في الشريعة للآجري (صـ 827):
قال سفيان الثوري: اتقوا هذه الأهواء المضلة، قيل له: بيِّن لنا رحمك الله؛ قال سفيان: أما المرجئة فيقولون: الإيمان كلام بلا عمل، من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله فهو مؤمن مستكمل إيمانه على إيمان جبريل، والملائكة، وإن قتل كذا وكذا مؤمنًا، وإن ترك الغسل من الجنابة، وإن ترك الصلاة، وهم يرون السيف على أهل القبلة.
وأما الشيعة فهم أصناف كثيرة: منهم المنصورية؛ وهم الذين يقولون: من قتل أربعين من أهل القبلة دخل الجنة، ومنهم الخناقون: الذين يخنقون الناس ويستحلون أموالهم، ومنهم الخُريتية الذين يقولون: أخطأ جبريل بالرسالة، وأفضلهم الزيدية وهم ينتفون من عثمان وطلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم، ويرون القتال مع من خرج من أهل البيت حتى يَغلب أو يُغلب، ومنهم الرافضة الذين يتبرءون من جميع الصحابة ويكفرون الناس كلهم إلا أربعة: عليًا وعمارًا والمقداد وسلمان.
وأما المعتزلة: فهم يكذبون بعذاب القبر، وبالحوض، والشفاعة، ولا يرون الصلاة خلف أحد من أهل القبلة؛ إلا من كان على هواهم.
وكلٌ أهل هوى؛ فإنهم يرون السيف على أهل القبلة.
وأما أهل السنة فإنهم لا يرون السيف على أحد، وهم يرون الصلاة، والجهاد مع الأئمة تامة قائمة، ولا يكفرون أحدًا بذنب، ولا يشهدون عليه بشرك، ويقولون: الإيمان قول وعمل، مخافة أن يزكوا أنفسهم، لا يكون عمل إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بعمل.
قال سفيان: فإن قيل لك: من إمامك في هذا؟، فقل: سفيان الثوري. قال محقق الشريعة -عصام موسى هادي-: (رجاله ثقات سوى هارون بن مسعود؛ ذكره الخطيب في تاريخه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا؛ لكن روى عنه جماعة؛ فمثله يحسن له جماعة من العلماء، والله أعلم).