدَ اللهُ الْمَقْتُولَ وَإِنْ قُتِلَ هَذَا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ رَجَوْتُ لَهُ الشَّهَادَةَ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ.
    وَجَمِيعُ الْآثَارِ فِي هَذَا إِنَّمَا أُمِرَ بِقِتَالِهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ وَلَا اتِّبَاعِهِ.
    وَلَا يُجْهِزْ عَلَيْهِ إِنْ صُرِعِ أَوْ كَانَ جَرِيحًا، وَإِنْ أَخَذَهُ أَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَا يُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَلَكِنْ يَرْفَعُ أَمْرَهُ إِلَى مَنْ وَلَّاهُ اللهُ فَيَحْكُمُ فِيهِ.
    وَلَا نَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ؛ نَرْجُو للصَّالِحِ وَنَخَافُ عَلَيْهِ، وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ الْمُذْنِبِ وَنَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللهِ، وَمَنْ لَقِيَ اللهَ بِذَنْبٍ يَجِبُ لَهُ بِهِ النَّارُ تَائِبًا غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ، وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ.
    وَمَنْ لَقِيَهُ وَقَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ الذَّنْبِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
    وَمَنْ لَقِيَهُ مُصِرًا غَيْرَ تَائِبٍ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي اسْتوْجَبَ بِهَا الْعُقُوبَةَ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ.
    وَمَنْ لَقِيَهُ وَهُوَ كَافِرٌ عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ.
    وَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ إِذَا اعْتَرَفَ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيْنَهُ؛ وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَدْ رَجَمَتِ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ.
    وَمَنِ انْتَقَصَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَوْ بَغَضَهُ بِحَدَثٍ مِنْهُ، أَوْ ذَكَرَ مَسَاوِيهِ كَانَ مُبْتَدِعًا حَتَّى يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِم جَمِيعًا، وَيَكُونُ قَلْبُهُ لَهُمْ سَلِيمًا.
    وَالنِّفَاقُ هُوَ الْكُفْرُ: أَنْ يَكْفُرَ بِاللَّهِ وَيَعْبُدَ غَيْرَهُ، وَيُظْهِرَ الْإِسْلَامَ فِي الْعَلَانِيَةِ؛ مِثْلُ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
    وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ»، هَذَا عَلَى التَّغْلِيظِ، نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ، وَلَا نُفَسِّرُهَا.
    وَقَوْلُهُ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا ضُلَّالًا يًضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»، وَمِثْلُ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بَسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ»، وَمِثْلُ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»، وَمِثْلُ: «مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»، وَمِثْلُ: «كُفْرٌ بِاللَّهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ»، وَنَحْوُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِمَّا قَدْ صَحَّ وَحُفِظَ، فَإنَّا نُسَلِّمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ تَفْسِيرَهَا، وَلَا نَتَكَلَّمُ فِيهَا، وَلَا نُجَادِلُ فِيهَا، وَلَا نُفَسِّرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ إِلَّا بِمِثْلِ مَا جَاءَتْ، وَلَا نَرُدَّهَا إِلَّا بِأَحَقَّ مِنْهَا.
    وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ قَدْ خُلِقَتَا، كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا وَرَأَيْتُ الْكَوْثَرَ، وَاطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا كَذَا، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا.
    فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ تُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالْقُرْآنِ وَأَحَادِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلَا أَحْسَبُهُ يُؤْمِنُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ.
    وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْقبْلَةِ مُوَحِّدًا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ، وَلَا يُحْجَبُ عَنهُ الِاسْتِغْفَارُ ، وَلَا تُتْرَكُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ؛ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة

    وَمِنَ السُّنَّةِ اللَّازِمة الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً لَمْ يَقْبَلْهَا وَيُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا:
    يصلح كضابط لإخراج المرء من دائرة أهل السنة

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    يصلح كضابط لإخراج المرء من دائرة أهل السنة
    صحيح.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة

    وَأَلَّا يُخَاصِمَ أَحَدًا وَلَا يَنُاظِرُهُ، وَلَا يَتَعَلَّمَ الْجِدَالَ؛ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَدَرِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا مِنَ السُّنَنِ مَكْرُوهٌ وَمَنْهِيٌّ عَنهُ؛ لَا يَكُونُ صَاحِبُهُ - وَإِنْ أَصَابَ بِكَلَامِهِ السُّنَّةَ - مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ حَتَّى يَدَعَ الْجَدَلَ، وَيُسَلِّمَ وَيُؤْمِنَ بِالْآثَارِ.
    وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللهِ، وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
    وَلَا تَضْعَفُ أَنْ تَقُولَ: لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ؛ فَإِنَّ كَلَامَ اللهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، لَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ مَخْلُوقٌ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مَخْلُوقٌ.
    وَإِيَّاكَ وَمُنَاظَرَةَ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ.
    سبحان الله

    اين نحن من هذا المنهج القويم و السد المتين
    !!

    قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَلاَماً مَعْنَاهُ : ( قِفْ حَيْثُ وَقَف القَوْمُ ، فإنَّهم عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا ، وَبِبَصَرٍ نافِذٍ كَفُّواْ ولَهُمْ على كَشْفِهَا كَانُوا أَقْوَى ، وبالفَضْلِ لو كانَ فِيهَا أَحْرَى ، فَلئِنْ قُلْتُم : حَدَثَ بَعْدَهُم ، فَمَا أَحْدَثَهُ إِلاَّ مَنْ خَالفَ هَدْيَهُمْ ، ورَغِبَ عن سُنَّتِهِم ، وَلَقدْ وَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي ، وَتَكَلَّمُواْ منه بِمَا يَكْفِي ، فَمَا فَوْقُهُمْ مُحَسِّرٌ ، وَمَا دُونهُمْ مُقَصِّرٌ ، لَقَدْ قَصَّرَ عَنْهم قَوْمٌ فَجَفَوا ، وَتَجَاوَزَهُم آخرون فَغَلَوا ، وإنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَ ذَلك عَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ )

    ​تأمل كلامه رحمه الله فقرة فقرة .

    تدرك ما يلزمك من الانتساب لهؤلاء ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    إِنَّمَا هُوَ الِاتِّبَاعُ، وَتَرْكُ الْهَوَى



  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    الْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالْكَلَامُ فِيهِ بِدْعَةٌ؛ وَلَكِنْ نُؤْمِنُ بِهِ كَمَا جَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلَا نُنَاظِرُ فِيهِ أَحَدًا.
    .............................. ....

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا............

    وَقِتَالُ اللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ جَائِزٌ إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَيَدْفَعَ عَنْهَا بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ، وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ، وَلَا يَتَّبِعْ آثَارَهُمْ، لَيْسَ لِأَحَدٍ إِلَّا الْإِمَامُ، أَوْ وُلَاةُ الْمُسْلِمِينَ؛ إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ
    تحتاج لزيادة بسط و إيضاح ؟

    بارك الله فيكم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    وَقِتَالُ اللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ جَائِزٌ إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَيَدْفَعَ عَنْهَا بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ، وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ، وَلَا يَتَّبِعْ آثَارَهُمْ، لَيْسَ لِأَحَدٍ إِلَّا الْإِمَامُ، أَوْ وُلَاةُ الْمُسْلِمِينَ؛ إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ -تحتاج لزيادة بسط و إيضاح ؟

    بارك الله فيكم
    اليك البسط والايضاح أخى الكريم الطيبونى- قال بن قدامه -فى المغنى- باب قتال اهل البغى-مسألة : قال : ( وإذا دفعوا لم يتبع لهم مدبر ، ولا يجاز على جريحهم ، ولم يقتل لهم أسير ، ولم يغنم لهم مال ، ولم تسب لهم ذرية ) وجملته أن أهل البغي إذا تركوا القتال ; إما بالرجوع إلى الطاعة ، وإما بإلقاء السلاح ، وإما بالهزيمة إلى فئة أو إلى غير فئة ، وإما بالعجز ; لجراح أو مرض أو أسر ، فإنه يحرم قتلهم ، واتباع مدبرهم . وبهذا قال الشافعي .

    وقال أبو حنيفة ، إذا هزموا ولا فئة لهم كقولنا ، وإن كانت لهم فئة يلجئون إليها ، جاز قتل مدبرهم وأسيرهم ، والإجازة على جريحهم ، وإن لم يكن لهم فئة ، لم يقتلوا ، لكن يضربون ضربا وجيعا ، ويحبسون حتى يقلعوا عما هم عليه ، ويحدثوا توبة . ذكروا هذا في الخوارج . ويروى عن ابن عباس نحو هذا . واختاره بعض أصحاب الشافعي ; لأنه متى لم يقتلهم ، اجتمعوا ثم عادوا إلى المحاربة . ولنا ، ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال يوم الجمل : لا يذفف على جريح ، ولا يهتك ستر ، ولا يفتح باب ، ومن [ ص: 10 ] أغلق بابا أو بابه فهو آمن ، ولا يتبع مدبر . وقد روي نحو ذلك عن عمار .

    وعن علي ، رضي الله عنه أنه ودى قوما من بيت مال المسلمين ، قتلوا مدبرين . وعن أبي أمامة ، أنه قال : شهدت صفين ، فكانوا لا يجيزون على جريح ، ولا يقتلون موليا ، ولا يسلبون قتيلا . وقد ذكر القاضي ، في " شرحه " ، عن عبد الله بن مسعود ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا ابن أم عبد ، ما حكم من بغى على أمتي ؟ فقلت : الله ورسوله أعلم . فقال : لا يتبع مدبرهم ، ولا يجاز على جريحهم ، ولا يقتل أسيرهم ، ولا يقسم فيؤهم } . ولأن المقصود دفعهم وكفهم ، وقد حصل ، فلم يجز قتلهم ، كالصائل . ولا يقتلون لما يخاف في الثاني : كما لو لم تكن لهم فئة .

    إذا ثبت هذا ، فإن قتل إنسان من منع من قتله ، ضمنه ; لأنه قتل معصوما ، لم يؤمر بقتله . وفي القصاص وجهان ; أحدهما ، يجب ، لأنه مكافئ معصوم . والثاني : لا يجب ; لأن في قتلهم اختلافا بين الأئمة ، فكان ذلك شبهة دارئة للقصاص ; لأنه مما يندرئ بالشبهات . وأما أسيرهم ، فإن دخل في الطاعة ، خلي سبيله ، وإن أبى ذلك ، وكان رجلا جلدا من أهل القتال ، حبس ما دامت الحرب قائمة ، فإذا انقضت الحرب ، خلي سبيله ، وشرط عليه أن لا يعود إلى القتال ، وإن لم يكن الأسير من أهل القتال ، كالنساء والصبيان والشيوخ الفانين ، خلي سبيلهم ، ولم يحبسوا ، في أحد الوجهين . وفي الآخر ، يحبسون ; لأن فيه كسرا لقلوب البغاة . وإن أسر كل واحد من الفريقين أسارى من الفريق الآخر ، جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغي . وإن قتل أهل البغي أسارى أهل العدل ، لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم ; لأنهم لا يقتلون بجناية غيرهم ، ولا يزرون وزر غيرهم .

    وإن أبى البغاة مفاداة الأسرى الذين معهم ، وحبسوهم ، احتمل أن يجوز لأهل العدل حبس من معهم ; ليتوصلوا إلى تخليص أساراهم بحبس من معهم ، ويحتمل أن لا يجوز حبسهم ويطلقون ; لأن الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم .

    فصل : فأما غنيمة أموالهم ، وسبي ذريتهم ، فلا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافا ، وقد ذكرنا حديث أبي أمامة ، وابن مسعود ; ولأنهم معصومون ، وإنما أبيح من دمائهم وأموالهم ما حصل من ضرورة دفعهم وقتالهم ، وما عداه يبقى على أصل التحريم . وقد روي أن عليا رضي الله عنه يوم الجمل ، قال : من عرف شيئا من ماله مع أحد ، فليأخذه . وكان بعض أصحاب علي قد أخذ قدرا وهو يطبخ فيها ، فجاء صاحبها ليأخذها ، فسأله الذي يطبخ فيها إمهاله حتى ينضج الطبيخ ، فأبى ، وكبه ، وأخذها .

    وهذا من جملة ما نقم الخوارج من علي ، فإنهم قالوا : إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن حلت له دماؤهم ، فقد حلت له أموالهم ، وإن حرمت عليه أموالهم ، فقد حرمت عليه دماؤهم . فقال لهم ابن عباس : أفتسبون أمكم ؟ يعني عائشة أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ؟ فإن قلتم : ليست أمكم . فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنها أمكم . واستحللتم سبيها ، فقد كفرتم . يعني بقوله إنكم إن جحدتم أنها أمكم ، فقد قال الله تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } . فإن لم تكن أما لهم ، لم يكونوا من [ ص: 11 ] المؤمنين . ولأن قتال البغاة إنما هو لدفعهم وردهم إلى الحق ، لا لكفرهم ، فلا يستباح منهم إلا ما حصل ضرورة الدفع ; كالصائل ، وقاطع الطريق ، وبقي حكم المال والذرية على أصل العصمة . وما أخذ من كراعهم وسلاحهم ، لم يرد إليهم حال الحرب ; لئلا يقاتلونا به .

    وذكر القاضي ، أن أحمد أومأ إلى جواز الانتفاع به حال التحام الحرب ، ولا يجوز في غير قتالهم . وهذا قول أبي حنيفة ; لأن هذه الحال يجوز فيها إتلاف نفوسهم وحبس سلاحهم وكراعهم ; فجاز الانتفاع به ، كسلاح أهل الحرب . وقال الشافعي : لا يجوز ذلك إلا من ضرورة إليه ; لأنه مال مسلم ، فلم يجز الانتفاع به بغير إذنه ، كغيره من أموالهم . وقال أبو الخطاب : في هذه المسألة وجهان ، كالمذهبين . ومتى انقضت الحرب ، وجب رده إليهم ، كما ترد إليهم سائر أموالهم ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه . } وروى أبو قيس ، أن عليا رضي الله عنه نادى : من وجد ماله فليأخذه . --------------------------------------------------- وفى الشرح الممتع- يقول بن عثيميين-
    فقوله: «إذا خرج قومٌ» يعني جماعة من الرجال؛ لأنهم هم الذين لهم الشوكة والمنعة.
    وقوله: «شوكة» يعني قوة، وسميت القوة شوكة لنفوذها، كما تنفذ الشوكة في الجسم، قال الله تعالى: {{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْن ِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}} [الأنفال: 7] .
    وقوله: «منعة» أي: امتناع، أي: أنهم قوم كثيرون يمتنعون عن أن ينالهم الإنسان بسهولة، فهم جيشٌ.
    وقوله: «على الإمام» وهو الذي نصبه المسلمون إماماً لهم، يعني الخليفة، أو أمير المؤمنين.............
    فخرج عليه قوم لهم شوكة ومنعة، بتأويل سائغ، أي لم يخرجوا هكذا، بأن قالوا: لا نريد حكمك، بل قالوا: خرجنا عليك؛ لأنك فعلت كذا، وفعلت كذا، ونرى أن هذا يسوِّغ لنا الخروج عليك، فخرجوا على الإمام، يقول المؤلف في جواب الشرط: «فهم بغاة» أي: جائرون ظلمة، وهؤلاء هم المعروفون بالخوارج، الذين يخرجون على الإمام بتأويل سائغ.
    فالشروط أن يكونوا قوماً، لهم شوكة ومنعة، ويخرجون على الإمام، بتأويل سائغ.
    فإن خرج رجل واحد على الإمام؛ وقال: تنازل عن الخلافة وإلا قتلتك، قال العلماء: إذا اختل شرط واحد فهم قطاع طريق، فهذا الرجل نعتبره قاطع طريق، ونعامله معاملة قاطع الطريق.
    فإن خرج قوم ليس لهم شوكة، ولا منعة على الإمام، ومعهم عِصِي من جريد قديم، يريدون أن يزيلوا الإمام عن إمامته، فإنهم قطاع طريق؛ لأنه ليس لهم شوكة ولا منعة.
    وهل الشوكة والمنعة نسبة إضافية، بمعنى أن هذه الشوكة والمنعة قد تكون شوكة ومنعة في زمان، ولا تكون شوكة ومنعة في زمان آخر؟ فالسيوف، والخناجر، والرماح في زمن من الأزمان تعتبر شوكة، لكن في زماننا هذا لا تعتبر شوكة فيما يظهر، اللهم إلا في بعض الحالات، أما في الأعم الأغلب فليست بشوكة، فكل هؤلاء الذين يبلغون عشرين ألفاً أو أكثر تكفيهم طائرة واحدة، تبيدهم عن آخرهم، فهنا يمكن أن نقول: إن الشوكة والمنعة تختلف باختلاف الأزمان والأحوال.
    وقوله: «على الإمام» فلو خرجوا على أمير في قرية، ليس على الإمام، وهم قد بايعوا الإمام، ولكن لا يريدون هذا الأمير، فهؤلاء ليسوا بغاة؛ لأنهم ما نزعوا يداً عن طاعة، لكنهم لا يريدون هذ الرجل المعين، والمؤلف يقول: «على الإمام».
    وقوله: «بتأويل سائغ» خرج به ما إذا خرجوا بغير تأويل، أو بتأويل غير سائغ، مثال خروجهم بتأويل غير سائغ أن يقولوا: أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه؟! فهذا تأويل لكن غير سائغ؛ لأن هذا لا يمنع أن يكون إماماً.
    ومثال خروجهم بغير تأويل أن يقولوا: لا نريده، أو نفوسنا لا تقبل هذا الإمام أبداً، فهؤلاء قطاع طريق وليسوا بغاة، وتختلف معاملتنا لهم عن معاملتنا للبغاة؛ لأن قطاع الطريق نجري عليهم الحد السابق، أما البغاة فلا، بل يجب على الإمام أن يراسلهم، ولهذا قال المؤلف:

    وَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاسِلَهُم فَيَسْأَلَهُمْ مَا يَنْقِمُونَ مِنْهُ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً أَزَالَهَا، وَإِنِ ادَّعَوْا شُبْهَةً كَشَفَهَا، فَإِنْ فَاؤُوا، وَإِلاَّ قَاتَلَهُمْ، ................
    «وَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاسِلَهُمْ فَيَسْأَلَهُمْ مَا يَنْقِمُونَ مِنْهُ» «ما» هنا استفهامية، معلِّقة لـ «يسألهم» عن العمل، فالجملة في محل نصب مفعول ثان لـ «يسألهم» .
    و «ينقمون» ، أي: ينكرون، كما قال الله تعالى: {{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ}} [البروج: 8] أي: ما أنكروا منهم إلا ذلك.
    فعلى الإمام أن يراسلهم لا يقاتلهم ولا يقتلهم، فيرسل إليهم شخصاً موثوقاً مَرْضِيّاً عند الجميع، فيتفاهم معهم، ويسألهم ما ينقمون.
    قوله: «فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً أَزَالَهَا» لأن خروجهم من أجل إزالة المظالم خروج بتأويل سائغ، فالإنسان لا يجوز له أن يظلم الناس، وإن كان له السلطة العليا عليهم؛ لأن إزالة الظلم واجبة، سواء طولب به من جهة الشعب، أم لم يطالَب به، فإن الله ـ عزّ وجل ـ يقول: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا» [(220)]، هكذا جاء في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ربه، فيجب عليه إزالتها، وأن يرد المظالم إلى أهلها، ويمنع الظلم المستقبل، وهذا وإن كان واجباً عليه من الأصل؛ لأن الظلم محرم، لكن إذا كان بعد طلب هؤلاء ازداد وجوباً؛ لحقن دماء المسلمين؛ لأنه لو أصر على أن يبقى على مظلمته لحاربه هؤلاء، وحصل الشر.
    وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن تكون المظلمة عامة أو خاصة.
    مثال العامة: أن يضع ضرائب على الناس في تجارتهم، أو أن يلزمهم بهدم بيوتهم، وبنائها على الشكل الذي يريد، أو يلزمهم بإخراج شيء من بيوتهم إلى الشوارع بغير عوض، وما أشبه ذلك من المظالم التي تكون عامة لجميع الرعية.
    مثال الخاصة: أن يظلم شخصاً معيناً في ماله، أو في نفسه.
    قوله: «وَإِنِ ادَّعَوْا شُبْهَةً كَشَفَهَا» سواء في حكم، أو في حال، في حكم بأن قالوا: إنك منعت من كذا، وقلت: إنه حرام، ونحن لم يتبين لنا تحريمه، أو قالوا: إنك قلت هذا واجب، وألزمت الناس به، ونحن لم يتبين لنا وجه إيجابه، أو: أمرت بقتال هذه الفئة، ونحن لم يتبين لنا جواز قتالها، أو قالوا: أنت فعلت كذا وكذا، وهذا أمر مشتبه علينا، مثل لو عاهد المشركين معاهدة سلمية، وقالوا: نحن لا نقبل هذا، فالجهاد قائم إلى يوم القيامة، فهذه شبهة يجب عليه أن يبينها ويكشفها، ويقول لهم: أنا عاهدت هذه المعاهدة للضرورة؛ لأني رأيت أنه لا قِبَلَ لي بمقاتلة هذا العدو، فرأيت المعاهدة خيراً من عدمها، وأنا أستعد الآن ولن أدع قتال العدو، ولن أبطل الجهاد بهذه المعاهدة، لكني رأيت أن المعاهدة فيها مصلحة، ودرء مفسدة، وأنا أضمن لكم أن أقيم الجهاد، وأرفع علمه متى حانت الفرصة، فحينئذٍ يكون قد كشف لهم الشبهة وبينها.
    كذلك ـ مثلاً ـ لو جعل ضريبة على أموال من أموال الناس، وقالوا: لماذا تجعل هذه الضريبة؟ نحن لا نقبل، هذا ظلم ومكس، وقال: أنا جعلت ضريبة من أجل أن أخفف من استيراد هذا الأمر الذي فيه ضرر على الناس، وهذه الضريبة التي أجعلها سأصرفها في مصالح المسلمين، فأنا أدفع بهذه الضريبة الضرر المتوقع من كثرة هذا الشيء بين أيدي الناس، وأصرفها إلى مصالح أخرى من مصالح المسلمين.
    المهم أنهم إذا ذكروا شبهة وجب عليه أن يكشفها، فلو قال مثلاً: ارجعوا وراءكم أنا الإمام، ولا لأحد عليَّ اعتراض، لا أسأل عما أفعل، وأنتم تسألون، فماذا نقول؟ نقول: هذا لا يجوز، وحرام عليه أن يقول هذا القول.
    فإن قال قائل: كيف يلزمه أن يبين الشبهة، وهو ولي الأمر، وليس لأحد أن يحاسبه؟
    فالجواب: أنه يلزمه أن يبين ذلك درءاً للمفسدة، وليكون له عذر إذا قاتلهم؛ حتى لا يقول قائل: إنه قاتلهم قتالاً أعمى؛ لأنه إذا بَيَّن الحق، وأزال الشبهة، ثم أصروا على القتال، فله العذر في مقاتلتهم، فإذا أزال المظلمة، وكشف الشبهة، واستقام على ما ينبغي أن يكون عليه، ولكنهم أصروا أن يقاتلوا،
    قال المؤلف: -
    «فَإِنْ فَاؤُوا وَإِلاَّ قَاتَلَهُمْ» وجوباً، لا استحباباً، ولا إباحة، فإذا فاؤوا ورجعوا، وأغمدوا سيوفهم، وذهبوا إلى بيوتهم، فذلك هو المطلوب، وهو الذي به الأمن والاستقرار، وإن أبوا قاتلهم وجوباً لدفع شرهم، ولهذا قال المؤلف: «قاتلهم» ولم يقل: قتلهم، والفرق أنه في القتال إذا كف المقاتل وجب الكف عنه، ولا يجوز اتباعه، ولا الإجهاز على جريحه، ولا أن نغنم ماله، ولا سبي ذريته؛ لأنه يجوز قتاله فقط، ولا يجوز قتله، فإذا أدبروا وانهزموا فإننا لا نتبعهم، فليس كل من جاز قتاله جاز قتله، ولهذا يقاتل الناس إذا تركوا الأذان مثلاً، ولكن هل يجوز قتلهم؟ لا، فلو أن ناساً تركوا الأذان في قرية فيها مائة وخمسون نفراً، والإمام باستطاعته أن يبيدهم في ربع ساعة؛ فإنه لا يجوز أن يقتلهم، لكن يقاتلهم بمعنى يلزمهم بالأذان، وإن أدى إلى المقاتلة، ومن هنا يظهر السر في قوله تعالى: {{وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ}} [البقرة: 191] ، لم يقل: فقاتلوهم، وهذا يحتمل معنيين:
    أحدهما: إن قاتلوكم فسيجعل الله لكم التمكين حتى تقتلوهم، فهو كقوله تعالى: {{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}} [الإسراء: 33] ، فإن هذا فيه إشارة إلى أن من قتل مظلوماً فسوف يظهر الله قاتله ويقتل، ولهذا قال: {{فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}}، فيكون المعنى إن قاتلوكم فستكون الدولة لكم عليهم، فاقتلوهم.
    الثاني: إن قاتلوكم فاقتلوهم وإن وضعوا السلاح؛ لأنهم بانتهاكهم حرمة المسجد الحرام كانوا مستحقين للقتل.
    فالمهم أن هناك فرقاً بين القتال وبين القتل، فهؤلاء البغاة إذا لم يرجعوا فإن الإمام يجب عليه أن يقاتلهم، ويجب على رعيته أن يعينوه على قتالهم، فإن قالت الرعية: نحن لا نقاتل قوماً مسلمين، كيف نقاتلهم، وكيف نحمل السلاح عليهم؟! قلنا: لأنهم بغاة، فقتالهم من باب الإصلاح، وإذا لم يمكن الإصلاح إلا بقتالهم وجب، فيجب على الرعية طاعة الإمام إذا أمر بالخروج معه لقتال هؤلاء.-----------
    ويقول الشوكانى فى نيل الاوتار-
    والهارب والجريح لم يحصل منهما ذلك . وأجيب بأن المراد بالفيئة إلى أمر الله ترك الصولة والاستطالة ، وقد حصل ذلك من الهارب والجريح الذي لا يقدر على القتال ، وأما ما روي عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي أنه قال : لا تتبعوا موليا ليس بمنحاز إلى فئة ، فقد أجيب عن الاستدلال بمفهومه على جواز قتل من له فئة واتباعه بأن إمامة علي قطعية وإمامة غيره ظنية فلا يكون الحكم متحدا بل المتوجه الوقوف على ظاهر النهي المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو وإن كان فيه المقال السابق ولكنه يؤيده أن الأصل في دم المسلم تحريم سفكه والآية المذكورة فيها الإذن بالمقاتلة إلى حصول تلك الغاية ، وربما كان ذلك الهرب من مقدماتها إن لم يكن منها . قوله : ( ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ) استدل به على عدم جواز مقاتلة البغاة إذا كانوا في بيوتهم أو طلبوا منا الأمان لأنهم إذا أغلقوا على أنفسهم فليسوا ببغاة في ذلك الوقت ، واتصافهم بذلك الوصف شرط جواز مقاتلتهم كما في الآية ، وإذا طلبوا الأمان فقد فاءوا إلى أمر الله تعالى وهي الغاية التي أذن الله بالقتال إلى حصولها وقد حصلت

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •